الحمد لله وبعد: فقد وقفت على مقال نُشر في جريدة الشروق الجزائرية بتاريخ:
«10/08/2024» تحت عنوان:
«الفتنة المدخلية وثُلث قرن من الكيد والمكر» كتبه سلطان بركاني وهو كاتب صحفي اشتُهر بخصوماته مع السلفيين وتحامله عليهم، وبعدما تأملت في سطور مكتوبه خلصت إلى نتيجة مهولة فهمت منها بأن الكاتب قصد تشويه شريحة كبيرة من الشعب الجزائري حيث رماهم بعظائم يكفي منها رميهم بالعمالة لليهود وكفى بها جريمة نكراء يعرف شرها وخطرها الجزائريون حكومة وشعبا، وبعد قراءة مقالي هذا سيقف القارئ المنصف على تدليس الكاتب وتلبيسه وسيفهم من خلال هذه التعليقات حقيقة من يقال عنهم اليوم
«مداخلة» فلماذا كتب عنهم الكاتب وما غرضه من ذلك ومن هم وما حقيقتهم سيعرف القارئ الإجابات عن هذه الأسئلة بعد نهاية المقال.
وعليه: فدونكم تعليقات موجزة على كلمات سلطان بركاني التي سطرها بذهن مشوش وقلب يغلي عاطفة ونفس متحاملة على المتكلم فيهم، وأيّ كتاب أو خطاب اجتمعت فيه هذه الآفات فلا تنتظر أن تجد فيه علما محققا أو خبرا مدققا، وإنما ستسمع بأذنك للمقالة وهي تنوح نوح الثكالى وتشتكي شكوى المحموم وهو حال كل من أطلق العنان لعواطفه ولم يلتزم بأدب الكتابة وقواعد الإنصاف، ومجرد قراءة هذه الحلقة دون النظر في تعليقاتي تؤكد هذا الواقع! وليعذرني القارئ حين أتحدّاه وأطالبه بأن يخرج لي من حلقة سلطان الأولى علما نافعا أو خبرا مفيدا موثقا! ولولا أنّه جعل مكتوبه سلسلة ورقم حلقته الأولى ما كنت لأكتب نصف كلمة عن نحيبه الذي حقه علينا فيه التعزية والدعوة إلى الصبر! فالحاصل: أن تعليقي في هذه الحلقة هو مقدمة وتمهيد لما هو قادم من أجوبتي عن باقي حلقاته.
وأنبه إلى أمرين مهمّين:
الأول: قد يقول قائل: ما بالك تدافع عن المداخلة فهل أنت منهم؟!
وجوابه: لست من هذه الطائفة الوهمية لكن الذي فهمته من كاتب المقالة وغيره أنني مقصود ضمنا فأنا على تعريفهم منهم فأنا محبّ للعلامة الوالد ربيع المدخلي –حفظه الله- وأفتخر بهذا ولا أكتمه بل أتشرف بالدفاع عن هذا الإمام وفاء له فهو صاحب الأيادي البيضاء على الأمّة لاسيما في بلادنا الجزائر!
الثاني: بيان موقفي الإسلامي وهو موقف نابع عن قناعة وديانة فأنا مع إخواني الفلسطينيين ومع أهل غزة تحديدا وأسأل الله وأدعوه في سجودي بأن يدكّ معاقل اليهود وأن يذل النتن ياهو وبطانته وأن يرينا فيه عجائب قدرته، وكوني سلفي جزائري لا غرابة أن أقف مع دولتي وجيشي ضد الكيان الغاشم وأؤيد سياستها في هذه القضية العادلة البعيدة عن العاطفة والتهور! فولاة الأمور عندنا لم يكونوا مداخلة عندما عالجوا القضية عن طريق الحوار ولم يعلنوا الجهاد والنفير وهو ما يدفع ويكشف افتراءات القوم ومنهم كاتبنا سلطان! أقول هذا حتى لا يتيه القارئ في سطور هذا الرد فأنا لم أفكر في الخوض في قضية غزة ولا الحسم فيها بل ناقشت الكاتب في جزئيات بغرض التصحيح ودفع التحريف اضطرارا لا اختيارا، أسأل الله أن يلهمني رشدي وأن يفتح قلب سلطان لقبول الحق.
قال سلطان بركاني: «ما كنّا نتوقّع، ولا كان أشدّ المسلمين تشاؤما يتوقّع أن يتشفّى مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله، بمقتل مسلم مجاهد حافظ لكتاب الله، على يد كافر يهودي صهيوني محتلّ هو أشدّ النّاس عداوة للذين آمنوا».
قلت أوّلا: ابتداء من هذه الفقرة وإلى أن تنتهي مناقشة مقالاتك كلها اليوم وغدا، سأبقى أذكرك وأطالبك بأن تثبت بأن هذه الحسابات التي تنقل عنها وتنتقد منشوراتها هي حسابات يديرها سلفيون ممن تصفهم بالمداخلة! فكثير منها كما تعلم أسماء مستعارة لا يعرف من يختفي وراءها وقد رأيتك في حسابك على الفيس بوك قبل يومين قد صورت منشورا وانتقدته واسم الحساب الذي نقلت عنه هو:
«الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة»! وقبله نقلت عن حساب
«السنة والتوحيد» وقبله
«صحبة الكرام ترفع المقام» وهذه نماذج فقط من طريقتك الغريبة في الاهتمام بالحسابات المجهولة وترك أقوال المشايخ والعلماء والدكاترة ممن هم في عداد خصومك! نعم صعُب عليك أن تجد شيئا من أقوالهم لأنهم بخلاف ما تصف وتتهم فهم أبعد الناس عن الخوض في قضية غزة والنيل والطعن في حماس في هذا الظرف فلم تجد حيلة إلا انتقاد المجاهيل ومن هم في أحسن أحوالهم شباب مندفع يكتب في الفيس بوك أو كاتب معروف له رأي في القضية كان ينبغي عليك مناقشته بهدوء ونصحه بروية ومجادلته بالحجة لاسيما وقد واجهك بنصوص وآثار! وحتى من اشتهر من الدعاة بالخوض في القضية ممن يلبس عمامة أو خمار ويخرج في مقاطع مقززة فقد لاحظتك بأنك لا تهتم بهم بعدما أيقنت بأن كثيرا منهم لا علاقة له بالشيخ ربيع بل فيهم من حذر منهم الشيخ! ولعل هذا من إنصافك النادر! فاترك هذه الطريقة الخاطئة في النقد يا سلطان فما من طائفة إلا وفيها المندفع وليس كل كلام أو موقف صادر من تابع يحق لنا أن ننسبه إلى المتبوع فكيف وقد ثبت عندنا أن المتبوع ينكره! جاء في «العقود الدريّة» لابن عبد الهادي رحمه الله «صفحة:224» أنا جماعة من محبي شيخ الإسلام رحمه الله انتفضوا نصرة للشيخ فقالوا له:
«نحن نذهب إلى بيوت هؤلاء الذين آذوك فنقتلهم ونخرب دورهم فإنهم شوشوا على الخلق وأثاروا هذه الفتنة على الناس، فقال لهم: هذا ما يحلّ».
قلت: سبحان ربي! لو كان هؤلاء الأتباع في عصرنا هذا وفعلوا ما فعلوا حتى بعد إنكار شيخ الإسلام لرأيت ربما سلطان بركاني كاتبا عنهم في الشروق واصفا لهم بالتيميين متهما شيخ الإسلام بتحريضهم! قلت: ربما.
وأفتح قوسا هنا وأغلقه سريعا: هل هيجان محبي ابن تيمية وعزمهم على القتل والتخريب دليل على توجه شيخ الإسلام وأنه هو من علمهم وجرّأهم كما تقولون اليوم عن الشيخ الإمام ربيع؟! أجيبوا؟!
ثانيا: لم تتوقّع يا سلطان هذا التشفّي لأنك غير متمرّس في ساحة الدعوة وليس عندك اهتمام كبير بتاريخها.
