منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 30 Oct 2021, 12:27 PM
أبو بكر يوسف قديري أبو بكر يوسف قديري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 286
افتراضي كلمات يسيرات في تبرئة ابن أبي زيد من إنكار الكرامات

كلمات يسيرات
في
تبرئة ابن أبي زيد من إنكار الكرامات


(المقال كاملا بالتعليقات موجود في المرفقات)

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين،
أما بعد
فقد قال الشيخ زرّوق في شرحه على رسالة ابن أبي زيد القيرواني عن مؤلّفها: (قالوا: وكان ينكر الكرامات، ثم اختلفوا: هل حقيقةً أو حمايةً للذريعة؟ وهل رجع أم لا؟ والله أعلم.)

وهذه تبرئة للإمام ابن أبي زيد من هذه التهمة:

ترجمة موجزة للإمام ابن أبي زيد
قال الذهبي : (هو الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، الفَقِيهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيدٍ القَيرَوَانِيُّ، المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيرُ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: (حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحِلَ إِلَيهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُونَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب، وَمَلأَ البِلَادَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرِ بنِ اللَّبَّادِ.)
وَأَخَذَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، وَالعَسَّال، وَحَجّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيدِ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، وَدرَّاسِ بنِ إِسْمَاعِيلَ، وَغَيرهِم.
سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِير، مِنْهُم: الفَقِيه عَبْد الرَّحِيمِ بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي، وَعَبْد اللهِ بن الوَلِيدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَولَانِيّ.
صَنّف كِتَابَ (النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ) فِي نَحْوِ المائَة جُزْء ، وَاختصر (المُدَوَّنَةَ) ، وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَينِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وَصَنَّفَ كِتَاب (العُتْبِيَّة) عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب (الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ)، وَكِتَابَ (الرِّسَالَةِ)، وَكِتَاب (الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ) ، وَكِتَاب (المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِير) ، وَكِتَاب (إِعجَاز القُرْآنِ)، وَكِتَاب (النَّهْي عَنِ الجِدَالِ)، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القَدَريَّةِ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وَكِتَاب (مَنْ تَحَرَّكَ عِنْدَ القِرَاءةِ) . وَقِيلَ: إِنَّهُ صَنَعَ (رِسَالتَه) المَشْهُورَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قُلْتُ [أي الذهبيّ]: وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِـي الأُصُولِ، لَا يَدْرِي الكَلَامَ، وَلَا يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التَّوفيق.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَهْ، وَأَرَّخ مَوتَه القَاضِي عِيَاض وَغَيرهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.)
قال القاضي عياض : (وعوّل على أبي بكرِ ابْنِ اللَّبَّاد (333)، وأبي الفضل المَمْسي (333)، وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور العسّال (346)، والحجّام، وعبيد الله بن مسرور بن الحجام (346)، والقطان والإبّـياني، وزياد بن موسى، وسَعدونٍ الخوْلاني (324)، وأبي العرب (333)، وأحمد ابن أبي سعيد، وحبيب مولى ابن أبي سليمان (339) في آخرين. ورحل فحجّ، وسمع من ابنِ الأعرابي (341)، وابراهيم بن محمد بن المنذر ، وأبي علي بن أبي هلال، وأحمد بن ابراهيم بن حماد القاضي. وسمع أيضاً من الحسن بن بدر، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي (341)، ودرّاس بن إسماعيل (357)، وعثمان بن سعيد الغرابلي، وحبيب بن أبي حبيب الجزولي، وغيرهم. واستجاز ابنَ شعبان (355)، والأبهريَّ (375)، والمروزيَّ.
وسمع منه خلق كثير. وتفقّه عنده جِلّـة. فمن أصحابه القَرويين: أبو بكرِ بنُ عبد الرحمن (432)، وأبو القاسم البرادعي ، واللَّبيدي (440)، وابنا الأجدابي . وأبو عبد الله الخوّاص (428)، وأبو محمد مكيّ [بن أبي طالب] المُقرئ (437). ومن أهل الأندلس: أبو بكرِ بن مَوهِب المقبري (406)، وابن عابد (439)، وأبو عبد الله ابن الحذّاء، وأبو مروان القَنَازعي (413). ومن أهل سبتةَ: أبو عبد الله بنُ العجوز (418)، وأبو محمد بن غالب (434)، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب: ابنُ أَمَّدْكُـتُوَا السِّجِلْماسي .)
ومن تلاميذِه الذين أخذَ هو عنهم عبدُ الله بن إبراهيمَ الأصيلي الأندلسي (ت392) راوي صحيح البخاري، كتب عنه ابنُ أبي زيد عن شيوخه الأندلسيين.

