منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24 May 2010, 08:23 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي أنواعُ التّفسيرِ للشيخ عبد الملك رمضاني حفظه الله

--------------------------------------------------------------------------------

أنواعُ التّفسيرِ


اختلفت مناهجُ المفسّرين للقرآن الكريم ، فمنهم من عُمدته الرّأيُ ، و منهم من عُمدته اللّغة العربية ، و منهم من عمدته الإشاراتُ الخفيّة و المعاني الباطنيّة ، و أسعدُهم بالحقّ من عمدته الأثرُ ، فيفسّر القرآن بالقرآن ، ويفسّره بالسّنّة ، ويفسّره بآثار السّلف ، مع ما آتاه الله عزّ وجلّ من معرفة واسعةٍ باللّسان العربي ، فمن جمع الله له علم هذه المناحي الأربعة فقد جمع له أسباب التّوفيق إلى إصابة المعنى الصّحيح من كلام الله إن شاء الله ، مع ما يكون عليه من سلامة معتقدٍ و فقهٍ في الدّين وتقوًى لله ربّ العالمين ، و قد يكون ضليعًا في اللّغة ضعيفًا في الاطّلاع على الأثر فيفوته خيرٌ كثير ، فإنّ اللّغة واسعةٌ ذات مفرداتٍ متشعّبة المعاني ، و قد يوجد في القرآن أو في السنّة ما يُعيِّن إحدى مفردات اللّفظ القرآنيّ و هو لا يدري ، أو يكونُ للصحّابيّ علمٌ بالقرائن الحاليّة للتّنزيل المعِينة على صحيح التّأويل فيخفى ذلك على غيره ، أو يكون قد انطلق من بعض القواعد القرآنيّة الجامعة ، ويكون اللّغويُّ غيرَ مطّلعٍ عليها ، فيخالف السّلف ظنّاً منه أنّ الوضعَ اللّغويَّ وحده كافٍ لأن يقول في كتاب الله ما قال .
و قد يكون المنتصبُ للتّفسير متخصّصاً في العلوم الكونيّة لكنَّ بضاعته الشّرعيّةَ مزجاةٌ ، فيتخيَّلُ في كلّ آية ما يسمّى اليومَ ب ( الإعجازِ العلميِّ ) ، حتّى الصّلاة فقد يفسّرها برياضةٍ بدنيّةٍ !! فتضيعُ حلاوةُ العبادة وهَيْبَةُ الخشوع و القرب من الله بين أحضان مثل هذا التّفسير المادّيّ ، و قد رأينا من فسّر القرآن كلَّه على هذا النّمط ، فحوّل هذا الكتاب الهادي إلى كتاب مادّي ، و حرّف معانيَ آياته بحسَب تأثّره بأوهام المدنيّة الحديثة .
و قد يكون المنتصب للتّفسير خرافيَّ المعتقد ، فيلحد في آيات الكتاب ، و يلصق بها من الخرافات العجبَ العُجاب !!
و الموفّقُ من راعى تلك الأصول التي بدأنا بها هذا الفصل ، فجعل اللّغة بين يديه ، وتفاسير السّلف نصب عينيه ، مع معرفته بصحيحها من سقيمها ؛ فإنّ القوم قد عرفوا عن الله و رسوله ما لم يعرفه غيرهم إلا من كان من مشربهم ينهلُ ، و قد أيّدهم الله بالتّوفيق و إصابة الحقّ لما كانوا عليه من أسباب التقوى و حسن الدّيانة .
و كلامنا هنا مرتبط بالاستنباط أكثر منه بالتّفسير، وهما – و إن كانا قريبين – إلا أنّ الاستنباط أخصُّ ، وأهله أخصّ ، و لذلك فإنّ باب الاستنباط من الكتاب و السّنة غير مُشرَعٍ للجميع ؛ فإنّ من دخل فيما لا يحسنُ أفسد أكثر ممّا يتوهّم أنّه يصلح ، كما أنّ من دخل في غير فنّه أتى بالعجائب ، و قد رأيتُ لابن القيّم رحمه الله كلمةً جامعةً بيّن فيها اختلاف النّاس في أصول تفاسيرهم ، وبيّن أيضا الاحترازات التي ينبغي أن يراعيَها من لاح له معنى في كتاب الله ، فقال في " التّبيان في أقسام القرآن " ( 1/50 ) : " و تفسير النّاس يدور على ثلاثة أصول :
1 - تفسير على اللّفظ ، و هو الذي ينحو إليه المتأخّرون .
2 - و تفسير على المعنى ، وهو الذي يذكره السّلف .
