منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 Sep 2015, 06:04 PM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي التحذير من بعض المسالك المنحرفة في باب الأسماء والصفات لفضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المُحسن العباد البدر حفظهما الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

التحذير من بعض المسالك المنحرفة في باب الأسماء والصفات

إنّ مما يتأكّدُ مُلاحظته ورعايته والعناية به فيما يتعلق بأسماء الله الحُسنى أن يعلم أنّ الخطأ فيها ليس كالخطأ في أيّ اسمٍ آخر، فهي أسماءٌ للربّ المجيد والخالق العظيم، الخطأ فيها انحرافٌ وضلال، والغلط فيها زيغٌ وإلحاد، وهذا يستوجب من كل عاقل ألاّ يتكلَّم فيها إلاَّ بعلم، ولا يُقرِّر شيئًا يختصّ بها إلاّ بدليل من القرآن والسُنّة، ومن خاض فيها بغير هذا ضلّ السّبيل، إذ كيف يُرام الوصول إلى تحقيق الأصول بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولمّا خاض أقوامٌ في أسماء الله مقرِّرين أُمورًا تختصُّ بأسماء الله دون أن يكون لهم عليها مُستندٌ من الكتاب والسُّنّة أتوا بالغرائب والعجائب في هذا الباب، وكأنّهم لم يشعروا بحُرمة هذه الأسماء وعظيم شأنها وخُطورة الخوض فيها بلا بيِّنةٍ ولا مُستند، والله المُستعان.
ولا بأس من الإشارة هنا إلى شيءٍ من هذه المُخالفات ليكون المسلم منها على حذر وفي حيطةٍ لدينه وتعظيمٍ لأسماء ربّه ومراعاةً لحُرمتها واحترامها.
فمن ذلكم نشرةٌ تُوزَّع في الآونة الأخيرة درجت بين العوام والجُهَّال، يزعم كاتبها أنَّ أسماء الله الحُسنى لكلّ اسمٍ منها خاصيّةٌ شافيةٌ لمرضٍ مُعيّن، فلأمراض العين اسمٌ، ولأمراض الأذن اسمٌ، ولأمراض العظام اسمٌ، ولأمراض الرأس اسمٌ، وهكذا ، وحدَّد لتلك الأمراض أعدادًا مُعيّنة من تلك الأسماء.
وهذا من الباطل الذي ما أنزل الله به من سُلطان ولا قامت عليه حُجّةٌ ولا بُرهان، بل ليس في الأذكار المشروعة والرُّقى المأثورة إلاّ ما هو جُملة تامَّة، وليس فيها تكرار لاسمٍ بهذه الطريقة المزعومة في تلك النشرة.
وقد ارتكب بهذا العمل جنايتين:
الأولى: إدخالُ الناس في هذا العمل المُحدث غير المشروع.
والثانية: شغلُ الناس عن الأذكار المأثورة والرُّقى المشروعة في الكتاب والسُّنّة.
ومن الأخطاء في هذا الباب جعل بعضهم أسماء الله الحسنى تعاليقَ وحروزًا تُعلّقُ على السيارات أو في البيوت لغرض الحفظ والوقاية من العين أو الحسد أو نحو ذلك، وهذا عملٌ لا يُشرع إذ ليس في أدلّة الكتاب والسُنّة ما يدلّ على مشروعيّته، بل دلّت النُصوص على المنع من مثل هذه الأعمال في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:
(من تعلّقَ تميمةً فلا أتمّ الله له) رواه احمد وغيره (1)، ونحوه من الأحاديث.
ومن الأخطاء في هذا الباب جعلُ الأسماء الحسنى في لوحاتٍ جماليّة، ومناظر حائطيّة تزيَّنُ بها الجُدران، وتُجمَّلُ بها المجالس بأشكال مُزخرفة وخطوطٍ منمَّقةٍ، بحيث يكون أثرها على من يراها مدح اللوحة من حيثُ جمال خطّها وحسن زخرفتها وأناقة منظرها، أمّا تأثيرها على القلوب قوةً في الإيمان وصلاحًا في الأعمال فهو أمرٌ آخر لايتحقَّق بمثل هذا العمل غير المشروع.
ومن الأخطاء في هذا الباب ظنُّ بعضهم أنَّ إحصاء أسماء الله الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم:
(إنَّ لله تِسعةً وتسعين اسمًا مائةً إلاَّ واحدًا مّن أحصاها دخل الجنّة) (2)، يكون بجعلها وردًا يوميًّا يقرؤهُ مرّةً إذا أصبح ومرّةً إذا أمسى، أو يقرؤهُ أدبارَ الصلوات المكتوبة، وربّما كرّر بعضُهم الاسم الواحد عشرات المرّات أو مئات المرّات.
وكُلُّ هذا عملٌ مُحدثٌ لا دليل على مشروعيّته، وقد سبق بيان أنّ الإحصاء لها يكونُ بحفظها وفهم معانيها ودعاء الله بها دعاءَ العبادة ودعاء المسألة.
وقد يغلُو بعضُ النّاس في هذا الباب فيزعمون أنّ لكلِّ اسمٍ من أسماء الله الحُسنى خواصَّ وأسرارًا تتعلّقُ به، وأنّ لكلِّ اسمٍ خادمًا روحانيًّا يخدمُ من يواظبُ على الذِّكرِ به، ويزعمُ بعض من سارُوا في هذا الطريق أنّهم يكشفون بأسماء الله أسرارَ المُغيَّبات والخافي من المكنونات، ويزعمُ بعضُهم أنّ عنده اسمَ الله الأعظم يفتح به المغلقات ويخرق به العادات ويكون له به من الخواصِّ ما ليس لغيره.