موقف أهل السنة من الكرامات
(الكرامة: أمر خارق للعادة، يُجريه الله تعالى على يد وليّ؛ تأييدًا له، أو إعانةً، أو تثبيتًا، أو نصرًا للدين.)
ولا يدخل في هذا التعريفِ آياتُ وبراهينُ الأنبياء وإن كانوا هم سادات الأولياء (لأنّ الوليّ هنا لفظ اصطلاحيّ يُعنى به: كلّ مؤمِن تقيّ ليس بنبيّ)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ: التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتَ الأَولِيَاءِ، وَمَا يُجْرِي اللهُ عَلَى أَيدِيهِم مِّنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ، فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْمُكَاشَفَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّأْثِيرَات، كَالْمَأثُورِ عَنْ سَالِفِ الأُمَمِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَغَيرِهَا، وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ قُرُونِ الأُمَّةِ، وَهِيَ مَوجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ.)
وقال العلامة ابنُ عُثَيمِينٍ : (وهناك مذهب مخالف لمذهب أهل السنة، وهو مذهب المعتزلة ومن تبعهم؛ حيث إنهم ينكرون الكرامات، ويقولون: إنك لو أثبتّ الكرامات؛ لاشتبه الساحر بالولي والولي بالنبي؛ لأنَّ كلّ واحد منهم يأتي بخارق. فيقال: لا يمكن الالتباس؛ لأنَّ الكرامة على يد ولي، والولي لا يمكن أن يدعي النبوة، ولو ادّعاها؛ لم يكن وليًّا. آية النَّبيِّ تكون على يد نبي، والشعوذة والسحر على يد عدوٍّ بعيدٍ من وَلاية الله، وتكون بفعله باستعانته بالشياطين، فينالها بكسبه؛ بخلاف الكرامة؛ فهي من الله تعالى، لا يطلبها الولي بكسبه.)

الفرق بين آية النبي وكرامة الولي والأحوال الشيطانية
قال الشيخ صالح آل الشيخ :
(أوّلًا: أنَّ الأمْرَ الخارق للعادة بحسَب مَن يضاف إليه:
- فإذا أضيف للنبي فهو آية وبرهان ومُعْجِزَة.
- وإذا أضيف للولي فهو كرامة.
- وإذا أضيف لشيطان أو عاصٍ أو مبتدع فهو حال شيطانية.
ثانياً: أنَّ خرقَ العادة للولي لا يكون مصحوبًا بِدَعْوَى النُّبُوَة، فإذا ادَّعَى مع تلك الحالِ النبوةَ صار حالًا شيطانية.
ثالثاً: أنَّ خرق العادة للنبي أوسَعُ بكثير وأعظمُ مِمَّا تُخْرَقُ به العادة للولي، فخَرْقُ العادة للولي محدود بالنسبة لخرق العادة للنَّبِي. فالأنبياء يَخْرِقُ الله - عز وجل – لهم عادة الجن والإنس في زمانهم، حتى يكونَ ما يُعْطَونَهُ آيةً وبُرْهَانًَا؛ كما قال - عز وجل - {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَو كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، فالقرآن آية، وهكذا الآيات التي أُولِيَها موسى لا تستطيعها السَّحَرَة ولا الكهنة، وكذلك ما أعطى الله - عز وجل - عيسى من الآيات، وكذلك كل نبي ورسول، لا يستطيعه أهلُ زمانهم من الإنس والجن، لو اجتمعوا فإنهم لا يستطيعون ذلك.
- أمَّا خوارق الشياطين والسحرة فهذه محدودة: قد تكون تَخْيِيلًا [-يعني تصويرًا للعين-] وقد تكون تَشَكُّلًا لكن ليس ثَمَّ مادةٌ وقلب حقيقي.
رابعاً: أنَّ كرامة الولي لا تبلغ جنس آية النبي وإنْ اشتركت معها في الصورة. هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة.) اه بتصرّف.

