منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 13 Dec 2013, 05:58 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي من قرائن الكشف عن علة حديث سلوك الجادة

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلاَّ على الظَّالمين ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أمَّا بعد :
فإنَّ سلوك الجادة نوع مشهور من الأخطاء التي يقع فيها الرواة ، ويتعامل معه النُّقاد على أنَّه قرينة قوية تُعينهم على اكتشاف الخطأ والتَّرجيح ، ومن ثم معرفة الطَّريق الراجحة التي يُستدل بها على صحة الحديث أو ضعفه ، وهو مُصطلح علمي استعمله الحفَّاظ النُّقاد في تعليل الأحاديث ، وقد يُعلم ذلك ضمنًا دون تصريحٍ لمن يُمارسُ هذا العلم ويتأمل في صنيع النُّقاد الحفاظ.
وقد جعل الحاكم أبو عبد الله النَّيسابوري هذا النَّوع من الأخطاء من أجناس العلَّة العشرة التي أوردها في كتابه "معرفة علوم الحديث" (ط حيدر أباد الدكن ص 118).

تعريف الجادة لغة :

هي الطَّريق الظَّاهرة ، قال تعلى : ((وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ))
قال الرَّاغب الأصفهاني في (مفردات القرآن ط: البابي الحلبي ص89) : " جمع جُدَّة ، أي : الطَّريق الظَّاهرة ، من قولهم طريق مجدود أي مسلوك مقطوع ، ومنه جادة الطَّريق ".
ونقل ابن منظور في (لسان العرب ط: دار صادر 108/3 ، مادة : جدد) عن الفرَّاء قوله : "الجدد : الخطط والطرق ، تكون في الجبال خطط بيض وسود وحمر كالطرق ، واحدها جُدَّة" .
ونقل عن الزَّجاج : "كل طريق جُدَّة وجادة" .
ونقل عن الأزهري : "وجادة الطَّريق سُمِّيَت جادة لأنَّها خُطَّة مُستقيمة ملحُوبة ، وجمعها الجَوَادُّ" .
فيُفهم من هذا أنَّ الجادة هي الطَّريق الواضحة الظَّاهرة المسلوكة تكون معروفة للنَّاس ، وهكذا في الأسانيد التي تُروى بها الأحاديث هناك أسانيد مشهورة معروفة تكثر رواية الأحاديث بها لشهرتها ، مثل إسناد : مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما .
فقد يروي مالك حديثًا عن غير نافع لكن يسبق إلى لسان الرَّاوي اسم نافع ، بينما الطَّريق المحفوظة تكون خلاف ذلك.
وهناك مظهر آخر من سلوك الجادة قد لا يُنتبه إليه : وهو أنَّ الطَّريق تنتهي إلى الصَّحابي ، فيخطئ الرَّاوي فيرفع الموقوف ، أو يصل المرسل ، فيكون بهذا قد سلك الجادة .

الصِّيَغ التي يستعملها النُّقاد للتَّعبير عن سلوك الجادة :

يُعبر النُّقاد عن ذلك بعدَّة صيغ مؤدَّاها واحد ، واشتهر كل ناقد بصيغة معينة ، وأسوق فيما يلي ما اطَّلعت عليه من تلك الصيغ .

1- أخذ طريق المجرَّة :

والمراد بذلك درب التَّبانة ، استعمل هذه العبارة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
فقد روى البيهقي في (السنن الكبرى ط حيدر أباد 474/2) كتاب : الصلاة ، باب : من جعل قبل صلاة المغرب ركعتين. من حديث حيان بن عبيد الله ، حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : "عند كل أذانين ركعتين...".
قال : هذا علمي من الجنس الذي كان الشافعي رحمه الله يقول : " أخذ طريق المجرة " ، فهذا الشيخ لمَّا رأى أخبار ابن بُريدة عن أبيه ، توهم أنَّ هذا الخبر هو أيضا عن أبيه " .
وكذا استعملها الحاكم النَّيسابوري رحمه الله تعالى في (معرفة علوم الحديث ص 118) عند ذكره للجنس التاسع من علل الحديث ، وساق بإسناده عن المنذر الحزامي ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم " كان إذا افتتح الصَّلاة قال : سبحانك اللَّهمَّ تبارك اسمك وتعالى جدك...".
قال الحاكم : لهذا الحديث علَّة صحيحة ، والمنذر بن عبد الله أخذ طريق المجرة فيه ، ثمَّ ساق بإسناده عن أبي غسَّان مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة قال ثنا عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب ، عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلم. الحديث .

2- هذا الطَّريق أسهل عليه :

أكثر من استعماله ابن عدي رحمه الله تعالى في كتاب (الكامل في الضعفاء ط دار الكتب العلمية ، بيروت ، ت : عادل أحمد) منها : 201/1 ، 443/2 ، 418/3 ، 70/4 ، 78/4 ، 146/4 ، 259/4 ، 182/5 ، 229/6 ، 286/6 ، 359/6 .

3- سلك الطريق السهل :

استعمله الدَّارقطني رحمه الله تعالى في كتاب (التَّتبع ت: الإمام الرَّباني والعلَّامة اليماني مقبل بن هادي الوادعي الهمْداني ص 363) عند كلامه على رواية مسلم التي ساقها من طريق ثابت وعمرو بن مُرَّة ، عن أبي بردة ، عن الأغرّ المُزني ، عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم : " يا أيُّها النَّاس توبوا إلى الله فإنِّي أتوب في اليوم مائة مرَّة " .
قال الدَّارقطني : وهما صحيحان ، وإن كان أبو إسحاق قال : عن أبي بردة ، عن أبيه ، وتابعه مغيرة بن أبي الحُرّ ، عن سعيد ، عن أبي بُردة ، فأبو إسحاق ربَّما دلَّس ، ومُغيرة بن أب الحُرّ شيخ ، وثابت وعمرو بن مُرَّة حافظان ، وقد تابعهما رجلان آخران : زياد بن المنذر وابن إسحاق ، ومُغيرة بن أبي الحُرّ وأبو إسحاق سلكا به الطَّريق السَّهل ".

