أنواعُ التّفسيرِ للشيخ عبد الملك رمضاني حفظه الله
--------------------------------------------------------------------------------
أنواعُ التّفسيرِ
اختلفت مناهجُ المفسّرين للقرآن الكريم ، فمنهم من عُمدته الرّأيُ ، و منهم من عُمدته اللّغة العربية ، و منهم من عمدته الإشاراتُ الخفيّة و المعاني الباطنيّة ، و أسعدُهم بالحقّ من عمدته الأثرُ ، فيفسّر القرآن بالقرآن ، ويفسّره بالسّنّة ، ويفسّره بآثار السّلف ، مع ما آتاه الله عزّ وجلّ من معرفة واسعةٍ باللّسان العربي ، فمن جمع الله له علم هذه المناحي الأربعة فقد جمع له أسباب التّوفيق إلى إصابة المعنى الصّحيح من كلام الله إن شاء الله ، مع ما يكون عليه من سلامة معتقدٍ و فقهٍ في الدّين وتقوًى لله ربّ العالمين ، و قد يكون ضليعًا في اللّغة ضعيفًا في الاطّلاع على الأثر فيفوته خيرٌ كثير ، فإنّ اللّغة واسعةٌ ذات مفرداتٍ متشعّبة المعاني ، و قد يوجد في القرآن أو في السنّة ما يُعيِّن إحدى مفردات اللّفظ القرآنيّ و هو لا يدري ، أو يكونُ للصحّابيّ علمٌ بالقرائن الحاليّة للتّنزيل المعِينة على صحيح التّأويل فيخفى ذلك على غيره ، أو يكون قد انطلق من بعض القواعد القرآنيّة الجامعة ، ويكون اللّغويُّ غيرَ مطّلعٍ عليها ، فيخالف السّلف ظنّاً منه أنّ الوضعَ اللّغويَّ وحده كافٍ لأن يقول في كتاب الله ما قال .
و قد يكون المنتصبُ للتّفسير متخصّصاً في العلوم الكونيّة لكنَّ بضاعته الشّرعيّةَ مزجاةٌ ، فيتخيَّلُ في كلّ آية ما يسمّى اليومَ ب ( الإعجازِ العلميِّ ) ، حتّى الصّلاة فقد يفسّرها برياضةٍ بدنيّةٍ !! فتضيعُ حلاوةُ العبادة وهَيْبَةُ الخشوع و القرب من الله بين أحضان مثل هذا التّفسير المادّيّ ، و قد رأينا من فسّر القرآن كلَّه على هذا النّمط ، فحوّل هذا الكتاب الهادي إلى كتاب مادّي ، و حرّف معانيَ آياته بحسَب تأثّره بأوهام المدنيّة الحديثة .
و قد يكون المنتصب للتّفسير خرافيَّ المعتقد ، فيلحد في آيات الكتاب ، و يلصق بها من الخرافات العجبَ العُجاب !!
و الموفّقُ من راعى تلك الأصول التي بدأنا بها هذا الفصل ، فجعل اللّغة بين يديه ، وتفاسير السّلف نصب عينيه ، مع معرفته بصحيحها من سقيمها ؛ فإنّ القوم قد عرفوا عن الله و رسوله ما لم يعرفه غيرهم إلا من كان من مشربهم ينهلُ ، و قد أيّدهم الله بالتّوفيق و إصابة الحقّ لما كانوا عليه من أسباب التقوى و حسن الدّيانة .
و كلامنا هنا مرتبط بالاستنباط أكثر منه بالتّفسير، وهما – و إن كانا قريبين – إلا أنّ الاستنباط أخصُّ ، وأهله أخصّ ، و لذلك فإنّ باب الاستنباط من الكتاب و السّنة غير مُشرَعٍ للجميع ؛ فإنّ من دخل فيما لا يحسنُ أفسد أكثر ممّا يتوهّم أنّه يصلح ، كما أنّ من دخل في غير فنّه أتى بالعجائب ، و قد رأيتُ لابن القيّم رحمه الله كلمةً جامعةً بيّن فيها اختلاف النّاس في أصول تفاسيرهم ، وبيّن أيضا الاحترازات التي ينبغي أن يراعيَها من لاح له معنى في كتاب الله ، فقال في " التّبيان في أقسام القرآن " ( 1/50 ) : " و تفسير النّاس يدور على ثلاثة أصول :
1 - تفسير على اللّفظ ، و هو الذي ينحو إليه المتأخّرون .