وإلا أخبرني: ألم يبلغك خبر من يشهد ألا إله إلا الله ويدعي الإسلام ويقوم بصلاته وصيامه وهو مجنّد في صفوف الجيش الصهيوني؟! ألم تشاهد قيادة الصهاينة عليها لعائن الله وعلى رأسهم النتن ياهو كيف قدموا العزاء في زيارة رسمية لعائلة وعشيرة ظاهرها الإسلام والعروبة بعد هلاك ابنها مقتولا ذليلا في أرض غزة الأبيّة؟! يا سلطان ألم تقرأ وتسمع وتشاهد من قبل خيانات فلسطينية من قلب غزة والضفة وجواسيس ومخبرين استُعملوا في الإيقاع بالمسلمين هنالك؟! يا سلطاني افهم -رحمك الله- وهدّئ من روعك فمن يشارك الصهيوني في حمل السلاح ويباشر معه القتل بنفسه ويدلّ اليهودي على مواقع المسلمين بلا شك سيهون عنده التشفي الذي تتحدّث عنه!
قال سلطان بركاني: «والمصيبة الأكبر أنّ هذا المسلم الذي يشمت باستشهاد المسلم على يد الصهيونيّ، يقول إنّه يتّبع السنّة والدّليل ونهج السّلف! فأيّ فتنة هذه التي أصابت بعض شباب الأمّة؟ وأيّ وباء هذا ابتلوا به حتّى نسوا قول الله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض} ونسوا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ"؟!».
قلت: بما تقدم وبما هو قادم ومن مجموع أقوالك في هذا الباب منذ أكثر من عشر سنوات لا أدري كيف تحكمون على هؤلاء بالإسلام وتأتي وتقول:
«هذا المسلم..» وهو تناقض مفضوح! فكيف يكون
«الصناعة اليهودية» مسلما؟! وبأي فقه ومنطق وعقل تصرون على إلصاق العملاء بالإسلام؟! فأرجو أن تختاروا مسلكا واضحا في القضية وتوضحوا لمن هو مخدوع بكم وتشرحوا له هل من تتحدثون عنهم من جملة المسلمين أم من جملة الصهاينة؟ وإذا كانوا مسلمين هل يحكم بردتهم أم هم جهلة يناصحون وينكر عليهم فعلهم وتبقى أخوة الإسلام وهل هم في مرتبة واحدة أم هم مراتب ينبغي التفصيل فيها حتى نعطي كل صنف منهم حقه من الحكم والعقوبة؟! وأسئلة كثيرة.
فيا أخي سلطان: ما هكذا يكون الطرح العلمي! مع أنني أميل إلى أنك تعتقد إسلامهم ودليله قولك:
«فأيّ فتنة هذه التي أصابت بعض شباب الأمّة؟»! فبعض شباب الأمة هم إخوانك في الدين لا يليق بك وأنت الهادئ المعتدل صاحب الوسطية كما تدعي بأقوالك وفعالك أن تضحي بإخوانك بل الواجب أن تصبر على دعوتهم وإرشادهم لا أن تضمهم في خانة
«عملاء الصهاينة» وما أشده من حكم وما أقساها من عقوبة! وهو تصرف ينافي معاني النصوص التي سقتها في بيان فضيلة الأخوة وفريضة الولاء!
وهنا أنصحك: عندما تجهز لوحة جهازك للكتابة في موضوع نقد الطوائف والفرق حدّد أولا من هو المستهدف بمقالك هل هم القادة والمتبوعين أم الأتباع والمخدوعين؟! لأنّ تحديد هدف الكتابة سيجفف في قلبك ينبوع العاطفة ويقتلع من نفسك ضريع الميل، وستجد نفسك هادئا في طرحك! فإما أن يَستهدف مقالك القادة والرؤوس فهنا ينبغي أن تتكلم بأدب وعدل حتى لا تُنفّر بعض شباب الأمة ممن تكلمت عنهم كما نفرت أنت عندما تكلموا في شيوخك، وإمّا أن يستهدف المقال الشباب المخدوع وهنا كذلك يجب أن تخاطبهم بلين ورفق حتى يفهموا عنك وفي كل الأحوال يتأكد عليك أن تتكلم بالدليل والحجة وتشرح المسائل وتبتعد عن التهويل والإلغاز.
قال سلطان بركاني: «أيّ دليل وأيّ سلف هذا الذي يجعل مسلما يرتاح لمقتل أخ مسلم على يد كافر محارب؟ هذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ في الأمّة من يعبث بكتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويلوي أعناق النّصوص ويستعملها في غير مظانّها، ويزوّر منهج السّلف ويأخذ منه ما يريد ويترك ما يريد، ليوصل بعض شباب الأمّة إلى هذا الذي وصلوا إليه».
قلت: في قادم الحلقات التي أرجو من صميم القلب أن تكف عنها حتى لا تبتعد أكثر في طريق الضياع وهذا هو المتوقع لأن المقدمة هي عنوان الخاتمة! أرجو أن تكتب في بيان شبه هؤلاء الشباب بما أنهم ذكروا نصوصا وآثارا، وعليك أن تأخذ تلك الآثار واحدا واحدا وتبرز للأمة مكمن الخطأ لأن ما ذكر في المنشورات التي تنقم عليها بحاجة إلى بيان وشرح فبهذا الطرح العلمي تزال الشبه يا سلطان وليس بالعويل والتباكي فتزوير منهج السلف كما ذكرت أمر خطير جدا يحرم في حقك السكوت عنه وكتمان الحق فيه! فأظهر لنا يا سلطان منهج السلف الأصيل حتى يفهم من زور ومن اغترّ به حقيقة ما وقعوا فيه! إياك أن تمر عليها وتنسي القارئ في هذه النقطة الجوهرية وتقفز إلى الحديث عن السياسة وعن تاريخ الدعوة وتعيد ما حفظناه عنك منذ ما يقارب خمس عشرة سنة! وكما نقول:
هات الجديد!
قال سلطان بركاني: «وعدم فهم الدّليل هو ما أوصل بعض شبابنا المغرّر بهم إلى أن يتركوا الصهاينة المحتلين والصليبيين المعتدين، ويسلّوا خناجر الطّعن ومباضع التجريح والتشريح ليطعنوا بها صفوة الأمّة من المجاهدين الصادقين والعلماء الربانيين والدعاة المخلصين والأئمّة العاملين».
قلت: الحمد لله أنني وجدت التنصيص الصريح في كلامك على أن طائفة ممن تتحدث عنهم هم شباب مغرر بهم! وينبني عليه: أنهم مسلمون مغرر بهم يجب الترفق بهم والصبر عليهم ولا يجوز بحال رميهم بالعمالة لليهود أو تكفيرهم أو القرب من ذلك كما ذكر صاحبك مهساس -هداهم الله-: «ليس فيهم رائحة الدين»!
قال سلطان بركاني: «عدم فهم الدّليل وعدم فهم الواقع وفهم الواجب فيه، هو ما جعل بعض المسلمين يتركون نتنياهو وبايدن وماكرون وستارمر، ويطعنون في إسماعيل هنية وخالد مشعل والسّنوار وأبي عبيدة». قلت: ما جعل بعض المسلمين أم بعض المداخلة؟! هذا الاضطراب في توصيف حال خصومك هو نابع من الوهم الذي عشش في نفوسكم! فمن تتكلمون عنهم هم إخوانكم في الدين وأنتم مقتنعون بهذا وليسوا مداخلة ولا عملاء وإنما وقع النزاع بينكم وبينهم في مسائل كثيرة بعيدا عن مسألة فلسطين وصرتم تكيلون لهم التهم والعظائم بدافع الانتقام لا غير وبين كل كلمة وأختها يكتشف القارئ المنصف شدة الجدل والصراع القائم في قلوبكم فإلى الآن لم توفّقوا في تحييد خصومكم وكشف أخطائهم التي تُدعّم وتعزز أحكامكم وبها يتخذ المسلمون حكومات وشعوبا الموقف الشرعي الحازم من هؤلاء المداخلة! إلى الآن عجزتم عن تحديد خطر هذه الطائفة! ألم تسأل نفسك عن الأسباب؟!
أجيبك سلطان: إنّه الوهم الذي أنهك أمةً من المرضى حتى عجز أطباء النّفس عن تخليصهم منه ولم تنجح معهم أكثر الأدوية والمهدئات! الوهم هو خيال لا أثر له في الواقع.
قال سلطان بركاني: «إنّها فتنة عمياء نسمّيها "الفتنة المدخلية" عمرها ثلث قرن، خطّط من أطلق شرارتها، لتشغل الشّباب المتديّن عن قضايا أمتهم، عن قضية فلسطين خاصّة، بالطّعن في صفوة الأمّة من المجاهدين والعلماء والدعاة».