4- لزم الطريق :

أكثر من استعمال هذه الصِّيغة أبو حاتم الرَّازي في كتاب (العلل ط دار المعرفة) ، وقد أحصيت له في كتابه سبعة مواضع ، وهي : 27/1 ، 107/1 ، 203/1 ، 315/1 ، 109/2 ، 249/2 ، 267/2 .
وأسوق إليك مثالا منها : قال ابن أبي حاتم : وَسَأَلتُ أَبِي عَن حَدِيثٍ ؛ رَواهُ المُبارَكُ بنُ فَضالَةَ ، عَن ثابِتٍ ، عَن أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قالَ : "إِذا أَحَبُّ الرَّجُلُ أَخاهُ فَليُعلِمهُ" .
قالَ أَبِي : وَرَواهُ حَمّادُ بنُ سَلَمَةَ ، عَن ثابِتٍ ، عَن حَبِيبِ بنِ سُبَيعَةَ الضُّبَعِيِّ ، عَن رَجُلٍ حَدَّثَهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مُرسَلاً.
قالَ أَبِي : هَذا أَشبَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَذاكَ لَزِمَ الطَّرِيقَ.

5- سلك الجادة :

وممن استعمله :

أ- الزيلعي رحمه الله تعالى : في (نصب الراية) 58/1 .

ب- ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : في (هدي الساري) 353/1 ، وفي (الفتح) 269/3 ، 384/9 ، 632/9 ، 146/10 ، 364/10 ، 444/10 ، 99/11 ، وفي (النكت على ابن الصلاح ت: العلامة الإمام شيخ الجرح والتعديل ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله وشفاه) 610/2 ،611/2 ، 714/2 ، 726/2 ، 748/2 ، 874/2 ، وفي (الإصابة) 546/6 ، وفي (الدراية في تخريج أحاديث الهداية) 184/2 ، 219/2 ، وفي (تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير) 266/1.

ج- السخاوي رحمه الله تعالى في (فتح المغيث شرح ألفية الحديث ط الكتب العلمية) 212/1 .

د- الزرقاني رحمه الله تعالى في (شرح الموطأ) 150/2 ، 412/3.

ه- السيوطي رحمه الله تعالى في (تدريب الراوي) 261/1 .

و- العلّامة الإمام والحبر الهمام محدث العصر وشيخ المحدثين محمَّد ناصر الدين ابن نوح النَّجاتي الألباني رحمه الله تعالى في (إرواء الغليل) 77/1 ، حديث رقم : 38 .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 Dec 2013, 06:03 PM
أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي أبو عبد الرحمن إبراهيم البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 15
افتراضي

بارك الله فيك على هذه الفوائد
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 Dec 2013, 06:14 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

وفيكم بارك الله أخي الحبيب.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 Dec 2013, 07:27 PM
عبد الكريم الوهراني عبد الكريم الوهراني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 57
افتراضي

جزاك الله خيرا.. ومما ذكروه في معناها أيضا:
العادة المستمرة: واستعمل ذلك الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (تحقيق بشار عواد، دار الغرب ج 11 ص 102) فقد ساق بإسناده إلى أبي القاسم عبد الله بن الحسين بن علي البجلي الصفار قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه)
ثم قال: تفرد الصفار بحديث عبد الأعلى بن حماد، وإيصاله وهم على حماد بن سلمة، لأن حمادا يرويه عن ثابت عن مطرف بن عبد الله بن الشخير...فلعل ابن الصفار سها وجرى على العادة المستمرة في ثابت عن أنس.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 Dec 2013, 08:36 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

وإياكم أخي الحبيب عبد الكريم ؛ تشرفت بمشاركتكم وجزاكم ربي خير الجزاء على الإفادة.

ومما استعمله الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى أيضا :
7- سلك المحجَّة السَّهلة :
وذلك في كتابه (الفصل للوصل في المدرج في النقل) 439/1.

قال رحمه الله تعالى : " وأما حديث أبي بدر شجاع بن الوليد عن عاصم بن كليب مثل رواية زهير هذه
فحدثناه العلاء بن حزم نا الحبال أنا الحسين بن ميمون ومحمد بن الحسن الناقد قالا أنا أبو الطاهر القاضي نا موسى بن هارون نا حمدون ابن عباد نا أبو بدر شجاع بن الوليد نا عاصم بن كليب الجرمي أن أباه حدثه أنه سمع وائل بن حجر يقول ( ...رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت لأنظرن الى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي قال فقام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه وساق موسى الحديث بطوله نحو رواية زهير إلى أن قال ثم رأيته يقول هكذا وأشار عاصم بالسبابة هكذا ثم قال موسى نا حمدون ( بن ) عباد ، نا أبو بدر شجاع بن الوليد ، نا عاصم بن كليب قال حدثني عبدالجبار بن وائل عن بعض أهله أن وائل بن حجر قال ( ثم أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب الشتاء فيها البرانس والأكيسة قال فرأيتهم يقولون هكذا بأيديهم من تحت الثياب )
فوصف عاصم بن كليب رفع أيديهم
( قال أبو عمران موسى بن هارون اتفق زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فرويا صفة الصلاة عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره ثم فصلا ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب فرويا عن عاصم ابن كليب أنه حدثه به عبدالجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر وهذه الرواية مضبوطة اتفق عليها زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فهما أثبت له رواية ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر )
وقد رواه غير واحد فجعلوه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ابن حجر وذاك عندنا وهم ممن وهم فيه وإنما سلك به الذي وهم فيه المحجة السهلة لأن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أسهل.