2 - و تفسير على المعنى ، وهو الذي يذكره السّلف .
3 - و تفسير على الإشارة و القياس ، و هو الذي ينحو إليه كثير من الصّوفية و غيرهم ، و هذا لا بأس به بأربعة شرائط :
- أن لا يناقض معنى الآية .
- و أن يكون معنًى صحيحا في نفسه .
- و أن يكون في اللّفظ إشعار به .
- و أن يكون بينه و بين معنى الآية ارتباطٌ وتلازمٌ .
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً " و انظر " الموافقات " للشاطبيّ ( 3/394 ) .
و هذا الذي قوّاه ابن القيّم في حسن الاستنباط في تأويل كلام الله يقوم على دِعامة الفقه [ في ] الدّين ، وقد جمعهما الرّسول صلى الله عليه و سلّم لحبر هذه الأمّة عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما في دعائه له بقوله : " اللهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل " رواه أحمد ( 1/266 ) بإسناد صحيح ، فكان ابن عبّاس من المحلّ المعروف في التّفسير خاصّة .
ثمّ إنّ للاستنباط طُرقًا شتّى .
فقد يعتمد صاحبه على التّقاسيم و النّظائر ، كأن يقول : جمعت هذه الآية بين العلم والعمل ، أو يقال : جمعت بين أصول الإيمان الستّة ، أو يقول : جمعت هذه الآية بين حقوق الله وحقوق العباد ، أو يقول : هي على قاعدة التّحذير من مرض الشّبهة ومرض الشّهوة ، إلى غير ذلك ممّا يعرفه المطّلع على القواعد الشّرعيّة و الأصول الجامعة .
و قد يعتمد المستنبط على قرائن الأحوال جمعا بينها و بين الأهداف الكلّية ، كما في تفسير ابن عبّاس لسورة النّصر ، فقد روىالبخاريُّ ( 4294 ) عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : " كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ، فقال بعضهم : لِمَ تدخل هذا الفتى معنا و لنا أبناء مثله ؟ ! فقال : إنّه ممّن قد علمتم ! قال : فدعاهم ذات يوم و دعاني معهم ، قال : و ما أُريتُه دعاني يومئذٍ إلا ليُريَِهم منّي ، فقال : ما تقولون في ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ . وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا ﴾ ( النّصر 1 – 2 ) حتّى ختم السّورةَ ، فقال بعضهم : أُمرنا أن نحمد الله و نستغفره إذا نصَرَنا و فَتَح علينا ، و قال بعضهم : لا ندري ، أو لم يقل بعضهم شيئا ، فقال لي : يا ابن عبّاس ! أَكذاكَ تقول ؟ قلت : لا ! قال : فما تقولُ ؟ قلت : هو أجلُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعلمه الله له ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ ﴾ : فتحُ مكَّةَ ، فذاك علامة أجلك ، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ ، قال عمر : ما أعلمُ منها إلا ما تعلمُ " .
فأين يجد المرء في هذه السّورة ذكرًا للأجل لولا توفيقُ الله لمن شاء من عباده ؟! فنقول كما قال ابن القيّم في " بدائع الفوائد " ( 1/338 – العمران ) في مناسبة أخرى : " فهل خطر ببالك قطُّ أنّ هذه الآية تتضمّن هذه العلوم و المعارف مع كثرة قراءتك لها و سماعك إيّاها ، و هكذا سائر آيات القرآن فما أشدّها من حسرة و أعظمها من غَبنة على من أفنى أوقاتَه في طلب العلم ، ثمّ يخرج من الدّنيا و ما فهمَ حقائق القرآن و لا باشر قلبُه أسراره و معانيَه ، فالله المستعان " ، و قال في " مدارج السالكين " ( 1/43 ) : " فالفهم عن الله ورسوله عنوان الصّديقيّة و منشور الولاية النّبويّة ، و فيه تفاوتت مراتب العلماء حتّى عُدّ ألفٌ بواحدٍ ! فانظر إلى فهم ابن عبّاس و قد سأله عمر و من حضر من أهل بدر عن سورة ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ ﴾ و ما خُصّ به ابن عبّاس من فهمه منها أنّها نعي الله سبحانه نبيَّه إلى نفسه و إعلامه بحضور أجله ، و موافقة عمر له على ذلك ، و خفائه عن غيرهما من الصّحابة ، و ابن عبّاس إذ ذاك أحدثُهم سِنًّا ! و أين تجد في هذه السّورة الإعلامَ بأجله لولا الفهمُ الخاصّ ؟! و يدِقّ هذا حتّى يصل إلى مراتبَ تتقاصر عنها أفهام أكثر النّاس ، فيحتاج مع النّص إلى غيره ، و لا يقع الاستغناء بالنّصوص في حقّه ، وأمّا في حقّ صاحب الفهم فلا يحتاج مع النّصوص إلى غيرها " .
