منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 21 Jan 2012, 06:44 PM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي النصيحة لولاة الأمور وكيفيتها وصورها وأقوال السلف فيها

النصيحة لولاة الأمور وكيفيتها وصورها وأقوال السلف فيها
المناصحة بتقديم النصح له سرا،:

والسلف الصالح هم المصلحون الأولون , وهم الأئمة المهتدون , , هم ورثة الأنبياء , ونورٌ لمن يمشي في الظلماءفالسَّيرُ على طريقهم أمرٌ حميد ورأيٌ سديد , لأنه طريق الأنبياء الذي يرضاه الله عز وجل فطريقة السلف أعلم وأسلم وأحكم .
وإن من مقتضيات البيعة النصح لولاة الأمر
قال الله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ(الأعراف 68(.

وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلنَا: لِمَنْ؟ قال: وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)رواه مسلم.(
فمن الدين: النصيحة لولاة الأمر
قال ابن عبدالبر -رحمه الله-:مناصحةولاة الأمر فلم يختلف العلماء في وجوبها إذا كان السلطان يسمعها ويقبلها(الاستذكار8/579)
وقال النووي-رحمه الله-:أما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق, وطاعتهم فيه, وأمرهم به, وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف, وإعلامهم بما غفلواعنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين, وترك الخروج عليهم, وتألف قلوب الناسلطاعتهم, قال الخطابي -رحمه الله-: ومن النصيحة لهم الصلاة خلفهم, والجهادمعهم, وأداء الصدقات اليهم, وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أوسوء عشرة, وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم, وأن يدعى لهم بالصلاح(شرح صحيح مسلم(2/227.)
قال أبونعيم الأصبهاني:" من نصح الولاة والأمراء اهتدى ومن غشهم غوى واعتدى " (فضيلة العادلين 140.)
وعن زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة
رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي بتقديم وتأخير وروى صدره إلى قوله ليس بفقيه
رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه بزيادة عليهما
(( صحيح ) صحيح الترغيب والترهيب )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال(رواه مسلم)
وعن زِيَادِ بْنِ كُسَيْبٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ : كُنْتُ مَعَ أَبِي بَكْرَةَ تَحْتَ مِنْبَرِ ابْنِ عَامِرٍ وَهُوَ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَقَالَ أَبُو بِلَالٍ : انْظُرُوا إِلَى أَمِيرِنَا يَلْبَسُ ثِيَابَ الْفُسَّاقِ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ اسْكُتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ الله صلى الله عليه وسلم
يَقُولُ : مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ. رواه الترمذي ورواه أحمد في مسنده بدون ذكر القصة ولفظه : مَنْ أَكْرَمَ سُلْطَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الدُّنْيَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الدُّنْيَا أَهَانَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وحسن الحديث العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 5/376 .
الحاكم بشر مثلنا وقد يقع في الخطأ . فلما وقع من هذه الخارجي – مرداس - الإنكار على السلطان علنا وكان أسلوب الإنكار مخالفا قام الصحابي الجليل – أبو بكرة - تلميذ محمد ص بالإنكار على من أنكر المنكر بهذه الطريقة المشينة التي ليست من هدي مربيهم – عليه الصلاة والسلام - .
ورواه البيهقي في شعبه وابن أبي عاصم في السنة بلفظ " السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ أَكْرَمَهُ أَكْرَمَهُ اللهُ، وَمَنْ أَهَانَهُ أَهَانَهُ اللهُ. وحسنه الألباني .
ومن إكرامه بذل النصيحة له ، لكن في الغيب والخلوة . ومن إهانته التشهير به بين الناس في النصيحة ونشر معايبه ومثالبه .
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ : سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ. قَالُوا : أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قَالَ : لاَ مَا صَلَّوْا. رواه مسلم .
قال النووي.عند شرحه للحديث في قوله : فمن عرف فقد برئ :وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ . ثم قال : وقوله : ولكن من رضي وتابع معناه ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع . وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت بل إنما يأثم بالرضى به أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه. (خمسون نصيحة في أسلوبالنصيحة لولاة الأمر)
كيفية النصيحة للولاة
فعن عياض بن غنم رضي الله عنه قال : قال رسول الله: من أراد أن ينصحلذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ، وليأخذ بيده, فإن قبل منه فذاك, وإلاكان قد أدى الذي عليه(أخرج الإمام أحمد ورواه ابن أبي عاصم في السنة وصححه الشيخ الألباني)
و عن أسامة بن زيد-رضي الله عنهما- قال : قيل له ألا تدخل علىعثمان فتكلمه ؟ فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟! والله لقد كلمتهفيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه).رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم)
قال النووي رحمه الله موضحا قصد أسامة قوله “أفتتح أمراً لا أحب أن أكونأول من افتتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ
وَقَالَ عِيَاض : مُرَاد أُسَامَة أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَاب الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ ، بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَنْصَحهُ سِرًّا فَذَلِكَ أَجْدَر بِالْقَبُولِ(فتح الباري)
وقال الإمام الألباني
يعني المجاهرة بالانكار على الاْمراء في الملأ لأن في الانكار جهارأ ما يخشى عاقبته، كا اتفق في الانكار عل عثمان جهارأ إذ نشأ عنه قتله.