والله يا سلطان إنّك لتعلم جيدا بأن غالبية السلفيين وعلى رأسهم العلماء والمشايخ والدكاترة وأئمة المساجد قد استعملهم الله في تعليم الأمة ونصحها وإلقاء الدروس والدورات والكتابة في كل مجالات الشريعة وإليهم يرجع العامة في مجتمعنا في أفراحهم وأتراحهم، وهؤلاء لا اهتمام عندهم بالطعن في الدعاة والنيل منهم! ودونك كاتب هذه السطور فأنا أعرفك وأعرف كتاباتك قبل أكثر من عشر سنوات ولم يحوجني الله للرد عليك حتى جاءت هذه اللحظة بعدما طفح الكيل وتوسعتَ في ظلمك وبغيك! وها أنت ترى بأنني أريد زينك ولا أريد إسقاطك! فكفوا رحمكم الله عن هذه الأساليب الصبيانية التي الغرض منها إثارة عواطف الناس وتشويه خصومكم! اكتبوا بالحجة والدليل واتركوا الكذب والتهويل، وبينوا للأمة أسماء المداخلة وضعوا أمامها مصادر كلامهم ومطاعنهم واشرحوا لهم كيف أسقط هؤلاء من تصفهم بالمجاهدين والدعاة! وما هي محطات الجهاد التي وقف فيها المداخلة حجر عثرة هل في العراق وسوريا وأفغانستان وباقي بؤر الفتن؟!
ثم ما معنى الإسقاط لغة واصطلاحا؟! وهل يحرم أم يشرع بشروط؟ ولماذا تأتي أنت يا سلطان على إمام علامة امتدحه الأئمة وأشادت به الرئاسة الجزائرية ولا أقول تسقطه فحسب بل توغل في تشويهه ودفنه واتهامه بالعمالة لليهود وتصفه بأنه منظر المداخلة! أليس هذا من الإسقاط؟! حدد لنا مواطن النزاع وحرر بعلم وعدل علاج ما تراه فسادا ومرضا واترك التلفيق والتنميق وتطويل الفقرات والمقالات بما لا طائل تحته
{قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون}.
ربما تعترض بأنك لم تذكر الشيخ!
وعلى هذا أجيبك: إنك يا سلطان تنتهج نهج رفقائك وشيوخك ففي الغالب تتجنبون ذكر العلامة ربيع في حديثكم عن المداخلة وتتركون السامع تائها لا يعلم شيئا عن هذه الطائفة، ولعل السبب هو خشيتكم من وقوف الناس على الحقيقة إن أنتم ذكرتم اسم الشيخ فكثير من الناس يعرف قدر الشيخ وحتى الجاهل منهم ربما سيدفعه الفضول للبحث والسؤال عن هذا الشيخ! وسيجد الحقيقة جلية واضحة: هو شيخ عالم قارب المائة سنة له تاريخ علمي دعوي مشهور وثناء العلماء عليه ملأ الدنيا وإشادة ولاة الأمور بجهوده مكتوبة مسجلة! ولن يجد الباحث أي دليل يؤكد اتهاماتكم.
الحاصل: لن أغامر وأنتظر حلقاتك القادمة لتشرح لنا من هم المدخلية ومن هو زعيمهم كما هو حال أكثر الكتاب لذلك أتعجل وأنقل للقارئ توضيحا لمقصود سلطان رقمه الكاتب نفسه حيث قال في مقاله: «طوائف مسلمة تخوض حربا بالوكالة 2014 الشروق»:
«التيار السلفي المدخلي الذي يعد الداعية المثير للجدل ربيع المدخلي منظره الأول».
قلت: وهنا يظهر للجميع بأن سلطان بركاني يتحدث هنا وهنالك عن الإمام العلامة الشيخ ربيع المدخلي –حفظه الله- فهو أول مقصود والمستهدف الأول باتهامات العمالة والتخوين! وفي شرحه هذا يؤكد سلطاني بأن المداخلة هم تيار سلفي! أقول هذا حتى لا يتهرب مثل هروب مهساس ويقول لم أقصد السلفيين! فعلى الأقل سيقول قصدت طائفة منهم! فصاحب المتن هو أفهم من غيره بمتنه وشرحه له هو المقدم على باقي الشروحات! وهي خدمة أحتسب الأجر فيها قدمتها للقارئ الكريم ليفهم شيئا من ألغاز بركاني!
قلت: ومرة أخرى يستقيم قلم سلطان في منعرج مهم ويؤكد ما قرره سابقا بأن كثيرا من الشباب المتدين هو مغرر به ويقول: «لتشغل الشّباب المتديّن عن قضايا أمتهم»! وعليه: فما فائدة التهجم على هؤلاء الشباب ورميهم بالعمالة والتشنيع عليهم؟! أليسوا موضع دعوتك وهدايتك؟! لماذا تصر دائما على تأليب الدولة والشعب عليهم وهم في نظرك مغرر بهم وقد تم خداعهم من طرف المداخلة؟! تفضل واستفد من رحمة الأئمة وإنصافهم يقول ابن تيمية رحمه الله كما في «المجموع 4/58» «تجد خلقاً من مقلدة الجهمية يوافقهم بلسانه، وأمّا قلبه فعلى الفطرة والسنة وأكثرهم لا يفهمون ما النفي الذي يقولونه بألسنتهم».
وأختم هذا الفصل: بتذكير القارئ أولا ثم تذكير الأخ سلطان بكلام له قاله قبل عشر سنوات يلتقي فيه بما يقرره أهل السنة السلفيون ممن يصفهم بالمداخلة! وقد وجدته في هذه المقالة العتيقة هادئا في غاية الهدوء تكلم بالحكمة وكتب فيها وكأنه ليس هو سبحان ربي! نعم هذه هي قضية فلسطين كما قرر سلطان في مقاله: «من خَدعنا بفلسطين انخدعنا له» والذي كتبه في جريدة الشروق بتاريخ: «15/ 12/ 2015»:
«عندما أدرك أصحاب المشاريع الفئويّة والطّائفيّة بأنّ قضية فلسطين هي القضية الوحيدة التي تحرّك الأمّة بأكملها، وبأنّها الجرح النّازف الذي يئنّ له كلّ مسلم، سعوا جاهدين لاستغلالها في التّرويج لمشاريعهم، وقد استطاعوا الوصول إلى بعض مآربهم، وأمكنهم استمالة كثير من المتحمّسين من هذه الأمّة ونصّبوهم -وربّما نصّبوا أنفسهم- محامين بأجرة وبغير أجرة عن المشاريع القومية والطّائفيّة».
قلت: أليس من الإنصاف يا سلطان أن تكتب كتابا بعنوان: «كنت مدخليا»؟! أخبرني بربّك: بنفس الفكرة وبنفس العبارات يتكلم السلفيون اليوم تنبيها للأمة على خطر استغلال قضية فلسطين فلماذا تكيلون لهم التهم وقد قلتم بقولهم؟! هل صرتم أوصياء عليهم وولاة أمورهم فتجيزون لأنفسكم ما تمنعونه عليهم؟! هل تخليت اليوم يا سلطان عن فكرة الأمس وأفرغت قضية فلسطين من مخاطر الاستغلال والاستثمار؟!
هل يلام السلفي على ثباته وتصلبه وإصراره على قول كلمة الحق في الشدة والرخاء أم أنت الملام على تغيرك وانتكاستك؟!
قال سلطان بركاني: «هذه الفتنة لم تبدأ من قول هؤلاء المفتونين عن إسماعيل هنية: «مستراح منه» فقد تشفّوا من قبل بموت كثير من أعلام الأمّة، فقالوا عند انطفاء شمعة القرضاوي: «مستراح منه» بل منهم من قال عن شيخنا أبي عبد السلام الجزائري «مستراح منه»! ومنهم من قال ذلك عن الشيخ الوقور عفيف اللسان الطاهر آيت علجت، رحمه الله!».