8- سلك الطريق المشهور:
استعمله الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في (شرح علل الترمذي ت: نور الدين عتر) 725/2
قال رحمه الله تعالى : "فإن كان المنفرد عن الحفاظ مع سوء حفظه قد سلك الطريق المشهور ، والحفاظ يخالفون ، فإنه لا يكاد يرتاب في وهمه وخطئه ، لأن الطريق المشهور تسبق إليه الألسنة والأوهام كثيراً ، فيسلكه من لا يحفظ .
ومثال ذلك :
روى حماد بن سلمة عن ثابت عن حبيب بن أبي سبيعة الضبعي عن الحارث أن رجلاً قال : يا رسول الله إني أحب فلاناً ، قال ( قال ) : أعلمته ؟ قال : لا .. )) الحديث .
هكذا رواه حماد بن سلمة ، وهو أحفظ أصحاب ثابت ، وأثبتهم في حديث كما سبق .
وخالفه من لم يكن في حفظه بذلك من الشيوخ الرواة عن ثابت ، كمبارك بن فضالة ، وحسين بن واقد ، ونحوهما ، فرووه عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وحكم الحفاظ هنا بصحة قول حماد وخطأ من خالفه . منهم : أبو حاتم ، والنسائي ، والدار قطني .
قال أبو حاتم : (( مبارك لزم الطريق )) . يعني أن رواية ثابت عن أنس سلسلة معروفة مشهورة تسبق إليه الألسنة والأوهام ، فيسلكها من قلّ حفظه ، بخلاف ما قاله حماد بن سلمة فإن في إسناده ما يستغرب ، فلا يحفظه إلا حافظ .
وأبو حاتم كثيراً ما يعلل الأحاديث بمثل هذا ، وكذلك غيره من الأئمة .
وقد سبق إلى نحو ذلك ابن عيينة ، وابن مهدي ، فإن مالكاً روى عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهذه من هذه )) .
وخالفه ابن عيينة فرواه عن صفوان بن سليم عن أنيسة عن أم سعيد بن مرة الفهرية عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ورجح الحفاظ كأبي زرعة وأبي حاتم قول ابن عيينة في هذا الإسناد على قول مالك .
قال الحميدي : (( قيل لسفيان : إن عبد الرحمن بن مهدي يقول : إن سفيان أصوب في هذا الحديث من مالك ، قال سفيان : وما يدريه ؟ أدرك صفوان ؟ قالوا : لا ، لكنه قال : إن مالكاً قال : عن صفوان عن عطاء بن يسار ، وقال سفيان : عن أنيسة عن أم سعيد بنت مرة عن أبيها ، فمن أين جاء بهذا الإسناد ؟!
فقال سفيان : ما أحسن ما قال ! لو قال لنا : صفوان عن عطاء ابن يسار كان أهون علينا من أن نجئ بهذا الإسناد الشديد .


التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 14 Dec 2013 الساعة 10:12 PM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 Dec 2013, 03:53 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

وممن عبَّر عن هذا الخطأ بِ سلوك الجادة ذهبي العصر العلامة المعلِّمي اليماني عليه رحمة الله حيث قال كما في (التنكيل 67/2 ) : " الخطأ في الأسانيد أغلب ما يقع بسلوك الجادة ، فهشام بن عروة غالب روايته عن أبيه عن عائشة ، وقد يروي عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير ، فقد يسمع رجل من هشام خبراً بالسند الثاني ثم يمضي زمان على السامع فيشتبه عليه فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف ، ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبراً واحداً ، جعله أحدهما عن هشام عن وهب عن عبيد ، وجعله الآخر عن هشام عن أبيه عن عائشة ، فالغالب أن يقدموا الأول ويخطئوا الثاني ، هذا مثال ومن راجع كتب علل الحديث وجد من هذا ما لا يحصى" .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 Dec 2013, 05:31 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

أسباب وقوع الرواة في سلوك الجادة:


1- اختلاف الموطن :
فبعض الرواة إذا رووا عن غير أهل بلدهم لم يضبطوا ، وهذا سببه عدم ممارسة حديثهم وقلة الخبرة بأسانيدهم ، إذ إن الملازمة وطول الصُّحبة لها أثرها في الضبط والإتقان.
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى كما في (علل الحديث 80/1) : "وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ ابنُ المُباركِ ، عنِ ابنِ جابِرٍ ، عن بُسرِ بن عُبيدِ اللهِ ، عن أبِي إِدرِيس ، عن واثِلة ، عن أبِي مرثدٍ ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، قال : ((لاَ تُصلُّوا إِلى القُبُورِ ، ولاَ تجلِسُوا عليها)).
قال أبِي : يرون أنَّ ابن المُباركِ وهِم فِي هذا الحدِيثِ ، أدخل أبا إِدرِيس الخولانِيّ ، بين بُسرِ بن عُبيدِ اللهِ ، وبين واثِلة.
ورواهُ عِيسى بن يُونُس ، وصدقةُ بن خالِدٍ ، والولِيدُ بن مُسلِمٍ ، عنِ ابنِ جابِرٍ ، عن بُسرِ بن عُبيدِ اللهِ ، قال : سمِعتُ واثِلة يُحدِّثُ ، عن أبِي مرثدٍ الغنوِيِّ ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
قال أبِي : بُسرٌ قد سمِع مِن واثِلة ، وكثِيرًا ما يُحدِّثُ بُسرٌ ، عن أبِي إِدرِيس ، فغلط ابنُ المُباركِ فظنّ أنَّ هذا مِمّا رُوِي عن أبِي إِدرِيس ، عن واثِلة ، وقد سمِع هذا الحدِيث بُسرٌ مِن واثِلة نفسِهِ ، لأنّ أهل الشّامِ أعرفُ بِحدِيثِهِم" .
وقال رحمه الله تعالى 311/1 سألتُ أبي ، عن حديثٍ ، رواه الثَّورِيّ عن عبيد الله , عن نافع ، عن ابن عمر قال كتب عمر إلى أمراء الأجناد ألا يأخذوا الجزية إلا مِمّن جرت عليه المواسي.
قال أبي : ومنهم من يقول عن نافع عن أسلم عن عمر .
قلتُ لأبي : فأيهما الصحيح ؟ قال : الثَّورِيّ حافظ وأهل المدينة أعلم بحديث نافع من أهل الكوفة.

