منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 09 May 2015, 08:30 AM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي هكذا كان الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس رحمه الله تعالى

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى, أما بعد:

كثيرةٌ هي الأمور التي أضحى بعض الناس يسمونها بغير اسمها، ويضعونها في غير مواضعها، ولا أعلم أكان ذلك منهم جهلا أم أن الهوى شريك العمى, قلبوا الحقائق وركبوا البوائق, جعلوا الحق باطلا والباطل حقا ليصدوا عن سبيل الله عزّ وجلّ, قال عليه الصلاة والسلام:"إن بين يدي الساعة سنوات خداعة، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، وينطق الرويبضة) السلسلة الصحيحة 4/508.

جعلوا الرشوة هدية, والخمر شرابا, والميسر حظا, والغناء فنا, والتبرج والعري تقدما وتحضرا, وجعلوا الدياثة حداثة وهكذا يبغونها عوجا,{ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ }(الأعراف 45), وما أرى صنيعهم هذا إلا من سيئات فرعون التي لا يزال سمّها يدّك بين أوساط المسلمين, فهو الذي سمى ضلاله رشادا فقال: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } كما أنه سمّى موسى ومن معه سحرة .فكم جنيت يا فرعون على نفسك من الإثم والسيئات فعتوت في الأرض فسادا حتى وصل سُمُّك إلى أمة خير البريات .

ويا ليت الأمر توقف عند هذا وحسب بل زادوا الطين بِلة فسمّوا الشرك توحيدا, والتوحيد ضلالا كما هو حال الذين يتهمون الدعوة الحق{ دعوة التوحيد} بالغلو والتكفير, ولم يهدأ لهم بال, ولم يتحسن لهم حال حتى سمّوا اليوم الذي مات فيه عالم من علماء الأمة يوم العلم{ فماذا بعد الحق إلا الضلال} , فبالله عليكم أيّ علم هو ؟ قولوا لنا: فنحن طلاب علم نريد أن نتعلم هذا العلم الذي ظهر يوم وفاة هذا العالم, ألم تعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا", أعينونا على تحصيله "فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" . ألم تعلموا أن موت العالِم ذهاب للعلم وفساد للعالَم, ألم تسمعوا لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ماذا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " رواه البخاري في صحيحه .
ويقول الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري رحمه الله تعالى: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي, أخبرنا زهير, أخبرنا سعيد بن سليمان, أخبرنا عطاء بن محمد الحراني عن بعض أصحابه قال: قال كعب: «عليكم بالعلم قبل أن يذهب، فإن ذهاب العلم موت أهله، موت العالم نجم طمس، موت العالم كسر لا يجبر، وثلمة لا تسد، بأبي وأمي العلماء ـ قال: أحسبه قال: قبلتي إذا لقيتهم، وضالتي إذا لم ألقهم، لا خير في الناس إلا بهم». أخلاق العلماء ص 31 .

فأيّ الضّدَّينِ {العلم والجهل} أحق باليوم الذي مات فيه هذا العالم المصلح المجدد, يوم العلم أم يوم الجهل ؟
نعم إخوة الإسلام, في 08 ربيع الأول من عام 1359 الموافق ل: 16 أفريل 1940 حلت بالأمة الإسلامية بلية عظمى ورزية كبرى , انتقل فيه إلى رحمة الله إن شاء الله تعالى العالم المجاهد المصلح المجدد السلفي عبد الحميد ابن باديس .

ولست هنا في مقام التعريف بالشيخ رحمه الله عز وجل وذكر جهوده, فالشيخ رحمه الله معروف لدى عامة الناس فضلا عن خواصهم لكن حسبي بموقف جليل من مواقف الشيخ رحمه الله تعالى لنعلم حقا ويقينا أن العلماء ورثة الأنبياء, وأن دين الله عز وجل لم يصل إلينا بالهوينا بل وصل بجهود عظيمة وأعمال جليلة .

