منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 Aug 2014, 01:31 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي فتيا عزيزة في الدوران بالعرائس في القرية

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الدَّوران بالعروس في موكبٍ من المراكب عادةٌ شائعة جدًّا في هذه الأزمان، قلَّ عرس من الأعراس لا يُعمل فيه بمثل هذه العادة، وقد وقفتُ على فتيا عزيزة في شأنها، تدلُّ على أنَّها وُجدت في النَّاس منذ أكثر من ثلاثمئة سنة، فأذكر نصَّ الفُتيا ثمَّ أُتبعها بما يليق بها من تعليق.

سئل أبو عليٍّ الحسنُ بن مسعود اليوسي المالكي المتوفي سنة (1102) ـ وهو عالمٌ متفنِّن متضلِّعٌ من العلوم العقليَّة، من علماء النِّصف الثَّاني القرن الحادي عشر، وكان على توسُّعه في العلوم، وضربه بسهامٍ صائباتٍ في أنواع الفنون صُوفيًا خرافيًّا، وترجمتُه مطولَّة محسَّنة في «الإعلام بمن حلَّ بمراكش وأغمات من الأعلام» (3/154-163) ـ عن عوائد بعض القبائل في الأعراس، ومنها الطَّواف بالعروس على القرية في شبيهٍ بالهودج يسمَّى «الجحفة»، فأجاب كما في رسائله (صحيفة/622ـ الرِّسالة السِتُّون):


«ودورانُها على القرية ليس من السُّنَّة، وكأنَّ مرادهم به النِّهاية في الإشهار، فلا حاجة إلى فعله، وإن فعله غيركم فلا تعيِّروه فإنَّه ليس بحرام» اهـ.


فهذه فتياهُ، وهي كما ترى مختصرة محرَّرة، وقد تضمَّنت أمورًا أربعة:


الأمر الأوَّل: بيان أنَّ هذا العمل ليس من السُّنَّة، ولا من هدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا يُشرع فعله اقتداء وتسنُّنًا، أو الإنكار على من يتركه.


الأمر الثَّاني: بيانُ السَّبب الحامل لمن يفعله على فعله، وهو المبالغة في الإشهار والإعلان الَّذي هو سنة النِّكاح، وفرقٌ بينه وبين السِّفاح، فقد أمر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بإعلان النِّكاح والإشهاد عليه، وعمل الوليمة ودعوة النَّاس إليها تحقيقًا له، لكن لمَّا كان الإعلان حاصلًا من دون هذا التَّطواف لم يكن ممَّا يُؤمر به أو يستحبُّ عمله.


الأمر الثَّالث: حكمُ هذا العمل، وهو أنَّه عبثٌ لا حاجة إليه، هذا إذا كان دورانًا مجرَّدًا خاليًا من المحاذير، فقال إنَّه لا حاجة إليه، واختار لمن سأله عنه أن لا يفعله، وكثيرٌ من النَّاس اليوم يفعلونه ويضمُّون إليه من المنكرات شيئًا كثيرًا من أذيَّة الناس في طريقهم، وإظهار المعازف المحرَّمة، والهيشات الطَّائشة الَّتي لا تليق بأهل الإسلام وشبابه، فهو مع هذه المناكير لا شكَّ في قبحه والنَّهي عنه والإغلاظ على أهله.


ولو فُرض خلوُّه منها بأن يسيروا كسير النَّاس سيرًا معتدلًا بغير أذيَّة لأحدٍ ولا إظهار لشيء من المنكرات فالحكمُ أنَّه جائز، ومع جوازه فلا حاجة إليه وتركُه أفضل من فعله.


الأمر الرَّابع: هو أنَّ من فعله فلا يعيَّر ولا يُنكر عليه، لأنَّه لم يفعل حرامًا، وهذا تنبيهٌ مهم جدًّا، وهو أنَّ النَّاس إنَّما يُنهون عن المحرَّمات الَّتي جاء الشَّرع بالنَّهي عنها، أمَّا ما يتركه الإنسان في خاصَّة نفسه طلبًا للكمال أو تورُّعا من الشُّبهات فلا يصلح أن يُنهى النَّاس عنه، وإنَّما يرشد من استرشده إلى الأكمل والأليق إن كان أهلًا لأن يرشد إلى ذلك، ومن فعل خلاف ذلك فلا يُنكر عليه، ولا يضيَّق عليه فيما لم يضيِّقه الشَّرع.
ويتأكَّد هذا في مواطن التَّخفيف كأن يتعلَّق الأمر بضعفة التَّديُّن من النِّساء والولدان، أو بأحوال خاصَّة كالأعراس والأعياد الَّتي يُشرع فيها التَّوسعة وإظهار السُّرور.