براءة ابن أبي زيد من إنكار الكرامات

ظهور الصوفية في صقلية
لما فتح أهلُ القيروان صِقِلِّية غلب على أهلها شيئانِ: الجهاد والزهد،
يقول د/ إحسان عباس : (وفي وقت قصير أصبحت صقلية كلها رباطًا يستدعي اليقظة في الهجوم والدفاع وعاد النوعان من الميل يظهران في نفوس الناس، ففريق من الصالحين آثر الحرب والجندية، وفريق قنع بالانفراد والانقطاع عن الدنيا.)
وكما وقع كثير من المتزهّدة المشارقة في بدعة التصوّف والرهبنة؛ وقع في ذلك بعضُ متزهّدة صقلية بسبب اتصالهم بأهل المشرق خصوصًا العراقَ، فبدأت ردود أهل السنة في المغرب على بدع هؤلاء، واشتدّ الأمر لمّا ظهرت في صقلّية الطريقةُ البكرية، ونُسبتْ إلى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد البكري الصقلي (ت380) .
يقول د/ إحسان عبّاس : ( أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله البكري الصقلي "إمام الحقيقة وشيخ أهل الطريقة" ، فقد طلب العلم في القيروان وذهب في رحلة إلى المشرق وحجَّ وسمع بمكة سنة 350 هـ وكان إلى جانب تصوّفه محدثًا فقيهًا أصوليًّا.
وألف أبو القاسم الصقلي في التصوف عدة مؤلفات منها:
1 - الأنوار في علم الأسرار ومقامات الأبرار ويسمى عادة أنوار الصقلي .
2 - كتاب فيه الدلالة على الله تعالى.
3 - الشرح والبيان لما أشكل من كلام سهل بن عبد الله الـتُّستَـري.
4 - صفة الأولياء ومراتب أحوال الأصفياء.
5 - كرامات الأولياء والمطيعين من الصحابة والتابعين ومن يتبعهم بإحسان.
وقدْ حفظت الأيام كتابيه الأول والثالث وقطعة من الثاني. وهذه القطعة تشتمل على كثير من الحكايات المروية عن الصوفية وكراماتهم، وكثيرٌ منها سمعه الشيخ الصقلي عن شيوخه، وفيها أقوال مشاهير المتصوفة، كبهلول وبشر بن الحارث وإبراهيم بن أدهم وسيفان بن عيينة وحكايات عن الخضر وشعيب -عليهما السلام-، وربّما كانت قطعةً من كتابه الخامس مع اختلاف في التسمية.)

وكان مِمَّن ردّ على هؤلاء الصوفية الإمامُ ابنُ أبي زيد في كتابيه "كشف التلبيس" و"الاستظهار في الردّ على البكرية" كما سيأتي ، فنَسبوا إليه نفيَ الكرامات.
وقد برّأه العلماء من هذا الأمر:

تبرئة القاضي عياض
قال -رحمه الله-:
(ولما ألّف كتبه على الفكرية ، ونقضَ كتابَ عبد الرحمن الصقلي، بتأليفه الكشف وكتاب الاستظهار، وردّ كثيرًا ممّا تقلّده من خارق العادات، على ما قرّره في كتابه = شنّعت المتصوفة وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك. وأشاعوا أنه نفى الكرامات. وهو -رضي الله عنه- لم يفعل، بل مَن طالع كتابه، عرف مقصده. فردّ عليه جماعة من أهل الأندلس، ومن أهل المشرق، وألّفوا عليه تواليفَ معروفة، ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمْداني (414)، وكتاب أبي بكر الباقِلَاني، وأبي عبد الله ابن شُقَّ الليلُ (455)، وأبي عمر الطَّلَمَنكي (429) في آخرين. وكان أرشدَهم في ذلك وأعرفَهم بغرضه ومقداره، إمامُ وقته القاضي أبو بكر بن الخطيب الباقلاني؛ فإنه بيّن مقصودَه.)
تبرئة الباقـلاني
وقال إمام الأشعرية الباقِـلَاني : (وقد كان بعض أصحابنا المغاربة ذَكر لنا من إنكار شيخنا أبي محمّد عبد الله بن أبي زيد القيرواني -رحمه الله- لذلك ما لم يَثبتْ عنه عندنا ولم يَحْكِه الراوي لنا عن لفظه وسماعه.
ولعلّه إن كان قال ذلك فإنّما أنكر منه ما يجب إنكارُ مثلِه. فإنّنا لا نجيز الكرامات للصالحين بجميع الأجناس وبمثل سائر آيات الرسل -عليهم السلام-.
أو لعلّه أنكر ذلك لمثل مَن لا يجوز ظهورُه على مثلِه،
أو أنكر إغراقًا في ذلك وتجاوُزًا لا يجوز المصير إليه؛
لأنّ فضل علمه وما نعرفه من دينه وحسن بصيرته واضطلاعه بعلم أصول الدين والانبساط في التوسّع في معرفة فروعه وأحكامه يُبعّـدُ عندنا خلافَه في هذا الباب إلّا على وجه ما ذكرنا.)
تبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الإسلام : (فقالت طائفة: لا تُخرق العادة إلّا لنبيّ. وكذّبوا بما يُذكر من خوارق السحرة والكهان، وبكرامات الصالحين. وهذه طريقة أكثر المعتزلة وغيرهم؛ كأبي محمد بن حزم وغيره.
بل يُحكى هذا القول عن أبي إسحاق الإِسفِراييني، وأبي محمد بن أبي زيد. ولكن كأنّ في الحكاية عنهما غلطًا؛ وإنما أرادوا الفرقَ بين الجنسين.
وهؤلاء يقولون: إنّ ما جرى لمريم، وعند مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم-= فهو إرهاصٌ؛ أي توطئةٌ، وإعلامٌ بمجيء الرسول، فما خُرقت في الحقيقة إلاّ لنبيّ.
فيُقال لهم: وهكذا الأولياء، إنّما خُرقت لهم لمتابعتهم الرسول؛ فكما أنّ ما تقدّمه فهو من معجزاته، فكذلك ما تأخّر عنه.)
تبرئة الدبّاغ
قالَ الدبّاغ (ت696 هـ) : (ولم يكن مذهبُه إنكارَ سائرها وإنّما كان يبلغه عن ابن الصقلّي أشياءُ الله أعلم بها وبصحتها كأنّها عنده من جنس المُحالات، فكان ينكر ذلك، وكيف وهو يحكي كثيرًا من الكرامات عن أبي إسحاق السَّبائي ؟)، وقال: (ولأبي محمّد جزء في إثبات كرامات الأولياء.).
تبرئة أبي عُمرَ الطَّـلَمَنْـكِـي
قال القاضي عياض: ( قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي محمّد نادرةً لها أسباب، أوجبها التنافر الذي يقع بين العلماء، صحّ عندنا رجوعُه عنها. ولم يُرد في ظاهر أمره إلا تحصينَ النبوءة، فأدّى الأمر إلى أن جهل الكرامات باعتلاله لها !! وإلّا فهو أجلّ من أن ينكرها إنكارَ إبطالٍ لها، وإنما أنكرها فيما بلغنا عن طبقات عندهم [على] محتالين لأكل أموال الناس، مخادعين للجهّال. وقد روى منها وأملى كثيرًا.)