فأقول وبالله أستعين
:
أذكر مرة أني صليت صلاة الجمعة في إحدى مساجد مدينة قسنطينة, وبعد الصلاة وقفت أنا وأحد الإخوة الأفاضل على إحدى شرف المسجد نتأمل مدينة قسنطينة بجبالها الشامخة وجسورها المعلقة , حتى بنا برجل من المنطقة اشتعل رأسه شيبا وقد بلغ من الكبر عتيا يُرى من ملامحه الصلاح, والله أعلم بما تكن الصدور, جاء إلينا فحيّانا بتحية الإسلام فرددنا عليه السلام كما أمرنا بذلك الواحد العلاّم, ثم أخذنا نتبادل أطراف الحديث وكان من جملة ما تحدثنا عنه أننا ذكرنا هذه المنطقة العريقة أعني مدينة العلم والعلماء مدينة قسنطينة فذكرنا بعضا من علمائها ومن دخل إليها ودرّس فيها, ومن هؤلاء الأعلام الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس رحمه الله والذي ما تكاد هذه المدينة تعرف إلا به, فقال: -أعني هذا الرجل-: ألا أحدثكم بأعجب ما قد تسمعونه عن هذا الإمام الكبير, فقلنا: بلى حدثنا فنحن نحب الشيخ ابن باديس رحمة الله عليه فهو من علماءنا الأبرار ,فقال: إذن أعيروني قلوبكم ومسامعكم لسماع موقف جليل من مواقف الشيخ رحمه الله .
ثم قال: خذوا عني هذه القصة بالسند العالي ليس بيني وبين العلامة ابن باديس إلا طالبا من طلابه, قال: حدثني أحد طلبة {وكان يومها قد قارب سن البلوغ} الشيخ ابن باديس رحمه الله أنه في يوم من الأيام جلس العلامة ابن باديس رحمه الله في مسجده الذي كان يدرس فيه, وكعادته رحمه الله كان يجلس في الطابق العلوي أين توجد مكتبته يطلب فيها العلم ويجد ويجتهد في تحصيله, فناداه الشيخ رحمه الله {أي أن الشيخ ابن باديس رحمه الله نادى ذلك الطالب} , فلما صعد إليه هذا الطالب وجد الشيخ جالسا والكتب محيطة به من كل مكان يبحث ويحقق ويدقق ويتعلم ويقيد العلم, فقال له الشيخ باللغة العامية: ألا أبعثك إلى مطعم فلان لتشتري لي" زُوجْ مْطَارقْ شواء" { زُوجْ بمعنى: اثنان, والْمَطْرَق هي حديدة أو خشبة على هيئة الإبرة يشوى بها اللحم }, فقال له الطالب: بلى سأشتري لك, فأعطاه الشيخ ابن باديس بعض النقود ثم قال له: إن سألك أحد ما لمن ستأخذ هذا اللحم{ زُوجْ مْطَارقْ شواء } فلا تخبره وإن ألحّ عليك, فانطلق الغلام إلى المطعم الذي بعثه الشيخ ابن باديس رحمه الله فلما وصل إليه وقف أمام باب المطعم وفرائسه ترتعد{ لأنه غلب على ظنّه أنه سيسأل إلى من ستأخذ هذا اللحم} فقال لصاحب المحل -وكان يومها مكتظا بالزبائن- قال له بصوت منخفض مطأطأ رأسه من الحياء: أعطني زُوجْ مْطَارقْ شواء, فصرخ صاحب المطعم زُوجْ مْطَارقْ شواء؟ فالتفت جميع من في المطعم إلى ذلك الغلام فقال له صاحب المطعم: من هذا الذي بعثك {تعجب صاحب المطعم والزبائن لأن في ذلك الزمان أفقر الناس فقط من يأكل تلك الكمية من اللحم أعني: زُوجْ مْطَارقْ} فتكلم الزبائن: من هذا الإنسان الفقير الذي بعثك كي تشتري له الطعام{وهذا يدل على كرم أهل تلك المدينة في ذلك الزمان}؟ فأبى الغلام أن يَبُوحَ بسِرِّ شيخه تغمده الله بالرحمة والرضوان, فلمّا ألحّوا عليه وهدّده صاحب المحل بالضرب, هناك نطق الغلام {أنطقه الله الذي أنطق كل شيء لمثل هذا اليوم لنعلم حق هذا العالم المجاهد الزاهد الورع رحمة الله عليه} فقال: الشيخ عبد الحميد من بعثني, فتعجب القوم كيف أن إمامهم ومعلمهم ومدرسهم الشيخ عبد الحميد يتضور جوعا وهم لا يعلمون, فأخذ صاحب المطعم خبزة كبيرة فملأها باللحم ثم قال للغلام خذها للشيخ عبد الحميد, فأخذ ذلك الطالب الزاد ثم عاد إلى مكان الشيخ المعتاد - أعني: مسجده الذي كان يدرس فيه للعباد, فلما وصل الطالب إلى باب المسجد وجد الشيخ واقفا أمامه فأعطاه الخبزة المليئة باللحم فضربه الشيخ رحمه الله تعالى, ثم صرخ عليه الشيخ قائلا: أوَ لم أقل لك لا تخبر أحدا ؟, فأخبره الغلام بما حدث معه في المطعم وكيف أنهم ألحوا عليه بأن يخبرهم بالشخص الذي بعثه وأن صاحب المحل هدده بالضرب إن لم يخبره, فأخذ الشيخ رحمه الله تعالى الخبزة بما فيها من اللحم فقسمها ثم أمر طالبه بأن يوزعها على الفقراء ولم يأكل العلامة رحمه الله تعالى منها شيئا, أعني: الخبزة بما فيها من اللحم .