( مختصر صحيح مسلم تحقيق الألباني)

عنسعيد بن جبير-رحمه الله- قال: قال رجل لابن عباس-رضي الله عنهما-: آمرأميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك, فلا تؤنب الإمام, فإن كنت لا بدفاعلا فيما بينك وبينه.( رواه ابن أبي شيبة)
وعن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ "، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: " بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا ". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ قَالَ: " وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ "(مسند الإمام أحمد بن حنبل)
قال شيخنا أحمد بازمول حفظه الله في كتابه القيم "السنة في ما يتعلق بولي الأمة
صور النصيحة لولي الأمر :
النصيحة لولي الأمر لها أربع صور:
الأولى: نصيحة ولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً.
والثانية: نصيحة ولي الأمر أمام الناس علانية بحضرته مع إمكان نصحه سراً.
والثالثة: نصيحة ولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً ثم يخرج من عنده وينشرها بين الناس.
والرابعة: الإنكار على السلطان في غيبته من خلال المجالس والمواعظ والخطب والدروس ونحوها.
هذه أربع صور سنأتي إن شاء الله تعالى على صورة صورة:
الصورة الأولى: النصيحة لولي الأمر فيما بينه وبين الناصح سراً.
النصيحة لولي الأمر سراً أصل من أصول المنهج السلفي الذي خالفه أهل الأهواء والبدع كالخوارج:
إذ الأصل في النصح لولي الأمر الإسرار بالنصيحة وعدم العلن بها ويدل عليه ما أخرجه أحمد في المسند عن عِيَاض قال قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ ".
فقوله (من أراد أن ينصح لسلطان بأمر)) فيه العموم في الناصح والعموم في المنصوح به
وقوله: ((فلا يبد له علانية)) فيه النهي عن النصيحة علانية والنهي يقتضي التحريم وعليه الواجب الإسرار.
قوله: ((ولكن ليأخذ بيده فيخلو به)) فيه بيان الطريقة الشرعية لنصيحة الولاة وهي الإسرار دون العلانية ((فيخلو به)) أي منفرداً كقول أسامة - - رضي الله عنه -: " أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ".
وذلك فيما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ ".
ففي هذا الأثر أن النصيحة علانية أمر منكر تنتج عنه الفتنة وأن الإسرار هو الأصل الذي تتم فيه النصيحة دون فتنة أو تهييج للرعية على الراعي لقوله - رضي الله عنه -: " والله لقد كلمته فيما بيني وبينه " وقوله - رضي الله عنه - " دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أوّل من فتحه... ".
قال النووي: " يعني المجاهرة بالإنكار على الأُمراء في الملأ كما جرى لقتلة عثمان - رضي الله عنه - وفيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم، ووعظهم سراً وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه وهذا كله إذا أمكن ذلك، فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق " (شرح مسلم (18/ 160)) .
قوله: " وهذا كله إذا أمكن ذلك " أي أمكن الناصح السرية في النصيحة للسلطان فهو الواجب عليه لا غيره.
وقوله: " فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق " أي أنه لا ينكر علناً إلا عند الضرورة الشديدة (وعليه يحمل فعل السلف كقصة أبي سعيد الخدري مع مروان أمير المدينة لمّا قدّم الخطبة على الصلاة. انظر صحيح البخاري (2/ 449 رقم956 فتح) ك العيدين ب الخروج إلى المصلى بغير منبر)
ولذلك أنكر عياض -رضي الله عنه- على هشام - - رضي الله عنه - إنكاره عليه علانية بدون ضرورة فما كان من هشام - - رضي الله عنه - إلا التسليم والله أعلم.
وقال الشيخ ابن باز معلقاً على أثر أسامة - رضي الله عنه -:" لما فتحوا الشر في زمن عثمان - رضي الله عنه - وأنكروا على عثمان - رضي الله عنه - جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان وعلى بأسباب ذلك وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه نسأل الله العافية " (المعلوم23 والمعاملة 44) .
وأخرج أحمد في المسند عن سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ أنه قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى فقُلْتُ له: إِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ وَيَفْعَلُ بِهِمْ قَالَ فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ وَإِلَّا فَدَعْهُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ ".
فتأملوا كيف أن الصحابي الجليل ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - منعه من الكلام في السلطان وأمره بنصيحته سراً دون العلانية.
قال ابن النحاس رحمه الله: " يختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد " (تنبيه الغافلين 64) .
وقال الشوكاني:" ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولايظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله " (السيل (4/ 556)) .
وقال أئمة الدعوة:" ما يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق واتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس " (نصيحة مهمة 30) .
وقال العلامة السعدي رحمه الله:" على من رأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقام " (الرياض الناضرة 50.) .
