منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 28 May 2017, 11:30 PM
عبد الباسط لهويمل عبد الباسط لهويمل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 96
افتراضي في حلقة الشيخ المربي ابن باديس –رحمه الله تعالى


تأملات وخواطر في منهج الشيخ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله تعالى في التفسير

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمابعد:

عباد الله الصالحون يذّكرون الخلق بالخالق بأقوالهم وأعمالهم وسمتهم [الآثار جــ1/125]
لقد اطلعت على آثار العلامة المجاهد –علما وعملا وخلقا وسمتا- وشيخ الإسلام في بلاد الغـرب الإسلامـي في القـرن الخـالي عبد الحميد بن باديس الجزائري ، فوقفتُ على شخصية ربانية ، فازت من المكارم والفضائل بالقدح المعلّى ، شخصية فذة قل نظيـرها في خاصة الناس وعامتهـم ، فقد رأيت قامة علمية وأخلاقية ، هذا الرجل قد وهبه الله من فضائله ونعمه ما يغبط عليه من وفرة العلم ، ودقة الفهم ونباهة الملاحظة ، والعمل بمقتضـى الإيمان والعلم ، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والقدوة الماثلة ، والصبـر على الأذى فيه ، مقتديا بالسلف الصالحيـن ، والقرون الثلاثة الخيـّرة .
ولا أقول إني قد أحطت علما بهذه الشخصية المهمة ، إنما هي محاولة رصد الفكر الباديسـي ، أو الرؤية الباديسية للإصلاح الفردي والجماعي من خلال القرآن ،وإن كان هذا الرصد لموارد الشيخ –رحمه الله تعالى- العقلية ومصادره النقلية ليس بالمرتقـى السهل ، فهو يستدعي خبيـرا قد استقرأ كل ما كتبه الشيخ من الآثار ، وجمع بين المتماثلات وألف بينها ، لكي تكتمل الصورة تامة كاملة ، ومن بعدُ يكون الحكم أشبهَ بالصواب وأقرب للأصل ، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره .
وقد استجليت هذه الفكرة من النزر اليسيـر الذي اطلعتُ عليه من آثاره وبخاصة الجزء الأول والثانـي الذي اشتمل على التفسيـر فألفيتنـي أمام عالم رباني ومصلح إجتماعي ، قد أدرك حقيقة النوازل الواقعة ومواضعها في الأمة والحلول اللازمة لرفعها ، والجهد الواجب بذله في ذلك ، فأنبـرى مبلغا ومبشرا ومنذرا مقتديا بمنهج الأنبياء والمرسليـن والصالحين من بعدهم .
فكان التذكيـر لهذه الأمة بعهدها وميثاقها وسالف أخبارها ، وذلك بالتوحيد والذكر والأخذ بالأسباب الرافعة للجهل والتخلف المحققة للعلم والعمران .
وتجده يقول [جـ1/127]:
فالقرآن وبيانه القولي والعملي من سنة النبـي صلى الله عليه وسلم بهما يكون تذكيـر العباد ودعوتهم لله رب العالمين ومن حاد في التذكيـر عنها ضلَّ وأضلَّ ، وكان ما يضرُّ أكثر مما ينفع إن كان هنالك من نفع ."أهـ
ويقول أيضا [جـ1/128] :
"وحاجة العباد للتذكيـر ومنزلته من الدين شرعه الله للمسلمين شرعا مؤقتا في خطب الجمع والأعياد ، وشرعا مرسلا موكولا للمذّكِرين على ما يرونه من نشاط الناس وحاجتهم ، كما كان يتخوّل النبي صلى الله عليه وآله وسلم- النّاس بالموعظة ، وطلبه ( الله تبارك وتعالى) طلبا عاما من جميع المؤمنين في قوله تعالى " وتواصوا بالحق ، وتواصوا بالصبـر " في صفة المؤمنين العاملين "أهـ
وكان أساس ذلك التذكيـر ، أو مجالس التذكيـر التـي كان يعقدها للتفسيـر ، مؤسسا على كلمة الإخلاص ، وهي التوحيد المطلق لله تبارك وتعالى ، وطرح ما يضاد تلك الكلمة الطيبة .