ومثاله أيضا : ما رواه الحاكم في (معرفة علوم الحديث ص114) الجنس الثالث من علل الحديث : حدثنا أبو عباس محمد بن يعقوب قال ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني قال ثنا بن أبي مريم قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ((إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة))
قال أبو عبد الله : وهذا إسناد لا ينظر فيه حديثي إلا علم أنه من شرط الصحيح والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا
حدثنا أبو جعفر بن صالح بن هانئ قال ثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال ثنا أبو الربيع قال ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني قال سمعت أبا بردة يحدث عن الأغر المزني وكانت له صحبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم مائة مرة)) .
قال أبو عبد الله : وراه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن أبي الربيع وهو الصحيح المحفوظ ورواه الكوفيون أيضا مسعر و شعبة وغيرهما عن عمر بن مرة عن أبي بردة هكذا .
قلت : سبب الوهم هو أنَّ أبا بردة مشهور بالرواية عن أبيه ، حيث إنَّها نسخة معروفة ، فبدل أن يروي الراوي السند على وجهه كما هو واقع الرواية قال : عن أبيه ، فسلك الجادة ، والراوي لمَّا كان مدنيا والشيخ كوفيا لم يستغرب عدم إتقانه للسند كما أتقنه أصحاب الشيخ الكوفيين الذين هم أعرف بحديثه .
وقال الدَّارقطني كما في (التتبع ص 363) "ومغيرة بن أبي الحُرّ وأبو إسحاق سلكا به الطريق السهل".
قلت : لكن كلام الحاكم يفيد أنَّ الخطأ من موسى بن عقبة الراوي عن أبي إسحاق ، وهو الظاهر ، والله أعلم



2- ضعف الراوي :
بأن يوصف بسوء الحفظ وما أشبه ذلك من ألفاظ تدل على اختلال الضبط .
مثال ذلك :
ما رواه ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال 201/1) عن عبد الله بن أبي بكر المقدمي بصري وهو أخو محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد ثقة وعبد الله ضعيف سمعت أحمد بن علي بن المثنى يقول غير مرة ثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي وكان ضعيفا وكان أبو يعلى لا يحدثنا عنه بحديث إلا قال فيه وكان ضعيفا سمعت إبراهيم بن محمد بن عيسى يقول سمعت موسى بن هارون يقول عبد الله بن أبي بكر المقدمي البصري ترك الناس حديثه في حياته ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ((ساقي القوم آخرهم..))
قال ابن عدي : كذا قال المقدمي هذا عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس وهذا الطريق كان أسهل عليه لأن ثابتا أبدا يروي عن أنس وإنما روى ثابت هذا الحديث عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة ثنا أحمد بن علي بن المثنى ثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي وكان ضعيفا .
وقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى طبقات الرواة عن ثابت البناني وجعلهم ثلاث ، أولها الثقات ، ثانيها : الشيوخ ، ثالثها : الضعفاء .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي كما في (شرح علل الترمذي 502/2)

قال ابن هاني : قال أحمد : (( كان حماد ثبتاً في حديث ثابت البناني ، وبعده سليمان بن المغيرة ، وكان ثابت يحيلون عليه في حديث أنس ، وكل شئ لثابت روي عنه يقولون : ثابت عن أنس )) .
وقال أحمد في رواية أبي طالب : (( أهل المدينة إذا كان الحديث غلطاً يقولون : ابن المنكدر عن جابر ، وأهل البصرة يقولون : ثابت عن أنس ،يحيلون عليهما )) .
ومراد أحمد بهذا كثرة من يروي عن ابن المنكدر من ضعفاء أهل المدينة ، وكثرة من يروي عن ثابت من ضعفاء أهل البصرة ، وسيء الحفظ والمجهولين منهم ، فإنه كثرت الرواية عن ثابت من هذا الضرب فوقعت المنكرات في حديثه ، وإنما أتي من جهة من روى عنه من هؤلاء ، وذكر هذا المعنى ابن عدي وغيره .
ولما اشتهرت رواية ابن المنكدر عن جابر ورواية ثابت عن أنس صار كل شئ ضعيف وسئ الحفظ إذا روى حديثاً عن ابن المنكدر يجعله عن جابر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإن رواه عن ثابت جعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، هذا معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله ورضي الله عنه والله أعلم .

3- ضعف الرَّاوي في بعض الشيوخ :
بمعنى أن يكون الرَّاوي ثقة لكنَّه إذا روى عن شيخ معين فإنَّه يهم ويضطرب ولا يُتقن الرواية ، وذلك لكونه لم يُمارس حديث ذلك الشيخ لعدم ملازمته أو لكونه لم يكتب أحاديثه فاعتمد على حفظه.
وقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه (شرح علل الترمذي 632/2) النوع الثالث قوم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف بخلاف حديثهم عن بقية شيوخهم وهؤلاء جماعة كثيرون : فذكر منهم سليمان التيمي :
قال أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ : (( كان التيمي من الثقات ، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة )).
وقال أيضاً : (( لم يكن التيمي من الحفاظ من أصحاب قتادة )) . وذكر له أحاديث وهم فيها عن قتادة :
منها : حديثه عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( إنما جعل الإمام ليؤتم به )) قال فيه : (( وإذا قرأ فأنصتوا )) ولم يذكر هذه اللفظة أحد من أصحاب قتادة الحفاظ .
ومنها : أنه روى عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( أوصى عنده بالصلاة وما ملكت أيمانكم )) . وإنما رواه قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( وهذا خطأ فاحش )) .

4- الاختلاط :
منهم علي بن مسهر أحد الثقات المشهورين . قال أحمد في رواية الأثرم : (( كان ذهب بصره فكان يحدثهم من حفظه )) وأنكر عليه حديثه عن هشام عن أبيه عن عائشة (( كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سمع المؤذن قال : وأنا )) وقال : (( إنما هو عن هشام عن أبيه مرسل )) .
قلت : يعني أنَّ علي بن مسهر قد سلك الجادة بوصله الحديث .