وقال الشيخ ابن باز:" الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم " (المعلوم 22.) .
الصورة الثانية: نصيحة السلطان أمام الناس علانية بحضرته مع إمكان نصحه سراً.
وهذه الصورة محرمة لا تجوز للأمور التالية:
1- مخالفتها لحديث عياض بن غَنْم - رضي الله عنه - الذي فيه الأمر بالإسرار.
2- مخالفتها لآثار السلف ومنهجهم كأسامة بن زيد وعبدالله بن أبي أوفى وغيرهما.
3- لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله " أخرجه الترمذي.
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عثيمين ـ رحمه الله -:" إذا كان الكلام في الملك بغيبة أو نصحه جهراً والتشهير به من إهانته التي توعد الله فاعلها بإهانته، فلا شك أنه يجب مراعاة ما ذكرناه ـ يريد الإسرار بالنصيحة ـ لمن استطاع نصيحتهم من العلماء الذين يَغْشَوْنَهم " (مقاصد الإسلام ص393) .
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:" إذا صدر المنكر من أمير أو غيره ينصح برفق خُفْية ما يستشرف ـ أي ما يطلع ـ عليه أحد فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلاً يقبل منه بخفية فإن لم يفعل؛ فيمكن الإنكار ظاهراً إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق واستلحق عليه ولا وافق فيرفع الأمر إلينا خُفْية" (نصيحة مهمة 33.) .
والصورة الثالثة: نصيحة السلطان فيما بينه وبين الناصح سراً ثم ينشرها بين الناس:
وهذه الصورة محرمة لما يلي:
1- مخالفتها لحديث عياض بن غَنْم - - رضي الله عنه - إذ الغرض والمقصود عدم إطلاع الناس عليها لما يترتب عليها من مفاسد.
2- مخالفتها لهدي السلف مع ولي الأمر.
3- لما فيها من الرياء وعلامة ضعف الإخلاص.
4- لما فيه من الفتنة والبلبلة والتفرقة للجماعة.
5- لما فيها من إهانة السلطان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله) .
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عثيمين ـ رحمه الله-: " إذا كان الكلام في الملك بغيبة أو نصحه جهراً أو التشهير به من إهانته التي توعد الله فاعلها بإهانته فلا شك أنه يجب مراعاة ما ذكرناه " (مقاصد الإسلام 393) ـ يريد الإسرار بالنصح ونحوه ـ.
قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله-: "أحذر أيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود ـ أي: سراً بلطف ولين ـ أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم وقلت وقلت؛ فإن هذا عنوان الرياء وعلامة ضعف الإخلاص وفيه أضرار أخرى معروفة " (الرياض الناضرة ص50) .
الصورة الرابعة: نصيحة ولي الأمر في غيبته من خلال المجالس والمواعظ والخطب ونحوها:
وهذه الصورة محرمة لما يلي:
لأنها غيبة وبهتان على ولي الأمر قال تعالى {وَلاََ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} وأخرج مسلم في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ؟ قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ" فنهى الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عن الغيبة ولا شك أن الكلام في ولي الأمر من الغيبة في غيبته إن كان حقاً فإن كان كذباً فهو بهتان.
ولأن هذه الصورة تدخل في القالة بين الناس مما يترتب عليها من الفتنة والبلبلة كما أخرج مسلم في الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَلَا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ: الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ ".
ولأنها تخالف حديث عياض بن غَنْم - رضي الله عنه - في وجوب النصيحة سراً.
ولأنها تخالف هدي السلف الصالح في كيفية النصيحة لولي الأمر
ولأنها من باب إهانة السلطان وهي محرمة
ولأنها تؤدي إلى سفك الدماء وإلى القتل كما أخرج ابن سعد في الطبقات عن عبدا لله بن عكيم الجهني أنه قال: لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان!!
فقيل له: يا أًبا معبدٍ أًوَ أًعنت على دمِهِ؟ فيقول إِني أًعد ذكر مساويه عوناً على دمِهِ! ".فتأملوا هذا الأثر جيداً حيث اعتبر أن ذكر مساوي الحاكم مما يعين على سفك الدماء (وهذا يفيد أن الخروج يكون بالسيف ويكون باللسان، بخلاف من يقول: إن الخروج لا يكون إلا بالسيف. فتأمل هذا واحفظه جيداً.)
قال أئمة الدعوة:" ما يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق واتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا كما يعرف ذلك من نور الله قلبه وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين "
(نصيحة مهمة 30.) .
