منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 23 Sep 2014, 10:48 AM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي مصادر التشريع المتفق عليها والمختلف فيها ويليها ملزمة صغيرة في الأدلة المختلف فيها للشيخ محمد بازمول



الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد:



فقد نشر الشيخ الفاضل محمد بن عمر بازمول حفظه الله يوم 17 ذو القعدة 1435 الموافق لـ: 12 سبتمبر 2014 في حسابه على الفايس بوك سؤالا يتعلق بمصادر التشريع المتفق عليها والمختلف فيها فأجاب عليها إجمالا ثم تبعها بمنشورات نفيسة ماتعة في ذكر الأدلة المختلف فيها بالتفصيل ثم وجه في الخاتمة الى جمعها في ملزمة صغيرة في الأدلة المختلف فيها ، فهاهي دونك يا طالب العلم لتنهل من دررها و ترتشف من شهدها سائلين الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم إنه ولي ذلك والقادر عليه.



سئلت : ما هي مصادر التشريع المتفق عليها والمختلف فيها؟

فقلت: مصادر التشريع المتفق عليها هي :
الكتاب .والسنة . والإجماع .والقياس.

وما عدا هذه مختلف فيه؛ وهي إن شاء الله:
قول الصحابي. والمصالح المرسلة. والاستصحاب. والاستحسان. والعرف وشرع من قبلنا .والأخذ بأقل ما قيل. والاستقراء,.وسد الذرائع. واجماع أهل المدينة. واجماع أهل الكوفة.
والله اعلم.



1- قول الصحابي هل هو حجة؟

ليس بحجة مستقلة، فهو ليس كالقرآن العظيم و لا السنة النبوية، وهذه بدهية شرعية عقدية.

وهو حجة تبعية؛ بمعنى أنه يكون حجة تبعاً لأمور، أو في أحوال معينة، وهي التالية:

-1
قول الصحابي في ما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه.

-2
قول الصحابي الذي لا مخالف له. لأنه إجماع سكوتي.

-3
قول الصحابي في تفسير مرويه, لأنه أدرى بالمراد به.

4
-قول الصحابي في تفسير القرآن الكريم، لأنه يبنيه على ما فهمه من الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الآية.

-5
قول الصحابي في سبب النزول سواء بصيغة صريحة ، أم بصيغة غير صريحة.

-6
قول الصحابي في ما يسميه علماء التفسير : (قراءة تفسيريه) لأنه على
أدنى الأحوال حديث مسند.

-7
قول الصحابي في المسائل التي اختلفوا فيها فإنه حجة في أن لا يخرج عن أقوالهم، لأن اختلافهم على هذه الأقوال دليل على أنها لا تحتمل غيرها.

8
-قول الصحابي إذا اتفقوا فهو إجماع.
_____________________________________________

2-المصالح المرسلة:

من الأدلة المختلف فيها.
والمصلحة هي المنفعة المرجوة من الأمر، بحيث تدفع الفساد.
وهي ثلاثة أنواع:
*النوع الأول : مصلحة معتبرة، دل الشرع عليها.
*النوع الثاني : مصلحة ملغية دل الشرع على عدم اعتبارها.
*النوع الثالث : مصلحة لا دليل على اعتبارها و لا على إلغائها.
والنوع الثالث هو موضوع الكلام هنا.
سميت مرسلة لإرسالها عن دليل في اعتبارها أو في إلغائها.
والدين قائم على تحصيل المصالح وتكثيرها وعلى درء المفاسد وتقليلها؛ [إذْ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا فَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ: فَمَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ وَمَا نَهَى عَنْهُ: فَمَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةٌ]( ما بين معقوفتين من مجموع الفتاوى) (1/ 138)).
قال ابن تيمية رحمه الله: "فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالصَّلَاحِ وَنَهَى عَنْ الْفَسَادِ وَبَعَثَ رُسُلَهُ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا. وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ (الأعراف: 142). وَقَالَ شُعَيْبٌ: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ (هود: 88) . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (الأعراف: 35). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ (البقرة: 11 – 12)"اهـ(الفتاوى الكبرى لابن تيمية (4/ 156).).
وقال رحمه الله: " وَتَمَامُ " الْوَرَعِ " أَنْ يَعلم الْإِنْسَان خَيْر الْخَيْرَيْنِ وَشَرّ الشَّرَّيْنِ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُوَازِنْ مَا فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَفْسَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَدْ يَدَعُ وَاجِبَاتٍ وَيَفْعَلُ مُحَرَّمَاتٍ، وَيَرَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَعِ كَمَنْ يَدْعُ الْجِهَادَ مَعَ الْأُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ وَيَرَى ذَلِكَ وَرَعًا وَيَدَعُ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ فِيهِمْ بِدْعَةٌ أَوْ فُجُورٌ وَيَرَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَعِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الصَّادِقِ وَأَخْذِ عِلْمِ الْعَالِمِ لِمَا فِي صَاحِبِهِ مِنْ بِدْعَةٍ خَفِيَّةٍ وَيَرَى تَرْكَ قَبُولِ سَمَاعِ هَذَا الْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ سَمَاعُهُ مِنْ الْوَرَعِ"اهـ(مجموع الفتاوى (/ 512)).10
فـ[لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْفَسَادِ الْقَلِيلِ بِالْفَسَادِ الْكَثِيرِ.
وَلَا دَفْعُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ بِتَحْصِيلِ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ؛
فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.
وَمَطْلُوبُهَا تَرْجِيحُ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَا جَمِيعًا .
وَدَفْعُ شَرِّ الشَّرَّيْنِ إذَا لَمْ يَنْدَفِعَا جَمِيعًا.
فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ مَنْعُ الْمُظْهِرِ لِلْبِدْعَةِ وَالْفُجُورِ إلَّا بِضَرَرِ زَائِدٍ عَلَى ضَرَرِ إمَامَتِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي خَلْفَهُ مَا لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا إلَّا خَلْفَهُ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْجَمَاعَةِ، إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ غَيْرُهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ وَغَيْرِهِمَا الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ تَفْوِيتَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِيهِمَا بِإِمَامِ فَاجِرٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ عَنْهُمَا لَا يَدْفَعُ فُجُورَهُ فَيَبْقَى تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ دَفْعِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ؛
وَلِهَذَا كَانَ التَّارِكُونَ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ مُطْلَقًا مَعْدُودِينَ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ]( من مجموع الفتاوى (23/ 343).).
إذا تعارضت المصالح والمفاسد:
قال ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى 28/29-230): " إذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ أَوْ تَزَاحَمَتْ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَرْجِيحُ الرَّاجِحِ مِنْهَا فِيمَا إذَا ازْدَحَمَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ وَتَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ؛
فَإِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ وَدَفْعِ مَفْسَدَةٍ فَيُنْظَرُ فِي الْمُعَارِضِ لَهُ؛
فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفُوتُ مِنْ الْمَصَالِحِ أَوْ يَحْصُلُ مِنْ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ؛ بَلْ يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا، وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَقُلْ إنْ تعوز النُّصُوصَ مَنْ يَكُونُ خَبِيرًا بِهَا وَبِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ.
وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ أَوْ الطَّائِفَةُ جَامِعَيْنِ بَيْنَ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ بِحَيْثُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا، أَوْ يَتْرُكُوهَا جَمِيعًا؛ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوفِ وَلَا أَنْ يُنْهُوا مِنْ مُنْكَرٍ، يَنْظُرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ أَمَرَ بِهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ.
وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنْهُ؛ بَلْ يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالسَّعْيِ فِي زَوَالِ طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَزَوَالِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ نَهَى عَنْهُ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكَرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَمْرًا بِمُنْكَرِ وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَإِنْ تَكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلَازِمَانِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُمَا؛
فَتَارَةً يَصْلُحُ الْأَمْرُ.
وَتَارَةً يَصْلُحُ النَّهْيُ.
وَتَارَةً لَا يَصْلُحُ لَا أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ حَيْثُ كَانَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ مُتَلَازِمَيْنِ؛ وَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ الْوَاقِعَةِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّوْعِ فَيُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ مُطْلَقًا وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مُطْلَقًا.
وَفِي الْفَاعِلِ الْوَاحِدِ وَالطَّائِفَةِ الْوَاحِدَةِ يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفِهَا وَيَنْهَى عَنْ مُنْكَرِهَا وَيُحْمَدُ مَحْمُودُهَا وَيُذَمُّ مَذْمُومُهَا، بِحَيْثُ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِمَعْرُوفِ فَوَاتَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ حُصُولَ مُنْكَرٍ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حُصُولَ أَنْكَرَ مِنْهُ أَوْ فَوَاتَ مَعْرُوفٍ أَرْجَحَ مِنْهُ.
وَإِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ؛ فَلَا يَقْدُمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمِ وَنِيَّةٍ؛ وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ؛ وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ"اهـ(مجموع الفتاوى (28/129 - 131)).
فيشترط في اعتبار المصلحة المرسلة :
- أن لا تتعارض مع المقاصد الشرعية بل تتفق معها. وهي حفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل.
- أن لا تتعارض مع الكتاب والسنة، والإجماع والقياس.
- أن لا تتعارض مع مصلحة أعلى منها، وأن لا يترتب عليها فساد أكثر مما يراد دفعه.
- أن يتم النظر فيها من أهل العلم والمعرفة بالشريعة فلا تتعلق بالأهواء والرغبات الخاصة.
- أن النظر فيها للصالح العام .
وأكثر الأبواب التي يجري فيها إعمال هذا الدليل هو باب السياسة الشرعية وما يتعلق به، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسياسة الناس، والنوازل الواقعة.
ومن المصالح المعتبرة في الشرع مراعاة مصلحة الجماعة وحفظ الدين، ومنع إيقاع الناس في الفتن.
ومن ذلك امتناع الرسول ﷺ من هدم البيت وإعادته على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأخرج مالك في الموطأ في كتاب الحج بَاب مَا جَاءَ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ".
ففيه أن الرسول ﷺ راعى مصلحة حفظ الدين وسلامة الناس عن الفتنة فيه، فترك أمراً مستحباً.
ومن الأمثلة : الأمر بالصبر على أئمة الجور من المسلمين، وعدم جواز الخروج على الكافر من ولاة الأمر إذا لم يغلب على الظن عدم إراقة الدماء والقدرة على ذلك، وهذا من باب تحقيق مصلحة حفظ الجماعة والدين والأنفس والأموال.
ومن المصالح الملغية في الشرع، مصلحة زيادة المال بالربا، والبيوع المحرمة، والغش. ومصلحة التجارة بالخمر، وما فيها من أثر موهوم بالراحة.
ومن المصالح التي سكت عنها الشرع:
تنظيم أمور الناس بالدواوين والسجلات المدنية.
وضع الغرامات والأنظمة لسياسة أحوال الناس، كنظام المرور، ونظام الأحوال الشخصية ونظام الجمارك.
ومن ذلك ما يتعلق بالصحة وحفظ النفس إذا حملت المرأة وقرر الطبيب أن في بقاء الجنين خطراً عليها، أو أرادت أن يتم الحمل عبر ما يسمى بطفل الأنبوب، فتلقح البويضة ثم تغرس في جدار الرحم، ونحو ذلك؛
فينظر فيها العلماء فما كان يشبه ويقارب المصالح المعتبرة شرعاً اعتبر قياساً عليها، وإلا فلا. وقد يكون الحكم في وقائع خاصة لا عاماً، ففي كل موضوع يتم النظر بحسبه.
ما الفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة؟
الجواب :
الفرق بينهما من جهة أن المقتضي للأمر إذا كان موجوداً زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وتركه ولم يفعله، من غير مانع يمنع ذلك فيصير فعله بدعة، لأن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في الترك كما هي في الفعل.
أمّا إذا كان المقتضي للأمر لم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يكون النظر فيه من جهة المصالح المرسلة.
وكذا إذا كان المقتضي قائماً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنع من فعله مانع ، فإنه يدخل في المصالح المرسلة.
واعتنى ابن تيمية رحمه الله ببيان ذلك أبلغ بيان في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم.
ويقع الخطأ في هذا الدليل إذا لم يراع اشتراط الشروط السابقة، لاعتبار المصلحة، والله الموفق.
__________________________________________________

3-الاستصحاب:

من الأدلة المختلف فيها.

وهو ثلاثة أنواع :

استصحاب الأصل في الأعيان وهو الحل والطهارة.

استصحاب الأصل في المسألة، وهو براءة الذمة.

استصحاب الإجماع.

ومعنى الاستصحاب أن يقول الفقيه لما يسأل عن أمر: هذا الأصل فيه كذا، يعني فأنا عليه حتى يأتي دليل يخرج عن الأصل.

والخطأ يقع في استعمال هذا الدليل في غير محله.

لأن محل استعمال دليل الاستصحاب عند فقد الدليل يعني عند عدم وجود الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس.

وأخطأ الظاهرية باستعمالهم دليل الاستصحاب مع وجود الدليل، في مسائل يمكن أن تفرد في رسالة ، من هذه المسائل مسألة عروض التجارة، فاستصحبوا أصل براءة الذمة وعدم التكليف، ونفوا زكاة عروض التجارة لعدم الدليل بحسب ظنهم! والواقع أنه لا محل لدليل الاستصحاب في هذه المسألة؛ لأن الذمة شغلت بوجوب الصدقة في كل مال لدى المسلم، بالعمومات الواردة كقوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }الذاريات19، وقوله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ }المعارج24. هذه العمومات تبطل الاستدلال بدليل الاستصحاب، وتعكس المسألأة على الظاهرية فبدلاً من أن يقال: الأصل براءة الذمة، يقال: الأصل شغل الذمة بهذه العمومات والبحث فيما يخرج من الأموال فلا تجب فيه الزكاة. ولذلك تجد تبويبات أهل العلم وبحثهم في الدليل على عدم وجوب الزكاة في كذا، والله الموفق

.
__________________________________________________
4- الاستحسان:

معدود من الأدلة المختلف فيها.
وعند التحقيق ليس منها.
والمراد به ما يستحسنه المجتهد بعقله.
وهذا المعنى اتفق على أنه باطل لا يجوز أن يتكلم أحد في شرع الله بالعقل المجرد. ولذا قيل: من استحسن فقد شرع.
والمعاني الأخرى المذكورة للاستحسان والمراد به تدخل في العرف والمصالح المرسلة والقياس والعمل بالكتاب والسنة، وبهذا يخرج الاستحسان إلى معاني متفق عليها غير مختلف فيها .
__________________________________________________ _
5-العرف:

من الأدلة المختلف فيها.
والمراد به : ما جرى عليه الناس أو اعتادوه في قول أو فعل.
وهو ثلاثة أنواع :
*النوع الأول : ما جرى عليه الناس من قول أو فعل يوافق الشرع. فهذا عرف معتبر بالشرع.
*النوع الثاني : ما جرى عليه الناس مما يخالف الشرع. فهذا عرف غير معتبر.
*النوع الثالث : ما جرى عليه الناس و لا يخالف و لا يوافق الشرع.
ودليل العرف : كل آية في القرآن أحيل فيها إلى العرف، كقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨] ، هل حدد الله شيئا معلوما أو قال كم تعطي؟ لم يقل، فقد أحاله إلى العرف، فإذا كان هذا المجتمع عنده أن العادة جرت بألف، هذا المجتمع الآخر العادة جرت بمائة، ولكل مجتمع عادته وعرفه، فلا تحكم على هذا المجتمع بعرف الآخر.
وقوله تعالى: ﴿إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٢] ، هل قال كيف يتراضون؟ هل قال: لابد أن يتراضوا بهذه الطريقة؟ لا، فإذا اصطلحوا على طريقة مشى عليها العرف الذي بينهم، المهم أن لا يكون هناك شيء حرام خلاف الشرع، ولذلك يقولون: الصلح سيد الأحكام، وهذا من تطبيقات قاعدة العادة محكمة.
ويقول تعالى أيضا: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٣١] ، أيضا هنا في الآية أحال على العرف، لم يقل أمسكها على وصف معين، أمسكها بمعروف أو فارقها بحسب ما جرى عليه العرف.
وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩] ما قال للرجل من أهل البادية أنت عاشر زوجتك كما يعاشرها الرجل الذي في الحاضرة، فكل أهل جهة بحسب عرفهم.
ومنه قوله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: ٨٩] لم يبين قدره، فأحال إلى أوسط ما نطعم به أهلنا، قد يكون الواحد طعامه في اليوم رغيف وجبن، في أغلب الأيام هذا طعامه، فالواجب عليه في الإطعام هذا، وقد يكون الواحد طعامه في أوسط ما يطعم به أهله مثلا أرز ولحم، نقول هذا أوسط ما تطعم به في حقك أنت، وهكذا.
ودليله في الأحاديث:
من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته الطويلة في حجة الوداع، قال: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»( أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث (1218)، قال: «ولهن» أي للنساء «عليكم» أيها الأزواج «رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، ما قال: كل امرأة عليك أن ترزقها مثل ما يرزق ذلك الرجل الأمير، أو تكسوها مثل ما يكسوها، لا، كل واحد بحسب العرف، فأحال إلى العرف، لأن العادة محكّمة، يحتكم إليها في مثل هذه الأمور.
ولما جاءت هند بنت عتبة رضي الله عنها تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها أبا سفيان، تقول: يا رسول الله إنه رجل شحيح، يعني لا يعطينا حقنا، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع، حديث (2211)، وأخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند، حديث (1714).) لم يقل لها خذي وسكت، وأباح لها مال زوجها، لا، بل خذي من مال هذا الرجل بالقدر الذي جرى العرف أن مثلكِ وولدك يكتفي به.
قاعدة : كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا، وَلَا ضَابِطَ لَهُ فِيهِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.
قاعدة : العادة محكمة .
قاعدة : المعروف عرفا كالمشروط شرطا إلا إذا خالف الشرع.
قاعدة : المفتي لا يفتي في معاملات أهل بلد إلا إذا عرف عرفهم. والفتوى المبنية على العرف تتغير بتغيره. وما تعارف الناس عليه في البيع والشراء والتقابض أعتبر. لو اختصم رجلان فقال هذا لهذا: اذهب أنت ابن أمك، فذهب الرجل المسبوب يشتكي يقول هذا قذفني، فإنه رمى أمي بأنها زانية، فهذه اللفظة غير صريحة، فالقاضي هنا –وهذا من فقه الواقع في الفتوى- عليه أن يراعي العرف الذي عليه الساب والمسبوب، فإذا كان من عرف هذا المكان أن هذه الكلمة تعني ابن زنا، فإنه يجلده حد القذف، وإذا لم يجر العرف بأن مثل هذه الكلمة لا تقتضي الرمي بالزنا فإنه لا يقيم عليه حد القذف.
مثال آخر: لو أن رجلا تخاصم مع رجل من الأشراف (آل البيت) فسبه بأبيه أوجده، فإنه لا يعتبر كافرا؛ لأنه لا يقال عنه: إنه سب النبي صلى الله عليه وسلم، لأن العرف جرى أنه لم يقصد بهذا سب الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما يقصد سب هذا الشخص بذاته، فانظر كيف راعى العرف.
قاعدة : الكنايات يرجع فيها إلى النية، وإلا رجع إلى العرف وإلا إلى اللغة.
قاعدة : الألفاظ الواردة في القرآن العظيم والسنة النبوية تفسر بمعانيها الشرعية وتسمى الحقيقة الشرعية. فإن لم يوجد فسرت بمعانيها العرفية (عرف زمن التنزيل بما جاء عن الصحابة) وتسمى الحقيقة العرفية. فإن لم يوجد فإنه يرجع إلى اللغة. وتسمى الحقيقة اللغوية). ومن أمثلة العرف المقارن للخطاب (عرف زمن التشريع) ما أخرجه البخاري (1510) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ» .
قاعدة : العرف المعتبر ما قارن اللفظ أو كان قبله، ولا عبرة بالمتأخر عنه.
قاعدة : الأيمان يرجع فيها إلى العرف، وإلا إلى اللغة. [لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِمَا يَعْتَادُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ:
فَفِي الْقَاهِرَةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِخُبْزِ الْبُرِّ،
وَفِي طَبَرِسْتَانَ يَنْصَرِفُ إلَى خُبْزِ الْأُرْزِ،
وَفِي زَبِيدَ إلَى خُبْزِ الذُّرَةِ وَالدُّخْنِ.
وَلَوْ أَكَلَ الْحَالِفُ خِلَافَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُبْزِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقَطَائِفِ إلَّا بِالنِّيَّةِ] . الأشباه والنظائر لابن نجيم ص83.
ولَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا ; لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّمَكِ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا.
أَوْ حلف لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ أَوْ فِي ضَوْءِ سِرَاج، لَمْ يَحْنَثْ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْض وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا، وَلَا تَحْت السَّمَاءِ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سَقْفًا، وَلَا فِي الشَّمْس، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا.
أَوْ حلف لَا يَضَعُ رَأْسَهُ عَلَى وَتَدٍ، لَمْ يَحْنَثْ بِوَضْعِهَا عَلَى جَبَلٍ، وإن سماها الله أوتاداً.
أَوْ حلف لَا يَأْكُلُ مَيْتَةً أَوْ دَمًا، لَمْ يَحْنَثْ بِأكل السَّمَكِ أوَالْجَرَادِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ؛
فَقُدِّمَ الْعُرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الشَّرْعِ تَسْمِيَةً بِلَا تَعَلُّقِ حُكْمٍ وَتَكْلِيفٍ
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 93) والأشباه والنظائر لابن نجيم ص82 -83.
__________________________________________________ __
6-شرع من قبلنا:

هذا من الأدلة المختلف فيها.

ولعل الراجح في المسألة : أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يأت في شرعنا خلافه.

والدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }الأنعام90.

بشرط أن يكون هذا مما ذكره الله جل وعلا أو رسوله صلى الله عليه وسلم، عمن قبلنا ولم يأت في شرعنا ما يخالفه ولم يأت في سياق يدل على رده.