فالدِّين والشَّرع على مرتبتين:
مرتبة الأمر والنَّهي الملزم الَّذي يؤخذ به كلُّ النَّاس، ويتعلَّق الأمر والنَّهي فيه بالعامَّة والخاصَّة.
ومرتبةٌ هي التَّرقِّي في درجات الكمال بالمثابرة على المستحبَّات وترك المكروهات والمشتبِهات، بل وبعض المباحات، فهذ لا يُؤمر بها كلُّ أحدٍ في كلِّ حال، بل يُؤمر كلُّ أحدٍ منها بما يليق به وبحاله.


وتكميلًا للفائدة فهذه فُتيا شيخنا أبي عبد المعزّ محمَّد علي فركوس ـ صان الله كمالَه ـ في هذه المسألة (وهي في موقعه برقم: 585):


«الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإذا كان التِّجوالُ بالعروس من باب الإعلان عن النِّكاح فلا بأس بذلك، بشرط أن لا يكون فيها مخالفات شرعية، كبروز النِّساء متكشِّفات على السيَّارات، أو ما يصحب ذلك من مختلف المزامير والطُّبول والمنبِّهات الَّتي تزعج النَّاس عـمومًا، وفي فترات القَيْلُولة خصوصًا، فإنَّ مثل هذا الضَّرر يلحق بالنَّاس، والضَّرر ينبغي أن يُزال، كما جاء في حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»اهـ


آخــرُ المقال، والحمد لله جلَّ عن النَّظير والمثال.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 25 Aug 2014 الساعة 01:53 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 Aug 2014, 02:19 PM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخ خالد على إخراج مثل هذه الدرر النفيسة وتقريبها للأذهان بالتعليق عليها، فبارك الله فيك ورحم الله صاحب الفتيا، وحفظ العلامة فركوس وسلمه من كل سوء.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 Aug 2014, 02:34 PM
أمين عمراني أمين عمراني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 40
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخ خالد على هذا المقال النافع الماتع. جاء في الوقت المناسب أحسن الله إليك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 Aug 2014, 02:38 PM
الوناس حشمان الوناس حشمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
الدولة: الجزئر
المشاركات: 228
إرسال رسالة عبر Skype إلى الوناس حشمان
افتراضي

منكرات هذه العادة السيئة لا يعلم قدرها الا الله و الله المستعان

احسن الله اليك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 Aug 2014, 04:53 PM
أبو عبد الرحمن العكرمي أبو عبد الرحمن العكرمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
الدولة: ولاية غليزان / الجزائر
المشاركات: 1,352
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى أبو عبد الرحمن العكرمي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد الرحمن العكرمي
افتراضي

بارك الله فيكم شيخ خالد , عادتك النوادر , لا حرمك الله هذه المزية .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 Aug 2014, 05:47 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

عزيزة والله !! جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 Aug 2014, 05:55 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

أحسن الله إليك وجزاك الله خيرا أبا رتاج على هذه اللفته العزيزة والدرة الفريدة .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 Aug 2014, 06:06 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

بارك الله فيك أخي الشيخ خالد، مفيد كعادتك، جزاك الله خيرا.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 Aug 2014, 07:59 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

طبتم إخوتي الأحبَّة، طيَّب الله أيَّامكم بذكره وشكره، وحفظكم الله معينين على الخير مشجِّعين عليه ناصحين فيه.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 25 Aug 2014, 10:25 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

غُصتَ إلى الأعماق أبا البراء فأتيتنا بهذه الجواهر المطرَّزة، فجزاك الله خيرا وزادك من فضله.
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 25 Aug 2014, 11:26 PM
أبو عبد الله طارق أبو عبد الله طارق غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 123
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي خالد
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 26 Aug 2014, 12:12 AM
محمد طيب لصوان محمد طيب لصوان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 219
افتراضي

هذه حقيقةً نادرة من النوادر، جزاك الله خيرا
و الحمد لله الذي يسر لنا العلم
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 26 Aug 2014, 01:24 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أستاذ مراد!، وأخويَّ الكريمين: طارق والطَّيب! حفظكم الله وبارك فيكم ونفعكم ورفعكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013