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله-: " بعض الناس ديدنه في كل مجلس يجلسه الكلام في ولاة الأمور والوقوع في أعراضهم ونشر مساوئهم وأخطائهم معرضاً بذلك عمّا لهم من محاسن أو صواب، ولا ريب أن سلوك هذا الطريق والوقوع في أعراض الولاة لا يزيد في الأمر إلا شدة فإنه لا يحل مشكلاً ولا يرفع مظلمة إنما يزيد البلاء بلاءاً ويوجب بغض الولاة وكراهيتهم وعدم تنفيذ أوامرهم التي يجب طاعتهم فيها " (وجوب طاعة السلطان للعريني ص23-24) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:" ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات وعدم السمع والطاعة في المعروف ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع " (المعلوم 22 والمعاملة 43.) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:" الله الله في فهم منهج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وأن لا يتخذ من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور فهذا عين المفسدة وأحد الأسس التي تحصل بها الفتنة بين الناس كما أن ملء القلوب على ولاة الأمر يحدث الشر والفتنة والفوضى وكذا ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء وبالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها فإذا حاول أحد يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر ضاع الشرع والأمن لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم وحصل الشر والفساد.
فالواجب أن ننظر ماذا سلك السلف تجاه ذوي السلطان وأن يضبط الإنسان نفسه وأن يعرف العواقب.
وليعلم أن من يثور إنما يخدم أعداء الإسلام فليست العبرة بالثورة ولا بالانفعال بل العبرة بالحكمة.
ولست أريد بالحكمة السكوت عن الخطأ بل معالجة الخطأ لنصلح الأوضاع لا لنغير الأوضاع فالناصح هو الذي يتكلم ليصلح الأوضاع لا ليغيرها " (المعاملة 32) .
شبهة من يتكلم في ولي الأمر غيبة وردها:
بعض الناس يتكلم في ولي الأمر غيبة وإذا قلت له هذا لا يجوز يستدل بما أخرجه الترمذي في السنن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ". ويقول هذه كلمة حق ولاشك أن هذا خطأ شنيع لأمور:
أولاً: الحديث إنما قال عند أي أمام ولي الأمر وحضوره لا من خلفه
ثانياً: أن هذا الحديث لا يدل على أن المراد أن تنكر علناً أو تنكر غيبة بل يجب أن يفهم هذا الحديث مع حديث عياض الذي أفاد وجوب الإسرار فنقول تنصحه على الانفراد لا علناً ولا غيبة.
ثالثاً: أنه قال عند سلطان جائر ونحن بحمد الله ـ في المملكة العربية السعودية ـ في ظل سلطان عادل عامل بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح داع للتوحيد ومحارب للبدع والخرافات.
قال الشيخ ابن عثيمين:" أشهد الله تعالى على ما أقول وأُشهدكم أيضاً أَنني لا أَعلم أَن في الأرض اليومَ من يطبق شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن ـ أعني: المملكة العربية السعودية ـ وهذا بلا شك من نعمة الله علينا فلنكن محافظين على ما نحن عليه اليوم بل ولنكن مستزيدين من شريعة الله عز وجل أكثر مما نحن عليه اليوم لأنني لا أدعي الكمال وأننا في القمة بالنسبة لتطبيق شريعة الله لا شك أَننا نخل بكثير منها ولكننا خير والحمد لله من ما نعلمه من البلاد الأخرى...إننا في هذه البلاد نعيش نعمة بعد فقر وأَمناً بعد خوف وعلماً بعد جهل وعزاً بعد ذل بفضل التمسك بهذا الدين مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم يتمنون زوال ما نحن فيه ويجدون من بيننا وللأسف من يستعملونه لهدم الكيان الشامخ بنشر أباطيلهم وتحسين شرهم للناس {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} (الحشر: من الآية2) .
ولقد عجبت لما ذُكر من أن أحد الجهلة هداه الله ورده إلى صوابه يصور النشرات التي ترد من خارج البلاد التي لا تخلو من الكيد والكذب ويطلب توزيعها من بعض الشباب ويشحذ هممهم بأن يحتسبوا الأجر على الله. سبحان الله هل انقلبت المفاهيم؟ هل يطلب رضى الله في معصيته؟ هل التقرب إلى الله يحصل بنشر الفتن وزرع الفرقة بين المسلمين وولاة أمورهم؟ معاذ الله أَن يكون كذلك اهـ
(وجوب طاعة السلطان للعريني 49.) .
وفي الختام: أورد كلمة مهمة للشيخ صالح آل الشيخ حول خطأ يقع فيه كثير من الشباب عند ما تطرأ أي مشكلة جهلاً منهم بمنهج السلف الصالح: لا تطبق أيها المسلم أحاديث الفتن على الواقع الذي تعيش فيه فإنه يحلو للناس عند ظهور الفتن مراجعة أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفتن ويكثر في مجالسهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا؛ هذا وقتها هذه هي الفتنة! ونحو ذلك.
والسلف علمونا أن أحاديث الفتن لا تنزل على واقع حاضر وإنما يظهر صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها مع الحذر من الفتن جميعاً.
وهذا التطبيق لأحاديث الفتن على الواقع وبث ذلك في المسلمين ليس من منهج أهل السنة والجماعة وإنما أهل السنة والجماعة يذكرون الفتن وأحاديث الفتن محذرين منها مباعدين للمسلمين عن غشيانها أو عن القرب منها لأجل أن لا يحصل بالمسلمين فتنة ولأجل أن يعتقدوا صحة ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ (الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن 52.) .
