منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09 Sep 2016, 10:58 AM
عبد الصمد سليمان عبد الصمد سليمان غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 139
افتراضي سلسلة بلايا ووصايا -الوصية السادسة: نعم المسكن لمن أحسن

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقه ولم يبدل بعده إلى يوم الدين وبعد:


سلسلة بلايا ووصايا
الوصية السادسة:
نعم المسكن لمن أحسن

أماني الناس التي يحرصون عليها كبيرة، وحاجاتهم التي يريدونها كثيرة، ولكن من أهم ما يطلبون، وأفضل ما يريدون: المسكن الذي يسكنون فيه، والمأوى الذي يأوون إليه، فكل واحد يبذل قصارى جهده أن يكون له بيت يجمعه وأهله، ويستره وذويه، تكون فيه خلوته وراحته، وسكونه واستقراره، يتمتع فيه بحريته، ويتذوق فيه طعم كرامته، تطيب له فيه الحياة، ويحس فيه بلذة المشتهيات، يملك بملكه له راحة البال، وحسن التدبير ورعاية العيال، فإذا فقده تشتّتت به الهموم، وتكاثرت عليه الغموم، واسودت الدنيا في عينه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت به، ولذلك فهو يسعى جاهدا في تحصيله لنفسه، وتوفيره لأهله، فإذا حصل له اجتهد في تجميله وتأنيقه، وفرشه وتأثيثه، وكل ذلك من أجل أن يقضي فيه ما بقي من حياته، ويمضي بين جدرانه سؤر عمره، وقد يكون الباقي في الغالب أقصر من الذاهب؛ ومع ذلك ينفق فيه الأموال الطائلات، ويبذل لأجله الأوقات النفيسات.
فإذا كان هذا هو حال الإنسان مع بيت في الدنيا هو مفارقه، وتاركه من ورائه لمن يخلفه في ماله، فكيف ينبغي أن يكون حاله مع بيت هو صائر إليه، وماكث المكوث الدائم فيه، فلا هو يفارقه، ولا يمكن انتقاله عنه؟ أليس هذا البيت أجدر بأن يحرص العاقل عليه، ويجتهد في تحصيله، ويبذل الغالي والنفيس في تجهيزه وتأثيثه، وتزيينه وتحسينه؟ فإذا كان جوابك هو جواب العقلاء وأصحاب الإيمان الفضلاء فأجب عن الأسئلة التالية:
ما هو مقدار ما أنفقته في تحصيل البيت الباقي قياسا مع ما أنفقته في تأسيس البيت الفاني؟ هل أنفقت نفقة مساوية أم قريبة مدانية؟ فإن كانت الأولى فقد سويت بين الباقي والفاني، وإن كانت الثانية فقد فضلت الفائت على الثابت، فإذا كان الأمر كذلك فما بالك بمن أنفق في الباقي الزهيدَ من متاعه وفي الفاني النفيسَ من أمواله؟ وما بالك بمن أنفق في الفاني ما أمكنه ولم تَجُد نفسُه في الباقي بشيء مما يملكه؟ فلا شك أن هذه صفقة مغبون وتجارة مجنون.
ثم كم من الأوقات بذلتها في طلبه وتجهيزه وتحسينه وتجميله؟ أمثل ما بذلت في تأسيس بيتك الفاني أم القليل الضئيل المتفاني؟.
ثم كم فكرت فيه وكم تدبرت في طرق الحصول عليه؟ وكم شاورت وحاورت؟ وكم حرصت وشُغلت؟ وكم جمعت وادخرت؟
وهل حرمت نفسك من شيء من اللذات من أجل تحصيله، وقدمته عليها لأهميته وقدره؟