يقول [جـ1/216] عن التوحيد:
" هذا هو الأساس الدين كله وهو الأصل الذي لا يكون النجاة ولا تتقبل الأعمال إلا به وما أرسل الله رسولا إلا داعيا إليه ومذكراً بحججه ، وقد كانت أفضل كلمة قالها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هي كلمة ( لا إله إلا الله ) وهي كلمته الصريحة فيه ، ولا تكاد سورة من سور القرآن تخلو من ذكره ، والأمر به ، والنهي عن ضده "أهـ
وسعى في تلكم المجالس التذكيـرية ، لربط الناس بالقرآن والسُّنة بما أنها مفسرة لكتاب الله تعالى ، وإعلامهم أن تغيـر ما يعايشونه من الذل والجهل والقهر إنما بالإعتصام بالكتاب والسنة فهما الحبلُ المتيـن لخيــري الدُنيا والآخرة ، ويرشدهم إلى ما ينبغـي أن يكون عليه الناس أفرادا وجماعات ، في عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم ، ولا يكون ذلك إلا بالوحييـن ، ولا بد للذكر المبارك من محلِّ مُبـرّإ من الدخن والزغل والرين ، يقول في هذا الشـأن [جـ1/232]
"صلاح القلب بمعنى النفس بالعقائد الحقة والأخلاق الفاضلة وإنما يكونان بصحة العلم وصحة الإرادة فإذا صلحت النفس هذا الصلاح صلُح البدن كله بجريان الأعضاء كلها في الأعمال المستقيمة ، وإذا فسدت النفس من ناحية العقد أو ناحية الخلق ، أو ناحية العلم ، أو ناحية الإرادة فسد الدين وجرت أعمال الجوارح على غير وجه السداد ، فصلاح النفس هو صلاح الفرد ، وصلاح الفرد هو صلاح المجموع ، والعناية الشرعية متوجهة كلها إلى إصلاح النفوس ، إما مباشرة ـ وإما بواسطة فما من شيء مما شرعه الله تعالى لعباده من الحق ، والخيـر ، والعدل ، والإحسان ،إلا وهو راجع عليها بالصلاح ، وما من شــىء نهى الله عنه من الباطل والشر والظلم والسوء إلا وهو عائد عليها بالفساد " أهـ
وقد يُستنبط من هذا الكلام الرائع منهج الشيـخ في إصلاح القلوب ، بصحة العلم ، فإن العلم المستقيم ، وهو علم التوحيد الإلهـي هو دواءٌ للنفوس والقلوب ، فيورث القلب طمأنينة وسكينة وخشية وينصح ما فيه من الشوائب والدخن ، وهذه هي التخلية والتحلية بحذافيـرها ، على خلاف علم الكلام من المتصوفة والمتفلسفة والأشعرية ، فإنه كلام مبهم مستشكل فضلا على ما يورثه من الشك و الحزن ، والهم ، فإنه على غيـر رسوم الأنبياء والصالحين في تقرير العقائد وتحقيق العبادات ، فهم استغنوا بعقولهم القاصرة عن الآيات والسنن الباهرة ، وجعلوا ما ابتدعوه في باب العقائد أصولا يجب أن يحمل عليها كلام الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، فظهرت زلتهم وخلّتهم المشينة في غالب أبواب العلم ، مثل أبواب التفسيـر ، وأصول الفقه ، فضلا على ما خاضوا فيه من المسائل المحدثة و تابعوا فيها ضُلال المتفلسفة أو المعتـزلة . وصحة العلم ما كان من القرآن والسنة مفسرة لكتاب الله تعالى فهي متضمنة في الدعوة إليه يقول الشيخ رحمه الله تعالى [جـ1/198]
" فكل ما يحتاج إليه العباد لتحصيل السعادتين من عقائد الحق وأخلاق الصدق ، وأحكام العدل ، ووجوه الإحساتن ، كل هذا فُصل في القرآن تفصيلا ، كل فصل على غاية البيان والإحكام ، وهذا دعاء وترغيب للخلق أن يطلبوا ذلك كله من القرآن الذي يهدي للتـي هي أقوم في العلم ، والعمل ، ويأخذوا منه ، ويهتدوا به ، فهو الغاية التي ما وراءها غاية في الهدى والبيان " ـأهـ