أقوال السلف الصالح في النصيحة للولاة والإسرار بها
عن عمر رضي الله عنه: أيتها الرعية إن لنا عليكم حقا النصيحة بالغيب
(رواه هناد بن السري في الزهد والطبري في تأريخه وكنز العمال)
عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ نِفَاق المَرْء طَعْنهُ في إِمَامِهِ.
( ابن عبد البر في التمهيد 21/287. والبهقي في شعبه 7/48 . بسند لا بأس به .)
قال سليمان التيمي-رحمه الله-:ما أغضبت رجلاً فقبل منك, فكيف بالسلطان
(الأمر بالمعروف للخلال ص36)
وقال الإمام أحمد-رحمه الله-يأمر بالرفق والخضوع, ثم قال: إن أسمعوه ما يكره لا يغضب! فيكون يريد ينتصر لنفسه(الأمر بالمعروف للخلال ص39.)
وقال الإمام أحمد رحمه الله : لَا يُتَعَرَّض لِلسُّلْطَانِ فَإِنَّ سَيْفَهُ مَسْلُول وَعَصَاهُ
(. ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/222) .

وقال النووي-رحمه الله-وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف(شرح صحيح مسلم2/227)

وقال ابن القيم-رحمه الله- : مخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعاً وعقلاً وعرفاً ، ولذلك تجد الناس كالمفطورين عليه(بدائع الفوائد3/1061)
وقال العلامة ابن مفلح: مبينا طريقة الإنكار على السلاطين "فَصْل ( فِي الْإِنْكَار عَلَى السُّلْطَان وَالْفَرْق بَيْنَ الْبُغَاة وَالْإِمَام
وَلَا يُنْكِر أَحَد عَلَى سُلْطَان إلَّا وَعْظًا لَهُ وَتَخْوِيفًاأَوْ تَحْذِيرًا مِنْ الْعَاقِبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُيَجِب وَيَحْرُم بِغَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْره وَالْمُرَادوَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِير وَإِلَّا سَقَطَوَكَانَ حُكْم ذَلِكَ كَغَيْرِهِ .
قَالَ حَنْبَلٌ : اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلَايَةِالْوَاثِقِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا لَهُ : إنَّ الْأَمْرَقَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا يَعْنُونَ إظْهَار الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِوَغَيْر ذَلِكَ وَلَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ وَلَا سُلْطَانه ،فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ بِقُلُوبِكُمْوَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَة وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ ،وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحبَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر وَقَالَ لَيْسَ هَذَا صَوَاب ، هَذَاخِلَاف الْآثَار .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُر بِكَفِّالدِّمَاء وَيُنْكِر الْخُرُوج إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ فِي رِوَايَةِإسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الْكَفُّ ؛ لِأَنَّا نَجِدُ عَنْ النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صَلَّوْا فَلَا خِلَافًالِلْمُتَكَلِّمِينَ فِي جَوَاز قِتَالِهِمْ كَالْبُغَاةِ قَالَ الْقَاضِي : وَالْفَرْق بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَة الظَّاهِر وَالْمَعْنَى ، أَمَّاالظَّاهِر فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى أَمَرَ بِقِتَالِ الْبُغَاة بِقَوْلِهِتَعَالَى : وَإِنْ طَائِفَتَانِ
وَفِي مَسْأَلَتِنَا أَمْرٌ بِالْكَفِّ عَنْ الْأَئِمَّة بِالْأَخْبَارِالْمَذْكُورَة ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّ الْخَوَارِج يُقَاتَلُونَبِالْإِمَامِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا يَحْصُل قِتَالهمْ بِغَيْرِ إمَام فَلَمْيَجُزْ كَمَا لَمْ يَجُزْ الْجِهَاد بِغَيْرِ إمَام انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ إنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُاللَّهِ فَاعْتَصِمُوا مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا كَمْيَدْفَعُ اللَّهُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً فِي دِينِنَا رَحْمَةً مِنْهُوَدُنْيَانَا لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَمْ تُؤْمَنْ لَنَا سُبُلٌ وَكَانَأَضْعَفُنَا نَهْبًا لِأَقْوَانَا وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِابْنِهِيَا بُنَيّ احْفَظْ عَنِّي مَا أُوصِيكَ بِهِ : إمَامٌ عَدْلٌ خَيْرٌ مِنْمَطَرٍ وَبْلٍ وَأَسَدٌ حَطُومٌ خَيْرٌ مِنْ إمَامٍ ظَلُومٍ ، وَإِمَامٌظَلُومٌ غَشُومٌ خَيْرٌ مِنْ فِتْنَةٍ تَدُومُ .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْالْمُنْكَر مَعَ السَّلَاطِينِ التَّعْرِيف وَالْوَعْظ ، فَأَمَّاتَخْشِينُ الْقَوْلِ نَحْو يَا ظَالِم يَا مَنْ لَا يَخَاف اللَّهَ ،فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُحَرِّك فِتْنَة يَتَعَدَّى شَرُّهَا إلَى الْغَيْرلَمْ يَجُزْ ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزعِنْد جُمْهُور الْعُلَمَاء قَالَ : وَاَلَّذِي أَرَادَ الْمَنْع مِنْذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُود إزَالَة الْمُنْكَر وَحَمْلُ السُّلْطَانبِالِانْبِسَاطِ عَلَيْهِ عَلَى فِعْلِ الْمُنْكَر أَكْثَر مِنْ فِعْلِالْمُنْكَر الَّذِي قُصِدَ إزَالَته قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ : لَا يُتَعَرَّض لِلسُّلْطَانِ فَإِنَّ سَيْفَهُ مَسْلُولوَعَصَاهُ .