قلت: في علم النقد يا سلطان يجب عليك أن تحرر أقوال رؤوس الطائفة ومنظري الفرقة وتذكر مصادر هذه التقريرات وتنسبها إلى قائليها بالجزء والصفحة، وهذا العلم المرتكز على ركائز الإنصاف يقيّد الداخل فيه بقيد العدل! فأنت الآن بعدما ذكرت منظر الطائفة وهو الشيخ ربيع –حاشاه- كنا ننتظر أن تخرج لنا أقواله في كل ما تنسبه إلى طائفته حتى يتأكد العالم بأنه هو من يوصي ويحث أتباعه على هذه الضلالات! فأين قال ربيع السنة مستراح منه؟! هل قالها عند موت القرضاوي وباقي المذكورين؟! والله يا سلطان على فرض أنك نسبت هذا للأتباع وصرحت به فكان لزاما عليك -حتى على الطريقة الأكاديمية- أن تبرئ العلامة ربيع وتقول لم يثبت عن شيخهم هذا القول!
يقول ابن تيمية رحمه الله وهو يتحدث عن الصوفية: «11/14»:
«وقد انتسبَ إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم، كالحلاج فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه».
ويقول رحمه الله في «منهاج السنة 1/36»:
«وممّا ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة وإن كان أضعاف ما ذكر لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الإثنى عشرية ولا في الزيدية» ثم ذكر في نفس السياق بعض بدع الروافض وقال:
«وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك».
قلت: يا سلطان ابن تيمية رحمه الله لم يكن حاقدا ظالما لهذا كتب الله له القبول! فهلا اقتديت به رحمك الله ونظفت لوحة جهازك من التحامل والظلم قبل أن تجري عليها أصابعك بمقالات تتحمل وزرها في الدنيا والآخرة!
قال سلطان بركاني: «الفتنة لم تبدأ باستشهاد إسماعيل هنية، ولم تبدأ بطوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، إنّما بدأت أوائل تسعينات القرن الماضي، وخطط لها لتنطلق من أعزّ بقعة على قلوب المسلمين ولتتزيّا بشعارات تغري الشّباب وتخدعهم: شعارات «الكتاب، السنّة، السلف الصّالح، الفرقة الناجية».
قلت أولا: لقد أثّرت فيك الكتابة في الجريدة سلبا وصرت ترمي بقلمك وتعبث به مستخفّا بقرّاء الجرائد وروّاد المقاهي لعلمك بأن أكثرهم لا يفهم مسائل الدين ولا يدرك خبايا الشريعة ولا يعظم الكلام في العقائد وحتى هذه الفئة من القراء تتراجع يوما بعد يوم لعزوف الناس عن مطالعة الجرائد، فلا أدري هل كنت لتخرج مثل هذه المقالات الخاوية من الضبط والدقة والعزو في مجلة علمية محكمة وهل كنت لتضع هذا الطرح المهترئ في رسالة علمية يشرف عليها ويناقشها دكاترة محققون! بكل تأكيد الوضع سيكون غير الوضع الآن.
أخبرني –وفقك الله-: هل أنت مدرك فعلا لخطر الحديث عن الطوائف وتعيين أسمائها والجزم بمعتقداتها والإخبار عن أول وسبب نشأتها؟! يا أخي العزيز لقد حرّكت قلمك في علم لم يوفق في الكتابة فيه إلا الأئمة والعلماء بل اختص به أفراد منهم وحتى من كتبوا فيه لم يجعل القبول لجميع مصنفاتهم بل تفرّد بعضهم فصار كتابه مرجعا للأمة واستأنس به العلماء وطلبة العلم وانطلقوا منها لمعرفة الطوائف ويرجع كل هذا لدقة الكاتب واهتمامه وحرصه على توثيق ما يذكره في كتابه، يقول الشهرستاني في مقدمة «الملل والنحل ص:17»:
«فلما وفقني الله تعالى لمطالعة مقالات أهل العلم من أرباب الديانات والملل وأهل الأهواء والنحل، والوقوف على مصادرها ومواردها، واقتناص أوانسها وشواردها ».
وهذا ابن حزم رحمه الله يذكر في مقدمة كتابه «الفصل في الملل والأهواء والنحل ص:35-36» كلاما أصيلا حريّ بي وبك أخي سلطان أن نتأمله ونجعله قاعدة في الكتابة في هذا الباب فتأمله –رحمك الله- ويكفي منه استخارته رحمه الله قبل تأليف كتابه إدراكا منه لخطورة التأليف في هذا الموضوع.
قال رحمه الله:
«فإنّ كثيرا من الناس كتبوا في افتراق الناس في دياناتهم ومقالاتهم كتبا كثيرة جدا فبعضٌ أطال وأسهب وأكثر وهجَّر واستعمل الأغاليط والشغبفكان ذلك شاغلا عن الفهم قاطعا دون العلم! وبعضٌ حذف وقصر وقلل واختصر وأضرب عن كثير من قويّ معارضات أصحاب المقالات فكان في ذلك غير منصف لنفسه في آنٍ لا يرضى لها بالغبن في الإبانة، وظالما لخصمه في آن لم يوفه حق اعتراضه وباخسا حق من قرأ كتابه إذا لم يغنه عن غيره، وكلّهم إلا تحلّة القسم عقد كلامه تعقيدا يتعذر فهمه على كثير من أهل الفهم وحلّق على المعاني من بعد حتى صار ينسي آخر كلامه أوله وأكثر هذا منهم ستائر دون فساد معانيهم فكان هذا منهم غير محمود في عاجله وآجله، فجمعنا كتابنا هذا مع استخارتنا الله عز وجل في جمعه وقصدنا به قصد إيراد البراهين المنتجة عن المقدمات الحسية أو الراجعة إلى الحس من قرب أو من بعد على حسب قيام البراهين التي لا تخون أصلا مخرجها إلى ما أخرجت له وألا يصح منه إلا ما صححت البراهين المذكورة فقط إذ ليس الحق إلا ذلك وبالغنا في بيان اللفظ وترك التعقيد».
قلت: بعد هذا التمهيد أقول لسلطان: هلاّ أفدتنا بمصدرك في ذكر هذه الطائفة ومن هو أول من ذكرها وتكلم عن أصولها؟ وبما أنك تشهد بأن هذه الطائفة نشأت قبل أكثر من ثلاثين سنة فأظن الأمر سهلا ففي هذه الفترة الزمنية الطويلة كان الأئمة على قيد الحياة وعلى رأسهم ابن باز والألباني والعثيمين والعجيب في الأمر أن غالب تزكيات الأئمة لربيع السنة -حتى لا أقول كلها- صدرت في نفس الفترة التي تحدثت عنها يا سلطان! بل حتى من تعرفهم بأنهم كانوا على غير وفاق مع العلامة ربيع المدخلي كبكر أبوزيد وابن جبرين رحمهما الله وغيرهما وحتى خصوم الشيخ الأوائل كعبد الرحمن عبد الخالق وعرعور وسلمان وسفر.
أخبرني: هل نصّوا على هذه الفرقة وبينوا أصولها وتحدثوا عن نشأتها؟ مع أن ربيع السنة ومحبيه كانوا بين ظهرانيهم؟! انتبه لا أتكلم عن تخطئة العلامة ربيع في مسألة أو مسائل ومعارضته في الحكم على أفراد وجماعات أو حتى الطعن فيه بل أتكلم عن فرقة لها أصول وأهداف وتاريخ نشأة وقد بلغت من الفساد المبلغ الذي ذكرته فغزت العالم ومكّن لها وصارت معول هدم وغيرها من الأخطار التي لم يتفطن لها لا الأئمة ولا الخصوم وتفطن لها سلطان في جريدة الشروق؟! فعندما تقول بأن المداخلة فرقة وتجعل ربيع السنة منظرا لها فمعنى هذا أنه يوجد في كلام الشيخ في كتبه ودروسه وصايا صريحة وتوجيهات لأتباعه بأن يفرحوا بموت فلان وفلان وينصروا اليهود وغير هذا من التقريرات التي ينص عليها رؤوس الفرق وأربابها ويتناقلها الأتباع والمقلدة! فأرجو أن تتحفني بمصدر كلامك فالقضية ليست بالتشهي وإلا فما أسهل أن أتكلم عن فرقة: البركانية!