5- الإدخال على الشيوخ :
وهو إدخال حديث أو بعضه أو إسناد أو بعضه في حديث شيخ ، يدُسُّه في كتابه ، فلا ينتبه الشيخ لغفلته أو لتقصيره في حفظ كتابه .
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم في (علل الحديث 193/2) وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ السَّرِيِّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو : ((اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَ سَهْلا وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَ الْحُزْنَ سَهْلا)) .
قَالَ أَبِي : هَذَا خَطَأٌ ، حَدَّثَنَاهُ الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ ثَابِتٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، مُرْسَلاً ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا وبلغني أن جَعْفَر بْن عَبْد الْوَاحِد لقن القعنبي ، عَنْ أَنَسٍ ، ثم أخبر بذلك فدعا عليه.
قَالَ أَبِي : هو حَمَّاد ، عَنْ ثَابِت ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مرسلاً ، وكان بِشْر بْن السري ثبتا ، فليته أن لا يكون أدخل عَلَى ابْن أَبِي عُمَر.
قلت : مراد أبي حاتم أنَّ الخطأ يبعد أن يكون من ابن السري لأنَّه ثبت ، لكن يُخشى أن يكون أُدخل على ابن أبي عمر ، فلم ينتبه لذلك ، لكون "حماد عن ثابت عن أنس" سند مشهور تُروى به أحاديث كثيرة تسبق الألسنة إليه ، من أجل ذلك سلك الجادة .

6- التدليس :
قال ابن أبي حاتم كما في (علل الحديث 195/2) وسألت أبي ، وأبا زُرْعَةَ ، عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ كَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ الْحَدِيثُ.
فَقَالا : هَذَا خَطَأٌ ، رَوَاهُ وُهَيْبٌ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، مَوْقُوفًا ، وَهَذَا أَصَحُّ.
قُلْتُ لأَبِي : الْوَهْمُ مِمَّنْ هُوَ ؟ قَالَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَهْمُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سُهَيْلٍ ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ ابْنُ جُرَيْجٍ دَلَّسَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ مُوسَى ، أَخَذَهُ مِنْ بَعْضِ الضِّعَفَاءِ.
سَمِعْتُ أَبِي مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ : لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُهَيْلٍ أَحَدًا إِلاَّ مَا يَرْوِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ جُرَيْجٍ فِيهِ الْخَبَرَ ، فَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، إِذْ لَمْ يَرْوِهِ أَصْحَابُ سُهَيْلٍ ، لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، يَذْكُرُ فِيهِ الْخَبَرَ.
قَالَ أَبِي : فما أدري ما هَذَا نفس إِسْمَاعِيل ليس براويه عَنْ سُهَيْل ، إنما روى عنه أحاديث يسيرة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد : قد رَوَاهُ عَمْرو بْن الْحَارِث ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرو ، عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هلال ، عَنِ الْمَقْبُرِيّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وروى أيضا عَمْرو بْن الْحَارِث ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن أَبِي هلال بنفسه ، عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيّ ، عَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو ، موقوفًا.
قُلْتُ : وَهَذَا الْحَدِيث عَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو موقوفًا أصح.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد : ولهذا قَالَ أَبِي : لا أعلم رواية أَبِي هريرة ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يصحح رواية عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَمْرو ، عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هلال.
قلت : يعني أنَّ ابن جريج روى الحديث عن أحد الضعفاء وهو ابن أبي يحيى ، عن موسى بن عقبة ، عن سهيل به. وهذا الضعيف هو الذي أخطأ فسلك الجادة حيث رواه عن موسى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهي جادة معروفة.

7- التَّلقين :
روى ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال 418/3) من طريق سفيان بن وكيع ثنا بن وهب عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا)) .
وهذا قد زل فيه سفيان بن وكيع أو لقن أو تعمد حيث قال ثنا بن وهب عن يونس عن الزهري وكان هذا الطريق أسهل عليه وإنما يرويه ابن وهب هذا عن بن لهيعة .

التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 14 Dec 2013 الساعة 09:01 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 Dec 2013, 10:02 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