و قد بيّن ابن تيمية أنّ وجه ذلك كامنٌ في لفظ الاستغفار في قوله : ﴿ وَ اسْتَغْفِرْهُ ﴾ الّذي عُلم باستقراء نصوص الشّريعة أنّه يجيء في خاتمة الأعمال ، مع مناسبة إنهاء النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم وظيفتَه التي أُرسل لتحقيقها ، فقال في " مجموع الفتاوى " ( 16/418 ) : " و هذا باطن الآية الموافق لظاهرها ؛ فإنّه لمّا أُمر بالاستغفار عند ظهور الدّين – والاستغفار يِؤمر به عند ختام الأعمال ، و بظهور الدّين حصل مقصود الرّسالة – علموا أنّه إعلامٌ بقرب الأجل مع أمور أُخَر ، و فوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ ، و الاستدلال على الشّيء بملزوماته ، والشّيء قد يكون له لازمٌ ، وللازمِه لازمٌ ، و هلمّ جرّا ، فمن النّاس من يكون أفطنَ بمعرفة اللّوازم من غيره يستدلّ بالملزوم على اللاّزم ... " .
ومنهم من يعتمد على جمع الآيات في الموضوع الواحد ليستنبط منها حكما خفيّا لو أخذت كلّ آية على حدة ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ( الأحقاف : 15 ) ، فقد جعل الله هذه المدّة للحمل و الفصال ، والفصالُ هو فطام الولد عن لبن أمّه ، و هذا يكون بعد أربعٍ و عشرينَ شهرا ؛ لقول الله عزّ وجلّ : ﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ( البقرة : 233 ) ، فإذا طرحنا مدّة الفصال من مجموع ثلاثين شهرا نتج لنا مدّة الحمل التي هي ستّة أشهر ، فقال العلماء : هذه أقلّ مدّة الحمل ، وقد رواه ابن جرير في " تفسيره " ( 2/491 ) و ابن أبي حاتم أيضا ( 18567 ) و الحاكم ( 2/308 ) و البيهقيّ ( 7/442 ) عن ابن عبّاس بإسناد صحيح ، وهذا استدلال بدلالة مجموع أدلّة القرآن ، كما ذكر الآمديّ في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 3/73 ) ، وقال ابن كثير في تفسير آية الأحقاف السّابقة بعد أن نسب ذاك الاستنباط لعليّ رضي الله عنه : " وهواستنباط قويٌّ صحيح ، و وافقه عليه عثمان و جماعة من الصّحابة رضي الله عنهم " ، و قال ابن عبد البرّ في " الاستذكار " ( 7/493 ) : " لا أعلم خلافا بين أهل العلم فيما قاله عليّ و ابن عبّاس في هذا الباب في أقلّ الحمل ، وهو أصل و إجماع ، و في الخبر بذلك فضيلة كبيرة و شهادة عادلة لعليّ و ابن عبّاس في موضعهما من الفقه في دين الله عزّ و جلّ و المعرفة بكتاب الله عزّ و جلّ " .
و فيه قصّة رواها عبد الرّزّاق ( 13449 ) و ابن شبّة في "أخبار المدينة " ( 1691 ) ) بإسناد صحيح عن نافع بن جبير أنّ ابن عبّاس أخبره قال : " إنّي لصاحب المرأة التي أُتي بها عمرُ وضعت لستّة أشهر ، فأنكر النّاس ذلك ، فقلت لعمر : لم تظلم ؟ فقال : كيف ؟ قال : قلت له : اقرأ : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، و قال :﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ، كم الحولُ ؟ قال : سنة ، قال : قلت : كم السّنة ؟ قال : اثني عشر شهرا ، قال : قلت : فأربعة و عشرون شهرا حولان كاملان ، ويؤخَّر من الحمل ما شاء الله و يقدَّم ، فاستراح عمر إلى قولي " .