وهذا فتحٌ لباب الخرافة على مصراعيه، بل إنّ كثيرًا من السحرة والمُشعوذين دخلوا من هذا الباب كيدًا للناس وتحصيلاً للمطامع ونشرًا للشرِّ، زاعمين أنّهم يُسخِّرون غيرهم ويُؤثّرون فيهم، ويَعلمون المَستور من الأخبار بما اطّلعوا عليه وعرفوه من أسماء الله الحُسنى، وكُلُّ ذلك من الكذب البيّن والافتراء الواضح، ومِنَ الاستخفاف بالعوام والجُهّال، ومن القول على الله وفي دين الله بلا حُجّة ولا بُرهان بل بالإفك الواضح والبُهتان.
ومن الأخطاء في هذا الباب أن يتوجّه العبد في ندائه أو عبادته إلى الاسم نفسه، فهذا من الخطأ، إذ لا يجوز لأحدٍ أن يقول: عبدت اسم ربي، أو سجدت لاسم ربي، ولا أن يقول: يا اسم ربي ارحمني، ولهذا لمّا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } [الأعلى:1]، وقوله: { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة:74]، امتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بقوله في سجوده: سبحان ربي الأعلى، وبقوله في ركوعه: سبحان ربي العظيم.
كما أنَّ من الخطأ أيضًا أن يتوجَّه في الدعاء إلى الصفة نفسها كأن يقول: يا رحمة الله أو يا مغفرة الله أو يا عزَّة الله أو يا وجه الله أو يا يد الله أو نحو ذلك، فكلُّ ذلك من الخطأ، لأنَّ الدعاء إنّما يُصرف لمن اتَّصَفَ بها وهو الله سُبحانه وتعالى.
ومن الأخطاء في هذا الباب التعبيد بالاسم لغير الله، كعبد النبيّ أو عبد الكعبة وعبد عمر ونحو ذلك، وقد اتّفق العلماء رحمهم الله على تحريم ذلك، لانّه شركٌ في الربوبيّة والأُلوهيّة، فإنَّ الخَلق كلُّهم مُلكٌ لله وعبيدٌ له، تفرّدَ سُبحانه بخَلقهم وإيجادهم، وخَلقهم ليُفرِدُوه وحده بالعبادة.
ومن الأخطاء كذلك إعطاءُ بعض المخلوقين كالنبيّ صلى الله عليه وسلم أو غيره شيئًا من أسماء الله الحُسنى المُختصّة به، كقول أحدهم: هو الأوّلُ والآخرُ محمد، هو الظاهرُ والباطنُ محمد.
ومن الأخطاء في هذا الباب فعل ما ليس فيه مُراعاة لحرمة أسماء الله وتحقيقٌ لاحترامها، وقد دلَّت النصوص على المنع من التسمِّي بأسماء الله تعالى المُختصّة به، والمنع من كلّ ما يوهم عدم الاحترام لها، وهذا بابٌ واسعٌ، والله تعالى يقول:
{ مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } (3)، أي: تعظيما، وأسماء الله لله، وتعظيمها من تعظيمه سبحانه.
ومن الأخطاء التي شاعت في هذا الزمان –وهي تتنافى مع ما ينبغي من التعظيم لأسماء الله- إلقاءُ الأوراق والكُتب والصُّحف المُشتملة على أسماء الله في الأرض أو الزُّبالات، وإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يردَّ السلام حال كونه في الخلاء احترامًا لاسم الله وذكره فكيف يليق بأتباعه إلقاء أسماء الله الحُسنى ورميها في الأرض دون مُبالاةٍ أو اهتمام، هذا وإنَّ من الطاعات العظيمة تخصيصَ حاويات تُجمعُ فيها الأوراقُ المحترمة، احترامًا لأسماء الله وكلامه ورعايةً لحُرمتها، والله المُستعان.

_______________________
(1) "مسند الإمام أحمد" (4/154)، ورواه ابن حبان (6086)، والحاكم (4/216،417)، كلهم من طريق حبوة بن شريح، عن خالد بن عبيد المعافريّ، قال: سمعت مِشْرح ابن هاعان يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (فذكره).
وفي إسناده خالد بن عبيد تفرد عنه حيوة بن شريح، ولم يوثقه غير ابن حبان بذكره إياه في "الثقات" (6/261)، لكنه توبع
تابعه عبد الله بن لهيعة فيما أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص/320-321) عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، به.
والحديث بهذين الطريقين يكون حسنًا لغيره.
(2) أخرجه البخاري (2736) ومسلم (2677) .
(3) سورة نوح: آية 13 .
_______________________
"التحذير من بعض المسالك المنحرفة في باب الأسماء والصفات"
من كتاب فقه الأسماء الحُسنى لفضيلة الشيخ عبد الرزاق بن عبد المُحسن العباد البدر حفظهما الله تعالى
طبعة دار الفضيلة من صفحة 79 إلى 83 .

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
توحيد, عقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013