قول أم مريم (وليس الذكر كالأنثى ) الأقرب فيه حمل الألف واللام على العهد , فقد عرفت الأنثى من هي , وكذا الذكر المنفي , ومما يؤكد ذلك أن نفي المشابهة بين الجنسين معلوم فجنس الذكر مختلف عن جنس الأنثى , ولكن ما الفائدة من تقرير هذا الشيء في هذا الموطن ؟
ومقصودها أن تقول ليس الذكر الذي أردته في نفسي ورجوته قبل ولادتي كهاته الأنثى التي اختارها ربي , و الذي اختاره الله تعالى هو الأفضل و الأحكم لأنه هو الأعلم , وفي كلامها هذا غاية التسليم لقضاء الله وتقديم اختياره على اختيارها
قال ابن حيان الأندلسي في تفسيره "3-117"
((وَلَكِنْ خَاطَبَتْ نَفْسَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّسْلِيَةِ عَنِ الذَّكَرِ، وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَسَابِقَ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ التَّحَسُّرِ وَالتَّحَذُّرِ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنَ الْمَقْصِدِ، إِذْ مُرَادُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ، وَلَيْسَ الذَّكَرُ الَّذِي طَلَبْتُهُ وَرَجَوْتُهُ مِثْلَ الْأُنْثَى الَّتِي عَلِمَهَا وَأَرَادَهَا وَقَضَى بِهَا. وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأُنْثَى تَكُونُ خَيْرًا مِنَ الذَّكَرِ، إِذْ أَرَادَهَا اللَّهُ، سَلَّتْ بِذَلِكَ نَفْسَهَا.
وَتَكُونُ: الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي: الذَّكَرُ، لِلْعَهْدِ فَيَكُونُ مَقْصُودُهَا تَرْجِيحَ هَذِهِ الْأُنْثَى الَّتِي هِيَ مَوْهُوبَةُ اللَّهِ عَلَى مَا كَانَ قَدْ رَجَتْ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ ذَكَرًا، ) انتهى
ثم ذكر الاحتمال الثاني
|