و قد وقعت أيضا بين ابن عبّاس و عثمان رضي الله عنهما ، فقد روى عبد الرّزّاق ( 13446 ) و ابن شبّة في " أخبار المدينة " (1688 ) و ( 1690 ) و ابن جرير في " تفسيره ( 2/491 ) و ابن وهب و إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " كما في " التّلخيص الحبير " لابن حجر ( 3/ 219 ) بإسناد صحيح عن أبي عبيد مولى عبد الرّحمن ابن عوف قال : " رفعت إلى عثمان امرأةٌ ولدت لستّة أشهر ، فقال : إنّها رفعت إليّ امرأة – لا أُراه إلا قال - : و قد جاءت بشرٍّ أو نحو هذا ، ولدت لستّة أشهر ، فقال ابن عبّاس : إذا أتمّت الرَّضاع كان الحمل ستّة أشهر ، قال وتلا ابن عبّاس : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، فإذا أتمّت الرّضاع كان الحمل ستّة أشهر " ، وصحّحها ابن حجر في المصدر المذكور .
و في لفظ رواه عبد الرّزّاق ( 13447 ) و سعيد بن منصور في " سننه " ( 2705 ) و ابن شبّة ( 1689 ) عن قائد ابن عبّاس قال : " أتي عثمان بامرأة ولدت في ستّة أشهر ، فأمر برجمها ، فقال ابن عبّاس : ادنوني منه ، فلمّا أَدْنَوه منه : قال : إنّها إن تخاصِمْك بكتاب الله تَخْصِمك ؛ يقول الله تعالى ﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ، ويقول الله في آية أخرى : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، فقد حملته ستّة أشهر ، فهي ترضعه لكم حولين كاملين ، قال : فدعا بها عثمان فخلّى سبيلها " .
و وردت رواياتٌ أخرى فيها أنّ ذلك وقع بين عليّ و عمر رضي الله عنهما ، أخرجها عبد الرّزّاق ( 13443 - 13444 ) و ( 13448 ) و سعيد بن منصور ( 2074 ) و ابن شبَّة ( 1692 ) و البيهقي ( 7/442 ) .
و في أخرى أنّ ذلك كان بين عليّ و عثمان رضي الله عنهما ، أخرجها ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 18566 ) و ابن شبّة ( 1693 ) و البيهقي ( 7/442 ) ، والله أعلم .
و قد يعتمد المستنبط على النّظر في السّياق و السّباق ، وكان هذا النّوع أيضا معروفا عند السّلف ؛ فقد روى عبد الرّزاق ( 5988 ) عن إبراهيمَ النّخعي قال : قال ابن مسعود : " إذا سأل أحدكم صاحبَه كيف يقرأ آية كذا و كذا ، فليسأله عمّا قبلها " ، و هو صحيح ؛ لأنّه من رواية إبراهيم عن ابن مسعود ، و قد صحّحوها كما في " شرح علل التّرمذي " لابن رجبٍ ( 1/556 ) ، و روى أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم في " فضائل القرآن " ( ص 377 ) و ابن أبي شيبة ( 35588 ) و أبو نعيمٍ ( 2/292 ) عن مسلم بن يسار رحمه الله قال : " إذا حدَّثتَ حديثًا ، فقف حتّى تنظر ما قبله و ما بعده "
ومن لم يفعل ذلك يوشكُ أن يضرب القرآنَ بعضه ببعض و يفهمه فهمًا غلطًا ، بل جلُّ البدع ظهر بسبب الأخذ ببعض الآيات و إغفال البعض الآخر ، ومثاله ما في قصّة جابر رضي الله عنه مع الخوارج الذين فارقوا الصحابة رضي الله عنهم و ظنّوا أنّهم أفهمُ لكتاب الله منهم ، فأخذوا ببعض الآيات التي ظاهرها التّكفير بالكبيرة وعزلوها عن أخواتها الأخرى ، ومن ذلك أنّهم فسّروا خطأً قوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ ( المائدة 37 ) على أنّ ذلك في حقّ كلّ من دخل النّار مسلما كان أو غير مسلم ، ففي " تفسير ابن كثير " أنّه قال عند هذه الآية : " روى ابن مردويه من طريق المسعودي عن يزيد بن صهيب الفقير عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( يخرجُ من النّار قومٌ فيدخلون الجنّة ) ، قال : فقلت لجابر بن عبد الله : يقول الله :﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ﴾ ! قال : اتلُ أوّل الآية :﴿ إِنَّ الّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ ﴾ الآية ( المائدة 36 ) ، ألا إنّهم الّذين كفروا " ، أي إنّ أوّل الآية يدلّ على أنّ ما بعدها – الّذي هو الخلود في النّار – خاصّ بالكفّار
من كلّ سورة فائدة " للشيخ عبد الملك رمضاني حفظه الله
|