وصحة العلم تستوجب صلاح المعلم ، وصلاح المعلم إلا بالطريقة النبوية يقول في ذلك :" ولن يصلح المسلمون حتـى يصلح علماؤهم فإنما العلماء من الأمة بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله "أهـ
وصلاح التعليم لن يكون إلا بالرجوع للتعليم النبوي في شكله وموضوعه وفي مادته وصورته [ينظر3/217]
وصحة الإرادة عامل مضارع لصحة العلم بل هو شرط حقيقي لحصول الصلاح القلبـي والنفسـي للعبد، فإن صحة العلم وحدها لا تكفـي لصلاح النفس والقلب ، بل يتبعها أو يلازمها صحة الإرادة ،كما أن صحة الدواء لا تنفع إذا كانت إرادة المريض تدفعها وتجانبها، فكذلك صحة العلم إذا قابلت إٍرادة دافعة لها أو فاسدة فإن وقوع النفع منعدم أو ناقص ، فإذا التقى صحة العلم وصحة الإرادة وقع النفع بإذن الله تعالى ، واستجلت النفس ما كان خافيا عنها من السعادة والسلامة .
وهذا ما عهد إليه الشيخ –رحمه الله تعالى- فكان يسعى للإصلاح القلبـي والنفسـي للفرد المسلم ، وذاك بمقتضـى الشريعة فإن كمال النفوس هو أعظم مقصود من إنزال الكتب وإرسال الرسل ، وكمال النفوس لا يتم إلا بالتوحيد الخالص من الشرك ، والمتابعة التامة الخالصة من البدع ، يقول الشيخ –رحمه الله تعالى-:[جـ1/232]
" فتكميل النفس الإنسانية هو أعظم المقصود من إنزال الكتب وإرسال الرسل وشرع الشرائع "أهـ
كما كان من صميم دعوته المباركة أن يرد أباطيل أهل الشرك والبدع عندما يلبّسون على العامة أو يلتبس عليهم الأمر في مسائل التوحيد نبذ الشرك ، فكان يقرر ذلك في مجالسه التذكيـرية [جـ2/163] قائلا :
" وقد أوصل الجهل بكتاب الله بعض أدعياء العلم إلى أن جعلوا الدعوة إلى توحيد الله ونبذ ضروب الشرك طريقة خاصة بإبن تيمية على معنى أنها بدعة حصلت بعد إنعقاد الإجماع ، فمن سلك هذه الطريقة فقد عرض دينه للخطر ، ولو نظروا في كتاب الله وتأملوه لوجدوا جلّ أياته دعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك ، وإذا ذكرت لهم هذا قالوا : تلك أيات نزلت في مشركي مكة فكيف تطبقونها على من يشهد الشهادتين ، وهذا نوع آخر من جهالاتهم وتلبيس إبليس عليهم فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " أهـ
فلما كانت دعوته الإصلاحية قائمة على تقرير الشرائع عقدا وأخلاقا وعملا ، وطرح الشركيات والبدع والأهـواء ، فكان بقدر ما كان يدعو الناس لمكارم الأخلاق وفضائل الاعمال وحقائق العقائد كان ينذرهم من أضداد كل ذلك مما أحدث في الدين وألزق به بدعوى الإستحسان ، والجواز ، والعوائد . فكان يعظم خطر تلكم المحدثات الضالة لأنها تفرق الجماعة وتشتت الجهود ، وتنتج الفساد وترسخ الذلّ والصغار ، وكل ذلك عوائق في مهيع التوحيد والتمكين . وفي ذلك يقول الشيخ –رحمه الله تعالى :
" رأينا واجبا علينا أن نقوم بالدعوة العامة إلى الإسلام الخالص والعلم الصحيح إلى الكتاب والسنة وهدى صالح سلف الأمة وطرح البدع والضلالات ومفاسد العادات " أهـ
يتبع إن شاء الله تعالى


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الباسط لهويمل ; 29 May 2017 الساعة 12:45 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متميز, ابن باديس

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013