ما ظاهره سلوك الجادة لكنَّه صحيح محفوظ


إنَّ الحكم بأنَّ الراوي قد سلك الجادة وأخطأ الصَّواب في إيراد السَّند أمر يعود إلى خبرة النَّاقد وممارسته بعد أن يجمع طرق الحديث ويوازن بينها مع المعرفة بمراتب الرواة ومدى إتقانهم مع ما ينضاف إلى ذلك من قرائن تؤكد وجود العلَّة أو تنفيها ، فالحكم بخطأ الرواية ليس له قانون مطَّرد ، إنَّما هي الخبرة والموازنة بين الطرق والقرائن ، لذا قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى كما في (الجامع لأخلاق الراوي) 257/2 ((فمن الأحاديث ما تخفى علته فلا يوقف عليها إلاّ بعد النظرالشديد، ومضي الزمن البعيد)) .
وَقَالَ محمدُ بنُ صالح الكِيْلِينِي رحمه الله تعالى : ((سمعتُ أبا زرعة وَقَالَ لهُ رجلٌ : ما الحُجةُ في تعليلكم الحديث ؟قَالَ : الحجة أنْ تسألني عن حديثٍ لهُ عِلةٌ فأذكرُ علتَه ثم تقصدُ محمد بن مسلم بن وارة ، وتسأله عنه ، ولا تخبره بأنّك قد سألتني عنه فيذكر علته ، ثم تقصدُ أبا حاتم فيعلله ، ثم تميزُ كلامَ كلّ منّا على ذلكَ الحديث ، فإنْ وجدتَ بيننا خلافاً فيعلته ، فاعلم أنّ كلاً منا تكلم على مراده ، وإنْ وجدتَ الكلمة متفقة، فاعلمْ حقيقةَهذا العلم ، قَالَ : فَفَعَلَ الرجلُ ، فاتفقت كلمتُهم عليه ، فقال : أشهدُ أنَّ هذاالعلمَ إلهام)) . أنظر: معرفة علوم الحديث (113) ، والجامع لأخلاق الراوي 255/2 .
وَقَالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله تعالى -عن أهل الحديث أنهم-: ((يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها ويسمون هذا "علم علل الحديث" وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه)) . مجموع الفتاوى 353/13 .
وَقَالَ ابن القيم رحمه الله تعالى : ((ومعرفةُ هذا الشأنِ وعللهِ ذوقٌ ونورٌ يقذفه اللهُ في القلبِ يقطعُ بهِ منذاقه ولا يشك فيه ، ومن ليس له هذا الذوق لا شعور له به ، وهذا كنقدِ الدراهم لأربابهفيه ذوق ومعرفة ليستا لكبار العلماء ، قَالَ محمدُ بن عبد الله بن نمير : قَالَ عبدُالرحمن بنُ مهديّ : إنَّ معرفةَ الحديثِ إلهام ، قَالَ ابنُ نمير: صَدَقَ لو قلتَ له: مِنْ أينَ قلتَ؟ لم يكن له جواب)) . الفروسية ص 235 .
لهذا نجد النُّقاد يحكمون في كثير من الأحيان بصحَّة الطَّريق التي قد يتوهم منها البعض أنَّ الراوي قد سلك الجادة .
مثال ذلك :
ما رواه البخاري في (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وسننه وأيَّامه) في كتاب التفسير ، سورة إذا السَّماء انشقت ، باب : ((فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)) رقم : 4939 ؛ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلَّا هَلَكَ)) .
قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ((فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا))
قَالَ : ((ذَاكَ الْعَرْضُ يُعْرَضُونَ وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ هَلَكَ)) .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في (فتح الباري) " واشتمل ما ساقه المصنف على ثلاثة أسانيد عثمان عن بن أبي مليكة عن عائشة . وتابعه أيوب عن عثمان . وخالفهما أبو يونس فأدخل بين بن أبي مليكة وعائشة رجلا وهو القاسم بن محمد .
وهو محمول على أن بن أبي مليكة حمله عن القاسم ثم سمعه من عائشة أو سمعه أولا من عائشة ثم استثبت القاسم .
إذ في رواية القاسم زيادة ليست عنده وقد استدرك الدارقطني هذا الحديث لهذا الاختلاف وأجيب بما ذكرناه ونبه الجياني على خبط لأبي زيد المروزي في هذه الأسانيد قال سقط عنده بن أبي مليكة من الإسناد الأول ولا بد منه وزيد عنده القاسم بن محمد في الإسناد الثاني وليس فيه وإنما هو في رواية أبي يونس وقال الإسماعيلي جمع البخاري بين الأسانيد الثلاثة ومتونها مختلفة " .
قلت : نلحظ أنَّ الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى قد اعتمد إضافة إلى إخراج البخاري رحمه الله تعالى للطريقين على قرينة وجود زيادة في رواية القاسم لم ترد في الطَّريق الأخرى ، ممَّا يدلُّ أنَّ ابن أبي مُليكة سمعه عاليا ونازلا .

التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 14 Dec 2013 الساعة 10:23 PM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 Dec 2013, 01:41 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

مظاهر سلوك الجادة


هناك جملة من مظاهر سلوك الجادة تُعرف باستقراء الحالات التي يقع فيها الرواة في الأوهام عند إيراد الأسانيد ، فشهرة السند وكثرة الرواية به تجعل الألسنة تسبق إليه .

1- استبدال المحفوظ بالمشهور :
والمقصود بشهرة السند كثرة استعماله .
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم الرَّازي رحمه الله تعالى في (علل الحديث 27/1) "وسألتُ أبِي ، وأبا زُرعة ، عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ سهلُ بنُ حمّادٍ أبُو عتّابٍ ، عن عَبدِ اللهِ بنِ المُثنّى ، عن ثُمامة ، عن أنسٍ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : ((إِذا وقع الذُّبابُ فِي إِناءِ أحدِكُم فليغمِسهُ فِيهِ ، فإِنّ فِي أحدِ جناحيهِ داءً ، وفِي الآخرِ شِفاءً)) .
فقال أبِي ، وأبُو زُرعة جمِيعًا : رواهُ حمّادُ بنُ سلمة ، عن ثُمامة بنِ عَبدِ اللهِ ، عن أبِي هُريرة .
قال أبُو زُرعة : وهذا الصّحِيحُ .
وقال أبِي : هذا أشبهُ عن أبِي هُريرة ، عنِ النّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلم ، ولزِم أبُو عتّابٍ الطّرِيق ، فقال : عن عَبدِ اللهِ ، عن ثُمامة ، عن أنسٍ .
وقال أبُو زُرعة : هذا حدِيثُ عَبدِ اللهِ بنِ المُثنّى ، أخطأ فِيهِ عَبدُ اللهِ ، والصّحِيحُ : ثُمامةُ ، عن أبِي هُريرة رضي الله عنه" .

2- من روى عن أبيه عن جده :
مثل سلم عن أبيه ، عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وهكذا ، حيث إنَّ كثيرا من الأحاديث تُروى عن بعض الصَّحابة من طريق أبنائهم وأحفادهم ، فيسبق إلى لسان الراوي كلمة عن أبيه ، أو عن جده ، إذا روى عن راو عُرف بروايته عن أبيه عن جده ، وليس بالضرورة أن يروي الراوي دائما عن أبيه عن جده ، فينظر هنا إلى المحفوظ من الطرق .
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم الرَّازي رحمه الله تعالى في (علل الحديث 2/24) "وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ قبيصة ، عن سُفيان ، عن الأغرِّ ، عن خليفة بن حصين ، عن أبِيهِ ، عن جدِّهِ قيس بن عاصِم ، أنّهُ أتى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فأسلم ((فأمره أن يغتسل بِماء وسدر)) ؟
قال : إنَّ هذا خطأٌ ، أخطأ قبيصة فِي هذا الحديث ، إِنّما هُو الثوري ، عن الأغر ، عن خليفة بن حصين ، عن جدِّهِ قيس أنّهُ أتى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ليس فِيهِ : أبوه .

