قال الذهبي (ت 748هـ) في "سير أعلام النُّبلاء" (133/14) : "وهو - أي النَّسائي - أحذق بالحديث وعلله من مسلم ومن أبي داود ومن أبي عيسى وهو جارٍ في مضمار البخاري وأبي زرعة . .."
ولكن ما هو الذي رفع مسلماً إلى هذه الدَّرجة ، وأوصله إلى هذا القبول ؟
والجواب هو : إتقانه لصحيحه !
حتَّى قال ابن الصلاح643هـ :" وقد كان لمسلم أقران يفضلونه وأقران يساوونه ، ولكنَّ الله رفعه إلى مناط النجوم بصحيحه " .
وقد أتقنه مستعيناً بعد الله تعالى بعاملين اثنين :
الأوَّل: الصَّبرُ الشَّديد على البحث والعلم ، وعدم الاستعجال في ذلك ، فقد ألَّفه في خمسة عشر عاماً .
الثَّاني: عرض الكتاب على أكابر علماء عصره ، ولم يستنكف من ذلك ، وقد عرض صحيحه على الإمام الكبير أبي زرعة الرازي ت 264هـ ،
وقال مسلم :" فما أشار أبو زرعة إلى إخراجه من الكتاب أخرجته منه حاشا أربعة أحاديث ".
ولهذا يحلو لبعضهم أن يقول :" صحيح مسلم بتحقيق أبي زرعة الرازي "..
واليوم يقدم صحيح مسلم على سنن النَّسائي ..
بل كان بعض معاصري مسلم ينتقدونه على كتابه فبقي هو ونسي الدهر أسماء خصومه ومنتقديه ..
فقد فرحنا بها في وقت كثر الطعن في الإمام مسلم وصحيحه وكثر الكلام على منهجه في كتابه.
كونهم طعنوا في الإمام مسلم فيه نظر! بل إن منهم من يبالغ في مدحه ويصفه بالعبقرية تمويها لباطله وتغطية له (انظر الرد المفحم على من اعتدى على صحيح مسلم للإمام ربيع المدخلي ص10)
نعم تكلموا في منهجه في ترتيب أحاديث صحيحه الأصح فما دونه، وجعلوا منه كتاب علل جهلا منهم بناء على سوء فهم لكلام العلماء، إن لم يسلموا من سوء طوية.
وفيما نقله الأستاذ رد دامغ عليهم، فكونه عرضه على أبي زرعة -رحمه الله- " فما أشار إلى إخراجه من الكتاب أخرجه منه حاشا أربعة أحاديث "، يرد على مقولتهم الجائرة، ويدل على أن الإمام مسلم إنما توخى إخراج الصحيح في صحيحه، واختلاف ترتيب أحاديث الأبواب في صحيحه يدل على فساد تقعيدهم كذلك (انظر منهج الإمام مسلم في ترتيب كتابه الصحيح ودحض شبهات حوله (رد على المليباري) للشيخ ربيع)
التعديل الأخير تم بواسطة مهدي بن صالح البجائي ; 15 May 2014 الساعة 02:22 PM