3 - و تفسير على الإشارة و القياس ، و هو الذي ينحو إليه كثير من الصّوفية و غيرهم ، و هذا لا بأس به بأربعة شرائط :
- أن لا يناقض معنى الآية .
- و أن يكون معنًى صحيحا في نفسه .
- و أن يكون في اللّفظ إشعار به .
- و أن يكون بينه و بين معنى الآية ارتباطٌ وتلازمٌ .
فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً " و انظر " الموافقات " للشاطبيّ ( 3/394 ) .
و هذا الذي قوّاه ابن القيّم في حسن الاستنباط في تأويل كلام الله يقوم على دِعامة الفقه [ في ] الدّين ، وقد جمعهما الرّسول صلى الله عليه و سلّم لحبر هذه الأمّة عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما في دعائه له بقوله : " اللهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل " رواه أحمد ( 1/266 ) بإسناد صحيح ، فكان ابن عبّاس من المحلّ المعروف في التّفسير خاصّة .
ثمّ إنّ للاستنباط طُرقًا شتّى .
فقد يعتمد صاحبه على التّقاسيم و النّظائر ، كأن يقول : جمعت هذه الآية بين العلم والعمل ، أو يقال : جمعت بين أصول الإيمان الستّة ، أو يقول : جمعت هذه الآية بين حقوق الله وحقوق العباد ، أو يقول : هي على قاعدة التّحذير من مرض الشّبهة ومرض الشّهوة ، إلى غير ذلك ممّا يعرفه المطّلع على القواعد الشّرعيّة و الأصول الجامعة .
و قد يعتمد المستنبط على قرائن الأحوال جمعا بينها و بين الأهداف الكلّية ، كما في تفسير ابن عبّاس لسورة النّصر ، فقد روىالبخاريُّ ( 4294 ) عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : " كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ، فقال بعضهم : لِمَ تدخل هذا الفتى معنا و لنا أبناء مثله ؟ ! فقال : إنّه ممّن قد علمتم ! قال : فدعاهم ذات يوم و دعاني معهم ، قال : و ما أُريتُه دعاني يومئذٍ إلا ليُريَِهم منّي ، فقال : ما تقولون في ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ . وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا ﴾ ( النّصر 1 – 2 ) حتّى ختم السّورةَ ، فقال بعضهم : أُمرنا أن نحمد الله و نستغفره إذا نصَرَنا و فَتَح علينا ، و قال بعضهم : لا ندري ، أو لم يقل بعضهم شيئا ، فقال لي : يا ابن عبّاس ! أَكذاكَ تقول ؟ قلت : لا ! قال : فما تقولُ ؟ قلت : هو أجلُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعلمه الله له ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ ﴾ : فتحُ مكَّةَ ، فذاك علامة أجلك ، ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ ، قال عمر : ما أعلمُ منها إلا ما تعلمُ " .
فأين يجد المرء في هذه السّورة ذكرًا للأجل لولا توفيقُ الله لمن شاء من عباده ؟! فنقول كما قال ابن القيّم في " بدائع الفوائد " ( 1/338 – العمران ) في مناسبة أخرى : " فهل خطر ببالك قطُّ أنّ هذه الآية تتضمّن هذه العلوم و المعارف مع كثرة قراءتك لها و سماعك إيّاها ، و هكذا سائر آيات القرآن فما أشدّها من حسرة و أعظمها من غَبنة على من أفنى أوقاتَه في طلب العلم ، ثمّ يخرج من الدّنيا و ما فهمَ حقائق القرآن و لا باشر قلبُه أسراره و معانيَه ، فالله المستعان " ، و قال في " مدارج السالكين " ( 1/43 ) : " فالفهم عن الله ورسوله عنوان الصّديقيّة و منشور الولاية النّبويّة ، و فيه تفاوتت مراتب العلماء حتّى عُدّ ألفٌ بواحدٍ ! فانظر إلى فهم ابن عبّاس و قد سأله عمر و من حضر من أهل بدر عن سورة ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الفَتْحُ ﴾ و ما خُصّ به ابن عبّاس من فهمه منها أنّها نعي الله سبحانه نبيَّه إلى نفسه و إعلامه بحضور أجله ، و موافقة عمر له على ذلك ، و خفائه عن غيرهما من الصّحابة ، و ابن عبّاس إذ ذاك أحدثُهم سِنًّا ! و أين تجد في هذه السّورة الإعلامَ بأجله لولا الفهمُ الخاصّ ؟! و يدِقّ هذا حتّى يصل إلى مراتبَ تتقاصر عنها أفهام أكثر النّاس ، فيحتاج مع النّص إلى غيره ، و لا يقع الاستغناء بالنّصوص في حقّه ، وأمّا في حقّ صاحب الفهم فلا يحتاج مع النّصوص إلى غيرها " .