إنَّ للَّهِ عِبَاداً فُطَنَا تَرَكُوا الدُّنْيَا وَخَافُوا الفِتَنَا
نظروا فيها فلمّا علموا أنها ليست لحيٍّ وطنا
جعَلُوهَا لُجَّة ً وَاتَّخَذوا صالحَ الأعمالِ فيها سفنا .


ولقد صدق الله سبحانه إذ قال:" مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ " .
نعم إخوة الإسلام هكذا كان الشيخ عبد الحميد ابن باديس فاعرفوا لهذا العالم حقه وانشروا محاسنه, واذكروا فضائله بين عامة الناس .والله أسأل أن يغفر للشيخ ابن باديس ويرحمه وأن يجعل الفردوس الأعلى داره وقراره .
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

كتبه: أبو عبد الرحمن أمين البجائي عفا الله عنه .


التعديل الأخير تم بواسطة أمين البجائي ; 10 May 2015 الساعة 05:48 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09 May 2015, 05:03 PM
عبد القادر شكيمة عبد القادر شكيمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
الدولة: الجزائر ولاية الوادي دائرة المقرن
المشاركات: 315
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أمين.
ورحم الله الشيخ ابن باديس وجمعنا معه ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
هذا وقد كنت أقول لبعض من يقيم الاحتفالات بما يسمونه بيوم العلم: الصحيح أن تقولوا: يوم قبض العلم، وأقرأ عليهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم. فلا يجدون جوابا.

التعديل الأخير تم بواسطة عبد القادر شكيمة ; 09 May 2015 الساعة 05:06 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09 May 2015, 10:06 PM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي

اقتباس:
ورحم الله الشيخ ابن باديس وجمعنا معه ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
اللهم آمين .
بارك الله فيك أخي عبد القادر على مرورك الطيب .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 May 2015, 09:02 PM
أبو الأشبال الأثري عبد الحكيم أبو الأشبال الأثري عبد الحكيم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 46
افتراضي

بارك الله فيك أخي أمين متعتنا و أسندت إلينا .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23 May 2015, 09:25 PM
حبيب تومي البجائي حبيب تومي البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: بجاية/ الجزائر
المشاركات: 24
افتراضي

بارك الله فيك ووفقك إلى ما يحب و يرضى
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 May 2015, 11:45 PM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي

بارك الله فيكما أخواي أبا الأشبال وأبا عبد الرحمن على مروركما .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013