فَأَمَّا مَا جَرَى لِلسَّلَفِ مِنْ التَّعَرُّض لِأُمَرَائِهِمْفَإِنَّهُمْ كَانُوا يَهَابُونَ الْعُلَمَاء فَإِذَا انْبَسَطُواعَلَيْهِمْ احْتَمَلُوهُمْ فِي الْأَغْلَب ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثعَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ : إذَا اسْتَشَاطَ السُّلْطَانُ تَسَلَّطَعَلَيْهِ الشَّيْطَانُ اهـ .( الآداب الشرعية1/222)
وقال ابن النحاس
ويختار الكلام مع السلطان في الخلوة علىالكلام معه على رأس الأشهاد بل يود لو كلمة سراً ونصه خفية من غير ثالث لها
(تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين، وتحذيرالسالكين من أفعال الهالكين ص64)


وقال ابن رجب الحنبلي
وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ووجوب إعزازهم في طاعة الله،ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ولين ومجانيةالوثوق عليهم ،والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأخيار على ذلك
(جامع العلوموالحكم1/222.)


قال الإمام :" يحيى بن معين رحمه الله تعالى ".
" ما رأيتُ على رجلٍ خطأً إلا سترته ، وأحببتُ أن أزين أمره ، وما استقبلتُ رجلاً في وجهه بأمر يكرهه،ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك وإلاَّ تركته ". انظر سير أعلام النبلاء :(11/83).
من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه
(حلية الأولياء (ج9 ص 140)
وقيل لمسعر: " أتحب من يخبرك بعيوبك؟ فقال: إن نصحني فيما بيني وبينه فنعم، وإن قرعني بين الملأ فلا " وهذا حق؛ فإن النصح في السر حب وشفقة، والنصح في العلن انتقاص وفضيحة. وهذا هو قول الشافعي رحمه الله: " من وعظ أخاه سرّاً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه ".(الإحياء 2 / 182)
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى
( تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي ** وجنِّني النصيحةَ في الجماعهْ )
( فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ ** من التوبيخِ لا أرضى استماعه )
( وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي ** فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه )
(ديوان الإمام الشافعي)
وقال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام الناس : يا أمير المؤمنين : إنك أخطأت في كذا وكذا ، وأنصحك بكذا وبكذا ، فقال له علي رضي الله عنه :" إذا نصحتني فانصحني بيني وبينك ، فإني لا آمن عليكم ولا على نفسي حين تنصحني علناً بين الناس "
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (( وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد، وعظوه سراً، )) حتى قال بعضهم: (( من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه )) .
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: (( المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير)) (جامع العلوم: (ص:77).
ويعقب الحافظ ابن رجب على كلمة الفضيل هذه بقوله: (( فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان))
الفرق بين النصيحة و التعيير: (ص36)
ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان البستي رحمه الله تعالى: (( النصيحة تجب على الناس كافة على ماذكرنا قبل، ولكن ابداءها لا يجب إلا سراً، لأن من وعظ أخاه علانية فقدشانه، ومن وعظه سراً فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه))
روضة العقلاء: (ص196)
ويقول عبد العزيز بن أبي داود رحمه الله: (( كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئاً يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه، ويهتك ستره)) جامع العلوم: (ص77)
ويقول الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى: (( ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده)) الأخلاق والسير: (ص44)
ويقول الإمام أبو محمد ابن حزم الظاهري رحمه الله: (( وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لاتصريح، إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح))
(الأخلاق والسير: (ص44)
ويقول أيضاً: (( فإن خشنت كلامك في النصيحة فذلك إغراء وتنفير، وقد قال الله تعالى: { فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً } (طه: من الآية44). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا )( متفق عليه )
ويقول ابن رجب: (( فهذا الذي ذكره الفضيل، (مقولتنا التي نقلناها في موضع النصح في السر) من علامات النصح، فالنصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن بها الإعلان)) الفرق بين النصيحة والتعيير: (ص36)

وقال ابن رجب-رحمه الله : « وتذكيرهم وتنبيهم في رفق ولطف(جامع العلوم ص106)
وقال الشوكاني رحمه الله : ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أنيناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث أنهيأخذ بيده و يخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله( السيل الجرار( .

وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في نصيحة له لبعض الناس: والجامع لهذا كله أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق خفيةما يشرف عليه أحد فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلاً يقبل منه بخفية فإن لميفعل فيمكن الإنكار ظاهراً إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق واستلحقعليه ولا وافق فيرفع الأمر إلينا خفية (الدرر السنية9/151و152.(

وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف, والشيخ سعد بن عتيق, والشيخ عبد اللهالعنقري, والشيخ عمر بن سليم, والشيخ محمد بن إبراهيم-رحمهم الله-:( وأماما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر،والخروج من الإسلام، فالواجب فيها: مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق، واتباعما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس, ومجامع الناس،واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر, الواجب إنكاره على العباد، وهذا غلطفاحش، وجهل ظاهر، لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدينوالدنيا، كما يعرف ذلك من نور الله قلبه، وعرف طريقة السلف الصالح, وأئمةالدين(الدرر السنية9/119.)
وكتب سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم-رحمه الله- نصيحة لأحد القضاةنصها: بلغني أن موقفك مع الإمارة ليس كما ينبغي ، وتدري بارك الله فيك أنالإمارة ما قصد بها إلا نفع الرعية ، وليس من شروطها أن لا يقع منها زلل ،والعاقل بل وغير العاقل يعرف أن منافعها وخيرها الديني والدنيوي يربو علىمفاسدها بكثير , ومثلك إنما منصبه منصب وعظ وإرشاد ، وإفتاء بين المتخاصمين، ونصيحة الأمير والمأمور بالسر وبنية خالصة تعرف فيها النتيجة النافعةللإسلام والمسلمين . ولا ينبغي أن تكون عثرة الأمير أو العثرات نصب عينيك, والقاضية على فكرك, والحاكمة على تصرفاتك ؛ بل في السر قم بواجب النصيحة،وفي العلانية أظهر وصرح بما أوجب الله من حق الإمارة والسمع والطاعة لها ؛وأنها لم تأت لجباية أموال وظلم دماء وأعراضمن المسلمين ، ولم تفعل ذلكأصلا ؛ إلا أنها غير معصومة فقط ؛ فأنت كن وإياهاأخوين : أحدهما مبينواعظ ناصح، والآخر: باذل ما يجب عليه كاف عما ليس له . إن أحسن دعا لهبالخير ونشّط عليه ، وإن قصّر عومل بما أسلفت لك ، ولا يظهر عليك عندالرعية, ولا سيما المتظلمين بالباطل عتبك على الأمير, وانتقادك إياه ؛ لأنذلك غير نافع الرعية بشيء ، وغير ما تعبدت به ، إنما تعبدت بما قدمت لكونحوه ، وأن تكون جامع شمل ، لا مشتت ، مؤلف لا منفر .
واذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى " يسر ولا تعسر ، وبشروا ولا تنفروا ،وتطاوعا ولا تختلفا " أو كما قال . صلى الله عليه وسلموأنا لم أكتب لك ذلك لغرض سوىالنصيحةلك, وللأمير, ولكافة الجماعة, ولإمام المسلمين . والله ولي التوفيق . والسلام عليكم
(الفتاوى12/182و183)
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله في النصيحة لأئمة المسلمين : وعلى منرأى منهم ما لا يحل أن ينبههم سراً لا علناً بلطف وعبارة تليق بالمقامويحصل بها المقصود، فإن هذا مطلوب في حق كل أحد وبالأخص ولاة الأمور، فإنتنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص، واحذرأيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناسفتقول لهم إني نصحتهم وقلت وقلت فإن هذا عنوان الرياء وعلامة ضعف الإخلاص،وفيه أضرار أخر معروفة
( الرياض الناضرة.(

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ليس من منهج السلف التشهير بعيوبالولاة وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمعوالطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقةالمتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أوالاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير وإنكار المنكر يكونمن دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر منفعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن فلانا يفعلها، لا حاكمولا غير حاكم. ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان، قال بعض الناس لأسامة بن زيد -رضي الله عنه-: ألا تنكر على عثمان، قال: أنكر عليه عند الناس؟! لكن أنكرعليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس. ولما فتحوا الشر في زمنعثمان -رضي الله عنه- وأنكروا على عثمان جهرة، تمت الفتنة القتال والفسادالذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاويةوقتل عثمان وعلي بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسبابالإنكار العلني وذكر العيوب علناً، حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه،نسأل الله العافية. (نصيحة الأمة في جواب عشرة أسئلة مهمة(.

قال الإمام محمد بن صالح بن عثيمين
النصح لولاة الأمور أمرٌ مهم , وهو أهم من النصح لعامتهم , ولكن كيف يكونذلك ؟
لا بد من سلوك الحكمة في النصيحة لهم
فمن النصيحة للأمراء :
أولاً : أنتعتقد وجوب طاعتهم في غير معصية الله , هذا من النصيحة لهم , لأنك إذا لمتعتقد ذلك فلن تطيعه .
