وقفت على بحث بعنوان أصول التصحيح والتضعيف لـ: د. عبد الغني بن أحمد جبر مزهر
نشر بمجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد العدد 41 سنة 1414هـ
أنقله للفائدة....
قال تحت عنوان:
تصحيح المعنى:
من الأمور الشائعة تصحيح معنى الحديث مع كونه واهيا أو لا أصل له، ولا يعرف له سند، فيقولون أحيانا: حديث ضعيف لكن معناه صحيح، أو حديث موضوع لكن معناه صحيح، أو يشهد لمعناه كذا ونحو هذا (1) وهذا التصحيح للمعنى غلط من وجوه:
الأول: أننا لسنا في حاجة إلى هذا الحديث الموضوع أو الضعيف جدا أو الضعيف إذا كان ثم ما يغنينا عنه من الأحاديث الصحيحة. فإذا كان المتن ثابتا من وجه آخر فلا بد من البيان فنقول متن مشهور وإسناد ضعيف أو ضعيف جدا، فنفصل الكلام في ذلك ونوضحه (2) .
الثاني: أن قولهم: حديث ضعيف، أو حديث موضوع لكن معناه صحيح غلط ظاهر، لأن الحكم على الحديث هنا حكم على إسناده ومتنه، فكيف يحكم عليه بمجموع الأمرين بالوضيع، ثم يحكم على المتن بالصحة، فهل يكون موضوعا صحيحا، أو ضعيفا صحيحا في آن معا؟
الثالث: أن هذا القول فتح باب التساهل في رواية الأحاديث الواهية والموضوعة، وتناقلها وتداولها بين العامة، وبين طلبة العلم مع نوع من التأييد لها بحجة صحة معناها، وإذا كان المعنى صحيحا فهذا يعني التساهل والتسامح في ذكر الألفاظ المشتملة على المعنى الصحيح، ولقد جر هذا بلاء وفتنة (3) .
الرابع: أنه غالبا ما يكون هناك فرق دقيق في المعنى بين ما اشتمل عليه الحديث الموضوع، أو الحديث الواهي وبين ما اشتمل عليه الحديث الصحيح، ولكن للاغترار بهذا القول، أغفل هذا الفرق أو ظن أنه غير مؤثر في المعنى تأثيرا ذا أهمية، ولعمري أي فرق أجل مما بين ما نطق به الوحي، وبين ما قاله المتقولون والواهمون.
الخامس: هذا القول لا يعلم له مستند من دليل، والقول البديل عنه أن يقال: هذا حديث موضوع، أو باطل، أو واه، ويغني عنه الحديث الصحيح وهو كذا وكذا.
السادس: لسنا ملزمين بأن نقيم نسبا بين كل قول جميل، أو حكمة، أو مثل، وبين الوحي، وكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنثبت أنه أفصح الناس وأحكمهم، فإن هذه الحقيقة أنصع من أن تحتاج إلى مثل هذا الإثبات، وكأننا حين نفعل ذلك نكافئ الكذاب، أو المبتدع أو المخطئ بالعناء الذي نبذله لتمرير عمله.
__________
(1) انظر مثلا: جامع بيان العلم (1 \ 9) الفتاوى للنووي (179) .
(2) انظر مثلا شعب الإيمان للبيهقي (1 \ 298 \ 1) .
(3) انظر الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم (1 \ 120) .