وهذا الدليل نافع جداً في تقرير الاستدلال بما أخبرنا الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم عن من قبلنا في سياق لا يدل على الرد، ولم يأت في شرعنا خلافه.

قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (4/159 – 161) باختصار: "كُلُّ حِكَايَةٍ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقَعَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا – وَهُوَ الْأَكْثَرُ – رَدٌّ لَهَا، أَوْ لَا ؛
فَإِنْ وَقَعَ رَدٌّ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي بُطْلَانِ ذَلِكَ الْمَحْكِيِّ وَكَذِبِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مَعَهَا رَدٌّ؛ فَذَلِكَ دَلِيلُ صِحَّةِ الْمَحْكِيِّ وَصِدْقِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بُرْهَانٍ،
وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَأَحْضَرَهُ فِي ذِهْنِهِ عَرَفَ هَذَا بِيُسْرٍ.
وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَلَكِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ نَفْسِ الْحِكَايَةِ وَإِقْرَارِهَا، فَإِنَّ الْقُرْآنَ سُمِّيَ فُرْقَانًا، وَهُدًى، وَبُرْهَانًا، وَبَيَانًا، وَتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَأْبَى أَنْ يُحْكَى فِيهِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ ثُمَّ لَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا يُحْكَى فِيهِ مِنْ شَرَائِعِ الْأَوَّلِينَ وَأَحْكَامِهِمْ، وَلَمْ يُنَبَّهْ عَلَى إِفْسَادِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ فِيهِ؛ فَهُوَ حَقٌّ يُجْعَلُ عُمْدَةً عِنْدَ طَائِفَةٍ فِي شَرِيعَتِنَا، وَيَمْنَعُهُ قَوْمٌ، لَا مِنْ جِهَةِ قَدْحٍ فِيهِ، وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ كَشَرِيعَتِنَا، وَلَا يَفْتَرِقُ مَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِحُكْمِ النَّسْخِ فَقَطْ، وَلَوْ نَبَّهَ عَلَى أَمْرٍ فِيهِ لَكَانَ فِي حُكْمِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ﴾ الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 75.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ جَمِيعُ مَا حُكِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ مِمَّا كَانَ حَقًّا؛ كَحِكَايَتِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُ قِصَّةُ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى, عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ."اهـ
قلت: وكذا الحال في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فما قصه علينا وأخبرنا به عن حال من قبلنا ولم يأت ما يرده أو يبطله فهو حق وشرع لنا !

والمقصود : أن شرع من قبلنا الذي أخبرنا الله جل وعلا به في كتابه أو أخبرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يأت ما يدل على رده أو نسخه فإن تقريره دليل شرعيته لنا. فآل الأمر في أنه شرع لنا إلى تقرير الله جل وعلا وتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم، والله الموفق

س: أبو مصعب وجدي بويحي« شيخنا نفع الله بكم, الشاطبي رحمه الله قال "وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ جَمِيعُ مَا حُكِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ مِمَّا كَانَ حَقًّا؛ كَحِكَايَتِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُ قِصَّةُ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى, عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ."اهـ" لكن هل هناك عبادات ثبتت عن الأمم التي سبقتنا ولم يأمرنا بها الله لكن يجوز لنا فعلها ... هناك مثلا صيام داوود و قيامه أباحه الرسول و حث عليه لكن هناك أشياء لم يأمرنا النبي بفعلها و يجوز إتيانها؟
ج: محمد بن عمر بازمولالقاعدة مقيدة بأن يكون الشرع الوارد عمن قبلنا جاء في القرآن والسنة لوقوع التحريف في الكتب المنزلة قبل الإسلام. وهذا ألمح إليه الشاطبي. ولذلك نبهت أنا إلى أن حقيقة هذه القاعدة هو العمل بتقرير الشارع لما ذكره من شرع من قبلنا. فآلت المسألة إلى العمل بما قام الدليل على أنه شرعه لنا.
__________________________________________________

7-الأخذ بأقل ما قيل:

من الأدلة المختلف فيها.
ومحله إذا كان الأقل جزء من الأكبر، ولم يجد الفقيه دليلًا غيره، فيأخذ به لأنه قد حصل الإجماع الضمني على الأقل.
فهو دليل مركب من الإجماع والبراءة الأصلية.
ومعناه الأخذ بالمتحقق المتيقن.
[قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : وَحَكَى بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إجْمَاعَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَيْهِ .
وَحَقِيقَتُهُ - كَمَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ - : أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِي مُقَدَّرٍ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى أَقَاوِيلَ ، فَيُؤْخَذُ بِأَقَلِّهَا عِنْدَ إعْوَازِ الْحُكْمِ ، أَيْ إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ .
وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ : هُوَ أَنْ يَرِدَ الْفِعْلُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا لِمُجْمَلٍ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهِ ، فَيُصَارُ إلَى أَقَلِّ مَا يُؤْخَذُ ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَقَلِّ الْجِزْيَةِ بِأَنَّهُ دِينَارٌ ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَامَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتٍ ، فَصَارَ إلَى أَقَلِّ مَا حَكَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْجِزْيَةِ] . ما بين معقوفتين من البحر المحيط (4/337).
ومثاله: دية الذمي، فلو كانت الأقوال فيها ثلاثة:
الأول : إنها ثلث دية المسلم.
الثاني: إنها نصف دية المسلم.
الثالث: إنها كدية المسلم.
فأخذ الفقيه بالثلث، بناء على أن الثلث أقل ما قيل في المسألة، وهو مجمع عليه؛ لأنه مندرج ضمن قول من أوجب النصف، أو الكل، والأصل براءة الذمة بالنسبة لمن سيدفع الدية، فلا يجب عليه شيء إلا بدليل، ولا دليل يوجب الزيادة على الثلث، وإنما أوجبنا عليه الثلث للإجماع.
وليعلم أن المثال يذكر للتوضيح لا للتدليل.
__________________________________________________ ______
8-الاستقراء:
من الأدلة المختلف فيها.
ومعناه : تتبع جزئيات قضية معينة للخروج بها إلى حكم مسألة.
وهو نوعان:
الأول : الاستقراء التام ، بتتبع كل الجزئيات إلا صورة محل النزاع، لإثبات حكم كلي، فيثبت في محل النزاع، وتعريفه: إثْبَاتُ حُكْمٍ فِي جُزْئِيٍّ لِثُبُوتِهِ فِي الْكُلِّيِّ. فيستدل بتتبع جزئيات الكلي في ثبوت حكم، ليستدل به عَلَى صُورَةِ النِّزَاعِ، وَهُوَ مُفِيدٌ لِلْقَطْعِ. وهو حجة بالاتفاق.
النَّوْعُ الثَّانِي: اسْتِقْرَاءٌ نَاقِصٌ، بِأَنْ يَكُونَ الاسْتِقْرَاءُ بِأَكْثَرِ الْجُزْئِيَّاتِ لإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الْكُلِّيِّ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ، بِشَرْطِ أَنْ لا تَتَبَيَّنَ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْحُكْمِ، وَيُسَمَّى هَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالأَعَمِّ الأَغْلَبِ، فَهُوَ ظَنِّيٌّ. وَيَخْتَلِفُ فِيهِ الظَّنُّ بِاخْتِلافِ الْجُزْئِيَّاتِ. فَكُلَّمَا كَانَ الاسْتِقْرَاءُ فِي أَكْثَرَ كَانَ أَقْوَى ظَنًّا.
قال في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (5/31) : "تقرر في الأصول: أن الاستقراء من الأدلة الشرعية ، ونوع الاستقراء المعروف عندهم بالاستقراء التام حجة بلا خلاف ، وهو عند أكثرهم دليل قطعي ، وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بإلحاق الفرد بالأغلب فهو حجة ظنية عند جمهورهم . والاستقراء التام المذكور هو : أن تتبع الأفراد ، فيوجد الحكم في كل صورة منها ، ما عدا الصورة التي فيها النزاع ، فيعلم أن الصورة المتنازع فيها حكمها حكم الصور الأخرى التي ليست محل نزاع.
وإذا علمت هذا؛
فاعلم أن الاستقراء التام أعني تتبع أفراد النسك ، دل على أن كل نسك من حج أو قران أو عمرة، غير صورة النزاع (وهي هل مكة ميقات للعمرة لمن فيها) لا بد فيه من الجمع بين الحل والحرم، حتى يكون صاحب النسك زائراً قادماً على البيت من خارج كما قال تعالى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً وعلى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ (الحج : 27) الآية . فالمحرم بالحج أو القران من مكة لا بد أن يخرج إلى عرفات: وهي في الحل ، والآفاقيون يأتون من الحل لحجهم وعمرتهم، فجميع صور النسك غير صورة النزاع ، لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم؛ فيعلم بالاستقراء التام أن صورة النزاع لا بد فيها من الجمع أيضاً بين الحل والحرم"اهـ
فلابد على أهل مكة ومن كان فيها إذا أراد العمرة أن يخرج إلى أدنى الحل؛
وأدنى الحل من جهة الشمال التنعيم. وأدنى الحل من جهة الجنوب الحسينية. ومن جهة الشرق عرفة. ومن جهة الغرب الشميسي (الحديبية).
مثال آخر: أن يقال إن قول العامي ليس بمؤثر في الإجماع، والعبرة فيه بالعلماء، فإنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الصَّحَابَةِ عُلَمَاؤُهُمْ وَعَوَامُّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمُوَافَقَةِ الْعَامِّيِّ وَلَا بِمُخَالَفَتِهِ.
فإن قيل : أَنَّهُ دَعْوَى لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ!
فالجواب : دليل ذلك الاستقراء، فلا نعلم أن الخلفاء والعلماء من الصحابة استدعوا عامياً لأخذ رأيه في مسألة. وقصتهم مع ابن عباس لمّا أدخله عمر في أهل بدر مشهورة، وهي قاضية بأنه ماكانوا يرضون أخذ رأي إلا من عرف بالعلم وتميز فيه!
مثال آخر : أن يقال : استقراء الشريعة وأدلتها يدل على اعْتِبَار المآلات في الحكم .

