منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 05 May 2017, 12:00 AM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي ألأننا رجال بلحىً و قُمُص ... ؟

بــــسم الله الرحمن الرحيــــم


قبيل مغرب يوم الإثنين السادس جمادى الأولى سنة سبع و ثلاثين و أربعمائة و ألف من هجرة النبي صلى الله عليه و سلم ، الموافق للخامس عشر من فبراير سنة ستة عشر و ألفين من ميلاد النبي عيسى عليه السلام .
أدرت العِمامة فوق رأسي متلثِّما ، و تعطّرت متضمِّخا مُتشمِّما ، ثمّ خرجت شطر المسجد ميمِّما، قبيل الصّلاة ، و كالعادة كوّمت جسدي فوق صخرة و أسندتُ ظهري إلى الحائط ، أنتظر أن تتوار الشّمس بالحجاب ، و يَشرع قيِّم الجامع في فتح الأبواب .
و بينما أنا من شدّة البرد أتأبّط كفَّيَّ و أضمُّهما من الصّقيعِ إلى جناحيّ . إذ وقفت بجانبي شاحنة صغيرة ، يقودها رجل غريب عن البلد ، فسلّم و تقدّم ، ثمّ أحجم ثم تكلّم ، و قال قولا يقوله النّاس عندنا ( ضيف الله ) ــ بغضّ النّظر عن جواز ذلك أو بطلانه ــ و يقصدون به : عابر سبيل ، فهل من مُضيف ؟
فقلت مرحبا بالضّيف ، بعد أن رددت السّلام .
ثمّ وقفت و عانقته ، فسألته عن حاله ، فقال : إنّه ذاهب إلى غرداية حيث نشأ و يقيم ، و قد أتى عليه النّهار جُلُّه و هو خلف عجلة القيادة ، فركبه من التّعب أمثال الجبال ، و لا يزال بينه و بين وُجهته مفاوز و أهوال ، و قفار تنقطع دونها أعناق الإبل و تذوب من هولها أكبادها .
فقلتُ له : المبيتَ و العَشاء .
فقال : إن شاء الله .
فوعدته اللُّقيا بعد الصّلاة .
و بعد انصرافنا منها ، ذهبنا إلى المنزل ، فأعددت له مُتَّكئا ، و بادرت إلى حفنة من جمر فأوقدتُ عليها ، و أعدّتْ أهلي صينيّة الشاي ، مُكتملة الآلة بهيّة الهالة .
و أردت ــ على عادتنا ــ أن أُؤنس ضيفي ، فكالمت جماعة من الإخوان ، ليحضروا قعدة الشاي ، لهم في الأحاديث بدع و فنون ، نزيهة عن آثام أهل البدع و المجون ، بريئة من سفاسف السُّفهاء و ذوي الجنون . قوم تحْلُوا بوجودهم المجالسة و تتمُّ بقربهم المجانسة .
ثمّ وضعت المِجمر بيني و بينه ، و تربّعت على الصينية ، فارخيتُ عقدة العمامة و كشفت اللّثام ، فظهرت تحته لحية أشدُّ سوادا من كُحل أصبهان .
فرأيت أن العَجَبَ نزل عليه كالفيضان ، و أصبح من هول ما رأى بين النّائم و اليقضان .
و ما إن حططت البرَّاد على الجمر ، و أعددتُ الفِرَنَّةَ* لهذا الأمر ، حتّى دُقَّ الباب ، و سلّم الأصحاب و الأحباب .
ففتح ابني لهم و إلى صدر المجلس أولجهم . رجالٌ تُزين وجوههم لحىً كآساد الغاب ، و تُسفر ثغورهم عن سيماء الحلِّ و التِّرحاب .
فسلّموا و رحّبوا بالضّيف ، سلاما أحرّ من الرّمضاء في الصّيف ، و هنا هرب الدّم من وجه صاحبنا حتى صار كالسّيف .
و صار الإبريق يقعدُ على أبردَ مما يقعد عليه ضيفنا ، و حدثته نفسه بليلة صبحُها لا يتنفّس و فجرُها لا يُتحسّس .
و عندما أمسى الحديث ذو شجون ، أبان صاحبنا أن الصّمت له فنون ، ثمّ اعتذر بأنّه يريد أن يُهاتف أحدا ، فأوصلته إلى الباب .
فقال : إنه ذاهب إلى المسجد .
فقلت له : و الشاي ؟
فقال : لا إرب لي فيه .
بالرّغم من أنّه قبل أن يُكشف اللّثام ، و تظهر اللّحية للكرام ، كان الشّاي هو المُبتغى و المرام .
فقلتُ : دونك و ما تريد ، و المهمُّ العَشاء . فقال : بعد العِشاء .
ثمّ دخلت ، فسألني الإخوان عن الضيف ، فقلت : عابر سبيل ، و قد سأل الضِّيافة فوجبت ، و لست أعرفه قبل السّاعة .
فقال أحدهم : أيريد المبيت ؟
فقلت : نعم .
فقال : إنّ هذا الأمر لا يخلو من مخاطرة ، و ما تدري من الرّجل ؟
فقلت : سيكون خيرا إن شاء الله ، و ما ينبغي لنا أن نظنّ سوءا بالرّجل .
فقال : إذهب به إلى مكتب الدّرك ليتوثقوا من حقيقته ، و يحفظوا هويّته زيادة في الإحتياط .
فقلت : لا تطاوعني نفسي ، و لا أرى هذا من أفعال الكرام .
و كانت بادرةً لتجود ألسنة القوم بأخبار الكرام و غدر اللّئام .
... و عند العَشاء ، كان الضّيف يأكل على استحياء ، كأنّما أصاب يده الكلل و الإعياء ، و كان كأنّه يُلقِم نملة ، أو يمضغ رملة . و بعد أربع لقيمات أو خمس ، مسح يديه و فمه ، و حمدالله ، ثمّ شكرني على هذا الصّنيع و زعم أنّه كان قد ملأ معدته عشيا ، و لا يزال مريئُهُ منها نديّا .
فاستأذن للخروج .
فقلت مُستغربا : إلى أين ؟
فقال : سأبيت عند رجل آخر .
فقلتُ : أتعرف أحدا هنا ؟
قال : لا ، لكنّ صاحبي كلّم رجلا يعرفه في بلدتكم ، و قد دعاني للمبيت عنده .
فقلت : أنا مُضيفك الأوّل و لي حقٌّ عليك ، و من العار أن أدعك تذهب .
فاعتذر و ألحّ ، فعلمت أن في الأمر خطبا ...
فودّعته و تركته يذهب .
علمتُ بعدها :
أنّه لمّا دخل الإخوان ، أوجس صاحبنا خيفة من هؤلاء الملتحين ، و حدّثته نفسه أنّه قد جاء أجله في هذا الحين .
فخرج من الدّار ، و كلّم صاحبا له في بلده ، ثمّ وجّهه هذا الأخير إلى رجل من معارفه عندنا ليبيت عنده .
ثمّ أخبر الضيف الرّجل الذي بات عنده أنه ظن أنّ اجتماعنا وقت الشاي كان لأمرٍ سوءٍ ، و أنّا قد خطّطنا لنغدر به .
و ما ذلك إلاّ لأنّنا قد ترسّمنا خطى نبيّنا صلى الله عليه و سلم .
فهاله منظر القُمُص القِصار ، و اللّحى المُرخاة ، و الشوارب المُحفاة .
و بُليدتنا صغيرة يعرف الكلّ فيها الكلّ ، و أصحابنا أشهر من نار على علم بحسن الأخلاق و نَبذ الشّقاق و سلوك سبيل الإتّفاق .
فقال له الرّجل : إن هذا الصِّنف الذي تخوّفته ، نسمع عنه و لم نره و الحمد لله ، و الذين استضافوك من خيرة الشّباب و الرّجال ،و ما ظننتَه فيهم واحدٌ من أَضرُب المُحال .