لقد قرر سلطان بأن طائفة المداخلة مصدرها المملكة العربية السعودية وكانت بداية انطلاق فتنتها سنوات التسعينيات! نعم في كل مرة نختطف شيئا من الكلام الطائش من هنا وهناك لعلنا نجمع تعريفا وافيا لهؤلاء المداخلة مع أن الكاتب وغيرهم لا يتقصدون التعريف والشرح وإنما هو حديث مقاهي لا غير! فبعد تجربة مع هؤلاء فهمت بأنهم لا يستشعرون وهم يكتبون عدد القراء والمسافة التي سيقطعها المقال في العالم الإسلامي، فالكاتب يكتب بحنق وغضب وصورة خصمه الموحشة ماثلة بين عينيه لذلك قل أن تجد في مثل هذه المقالات علما يسعد القلب أو أخبارا تزيد من ثقافتك!
الحاصل: لماذا يا سلطان لم تذكر اسم البلد؟ هل تخاف تحرك السفارة؟ هل تخشى المتابعة القضائية؟! ربما أعذرك في هذا لكن في المقابل أضحك عليك عندما أتذكر زئيرك على إخوانك واستعراضك لعضلاتك على شباب الفيس بوك؟! طائفة خطيرة تهدد الإسلام وأمن البلدان وتتخابر مع اليهود لا تذكر البلد الذي تنتمي إليه؟! لا يا سلطان ما هكذا تكون الشجاعة الأدبية! مجرد متابعة قضائية أو توبيخ من مسؤول التحرير تحسب له كل هذا الحساب ثم تحدثنا عن الجهاد والمقاومة وعن بذل النفس من أجل تحرير الأقصى؟! خيبت ظني و
{إنّ بعض الظن إثم}.
قلت: أما قولك
«ولتتزيّا بشعارات تغري الشّباب وتخدعهم: شعارات «الكتاب، السنّة، السلف الصّالح، الفرقة الناجية» فهي محطة فاشلة من مقالك زدت بها القارئ دهشة وحيرة! فالجميع يعرف بأن هذا الشعار ما عرف في هذا العصر خصوصا ومنذ سنوات التسعينيات كما ذكرت إلا من طريق الألباني وابن باز والعثيمين وجميع الأئمة ومنهم انتقل إلى جماعات من العلماء والدعاة في كل الأقطار! فأنت تصعب المأمورية على نفسك فكيف لك أنت قبل القارئ أن تميز بين الصادق من الكاذب من أصحاب هذا الشعار؟!
فسبحان الله المداخلة حتى في شعاراتهم لم يخالفوا الأمة ولم يشقوا صف الدعاة! هذا الذي تقرره وأنت لا تشعر على أمل أن توفق وتنجح في باقي الحلقات وتبين للأمة مخالفات المداخلة العملية لتلك الشعارات!
تذكرت أمرا: ماذا عن فرقة أخرى أشغلتكم كثيرا وكانت موضوع خصوماتكم وأراكم اليوم قد أهملتم ذكرها! أقصد
«الجامية» فهل فتنة المداخلة امتداد لها أم أنها متفرعة عنها أم هي فتنة واحدة؟! لاسيما والإمام الجامي هو شيخ العلامة المدخلي! حدثنا عنها يا سلطان فلعل القارئ يستجمع تركيزه ويفهم بأن الحرب قبل أن تكون على ربيع السنة كانت على شيخه المدرس بالمسجد النبوي وعلّة الطعن فيه واحدة وهي كلامه في الخوارج وتحذيره من التكفير!
ثم أخبرني يا سلطان: الذي عرفته الأمة والجزائريون خصوصا أن فتنة الإرهاب والخوارج هي من انطلقت شرارتها في التسعينيات! ورؤوس الإرهاب في كل العالم وفي الجزائر خاصة هم من أباحوا دماء جماعة هي أشبه ما يكون بمن تتحدث عنهم اليوم وتصفهم بالمداخلة! لاسيما أن الأوائل كلاب النار ذبحوا السلفيين بتهمة العمالة وتخذيل المجاهدين والوقوف مع الطواغيت! فقتلوا الشيخ مصطفى عريف والشيخ عباس طيبون وعبد القادر الحراشي وآخرهم سمير بو النش رحمهم الله! فأخشى ما أخشاه يا سلطان أنك متأثر بشيوخ القاعدة ومنظري الجماعات الإرهابية فتسلل إليك حقدهم على العلامة ربيع ومحبيه وأنت لا تشعر فما أكثر أوجه الشبه بين كتابات الأمس وكتابات اليوم ومنها كتاباتك! وأرجو ألا تدفعني لبيانها بالتفصيل! فخداعك المتكرر للقارئ أضحى أمرا مقززا فالجزائري لا يعرف فتنة في التسعينيات إلا فتنة الخروج وتأتي أنت اليوم لتحدّثه وتحدّث الجهات الأمنية كذلك عن فتنة هي في نظرك أشد من فتنة الدماء! فما أصعب ما تكتبه لو كنت تعقل.
قال سلطان بركاني: «ثلث قرن وهؤلاء الذين وقعوا ضحية للفتنة المدخلية يوظَّفون من طرف أهل المكر للوصول إلى هذه النتيجة، نتيجة الطّعن في صفوة الأمّة المجاهدين الذين يقارعون الاحتلال الصهيونيّ في فلسطين. الطّعن في كتائب القسّام، في إسماعيل هنية وخالد مشعل والسّنوار وأبي عبيدة».
قلت: وقعوا ضحية للفتنة المدخلية! لقد استعصى عليك يا سلطان أن تخرج من وحل التناقض والخلط! فأنت لم تفهم بعد على من تكتب ومن هو المقصود بكتابتك هل المداخلة أم ضحاياهم؟! وفي كل الأحوال أرجو أن تبرز لنا أعمال وأقوال وتصرفات الضحايا حتى لا نظلمهم ونجعلهم من عملاء الصهاينة! وهل من قال «مستراح منه» والذي من أجله افتتحت سلسلة كاملة هو ضحية أم عميل مباشر؟! فإذا كان ضحية فأخبرني بربك هل تتحدث مع ضحية بهذه القسوة وبهذه الحدة؟! أين هي الرحمة والعدل وغيرها من الشعارات الكاذبة التي ترفعونها في وجه السلفيين عند بيانهم لضلالات الجماعات والأفراد؟! أين هي أخوة الإسلام والصبر على المخالف وتوحيد الجهود؟! هل تعتقد أن إخوانك في الإسلام أشر وأخبث من فرعون؟ أم أنك أغير وأحرص على الدين من موسى وهارون عليهما السلام؟!
{فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}.
وهنا أمر محيّر: هل صرت تمتحن إخوانك في هذا الوطن العزيز وفي جزائرنا الغالية بقيادات حماس والقسّام؟! هل نظرية الولاء للخارج تنطبق فقط على السلفيين عندما تتهمونهم بالولاء للمملكة أما في حقكم فالأمر جائز بل واجب إذا تعلق بقيادات حركة سياسية في بلد آخر؟! وهل كل من ينتقد قيادة حماس يعتبر في ميزانك طاعن؟! هل هي عصمة أم ماذا؟! عندما أقول كمواطن جزائري بأن أبا عبيدة وغيره من قيادات حماس يخطئون الخطأ الشنيع عندما يحرضون الشعوب على الانتفاضة في بلدانهم نصرة لغزة ويحثونهم على فك قيود الانضباط بما يسمح به ولاة الأمور في البلدان الإسلامية ومنها الجزائر التي لم يستثنوها في خطاباتهم بل نص الكثير منهم على اسمها من غير مراعاة لحق الجزائر عليهم وفضلها على القضية ووجهوا مطالبهم للشعب الجزائري وحرضوه على الاحتشاد والخروج في مسيرات كما في خطاب أبي عبيدة بعنوان
«نصرة للمدينة المقدسة» فهل ألام يا سلطان عندما أغار على وطني وأرفض هذا التحريض؟! هل تلومني يا بركاني وتقف بجنب أبي عبيدة في هذه الجزئية مع أن وطنك الجزائر هو المعني بالموضوع؟! الذي يظهر والله أعلم أنك تقف بجنبه لأنك في حدود علمي لم تكتب شيئا عن هذا الموضوع الخطير ولم تنكر هذا المنكر مع أنك كاتب مكثار! ولا أدري كيف انطبع في ذهنك بأن مجرد انكار هذا الخطأ هو طعن في المجاهدين؟! أين التلازم بين القضيتين؟ وأين هي وجوه الترابط بين الموقفين؟! مع أنني لم أجهر بهذا الانتقاد مراعاة مني لعقول الجمهور الذي قمتم بتحريضه، وإيمانا مني بأن الوقت غير مناسب وأمة الغضب تقتل المسلمين في غزة الشامخة، والله لو كانت لي قدرة واستطاعة لأرسلت كل ما أنتقده لأبي عبيدة وباقي قيادات حماس! نعم نرد عليهم ونحذر من مخالفاتهم نصحا لهم وطمعا في تصحيح اعوجاجهم، ونحن أنفع لهم منكم يا سلطان لو كنت تعقل.