______________________________________________
9-سد الذرائع:

من الأدلة المختلف فيها.
قال ابن تيمية رحمه الله: "وَالذَّرِيعَةُ مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ، لَكِنْ صَارَتْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةً عَمَّا أَفَضْت إلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ. وَلَوْ تَجَرَّدَتْ عَنْ ذَلِكَ الْإِفْضَاءِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَفْسَدَةٌ، وَلِهَذَا قِيلَ: الذَّرِيعَةُ الْفِعْلُ الَّذِي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَهُوَ وَسِيلَةٌ إلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمِ. أَمَّا إذَا أَفْضَتْ إلَى فَسَادٍ لَيْسَ هُوَ فِعْلًا كَإِفْضَاءِ شُرْبِ الْخَمْرِ إلَى السُّكْرِ وَإِفْضَاءِ الزِّنَا إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ أَوْ كَانَ الشَّيْءُ نَفْسُهُ فَسَادًا كَالْقَتْلِ وَالظُّلْمِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّا نَعْلَمُ إنَّمَا حُرِّمَتْ الْأَشْيَاءُ لِكَوْنِهَا فِي نَفْسِهَا فَسَادًا بِحَيْثُ تَكُونُ ضَرَرًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، أَوْ لِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى فَسَادٍ بِحَيْثُ تَكُونُ هِيَ فِي نَفْسِهَا فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَهِيَ مُفْضِيَةٌ إلَى ضَرَرٍ أَكْثَرَ مِنْهَا فَتَحْرُمُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ فِعْلَ مَحْظُورٍ سُمِّيَتْ ذَرِيعَةً وَإِلَّا سُمِّيَتْ سَبَبًا وَمُقْتَضِيًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَشْهُورَةِ.
ثُمَّ هَذِهِ الذَّرَائِعُ إذَا كَانَتْ تُفْضِي إلَى الْمُحَرَّمِ غَالِبَا فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا مُطْلَقًا.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَدْ تُفْضِي وَقَدْ لَا تُفْضِي لَكِنَّ الطَّبْعَ مُتَقَاضٍ لِإِفْضَائِهَا.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ إنَّمَا تُفْضِي أَحْيَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى هَذَا الْإِفْضَاءِ الْقَلِيلِ، وَإِلَّا حَرَّمَهَا أَيْضًا.
ثُمَّ هَذِهِ الذَّرَائِعُ مِنْهَا مَا يُفْضِي إلَى الْمَكْرُوهِ بِدُونِ قَصْدِ فَاعِلِهَا.
وَمِنْهَا مَا تَكُونُ إبَاحَتُهَا مُفْضِيَةً لِلتَّوَسُّلِ بِهَا إلَى الْمَحَارِمِ . ... ...
وَالْغَرَضُ هُنَا أَنَّ الذَّرَائِعَ حَرَّمَهَا الشَّارِعُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُحَرَّمَ خَشْيَةَ إفْضَائِهَا إلَى الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا قَصَدَ بِالشَّيْءِ نَفْسَ الْمُحَرَّمِ كَانَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الذَّرَائِعِ.
وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يَظْهَرُ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ فِي مَسَائِلِ الْعِينَةِ وَأَمْثَالِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْبَائِعُ الرِّبَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ يَغْلِبُ فِيهَا قَصْدُ الرِّبَا فَيَصِيرُ ذَرِيعَةً فَيَسُدُّ هَذَا الْبَابَ لِئَلَّا يَتَّخِذَهُ النَّاسُ ذَرِيعَةً إلَى الرِّبَا وَيَقُولُ الْقَائِلُ: لَمْ أَقْصِدْ بِهِ ذَلِكَ، وَلِئَلَّا يَدْعُو الْإِنْسَانُ فِعْلَهُ مَرَّةً إلَى أَنْ يَقْصِدَ مَرَّةً أُخْرَى، وَلِئَلَّا يَعْتَقِدَ أَنَّ جِنْسَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ حَلَالٌ وَلَا يُمَيِّزَ بَيْنَ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَلِئَلَّا يَفْعَلَهَا الْإِنْسَانُ مَعَ قَصْدٍ خَفِيٍّ يَخْفَى مِنْ نَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلِلشَّرِيعَةِ أَسْرَارٌ فِي سَدِّ الْفَسَادِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الشَّرِّ، لِعِلْمِ الشَّارِعِ مَا جُبِلتْ عَلَيْهِ النُّفُوسُ وَبِمَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ مِنْ خَفِيِّ هُدَاهَا الَّذِي لَا يَزَالُ يَسْرِي فِيهَا حَتَّى يَقُودَهَا إلَى الْهَلَكَةِ؛
فَمَنْ تَحَذْلَقَ عَلَى الشَّارِعِ وَاعْتَقَدَ فِي بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ لِعِلَّةِ كَذَا وَتِلْكَ الْعِلَّةُ مَقْصُودَةٌ فِيهِ فَاسْتَبَاحَهُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ فَهُوَ ظَلُومٌ لِنَفْسِهِ جَهُولٌ بِأَمْرِ رَبِّهِ وَهُوَ إنْ نَجَا مِنْ الْكُفْرِ لَمْ يَنْجُ غَالِبًا مِنْ بِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ قِلَّةِ فِقْهٍ فِي الدِّينِ وَعَدَمِ بَصِيرَةٍ"اهـ(الفتاوى الكبرى لابن تيمية 6/ 172- 174) باختصار).
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله (إعلام الموقعين 3/159): "باب سد الذرائع أحد أرباع التكليف فإنه أمر ونهى.
والأمر نوعان :
أحدهما : مقصود لنفسه .
والثاني : وسيلة إلى المقصود.
والنهي نوعان :
أحدهما : ما يكون المنهى عنه مفسدة في نفسه.
والثاني : ما يكون وسيلة إلى المفسدة؛
فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين"اهـ.
وقال : "لَمَّا كَانَتْ الْمَقَاصِدُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا إلَّا بِأَسْبَابٍ وَطُرُقٍ تُفْضِي إلَيْهَا كَانَتْ طُرُقُهَا وَأَسْبَابُهَا تَابِعَةً لَهَا مُعْتَبَرَةً بِهَا؛
فَوَسَائِلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَعَاصِي فِي كَرَاهَتِهَا وَالْمَنْعِ مِنْهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَاتِهَا وَارْتِبَاطَاتِهَا بِهَا .
وَوَسَائِلُ الطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ فِي مَحَبَّتِهَا وَالْإِذْنِ فِيهَا بِحَسَبِ إفْضَائِهَا إلَى غَايَتِهَا؛
فَوَسِيلَةُ الْمَقْصُودِ تَابِعَةٌ لِلْمَقْصُودِ ، وَكِلَاهُمَا مَقْصُودٌ ، لَكِنَّهُ مَقْصُودٌ قَصْدَ الْغَايَاتِ ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ قَصْدَ الْوَسَائِلِ؛
فَإِذَا حَرَّمَ الرَّبُّ تَعَالَى شَيْئًا وَلَهُ طُرُقٌ وَوَسَائِلُ تُفْضِي إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا وَيَمْنَعُ مِنْهَا ، تَحْقِيقًا لِتَحْرِيمِهِ ، وَتَثْبِيتًا لَهُ، وَمَنْعًا أَنْ يُقْرَبَ حِمَاهُ، وَلَوْ أَبَاحَ الْوَسَائِلَ وَالذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِلتَّحْرِيمِ، وَإِغْرَاءً لِلنُّفُوسِ بِهِ، وَحِكْمَتُهُ تَعَالَى وَعِلْمُهُ يَأْبَى ذَلِكَ كُلَّ الْإِبَاءِ. بَلْ سِيَاسَةُ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَأْبَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ إذَا مَنَعَ جُنْدَهُ أَوْ رَعِيَّتَهُ أَوْ أَهْلَ بَيْتِهِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمْ الطُّرُقَ وَالْأَسْبَابَ وَالذَّرَائِعَ الْمُوَصِّلَةَ إلَيْهِ لَعُدَّ مُتَنَاقِضًا، وَلَحَصَلَ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَجُنْدِهِ ضِدُّ مَقْصُودِهِ. وَكَذَلِكَ الْأَطِبَّاءُ إذَا أَرَادُوا حَسْمَ الدَّاءِ مَنَعُوا صَاحِبَهُ مِنْ الطُّرُقِ وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إلَيْهِ ، وَإِلَّا فَسَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَرُومُونَ إصْلَاحَهُ. فَمَا الظَّنُّ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي هِيَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَالْكَمَالِ؟
وَمَنْ تَأَمَّلَ مَصَادِرَهَا وَمَوَارِدَهَا؛ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ سَدَّ الذَّرَائِعَ الْمُفْضِيَةَ إلَى الْمَحَارِمِ بِأَنْ حَرَّمَهَا وَنَهَى عَنْهَا.
وَالذَّرِيعَةُ : مَا كَانَ وَسِيلَةً وَطَرِيقًا إلَى الشَّيْءِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيرِ هَذَا الْمَوْضِعِ قَبْلَ تَقْرِيرِهِ لِيَزُولَ الِالْتِبَاسُ فِيهِ ، فَنَقُولُ :
الْفِعْلُ أَوْ الْقَوْلُ الْمُفْضِي إلَى الْمَفْسَدَةِ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ وَضْعُهُ لِلْإِفْضَاءِ إلَيْهَا كَشُرْبِ الْمُسْكِرِ الْمُفْضِي إلَى مَفْسَدَةِ السُّكْرِ ، وَكَالْقُذُفِ الْمُفْضِي إلَى مَفْسَدَةِ الْفِرْيَةِ ، وَالزِّنَا الْمُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَفَسَادِ الْفِرَاشِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ فَهَذِهِ أَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ وُضِعَتْ مُفْضِيَةً لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَلَيْسَ لَهَا ظَاهِرٌ غَيْرُهَا.
وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً لِلْإِفْضَاءِ إلَى أَمْرٍ جَائِزٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ ، فَيُتَّخَذَ وَسِيلَةً إلَى الْمُحَرَّمِ إمَّا بِقَصْدِهِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ ؛
فَالْأَوَّلُ كَمَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ قَاصِدًا بِهِ التَّحْلِيلَ، أَوْ يَعْقِدُ الْبَيْعَ قَاصِدًا بِهِ الرِّبَا ، أَوْ يُخَالِعُ قَاصِدًا بِهِ الْحِنْثَ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي كَمَنْ يُصَلِّي تَطَوُّعًا بِغَيْرِ سَبَبٍ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، أَوْ يَسُبُّ أَرْبَابَ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، أَوْ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْ الْقَبْرِ لِلَّهِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
ثُمَّ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الذَّرَائِعِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَةُ الْفِعْلِ أَرْجَحَ مِنْ مَفْسَدَتِهِ.
وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ مَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَصْلَحَتِهِ.
فَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ :
الْأَوَّلُ : وَسِيلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْضَاءِ إلَى الْمَفْسَدَةِ.
الثَّانِي : وَسِيلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْمُبَاحِ قُصِدَ بِهَا التَّوَسُّلُ إلَى الْمَفْسَدَةِ .
الثَّالِثُ : وَسِيلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْمُبَاحِ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا التَّوَسُّلُ إلَى الْمَفْسَدَةِ لَكِنَّهَا مُفْضِيَةٌ إلَيْهَا غَالِبًا وَمَفْسَدَتُهَا أَرْجَحُ مِنْ مَصْلَحَتِهَا.
الرَّابِعُ : وَسِيلَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْمُبَاحِ وَقَدْ تُفْضِي إلَى الْمَفْسَدَةِ وَمَصْلَحَتُهَا أَرْجَحُ مِنْ مَفْسَدَتِهَا.
فَمِثَالُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَدْ تَقَدَّمَ .
وَمِثَالُ الثَّالِثِ الصَّلَاةُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَمَسَبَّةُ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ، وَتَزَيُّنُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
وَمِثَالُ الرَّابِعِ النَّظَرُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَالْمُسْتَامَةِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهَا وَمَنْ يَطَؤُهَا وَيُعَامِلُهَا، وَفِعْلُ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَكَلِمَةُ الْحَقِّ عِنْدَ ذِي سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَالشَّرِيعَةُ جَاءَتْ بِإِبَاحَةِ هَذَا الْقِسْمِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ أَوْ إيجَابِهِ بِحَسَبِ دَرَجَاتِهِ فِي الْمَصْلَحَةِ ، وَجَاءَتْ بِالْمَنْعِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَرَاهَةً أَوْ تَحْرِيمًا بِحَسَبِ دَرَجَاتِهِ فِي الْمَفْسَدَةِ ، بَقِيَ النَّظَرُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْوَسَطِ : هَلْ هُمَا مِمَّا جَاءَتْ الشَّرِيعَةُ بِإِبَاحَتِهِمَا أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُمَا ؟
فَنَقُولُ :
الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ وُجُوهٍ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : قَوْله تَعَالَى : ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى سَبَّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ - مَعَ كَوْنِ السَّبِّ غَيْظًا وَحَمِيَّةً لِلَّهِ وَإِهَانَةً لِآلِهَتِهِمْ - لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إلَى سَبِّهِمْ اللَّهَ تَعَالَى ، وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ تَرْكِ مَسَبَّتِهِ تَعَالَى أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ سَبِّنَا لِآلِهَتِهِمْ ، وَهَذَا كَالتَّنْبِيهِ بَلْ كَالتَّصْرِيحِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْجَائِزِ لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا فِي فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : قَوْله تَعَالَى : ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾، فَمَنَعَهُنَّ مِنْ الضَّرْبِ بِالْأَرْجُلِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي نَفْسِهِ لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا إلَى سَمْعِ الرِّجَالِ صَوْتَ الْخَلْخَالِ فَيُثِيرُ ذَلِكَ دَوَاعِيَ الشَّهْوَةِ مِنْهُمْ إلَيْهِنَّ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : قَوْله تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ﴾ الْآيَةَ - أَمَرَ تَعَالَى مَمَالِيكَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُمْ الْحُلُمَ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَكُونَ دُخُولُهُمْ هَجْمًا بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ فِيهَا ذَرِيعَةٌ إلَى اطِّلَاعِهِمْ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ وَقْتَ إلْقَاءِ ثِيَابِهِمْ عِنْدَ الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمِ وَالْيَقِظَةِ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ فِي تَرْكِهِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ لِنُدُورِهَا وَقِلَّةِ الْإِفْضَاءِ إلَيْهَا فَجُعِلَتْ كَالْمُقَدَّمَةِ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا اُنْظُرْنَا﴾ نَهَاهُمْ سُبْحَانَهُ أَنْ يَقُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ - مَعَ قَصْدِهِمْ بِهَا الْخَيْرَ - لِئَلَّا يَكُونَ قَوْلُهُمْ ذَرِيعَةً إلَى التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَخِطَابِهِمْ ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُخَاطِبُونَ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْصِدُونَ بِهَا السَّبَّ ، وَيَقْصِدُونَ فَاعِلًا مِنْ الرُّعُونَةِ ، فَنَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ قَوْلِهَا ؛ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُشَابَهَةِ ، وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ يَقُولَهَا الْيَهُودُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَبُّهًا بِالْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَ بِهَا غَيْرَ مَا يَقْصِدُهُ الْمُسْلِمُونَ .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ : قَوْله تَعَالَى لِكَلِيمِهِ مُوسَى وَأَخِيهِ هَارُونَ : ﴿اذْهَبَا إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ فَأَمَرَ تَعَالَى أَنْ يُلِينَا الْقَوْلَ لِأَعْظَمِ أَعْدَائِهِ وَأَشَدِّهِمْ كُفْرًا وَأَعْتَاهُمْ عَلَيْهِ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ إغْلَاظُ الْقَوْلِ لَهُ مَعَ أَنَّهُ حَقِيقٌ بِهِ ذَرِيعَةً إلَى تَنْفِيرِهِ وَعَدَمِ صَبْرِهِ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ ، فَنَهَاهُمَا عَنْ الْجَائِزِ لِئَلَّا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَكْرَهُ إلَيْهِ تَعَالَى .
الْوَجْه السَّادِسُ : أَنَّهُ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ فِي مَكَّةَ عَنْ الِانْتِصَارِ بِالْيَدِ ، وَأَمَرَهُمْ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ ؛ لِئَلَّا يَكُونَ انْتِصَارُهُمْ ذَرِيعَةً إلَى وُقُوعِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مَفْسَدَةً مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِغْضَاءِ وَاحْتِمَالِ الضَّيْمِ ، وَمَصْلَحَةُ حِفْظِ نُفُوسِهِمْ وَدِينِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ الِانْتِصَارِ وَالْمُقَابَلَةِ .
الْوَجْهُ السَّابِعُ : أَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْ الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى التَّشَاغُلِ بِالتِّجَارَةِ عَنْ حُضُورِهَا ."اهـ
... وتابع فذكر تسعاً وتسعين وجهاً يدل على سد الذرائع(أعلام الموقعين 3/135- 159)).
_____________________________________________