يا ترى أكان يكون حسَن الظَنِّ لو استضافه قومٌ لا قُمُص لهم و لا لحىً ؟
أأصبحت اللّحية و القميص أمارة على الغدر و الشرّ ؟
أم أن هذا من ثمرات أفعال الخوارج ، و الرّجل معذور على إساءته الظّنَّ ؟



هذا ما حدث حقيقة في التاريخ المسطور أعلاه

ــــــــــــــــــــ
*_ الفِرنّة : المِجمر و هو إناء من حديد يوضع فيه الجمر


بقلم : أبي عاصم مصطفى بن محمد
السُّلميّ
تبلبـــالة


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 05 May 2017 الساعة 12:18 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05 May 2017, 10:00 AM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي

لست أدري كيف وضعت موضوعين متشابهين في نفس الوقت في ركن واحد
فعذرا ، و احذفوا أحدهما جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06 May 2017, 05:46 AM
موسى بن أحمد مستوي موسى بن أحمد مستوي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2017
المشاركات: 43
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06 May 2017, 09:12 AM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي

و إياك أخي موسى . أحسن الله إليك و بارك فيك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 May 2017, 01:42 AM
أبو عمر محمد أبو عمر محمد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 176
افتراضي

القصة مع أنّها محزنة مؤسفة إلا أنّ القالب الذي عُرضت فيه أنسى الأسى الذي تحمله
فبارك الله فيك و في قلمك
و نسأل الله أن يهدينا أجمعين .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 May 2017, 10:44 AM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي

جزاك الله خيرا و أحسن إليك أخي الفاضل أبا عمر
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013