تبرئة الأنفاسي
( أما يوسف الأنفاسي (ت 761) فينقل تبريرًا لإنكار الكرامات، وهو أنّ البدعَ كثرت في زمانه فكان ينكر ما كانوا يزعمونه من الأشياء مع بدعهم. )
تبرئتُه نفسَه
وذلك من خلال تأليفه كتابَ "جزء في إثبات كرامات الأولياء" كما أشار إليه الطلمنكي فيما تقدّم، ونصّ عليه الدباغ (ت 696) وإسماعيل باشا البغدادي (ت 1399) .
تبرئة تلاميذه له وعلى رأسهم الإمام أبو بكرِ ابنُ موهِب القبري
قال القاضي عياض : (كان أبو بكر هذا لتعلقه بهذه العلوم النظرية الغريبة بالأندلس مشومًا عند كثير من الفقهاء بقرطبة)
قال (وكان أبو عون الله شيخُ المحدثين، في طائفة من أصحابه منهم أبو عمر الطلمنكي تلميذُه، قد أُغْرُوا به، فجرت بينه وبينهم قصص ومجاوبات في مسألة الكرامات، فإنَّ ابنَ موهب كان يذهب فيها مذهب شيخه أبي محمّد بن أبي زيد رحمه الله، في إنكار الغلوّ فيها. وكان أولئك يُجيزونها ويسعَوْن في رواية أشياءَ كثيرةٍ منها.)
قال: (فجرت بينهم في هذه المسائل فتن لاسيما عند موت ابن عون الله تداركها ابنُ أبي عامر ، فسيَّر جماعةً من الطائفتين عن الأندلس إلى العدوة فيهم ابن القبري هذا، مع طائفة من أضداده. وكان الأصيلي وابن ذكوان في طائفة من نحارير العلماء في حزب القبري، وجماعة الفقهاء والمحدثين في الحزب الآخر. فخرج القبري إذ ذاك إلى العدوة)
قال: (ثم راجع الأندلسَ خفيةً فورد قرطبة متسترًا، فرمى بنفسه على الأصيلي، ففزع الأصيلي لذلك، لسطوة ابن أبي عامر، فوبخه القبري وقال له: افعل ما بدا لك فعلى الله توكيلي، أو نحوَ هذا، فأعلمَ الأصيليُّ ابنَ أبي عامر بالأمر وأنه لم يعرف به حتى ورد عليه ورفعه إليه، فعفا عنه ولزم قرطبة مُمسكًا لسانَه بقية دولتهم، وتوفي بقرطبة سنة ست وأربعمائة.)
خاتمة
خلاصة ما ذكره هؤلاء العلماء والأئمة:
- أنّ هذا الأمر لم يصحّ عن الإمام بل هو إشاعة فقط.
- أنّه أشاعه عنه الصوفية بسبب ردودِه عليهم.
- أنّه كان ينكر ما يزعمُه الصوفية من الأشياء المبتدعة.
- أنّه إنّما أنكر الغلوّ في الكرامات.
- أنّه أنكر ظهورَ الكرامات مِن غير أهلها من المحتالين والمخادعين.
- أنّه صدر منه ذلك بسبب التنافر الذي يكون بين العلماء ثمّ رجع عنه .
- أنّه أُخِذ عنه ذلك في مقام المناظَرات مع المُبطلين والاحتجاج عليهم .
- أنّه ألّف كتابًا في إثبات الكرامات.
- أنّه كان يحكي ما شاهده من الكرامات على يد مشايخه.
- أنّه كان يُنكر جعلَ الكرامات والمُعجِزات من جنس واحد خلافًا للأشاعرة.

رحم الله القيروانيّ ما كان صوفيًّا ولا أشعريًّا

وصلى الله وسلم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

كتبه يوسف قديري
يوم السبت 19 شعبان 1439



الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf كلمات يسيرات في تبرئة ابن أبي زيد من إنكار الكرامات.pdf‏ (215.8 كيلوبايت, المشاهدات 677)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04 Nov 2021, 02:15 PM
أبو كنان بلحسن علي أبو كنان بلحسن علي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2019
الدولة: تلمسان/الجزائر
المشاركات: 59
افتراضي

جزاك الله خيرا على هذه الفائدة ،
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013