-10إجماع أهل المدينة:
من الأدلة المختلف فيها.
قال ابن تيمية رحمه الله: "وعندَ التَّحْقِيقُ هو على مراتب؛
مِنْهُ مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْهُ مَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْهُ مَا لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا بَعْضُهُمْ.
وَذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ:
الْأُولَى : مَا يَجْرِي مَجْرَى النَّقْلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مِثْلُ نَقْلِهِمْ لِمِقْدَارِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ؛ وَكَتَرْكِ صَدَقَةِ الْخَضْرَاوَاتِ وَالْأَحْبَاسِ فَهَذَا مِمَّا هُوَ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَأَصْحَابُهُمَا فَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ كَمَا هُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ. وَذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَوَّلُ مَنْ لُقِّبَ قَاضِي الْقُضَاةِ - لَمَّا اجْتَمَعَ بِمَالِكِ وَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأَجَابَهُ مَالِكٌ بِنَقْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُتَوَاتِرِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ: لَوْ رَأَى صَاحِبِي مِثْلَ مَا رَأَيْت لَرَجَعَ مِثْلَ مَا رَجَعْت. فَقَدْ نَقَلَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا النَّقْلِ حُجَّةٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا هُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ غَيْرِهِ لَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا النَّقْلُ كَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَلَمْ يَبْلُغْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَثِيرٌ مِنْ الْحَدِيثِ فَلَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُمْ عِلْمُهُ. وَكَانَ رُجُوعُ أَبِي يُوسُفَ إلَى هَذَا النَّقْلِ كَرُجُوعِهِ إلَى أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ اتَّبَعَهَا هُوَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ وَتَرَكَا قَوْلَ شَيْخِهِمَا؛ لِعِلْمِهِمَا بِأَنَّ شَيْخَهُمَا كَانَ يَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَيْضًا حُجَّةٌ إنْ صَحَّتْ لَكِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ. وَمَنْ ظَنَّ بِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُونَ مُخَالَفَةَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِقِيَاسِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ عَلَيْهِمْ وَتَكَلَّمَ إمَّا بِظَنِّ وَإِمَّا بِهَوَى.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ : الْعَمَلُ الْقَدِيمُ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عفان فَهَذَا حُجَّةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى: إذَا رَأَيْت قُدَمَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى شَيْءٍ فَلَا تَتَوَقَّفْ فِي قَلْبِك رَيْبًا أَنَّهُ الْحَقُّ. وَكَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد أَنَّ مَا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَهُوَ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَقَالَ أَحْمَد: كُلُّ بَيْعَةٍ كَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ فَهِيَ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ بَيْعَةُ عَلِيٍّ كانت بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْقَدْ بِالْمَدِينَةِ بَيْعَةٌ.والْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ حُجَّةٌ وَمَا يُعْلَمُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَمَلٌ قَدِيمٌ عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ : إذَا تَعَارَضَ فِي الْمَسْأَلَةِ دَلِيلَانِ كَحَدِيثَيْنِ وَقِيَاسَيْنِ جُهِلَ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ وَأَحَدُهُمَا يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ؛ فَفِيهِ نِزَاعٌ. فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُرَجِّحُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُرَجِّحُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلِأَصْحَابِ أَحْمَد وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ - أَنَّهُ لَا يُرَجِّحُ .
وَالثَّانِي - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ - أَنَّهُ يُرَجِّحُ بِهِ . قِيلَ: هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد. وَمِنْ كَلَامِهِ قَالَ: إذَا رَأَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا وَعَمِلُوا بِهِ فَهُوَ الْغَايَةُ. وَكَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَقْرِيرًا كَثِيرًا وَكَانَ يَدُلُّ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ،وَيَدُلُّ الْمُسْتَفْتِي عَلَى إسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَنَحْوِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَيَدُلُّهُ عَلَى حَلَقَةِ الْمَدَنِيِّينَ حَلَقَةِ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ وَنَحْوِهِ. وَأَبُو مُصْعَبٍ هُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مَاتَ بَعْدَ أَحْمَد بِسَنَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَحْمَد يَكْرَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ وَيَقُولُ: إنَّهُمْ اتَّبَعُوا الْآثَارَ. فَهَذِهِ مَذَاهِبُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ تُوَافِقُ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي التَّرْجِيحِ لِأَقْوَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ : فَهِيَ الْعَمَلُ الْمُتَأَخِّرُ بِالْمَدِينَةِ فَهَذَا هَلْ هُوَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا؟
فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ النَّاسِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ. هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَاضِلُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِهِ "أُصُولِ الْفِقْهِ" وَغَيْرُهُ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَرُبَّمَا جَعَلَهُ حُجَّةً بَعْضُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ لِلْأَئِمَّةِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ بَلْ هُمْ أَهْلُ تَقْلِيدٍ.
قُلْت (ابن تيمية) : وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ مَالِكٍ مَا يُوجِبُ جَعْلَ هَذَا حُجَّةً وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ إنَّمَا يَذْكُرُ الْأَصْلَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ يَحْكِي مَذْهَبَهُمْ.
وَتَارَةً يَقُولُ: الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا يَصِيرُ إلَى الْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ وَتَارَةً لَا يَذْكُرُ. وَلَوْ كَانَ مَالِكٌ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَأَخِّرَ حُجَّةٌ يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ اتِّبَاعُهَا وَإِنْ خَالَفَتْ النُّصُوصَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِذَلِكَ حَدَّ الْإِمْكَانِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ اتِّبَاعَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَعَارُضَ فِيهَا وَبِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ عَرَضَ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مُوَطَّئِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّقُوا فِي الْأَمْصَارِ وَإِنَّمَا جَمَعْت عِلْمَ أَهْلِ بَلَدِي أَوْ كَمَا قَالَ.
وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَفَاوَتَ فِيهِ مَذَاهِبُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَصَحُّ أَقْوَالِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ رِوَايَةً وَرَأْيًا.
وَأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ حُجَّةً قَاطِعَةً .
وَتَارَةً حُجَّةً قَوِيَّةً .
وَتَارَةً مُرَجِّحًا لِلدَّلِيلِ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ لِشَيْءِ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيمَا يَعْمَلُونَ: إمَّا أَنْ يَكُونَ سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَضَايَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَيُقَالُ: إنَّ مَالِكًا أَخَذَ جُلَّ الْمُوَطَّأِ عَنْ رَبِيعَةَ وَرَبِيعَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ؛ وَعُمَرُ مُحَدَّثٌ. وَكَانَ عُمَرُ يُشَاوِرُ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ: كَعُثْمَانِ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ؛ وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ وَهُمْ أَهْلُ الشُّورَى؛ وَلِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: اُنْظُرُوا مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُشَاوَرُ"اهـ(مجموع الفتاوى (20/303 - 311)، باختصار وتصرف
.)
_____________________________________________
11-إجماع أهل الكوفة:

من الأدلة المختلف فيها.
وذلك لأن علياً رضي الله عنه وجَمْعاً كثيراً من الصحابة والعلماء كانوا بها فكان ذلك دليلاً على أن الحق لا يفوتهم .
وفيه نظر؛ لأن هؤلاء بعض الأمة، والحديث : "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
ولا فرق بين إجماع أهل الكوفة وإجماع أهل البصرة وإجماع أهل الفسطاط في هذا، لأنها كلها بلاد نزلها جماعات من الصحابة.
فيتحرر أنه ليس بدليل ولا حجة.
____________________
بكذا تكلمنا على الأدلة المختلف فيها:
قول الصحابي .
وشرع من قبلنا .
والاستصحاب.
والمصالح المرسلة.
والعرف .
والاستحسان.
إجماع أهل المدينة.
إجماع أهل الكوفة.
سد الذرائع.
أقل ما قيل.
الاستقراء.
والله الموفق.
ملحوظة : اجمعها كلها في ملف صغير ستشكل بإذن الله ملزمة صغيرة في الأدلة المختلف فيها.




المصدر:


حساب الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله على الفايس بوك


التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 23 Sep 2014 الساعة 11:08 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 Sep 2014, 12:17 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرًا أبا عبد الرَّحمن على حرصك على الفائدة والإفادة.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 Sep 2014, 06:01 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

و أنتم أباالبراء

جزاكم الله خيرا على تشجيعكم و تحفيزكم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 Sep 2014, 12:16 PM
خالد العايب خالد العايب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجزائر/المسيلة
المشاركات: 77
افتراضي

بارك الله فيك أخي عبد الله على هذا الجمع المبارك
وأسأل الله أن يبارك في الشيخ محمد ويديم عليه صحته
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 Sep 2014, 12:19 PM
مهدي بن صالح البجائي مهدي بن صالح البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
المشاركات: 591
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي عبد الله، جهد طيب، نفع الله بك إخوانك.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27 Sep 2014, 03:53 AM
أبو عبد الحي محمد أمين الجزائري أبو عبد الحي محمد أمين الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 19
افتراضي

جزاك الله حيرا ... جفظ الله مشائخ السنة و ثبتهم على منهج السلف الصالح
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02 Oct 2014, 09:18 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا واحسن الله إليك أخي عبد الله بادي .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02 Oct 2014, 10:41 AM
أسامة العابد أسامة العابد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 159
افتراضي شكر

جزاك الله خيرا ابا عبد الرحمن
نقل طيب
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12 Oct 2014, 04:34 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي



وهذا رابط للموضوع بصيغة PDF

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أدلة, محمدبازمول, أصول, فقه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013