وأمر آخر: هل تلومني كذلك كسلفي جزائري محب للعلامة ربيع المدخلي ولست مقلدا له ولا متعصبا لأقواله، عندما أخطّئ حماس في تعاملها مع إيران ومحور الممانعة وهم كما ذكرتَ عنهم وسطرته بقلمك في مقالك:
«أنين الحنايا /13 /01/2016 الشروق» فقلت:
«فلسطين كانت ولا تزال وستبقى قضية المسلمين الأولى، لكنّ أهلها الأحرار الذين رفضوا خرجة حسن نصر الله عندما خطب يوم الإثنين 21/ 12/2015م، متحدّثا عن اغتيال سمير القنطار وخلفه خارطة فلسطين تلفّها ألوان العلم الإيرانيّ، يرفضون أيضا أن يُتاجر بقضيتهم من حاصروا وجوّعوا وقتلوا إخوانهم الفلسطينيين في مخيّم اليرموك، ولن ينسوا أبدا أنّ هؤلاء الذين حاصروا مضايا هم ذاتهم الذين يحاصرون مخيّم اليرموك الذي يضمّ أكثر من 18 ألف لاجئ فلسطينيّ، منذ جويلية 2013م، وتسبّبوا في ارتقاء أرواح أكثر من 100 فلسطينيّ من الأطفال والنساء والشيوخ، بسبب الجوع».
قلت: ما الذي تغيّر يا سلطان؟! اكتب ولا تخف فثباتك على مواقفك القديمة لا يعارض ولاءك لفلسطين! أم أنكم كذبتم الكذبة وكنتم أول من صدقها وأيقنتم بأنّ انتقاد حماس فعلا هو عمالة لليهود لاسيما في هذا الظرف الذي هاجت فيه العواطف وطاشت فيه العقول! تخشى تهمة العمالة يا سلطان؟!
ثم يا أخي الكريم أريد أن أفهم: إذا كان انتقاد قيادات الثورة المجيدة في بلادنا هو من الأمور المتعارف عليها قديما وحديثا بل صار موضوع دراسات وتخصصات في المعاهد والجامعات لأنه نقد علمي الغرض منه ذكر التاريخ كما هو للاعتبار وتصحيح المسار فكيف بربّك تجرمون اليوم النقد الموجه إلى قيادات في بلاد أخرى! انتبه إذا احتجت إلى تفصيل أكثر فأنا له بإذن الله في الحلقات القادمة.
وهنا أمر غريب: سلطان يقيم الدنيا على طائفة تطعن في المجاهدين في حد زعمه لكنه يدس رأسه في التراب ويقطع لسانه ويكسر لوحة جهازه وهو يشاهد بيانات داعش الإرهابية المكتوبة منها والمرئية وفيها تكفير قيادات حماس والقسام بل سلطان على دراية بأنّ تنظيم داعش في سيناء بثّ في فيديو مشهد إعدام أحد جنود القسّام! وقبله بسنين خرج أنصار داعش في غزة وأحدثوا فوضى بمسيرات صاخبة وهدّدوا حماس ببيانات مشهورة، فليس من المروءة يا سلطان أن تخفي هذه الحقائق عن قراء الشروق! أفهم عنك فقط إذا أخبرتني بأنك لازلت تعتذر لداعش وتسهل من خطرها وتتهم الحكام والعلماء بأنهم كانوا السبب في غلّوها فأنت تقرر من زمان بأن جرائم داعش هي ردة فعل لا غير.
وخذ مثالا من أقوالك القديمة كما في مقالك
«هكذا نستأصل داعش 30/08/2014 الشروق» حيث قلت:
«داعش ملوم، ولكنّ اللّوم يقع أكثر على الحكام الذين نكّسوا راية الجهاد واللّوم يقع على العلماء الرسميين الذين أوجدوا المبررات لهؤلاء الحكام في ترك الجهاد لقد تسبّب الحكام والعلماء في انتشار الغلوّ والتطرّف بتركهم الجهاد في سبيل الله ضدّ الصّهاينة والصليبيين وكانت النتيجة أنْ قام أفراد من هذه الأمّة لإحياء هذا الواجب، فتعجّلوا حيث ينبغي التريّث، وقفزوا إلى النهايات حيث ينبغي التدرّج، وقابلوا تفريط الحكام بإفراطٍ كان صيدا ثمينا لكلّ متربّص بهذا الدّين، ولكلّ مترصّد لحملته والغيورين عليه وعلى أهله؛ فالجهاد جماعةً كالصّلاة جماعة، إذا غاب الإمام والمؤذّن عن إقامتها في وقتها بشروطها، أقامها غيرهما ممّن يمكن أن يخطئ فيها، وحينها يجب أن يلام المؤذن والإمام قبل لوم من أقام الجماعة».
قلت: ما أخطر كلامك يا سلطان فأنت تصحح أصل الفكرة الداعشية وتخالفهم فقط في الأسلوب وما طرأ على منهجهم من غلو! بل تشبه حالهم بحال من غاب عنه الإمام والمؤذن فقام فأذن وصلى! وهو قياس مردود فقد اشتهر بين الناس شرعا وعرفا بأن من كان حاضرا في المسجد له أن يخلف الإمام والمؤذن أما الدواعش فلا حكم الشريعة يسعفهم ولا أعراف الناس تؤيدهم فأصل الجهاد يشرع فقط مع الإمام وبضوابط وشروط وقيود شديدة كل هذا تعظيما للدماء والفتن المدمرة للأوطان! وعلى قولك ينبغي علينا أن نشكر داعش كما نشكر المصلي الذي خلف الإمام وقام بالواجب!! كأنك تجهل يا سلطان وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاده لنا كيف نعمل في زمن لا إمام فيه! هل قال اخلفوه وأعلنوا الجهاد؟ حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا بل قال كما في «صحيح الجامع 2994»:
«فإِنْ لم تَكُنْ جماعَةٌ ولَا إمامٌ فاعتزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّها، ولَو أنْ تَعَضَّ بأصلِ شجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الموتُ وأنتَ كذلِكَ»!
الحاصل: عندما يدرك القارئ المنصف مشارب سلطان بركاني ومصادره وتوجهه يفهم وقتها سبب خصومته لمن يسميهم مداخلة ويزداد فهما عندما يدرك بأن العلامة ربيع المدخلي هو أكثر العلماء في هذا العصر تحذيرا من الخوارج والتكفيريين والدواعش والقاعدة، وبهذا عرف عند جميع الخلق بما في ذلك ولاة أمورنا وحكامنا في الجزائر، فمن العبث أن يقضي سلطان وجماعته كل أوقاتهم في تشويه الشيخ ربيع والسلفيين، وكل هذا يفسر لماذا سلطان يستغل كل واقعة يتداول فيها اسم المداخلة! نعم فيه من يكتب ويسجل جهلا وهو لا يعرف السلفيين -ونرجو أن يكون سلطان منهم- وفي أغلب الأحوال يعذر هؤلاء بسبب جهلهم وعاطفتهم وهؤلاء لا علاقة لهم بجماعة أخرى من الخوارج لها صراع تاريخي مع السلفيين، وأكثر من نشاهدهم اليوم في الفيديوهات يهاجمون الشيخ ربيعا فهم من هذه الطائفة الخارجية المارقة وإن أسّروا توجههم! وأكثر ما وقع الخلاف بين هؤلاء وبين السلفيين منذ القديم في مسائل الخروج والدماء والحكام! وبما أنها مسائل مخيفة قد تورطهم مع الحكام فلا غرابة أنك تجد أكثرهم قد نافس الحرباء في تلونها فتراه يثير فقط القضايا العاطفية كقضية فلسطين لتشويه خصومه أما قضية داعش والقاعدة وتوابعها فلا يتجرأ واحد منهم لمناقشة السلفيين والبوح بدفاعه عن هذه الطوائف الإجرامية! وعندي ما يثبت ولاء الكثير من شيوخ التيك توك لهذه الطوائف الإرهابية وسأخرجها في وقتها.