و قد بيّن ابن تيمية أنّ وجه ذلك كامنٌ في لفظ الاستغفار في قوله : ﴿ وَ اسْتَغْفِرْهُ ﴾ الّذي عُلم باستقراء نصوص الشّريعة أنّه يجيء في خاتمة الأعمال ، مع مناسبة إنهاء النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم وظيفتَه التي أُرسل لتحقيقها ، فقال في " مجموع الفتاوى " ( 16/418 ) : " و هذا باطن الآية الموافق لظاهرها ؛ فإنّه لمّا أُمر بالاستغفار عند ظهور الدّين – والاستغفار يِؤمر به عند ختام الأعمال ، و بظهور الدّين حصل مقصود الرّسالة – علموا أنّه إعلامٌ بقرب الأجل مع أمور أُخَر ، و فوق كلّ ذي علمٍ عليمٌ ، و الاستدلال على الشّيء بملزوماته ، والشّيء قد يكون له لازمٌ ، وللازمِه لازمٌ ، و هلمّ جرّا ، فمن النّاس من يكون أفطنَ بمعرفة اللّوازم من غيره يستدلّ بالملزوم على اللاّزم ... " .
ومنهم من يعتمد على جمع الآيات في الموضوع الواحد ليستنبط منها حكما خفيّا لو أخذت كلّ آية على حدة ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ( الأحقاف : 15 ) ، فقد جعل الله هذه المدّة للحمل و الفصال ، والفصالُ هو فطام الولد عن لبن أمّه ، و هذا يكون بعد أربعٍ و عشرينَ شهرا ؛ لقول الله عزّ وجلّ : ﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ( البقرة : 233 ) ، فإذا طرحنا مدّة الفصال من مجموع ثلاثين شهرا نتج لنا مدّة الحمل التي هي ستّة أشهر ، فقال العلماء : هذه أقلّ مدّة الحمل ، وقد رواه ابن جرير في " تفسيره " ( 2/491 ) و ابن أبي حاتم أيضا ( 18567 ) و الحاكم ( 2/308 ) و البيهقيّ ( 7/442 ) عن ابن عبّاس بإسناد صحيح ، وهذا استدلال بدلالة مجموع أدلّة القرآن ، كما ذكر الآمديّ في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 3/73 ) ، وقال ابن كثير في تفسير آية الأحقاف السّابقة بعد أن نسب ذاك الاستنباط لعليّ رضي الله عنه : " وهواستنباط قويٌّ صحيح ، و وافقه عليه عثمان و جماعة من الصّحابة رضي الله عنهم " ، و قال ابن عبد البرّ في " الاستذكار " ( 7/493 ) : " لا أعلم خلافا بين أهل العلم فيما قاله عليّ و ابن عبّاس في هذا الباب في أقلّ الحمل ، وهو أصل و إجماع ، و في الخبر بذلك فضيلة كبيرة و شهادة عادلة لعليّ و ابن عبّاس في موضعهما من الفقه في دين الله عزّ و جلّ و المعرفة بكتاب الله عزّ و جلّ " .
و فيه قصّة رواها عبد الرّزّاق ( 13449 ) و ابن شبّة في "أخبار المدينة " ( 1691 ) ) بإسناد صحيح عن نافع بن جبير أنّ ابن عبّاس أخبره قال : " إنّي لصاحب المرأة التي أُتي بها عمرُ وضعت لستّة أشهر ، فأنكر النّاس ذلك ، فقلت لعمر : لم تظلم ؟ فقال : كيف ؟ قال : قلت له : اقرأ : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، و قال :﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ، كم الحولُ ؟ قال : سنة ، قال : قلت : كم السّنة ؟ قال : اثني عشر شهرا ، قال : قلت : فأربعة و عشرون شهرا حولان كاملان ، ويؤخَّر من الحمل ما شاء الله و يقدَّم ، فاستراح عمر إلى قولي " .