ألا فاعلم أن البيت الذي ينفعك بناؤه، ويفرحك امتلاكه، وتسر عند سكناه، وترتاح بين ثناياه؛ هو البيت الذي لا يبليه القدم، ولا يطاله الهدم، ولا يعرف قدره وحقيقته إلا الذي خلقه وأعده للصالحين من عباده، وذلك في الحقيقة هو بيتك الذي يجب أن تحرص عليه، ومسكنك الذي لا بد لك منه، فعليك ببنائه قبل أن تصير إليه، وتجهيزه قبل أن تقدم عليه؛ فإذا عزمت على بنائه فاعلم أن مواده متوفرة في الدنيا لديك، سهلة ما بقيتَ عليك؛ وهي الأعمال الصالحات والقربات والطاعات، فمن جد وجد ومن زرع حصد، وكما قال المدائني: قرأت على قبر بدمشق: نعم المسكن لمن أحسن.
ومما جاء في بعض القصائد:
اعْمَلْ لِدَارِ الْبَقَا رِضْوَانُ خَازِنُهَا ... الْجَارُ أَحْمَدُ وَالرَّحْمَنُ بَانِيهَا
أَرْضٌ لَهَا ذَهَبٌ وَالْمِسْكُ طِينَتُهَا ... وَالزَّعْفَرَان حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَا
أَنْهَارُهَا لَبَنٍ مَحْضٍ وَمِنْ عَسَلٍ ... وَالْخَمْرُ يَجْرِي رَحِيقًا فِي مَجَارِيهَا
وَالطَّيْرُ تَجْرِي عَلَى الأَغْصَانِ عَاكِفَةً ... تُسَبِّحُ اللهَ جَهْرًا فِي مَغَانِيهَا
مَنْ يَشْتَرِي قُبَّةً فِي الْعَدْنِ عَالِيَةً ... فِي ظِلِّ طُوبَى رَفِيعَاتٌ مَبَانِيهَا
دَلالُهَا الْمُصْطَفَى وَاللهُ بَائِعُهَا ... وَجِبْرَئِيلُ يُنَادِي فِي نَوَاحِيهَا
مَنْ يَشْتَرِي الدَّارَ فَي الْفِرْدَوْسَ يَعْمُرُهَا ... بِرَكْعَةٍ فِي ظَلامِ اللَّيْلِ يُخْفِيهَا
أَوْ سَدَّ جَوْعَةِ مِسْكِينٍ بِشَبْعَتِهِ ... فِي يَوْمِ مَسْبَغَه عَمّ الغَلا فِيهَا
أَمْوَالنَا لِذَوِي الْمِيرَاثِ نَجْمَعُهَا ... وَدَارنَا لِخَرَابِ الْبُومِ نَبْنِيهَا
لا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُهَا ... إِلا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْت يَبْنِيهَا
فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ ... وَمَنْ بَنَاهَا بِشَرٍّ خَابَ بَانِيهَا
تِلْكَ الْمَنَازِلُ فِي الآفَاقِ خَاوِيَةٌ ... أَضْحَتْ خَرَابًا وَذَاقَ الْمَوْتُ بَانِيهَا
فهذا هو البيت الذي ينبغي للإنسان أن يجتهد في تأسيسه ورفعه، وتجهيزه وتجميله، وهذه هي طريقة تحصيله وامتلاكه، أما البيت الذي يحرص الناس جميعا عليه، ويتفننون في بنائه، ويتنافسون في رفعه وتحسينه؛ فهو نعيم زائل، ومتاع قليل آفل، وحقيقة الناس معه ونتيجة حرصهم عليه ما جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه حينما رأى منزل رجل قد شاده فقال: ما أحكم ما تبنون، وما أطول ما تأملون، وأقرب ما تموتون. ثم يقال دبر ذهاب الإنسان وموته ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه:" أين من سعى واجتهد، وجمع وعدَّد، وزخرف ونجَّد، وبنى وشيَّد".
نسأل الله جل وعلا أن يجعل مساكننا في الفردوس الأعلى مع النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وكتبه: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
الجمعة 07 ذو الحجة 1437 هـ
/ 09/09/2016 م

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مميز, بلاياووصايا, تزكية, رقائق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013