قال سلطان بركاني: «لقد أتيحت لهذه الطّائفة كل الوسائل، نشرت كتب دعاتها ومنظّريها وروّجت تسجيلاتهم على أوسع نطاق، وغزت الإنترنت وصار صوتها هو الأعلى والأسمع، ووصلت إلى المدن والقرى والمداشر في طول العالم الإسلاميّ وعرضه، ووقع في حبائلها شباب أكثرهم لم يتمّوا دراستهم».
قلت: شباب أكثرهم لم يتمّوا دراستهم؟! مرة أخرى تؤكد أن الضحايا كثر! وقد أشغلوا بالك كثيرا، فأرجوا أن تتحمل المسؤولية وتكبح جماح قلمك وتصبر على دعوتهم فـ «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم».
ثم أقول: حيرتني يا سلطان! طائفة بهذا التوصيف الذي ذكرته أجزم بأن اليهود وأمريكا وأمم الغرب تعجز جميعا عن التمكين لها في بلاد الإسلام وبهذا الشكل! نشرت كتبها وتسجيلاتها وصار صوتها هو الأعلى والأسمع ووصلت المدن والمداشر؟! وفوق هذا تمكّنت في كل العالم الإسلامي؟! رفقا بنفسك أخي سلطان! وبكل صراحة في هذه الفقرة وقع في نفسي بأنك على شفا حفرة من جنون! ثم دعني من العالم الإسلامي ووضح لي فقط: هل في بلاد الجزائر دولة وجيش وهيئات وأجهزة أمن تسهر على أمن البلاد لا سيما الأمن الفكري؟! هل هذه الجهات العصية التي أبطلت مخططات القاعدة وداعش والماك ورشاد والقاديانية والرافضة عجزت عن التفطن للمداخلة؟! رحماك ربي.
أمّا قولك:
«أكثرهم لم يتموا دراستهم» فهي شنشنة عرفت من خصوم السلفيين فهم لا يفوتون فرصة احتقار خصومهم وازدرائهم على الملأ وقد أغمضوا أعينهم عمدا عن آلاف ممن أتمّوا دراساتهم وبلغوا منتهاها ونالوا شهادات عليا في علوم الدنيا وعلوم الشريعة وسلطان يعرفهم جيدا! بل قائد المداخلة كما يصفه سلطان العلاّمة ربيع
تخرج من الجامعة سنة 1964 بتقدير امتياز وحاز الماجستير سنة 1977 وبعدها بثلاث سنوات نال الدكتوراه والأستاذية ثم صار مدرسا بالجامعة الإسلامية بالمدينة وترأس فيها قسم السنة! فما أغنت عنه هذه الدراسات وهذا المستوى العلمي عندك يا سلطان؟!
ثم أليس من العدل أن تحدثنا كذلك عن جماهيركم والمصفقين لكم خصوصا هذه الأيام والكثير منهم من أصحاب اللهو واللعب والفجور في وسائل التواصل وغالبهم جهلة فيهم من أوقف دراسته في الابتدائي وقد شاهد الجميع تهجمهم القبيح على السلفيين لاسيما في تعليقاتهم على منشوراتكم التي أيدوا محتواها وشاركوها في حساباتهم! هل خفي عنك يا سلطان أن طوائف المسلمين بل حتى طوائف الكفر فيها هذا الصنف من الأتباع ممن لم يدخلوا أصلا الابتدائي؟! ولا أدري هل تتقصد هذا الخداع أم هي غفلة منك عندما تتكلم عن الخائضين في قضية مستراح وتغمز في مستوياتهم الدراسية وتغض الطرف عن الغالبية ممن لم يكملوا دراساتهم ولكنهم لم يخوضوا ولزموا الصمت بل أنكر كثير منهم على الخائضين ووقع جدل كبير بسبب هذه القضية! الزم أدب الجدل يا سلطان واترك أسلوب الاحتقار فعندك من جوانب النقاش ما تغنيك عن هذه التفاهات! ثم كيف تنقلون خلاف طائفة من اليهود مع إخوانهم الصهاينة ورفضهم للاحتلال وللحرب وفي نفس الوقت تكتمون الحق إذا تعلق بإخوانكم وتصورون مناشير الشباب وكأنها إجماع عقد بين السلفيين! وفي كل مرة يقف فيها المصلحون من السلفيين لتصحيح أخطاء الشباب السلفي إلا ونجدكم معرضين عن نقل الحقيقة كما هي! بل أتحداك والمقالات بيننا: ما من خلق مشين في شباب الفيس بوك وتسرع وطيش مستعد أن أنقل لك من كلام ربيع السنة ما يعارضه ويحذر منه! والحديث هنا يرجع بنا إلى ما قلته لك سلفا في قضية ضبط أقوال الفرق والأمانة في النقل عنها، فقد اشتهر في كتب العقائد والفرق قولهم: هذا مجمع عليه بين الجهمية هذا مختلف فيه عند الأشاعرة، هذا أنكره علماء المعتزلة، هذا رجع عنه شيخهم، هذا قول المتقدمين وقد خالف فيه المتأخرون منهم، وغير هذا من عبارات العلم الأصيل.
قال سلطان بركاني: «جُنّدوا لينشروا الخلاف والشّقاق في ساحات الأمّة وفي بيوت الله وفي المقابر، تجد الواحد منهم لم يتمّ دراسته في المرحلة المتوسّطة ومع ذلك فهو يطعن في علماء الأمّة ودعاتها وفي أئمّة المساجد، ويزن الجماعات ويضلّل ويبدّع، ويتكلّم في الفقه والعقيدة وفي مسائل يتورّع عن الخوض فيها علماء فطاحل!».
قلت: «جُنّدوا»! يعني هم على دراية بمهامّ التجنيد وعلى علم بمسؤولي التجنيد؟! أم أنك تتحدث فقط عن العملاء ولا تتحدث عن المخدوعين؟!
ثانيا: في هذه الفقرة وسع سلطان -من حيث لا يشعر- من تعريفه لهذه الطائفة فأصحاب هذه الطائفة لا يخالفونه في قضية غزة فحسب بل هناك قضايا أخرى! ومجرد ذكرها قد أبعد سلطان من منصة الحياد فهو يذكر من مخالفات المدخلي بأنه
«يطعن في علماء الأمّة ودعاتها وفي أئمّة المساجد، ويزن الجماعات ويضلّل ويبدّع، ويتكلّم في الفقه والعقيدة وفي مسائل يتورّع عن الخوض فيها علماء فطاحل»، وكل هذه المخالفات يذكرها خصوم السلفيين وليس مجرد مخالف لهم في قضية غزة!
وأمر آخر: اتضح بكلام الرجل أن المداخلة جماعة كبيرة من الناس وليسوا كما يصوره سلطان! فإضافة إلى انتشارهم في المدن والقرى فهم يتكلمون كثيرا في مسائل العقيدة والفقة ويناقشون مسائل وصوتهم يسمع في أرجاء المعمورة لم يظهروا فقط في قضية غزة! وليسوا هم
«0.001%» كما قال مهساس -غفر الله له-! وأرجو من سلطان أن يوضح لنا المسائل التي تكلم فيها هؤلاء وتورع عنها العلماء خصوصا ما تعلق بالمقبرة! هل تخالفهم يا سلطان في مسائل الشرك وبدع المقابر؟! ثم من هم العلماء والأئمة الكبار الذين طعن فيهم هؤلاء؟! وهل يعد منهم سيد قطب مرشد الجماعات التكفيرية وملهم ومعلم شريف قوسمي وزوابري وابن لادن والزرقاوي؟! وهل منهم كذلك سلمان وسفر وأمثالهم ممن ثبت تحريضهم على الدم الجزائري؟! وضّح لنا -رحمك الله- فما علمنا عن الإمام ربيع المدخلي -منظر المداخلة كما تفتري- إلاّ محذرا من هؤلاء!!