3- رفع الموقوف والمقطوع :
من تدبر كلام النُّقاد عند حديثهم عن تعارض الرفع والوقف في كتب العلل يجد أنَّهم كثيرا ما يُعلُّون الأحاديث بالوقف حيث يكثر قولهم الموقوف محفوظ ، أو الصَّواب هو الوقف ، أو الموقوف أشبه ، ونحو ذلك من العبارات ، بيانا منهم أنَّ الذي رفع قد أخطأ ، وسبب خطئه هو انتهاء السند إلى الصَّحابي أو التَّابعي ، فيسهل عليه بعد ذلك رفع الحديث ، ويُفهم من كلام النُّقاد أنَّ سبب ذلك سلوك الجادة .
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم الرَّازي رحمه الله تعالى في (علل الحديث 74/1 و 165/2) "وَسَأَلتُ أَبِي ، وَأَبا زُرعَةَ ، عَن حَدِيثٍ ؛ رَواهُ يُوسُفُ بنُ عَدِيٍّ ، عَن عَثّامٍ ، عَن هِشامِ بنِ عُروَةَ ، عَن أَبِيهِ ، عَن عائِشَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيلِ ، قالَ : ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ ، رَبُّ السَّمَواتِ والأَرضِ وَما بَينَهُما العَزِيزُ الغَفّارُ)) .
قالا : هَذا خَطَأٌ ، إِنَّما هُوَ هِشامُ بنُ عُروَةَ ، عَن أَبِيهِ ، أَنَّهُ كانَ يَقُولُ نَفسَهُ ، هَكَذا رَواهُ جَرِيرٌ .
وَقالَ أَبُو زُرعَةَ حَدَّثَنا يُوسُفُ بنُ عَدِيٍّ بِهَذا الحَدِيثِ ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنكَرٌ" .

4- وصل المرسل :
مثال ذلك :
ما رواه الترمذي في (جامعه كتاب الديات ، باب ما جاء في الدية كم هي من الدَّراهم رقم 1388) ، وفي (العلل الكبير 577/2) ؛ حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا معاذ بن هانئ ، حدثنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل الدية اثني عشر ألفا .
سألت محمدا عن هذا الحديث فقال : سفيان بن عيينة يقول : عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل . وكأن حديث ابن عيينة عنده أصح .
وقال ابن أبي حاتم في (علل الحديث 463/1) "وسُئِل أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ مُحمّدُ بنُ سِنانٍ العوقِيُّ ، عن مُحمّدِ بنِ مُسلِمٍ الطّائِفِيِّ ، عن عَمرِو بنِ دِينارٍ ، عن عِكرِمة ، عنِ ابنِ عبّاسٍ : ((أنَّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قضى بِالدِّيةِ اثنا عشر ألفًا)) .
قال أبِي : قال : حدّثنا يسرةُ بنُ صفوان ، عن مُحمّدِ بنِ مُسلِمٍ ، عن عَمرِو بنِ دِينارٍ ، عن عِكرِمة ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فقال أبِي : المُرسلُ أصحُّ .

5- سلوك الجادة في الاسم :
وهو أن يهم الراوي في تمييز الراوي المقصود لاشتراكه مع غيره في الاسم الأول ، ويكون الراوي المقصود في السند غير مشهور بينما الراوي المذكور هو المشهور لكنَّه غير مراد .
مثال ذلك :
قال ابن أبي حاتم الرَّازي رحمه الله في (علل الحديث 291/1 ) "وسألتُ أبِي ، وأبا زُرعة ، عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ صدقةُ بنُ يزِيد الخُراسانِيُّ نزِيلُ الرّملةِ ، عنِ العلاءِ بنِ عَبدِ الرّحمنِ ، عن أبِيهِ ، عن أبِي هُريرة ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : ((قال اللَّهُ عزّ وجلّ : إِنَّ من أصححتُهُ ، وأوسعتُ لهُ ، لم يزُرنِي فِي كُلِّ خمسةِ أعوامٍ لمحرُومٌ)) .
قالا : هذا عِندنا مُنكرٌ مِن حدِيثِ العلاءِ بنِ عَبدِ الرّحمنِ ، وهُو مِن حدِيثِ العلاءِ بنِ المُسيّبِ أشبهُ .
قال أبِي : والنّاسُ يضطرِبُون فِي حدِيثِ العلاءِ بنِ المُسيِّبِ .
فأمّا خلفُ بنُ خلِيفة ، فقال : عنِ العلاءِ بنِ المُسيِّبِ ، عن أبِيهِ عن أبِي سعِيدٍ الخُدرِيِّ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
ورواهُ بعضُهُم ، فقال : عنِ العلاءِ بنِ المُسيّبِ ، عن أبِيهِ ، عن أبِي هُريرة ، موقُوفًا .
ورواهُ بعضُهُم ، فقال : عنِ العلاءِ بنِ المُسيّبِ ، عن أبِيهِ ، عن أبِي هُريرة ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قُلتُ لأبِي : فأيُّهُما الصّحِيحُ مِنهُما ؟
قال : هُو مُضطرِبٌ فأعدتُ عليهِ ، فلم يزِدنِي على قولِهِ : هُو مُضطرِبٌ .
ثُمّ قال : العلاءُ بنُ المُسيّبِ ، عن يُونُس بنِ خبّابٍ ، عن أبِي سعِيدٍ موقُوفٌ ، مُرسلٌ أشبهُ .
قُلتُ لأبِي : لم يسمع يُونُسُ مِن أبِي سعِيدٍ ؟
قال : لا .
قال أبُو زُرعة : قال بعضُهُم : العلاءُ بنُ المُسيّبِ ، عن يُونُس بنِ خبّابٍ ، عن أبِي سعِيدٍ موقُوفًا .
قال : وقال أبُو زُرعة : والصّحِيحُ : عنِ العلاءِ بنِ المُسيّبِ ، عن أبِيهِ ، عن أبِي سعِيدٍ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" .
وقال ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال 78/4) "وهذا عن العلاء منكر كما قاله البخاري ولا أعلم يرويه عن العلاء غير صدقة وانما يروي هذا خلف بن خليفة وهو مشهور وروي عن الثوري أيضا عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم فلعل صدقة هذا سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وكان هذا الطريق أسهل عليه وانما هو العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد" .