و قد وقعت أيضا بين ابن عبّاس و عثمان رضي الله عنهما ، فقد روى عبد الرّزّاق ( 13446 ) و ابن شبّة في " أخبار المدينة " (1688 ) و ( 1690 ) و ابن جرير في " تفسيره ( 2/491 ) و ابن وهب و إسماعيل القاضي في " أحكام القرآن " كما في " التّلخيص الحبير " لابن حجر ( 3/ 219 ) بإسناد صحيح عن أبي عبيد مولى عبد الرّحمن ابن عوف قال : " رفعت إلى عثمان امرأةٌ ولدت لستّة أشهر ، فقال : إنّها رفعت إليّ امرأة – لا أُراه إلا قال - : و قد جاءت بشرٍّ أو نحو هذا ، ولدت لستّة أشهر ، فقال ابن عبّاس : إذا أتمّت الرَّضاع كان الحمل ستّة أشهر ، قال وتلا ابن عبّاس : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، فإذا أتمّت الرّضاع كان الحمل ستّة أشهر " ، وصحّحها ابن حجر في المصدر المذكور .
و في لفظ رواه عبد الرّزّاق ( 13447 ) و سعيد بن منصور في " سننه " ( 2705 ) و ابن شبّة ( 1689 ) عن قائد ابن عبّاس قال : " أتي عثمان بامرأة ولدت في ستّة أشهر ، فأمر برجمها ، فقال ابن عبّاس : ادنوني منه ، فلمّا أَدْنَوه منه : قال : إنّها إن تخاصِمْك بكتاب الله تَخْصِمك ؛ يقول الله تعالى ﴿ وَ الوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ ، ويقول الله في آية أخرى : ﴿ وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ، فقد حملته ستّة أشهر ، فهي ترضعه لكم حولين كاملين ، قال : فدعا بها عثمان فخلّى سبيلها " .
و وردت رواياتٌ أخرى فيها أنّ ذلك وقع بين عليّ و عمر رضي الله عنهما ، أخرجها عبد الرّزّاق ( 13443 - 13444 ) و ( 13448 ) و سعيد بن منصور ( 2074 ) و ابن شبَّة ( 1692 ) و البيهقي ( 7/442 ) .
و في أخرى أنّ ذلك كان بين عليّ و عثمان رضي الله عنهما ، أخرجها ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 18566 ) و ابن شبّة ( 1693 ) و البيهقي ( 7/442 ) ، والله أعلم .
و قد يعتمد المستنبط على النّظر في السّياق و السّباق ، وكان هذا النّوع أيضا معروفا عند السّلف ؛ فقد روى عبد الرّزاق ( 5988 ) عن إبراهيمَ النّخعي قال : قال ابن مسعود : " إذا سأل أحدكم صاحبَه كيف يقرأ آية كذا و كذا ، فليسأله عمّا قبلها " ، و هو صحيح ؛ لأنّه من رواية إبراهيم عن ابن مسعود ، و قد صحّحوها كما في " شرح علل التّرمذي " لابن رجبٍ ( 1/556 ) ، و روى أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلاَّم في " فضائل القرآن " ( ص 377 ) و ابن أبي شيبة ( 35588 ) و أبو نعيمٍ ( 2/292 ) عن مسلم بن يسار رحمه الله قال : " إذا حدَّثتَ حديثًا ، فقف حتّى تنظر ما قبله و ما بعده "
ومن لم يفعل ذلك يوشكُ أن يضرب القرآنَ بعضه ببعض و يفهمه فهمًا غلطًا ، بل جلُّ البدع ظهر بسبب الأخذ ببعض الآيات و إغفال البعض الآخر ، ومثاله ما في قصّة جابر رضي الله عنه مع الخوارج الذين فارقوا الصحابة رضي الله عنهم و ظنّوا أنّهم أفهمُ لكتاب الله منهم ، فأخذوا ببعض الآيات التي ظاهرها التّكفير بالكبيرة وعزلوها عن أخواتها الأخرى ، ومن ذلك أنّهم فسّروا خطأً قوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ ( المائدة 37 ) على أنّ ذلك في حقّ كلّ من دخل النّار مسلما كان أو غير مسلم ، ففي " تفسير ابن كثير " أنّه قال عند هذه الآية : " روى ابن مردويه من طريق المسعودي عن يزيد بن صهيب الفقير عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( يخرجُ من النّار قومٌ فيدخلون الجنّة ) ، قال : فقلت لجابر بن عبد الله : يقول الله :﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ﴾ ! قال : اتلُ أوّل الآية :﴿ إِنَّ الّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ ﴾ الآية ( المائدة 36 ) ، ألا إنّهم الّذين كفروا " ، أي إنّ أوّل الآية يدلّ على أنّ ما بعدها – الّذي هو الخلود في النّار – خاصّ بالكفّار

من كلّ سورة فائدة " للشيخ عبد الملك رمضاني حفظه الله
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013