ثم ما هذا التباكي على أئمة المساجد وكأنك لست القائل يوم:
«05/03/2014» في مقالك على جريدة الشروق بعنوان:
«نقابة الأئمة الواقع والمأمول» حيث قلت فيه:
«فرسان المنابر أنفسهم يتحدّثون عن وجود طبقة من الأئمّة يصنّفون على أنّهم "سوبر أئمّة" أصحاب أيد طويلة وأكتاف عريضة، تغنيهم عن التطلّع إلى "البقشيش" الذي تصبّه الوزارة في حسابات الأئمّة؟ وهم لا يريدون تعكير الأجواء بينهم وبين الجهات الوصية، ولو بكلمات نصح خافتة، قد تتسبّب في جرح بعض المشاعر المرهفة»، ما هذا يا سلطان؟
أحرام على بلابـله الدوح *** حلال للطّير من كل جنس؟!
قال سلطان بركاني: «أرادوا حماية الصهاينة في أرض فلسطين، وإسقاط كلّ من يحاربهم ويقاومهم، كلّ هذا باسم الدّين، يحمون الصهاينة في أرضنا باسم ديننا، ويسقطون كلّ من يحاربهم في فلسطين باسم الإسلام! فكيف استطاعوا أن يصلوا إلى هذا الهدف؟! الجواب في حلقات قادمة بإذن الله».
قلت: بعيدا عن حماس، فمن يقاوم اليهود في قاموسكم يدخل فيهم روافض إيران وعصابة الحوثي وحزب الله فهل تقصدهم كذلك وتلوم من ينتقدهم وتطلق عليه بأنه مدخلي؟! أسألك إنصافا لك وإلا فبإمكاني الحكم على كلامك لأنك عمّمت
«بكلّ» التي تفيد الشمول والاستغراق وقلت: «وإسقاط كلّ من يحاربهم ويقاومهم»! ألا يحق للجزائري أن يُذكّر العالم بأن الجزائر قطعت العلاقات مع
«إيران = المقاومة» في التسعينيات بعدما ثبت دعهما للإرهاب؟! ألا يحق للجزائري ألاّ يعترف
«بحزب الله = المقاوم» و
«بجماعة الحوثي = المقاومة» موافقة منه لدولته وولاة أموره؟! هل تلومني ولا تلوم أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس عندما اعترف في
«الجزيرة مباشر» يوم: «
30 أكتوبر 2023» بأنّ وقفة حزب الله لم تكن بالحجم المنتظر! تلومني ولا تلوم من طرح هذه الإشكالية وهو منشط البرنامج وفي قناة الجزيرة وهي قناة تقف في صف المقاومة كما تقولون؟! تلومني وتتقوى عليّ ولا تلوم الدولة اليمنية المتمثلة في الشرعية المعترف بها في الجزائر والتي تصرح في كل مرة بأن الحوثيين بتصرفاتهم سيدخلون البلاد في حرب دامية؟! تصور يا سلطان وكأن المسألة مجمع عليها بين البشر ولم يخالف إلا المداخلة؟! ما هكذا تكون الكتابة المنصفة! اذكر لي في الحلقات القادمة موقفك من محور الممانعة وهل تخالف الطرح السلفي وهل انقلبت على عقبيك وتناسيت مقالاتك الكثيرة عن الروافض والحوثيين؟! وقد كنت يومها تعترف بأن العمالة لليهود هي تهمة كانت تطال كل من يتحدث عن حقيقة العلاقة بين أمريكا وإيران كما في مقالك: «الحوثيون/ 28 /08 /2014 الشروق»:
«تصدّرت إيران قائمة الدّول الإسلامية التي سارعت إلى شجب الهجوم الذي تعرّض له برجا التجارة في نيويورك، وأبدت استعدادها للتعاون في مجال "الحرب على الإرهاب" وبدأت هذه الحقيقة تلفت الانتباه مع الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003م، وتجلّت أكثر في السّنوات الثلاث الأخيرة، بعد أن كانت قبل ذلك من الطابوهات التي يُتّهم من يخوض فيها بالعمالة للمشروع الصهيو-أمريكيّ!».
قلت: ها قد رأيت أخي القارئ بأن تهمة العمالة لليهود ضاربة في التاريخ وليست محصورة في المداخلة ولا مخصوصة بقضية غزة ومستراح منه وإنما هي تهمة قبيحة تستغل في كل مرة للانتقام في الخصومات لأنها تلعب على عواطف المسلمين في قضية القدس المجمع عليها! وإن شاء الله سيجد القارئ في حلقاتي القادمة المزيد من التفصيل في هذه القضية والإثبات بالحجة على أن هذه التهمة ألصقت بالأئمة الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين وفي نفس القضية!
أمّا قولك:
«ويسقطون كلّ من يحاربهم في فلسطين باسم الإسلام!» فهو قول من نقشت كلمة الإسقاط في قلبه ظنا منه بأن كل نقدٍ وتوجيه وتصحيح إنما هو إسقاط! ولا أدري هل حصيلة سلطان المعرفية في تاريخ الثورة الجزائرية ضئيلة إلى هذا الحد؟! حتى لا أقول حصيلته المعرفية في تاريخ الجهاد الإسلامي! وإلا كيف يتغافل أن الله رب العالمين عاتب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أسياد المجاهدين وفي وقت الحرب فقال سبحانه
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا}، فهل حماس والقسام أفضل وأعلى مكانة أم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهل عتاب ربّهم وفي زمن الحرب لم يكن باسم الإسلام؟! أقول هذا على فرض أن العلامة ربيعا المدخلي انتقد فعلا حماس أثناء هذه الحرب القذرة التي يشنها أعداء الله الصهاينة! فكيف والشيخ لم يصدر منه شيء بل نقل عنه الدعاء على اليهود والدعاء للمسلمين في غزة بالنصر على أعدائهم!
وكما قلت: هل جهلت يا سلطان محاكمات الثورة ومراسلات القادة وقرارات الاجتماعات التي لا تحصى وكان الغرض منها التصحيح والنقد الهادف لمسار الجهاد في الجزائر! هل تعتقد فعلا بأن المجاهد يصير معصوما في ساعة المواجهة؟! بلى والله فهي ساعة يكون فيها أحوج الناس إلى النصح والإرشاد! وكم من جندي عوقب في المعركة وكم من قائد أقيل أثناء الحرب! كل هذا في تصور سلطان إسقاط! أسأل الله أن يخلصك من هذا الوهم.
أما قولك:
«فكيف استطاعوا أن يصلوا إلى هذا الهدف؟! الجواب في حلقات قادمة بإذن الله»، فإني مذكرك قبل الشروع في حلقاتك القادمة بطائفة أخرى وصفتها بالعمالة لليهود لا تقل خطورة عن المداخلة الذين تتحدث عنهم وأجزم أنك نسيتها! لكن لا بأس أذكرك بها لعلها تنال نصيبا من سلاسلك!
قلتَ في مقالك في جريدة الشروق بعنوان: «الإسلام السياحي» بتاريخ: «14/ 05/2014»:
«وليست هذه المرة الأولى التي تتبنى فيها إسرائيل الترويج للتصوف الطرقي وتوصي بدعمه، فقد سبق لأكاديمية القاسمي بالاشتراك مع الجامعة العبرية في القدس أنْ عقدت ملتقًى عُدَّ الأول من نوعه في إسرائيل، لبحث سبل دعم التصوف ونشره، بعنوان “التصوف في فلسطين: الماضي والحاضر” يومي 26 و27 أفريل 2006م في قاعة "مئير سدورف" بالجامعة العبرية، مراكز البحث الغربية من جهتها كانت قد تبنت الدعوة إلى دعم التصوف الطرقي للوقوف في وجه الحركات الدعوية والجهادية بعد أحداث الـ11سبتمبر 2001م».
قلت: بعدما تُكمل حلقاتك عن المداخلة ننتظر منك وبشغف كبير الشروع في حلقات جديدة عن عملاء آخرين للصهاينة وقد سبق أن حدثتنا عنهم كما في النقل السابق لكنك نسيت إتمام الموضوع! فأرجو أن تتحلّى بالشجاعة والإقدام لاسيما وقد عمَّ البلاء بالمتصوفة وتحذّر الشعب وحتى الدولة من شر هؤلاء! أم أنك ستخشى سطوتهم وتأخذ بالرخصة؟! ننتظر...
قال سلطان بركاني: «يتبع بإذن الله…».
قلت: يتبع بإذن الله.... والحمد لله رب العالمين.