6- سلوك الجادة في الصِّيغة :
وهو أن يُروى إسناد مسلسل بصيغة حدثنا أو أخبرنا سوى موضع واحد تكون فيه الصيغة بحرف "عن" فيأتي أحد الرواة ويجعل هذا الموضع مثل هذا الموضع مثل غيره سهوا منه ، اتباعا لما سبقه من مواضع السند ، وتشابه مواضع السند في الصيغة أسهل على الراوي من أن يرويه بعدة صيغ تكون أصعب عليه في الحفظ .
مثال ذلك :
ما رواه الترمذي في (جامعه ، كتاب الدعوات ، باب : ما يقول إذا خرج من بيته 114/5) حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن جريج ، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((من قال يعني إذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان)) .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وقال في (العلل الكبير 910/2) "سألت محمدا عن هذا الحديث فقال : حدثوني عن يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج بهذا الحديث ولا أعرف لابن جريج ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة غير هذا الحديث . ولا أعرف له سماعا منه" .
قلت : يشير البخاري إلى أنَّه لم يثبت سماع ابن جريج من ابن إسحاق ، حيث لم يُصرح بالسماع منه لا في هذا الحديث ولا في غيره .
وهذا يدل على سلوك الجادة في الصيغة وخطأ التَّصريح بالسَّماع الذي جاء في رواية ابن حبان كما في (موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان 590) ، وقد جاءت الرواية في (الإحسان 104/3 ، رقم : 822 ) بدون صيغة التَّحديث . والله أعلم .


وكتب

مراد براهيمي

يوم الأحد 19 جمادى الآخرة 1422 هجري

الموافق لِ 09 أيلول 2001 م

بعد صلاة المغرب بمكتبة الجامعة الأردنية

عمان البلقاء عاصمة جند الأردن حرسها الله من كل سوء وسائر بلاد المسلمين

التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 25 Dec 2013 الساعة 09:03 PM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 Dec 2013, 02:04 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بحوث محرَّرة جميلة، زادك الله توفيقًا أخانا المكرَّم.
حصل لي توقف في مظاهر سلوك الجادة حيث أدخلتم فيها كثيرا من أجناس العلل، فالمعروف في الاصطلاح أن سلوك الجادة جنس من أجناس العلل، التي منا أيضًا وصل المرسل ورفع الموقوف، فجعلُ هذه الأجناس كلها داخلة تحت سلوك الجادة توسع مشكلٌ اصطلاحًا.
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 Dec 2013, 04:42 PM
مراد براهيمي مراد براهيمي غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الدولة الجزائر/برج بوعريريج
المشاركات: 355
افتراضي

مرحبا بكم أستاذ خالد سررت بمشاركتكم وإفادتكم . وشكر الله تشجيعكم لأخيكم .

قولكم حفظكم الله تبارك وتعالى وزادكم الله من فضله وتوفيقه : "حصل لي توقف في مظاهر سلوك الجادة حيث أدخلتم فيها كثيرا من أجناس العلل، فالمعروف في الاصطلاح أن سلوك الجادة جنس من أجناس العلل، التي منها أيضًا وصل المرسل ورفع الموقوف، فجعلُ هذه الأجناس كلها داخلة تحت سلوك الجادة توسع مشكلٌ اصطلاحًا".
فقد وجدت الأئمة النُّقاد يُعبرون أحيانا عن الخطأ في وصل المرسل ، أو رفع الموقوف
بسلوك الجادة .
وأضرب لك مثالاً على ذلك :
حديث : ((مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ، وَمَنْ بَاعَ نَخْلاً مُؤَبَّراً ، فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ)).
هذا الحديث مِنَ الأحاديث التي اختلف فيها سالم مع نافع .
فرواه سالم عن أبيه عبد الله بن عمر ، عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم .
وخالفه نافع ؛ فروى حديث النَّخْلِ عن عبد الله بن عمر ، عن النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم .
وروى حديث العَبْدِ عن عبد الله بن عمر، عن عمر ابن الخطَّاب مَوْقُوفًا من قوله .
قال الإمام السَّخاوي رحمه الله تعالى في كتابه النَّافع (فتح المغيث 228/2) " وكان سبب حكمهم عليه بذلك كون سالم أو من دونه سلك الجادة ، فإنَّ العادة في الغالب أنَّ الإسناد إذا انتهى إلى الصَّحَابِي بعده عن النَّبي صلَّى الله عليه و سلَّم . فلمَّا جاء هنا بعد الصَّحابي ذكر صحابي آخر والحديث من قوله كان ظنًّا غَالبًا على أنَّ من ضَبَطَهُ هكذا أتقن ضبطاً" .
فسالم رحمه الله تعالى رفع الموقوف ، وهو جنس من أجناس العِلَّةِ . عبَّر السَّخاوي رحمه الله تعالى عنه بِ سُلُوكِ الجادة .
فالحافظ السَّخاوي رحمه الله تعالى كشف عن هذه العِلَّةِ بقرينة سلوك الجادة . لذا سميتُ بحثي : من قرائن الكشف عن العلَّة سلوكُ الجادَّة .


التعديل الأخير تم بواسطة مراد براهيمي ; 18 Dec 2013 الساعة 09:36 PM
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 19 Dec 2013, 08:31 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

ما شاء الله، جزاكم الله خيرا على الإفادة.
فعلى هذا فسلوك الجادة سبب من أسباب العلة وليس جنسا من أجناسها ولا قسما من أقسامها، فباركم الله فيكم وفي علمكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013