ومن الذي أوجبها ؟ الله عز وجل في قوله تعالى يا أيها الذين آمنواأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم
وفي قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إسمعوا وأطيعواوفي مبايعة الصحابة له على ذلك كما في حديث عبادة بن الصامت : بايعنا رسولالله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , ويسرناوعسرنا , وأثرة علينا .
ثانياً : أننطيع أوامرهم إلا في معصية الله , وإن عصوا يعني لو كانوا فُسَّاقاً يشربونالخمر , ويعاقرون النساء , ويلعبون القمار يجب علينا طاعتهم , حتى في هذهالحال وإن عصوا , لكن إنْ أمروا بالمعصية , ولو كانت أدنى معصية , ولو لم تكنكبيرة , فإنه لا يجب أن نطيعهم .
ولكن هل نُنَابذ أو أن نقول لا نستطيع أن نفعل , ونقابلهم بهدوء لعلهميرجعون , يتعين الثاني , لأن منابذتهم قد تؤدي إلى أن يركبوا رؤوسهم , وأنيُلزِموك ويُكرهوكَ على الشيء , لكن إذا أتيتَ بهدوء ونصيحة , وقلت : ربناوربك الله , والله عز وجل نهى عن هذا , والذي أوجب علينا طاعتكم هو الله عزوجل , لكن في غير المعصية , وتُهادِؤُه , فإن اهتدى فهذا هو المطلوب , وإن لم يهتديوأجبر , فأنت معذور لأنك مُكرَه .
ثالثاً : مننصيحتهم أن لا نُثِيرَ الناس عليهم , وإثارةُ الناس عليهم ليس معناهأن نقول يا أيها الناس ثوروا على أمرائكم .
هذا لا أحد يقوله , لكن ذكر المساوئ وإخفاء المحاسن يوجب إثارة الناس , لأن الإنسان بشر , وإذا ذكرتَ مساوئ شخص عنده دون ذكر المحاسن سوف يمتلئ قلبهبغضاً له , فهذا أيضاً من نصيحتهم , وقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم منالدين
رابعاً : إبداءُ خطأهم فيما خالفوا فيه الشرع , بمعنى أن لا نسكت , ولكن على وجه الحكمة والإخفاء, ولهذا أمرالنبيعليه الصلاة والسلام إذا رأى الإنسان من الأمير شيئاً أن يمسك بيده , ذكر النصيحة أن تمسك بيده , وأن تكلمه فيما بينك وبينه لا أن تقوم فيالناس وتنشر معايبه , لأن هذا يحصل به فتنة عظيمةالسكوت عن الباطل لا شك أنه خطأ , لكن الكلام في الباطل الذي يؤديإلى ما هوأشد هذا خطأ أيضاً , فالطريق السليم الذي هو النصيحة وهو من دين اللهعز وجلهو أن يأخذ الإنسان بيده , ويكلمه سرّاً , أو يكاتبه سراً , فإنأمكن أنيوصله إياه فهذا المطلوب وإلا فهناك قنوات , الإنسان البصير يعرف كيفيوصلهذه النصيحة إلى الأمير بالطريق المعروف .
خامساً : إحترامه الاحترام اللائق به , وليس احترام ولي الأمر كاحترام عامة الناس , ربما يأتيك فاسق من عامة الناس لا تبالي به , ولا تلتفت إليه , ولا تكلمه , ولكن ولي الأمر على خلاف ذلك , ولا سيما إذا كان أمام الناس , لأنك إذا أظهرتأنك غير مبالٍ به , فإن هذا ينقص من قدره أمام الناس , ونقصان قدر الأميرأمام الناس له سلبيات خطيرة جداً , ولا سيما إذا كثرت البلبلة وكثر الكلامفإنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة , وكما يتبين لمن كان منكم متأمّلاً أحوال الناساليوم . (خطبة مسجلة)
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان-غفر الله له وأمد في عمره على طاعته- بعدسؤال وجه إليه ونص السؤال : ما هو المنهج الصحيح في المناصحة، وخاصةمناصحة الحكام؛ أهو بالتشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة ؟ أم مناصحتهمفي السر ؟ أرجو توضيح المنهج الصحيح في هذه المسألة ؟ فأجاب جزاه الله خيرا : العصمة ليست لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فالحكامالمسلمون بشر يخطئون، ولا شك أن عندهم أخطاء وليسوا معصومين، ولكن لا نتخذمن أخطائهم مجالاً للتشهير بهم ونزع اليد من طاعتهم، حتى وإن جاروا، وإنظلموا حتَّى وإن عصوا، ما لمَ يأتوا كفرًا بواحًا، كما أمر بذلك النبي- صلىالله عليه وسلم -، وإن كان عندهم معاصٍ وعندهم جور وظلم؛ فإن الصبر علىطاعتهمجمع للكلمة، ووحدةً للمسلمين، وحماية لبلاد المسلمين، وفي مخالفتهمومنابذتهم مفاسد عظيمة؛ أعظم من المنكر الذي هم عليه، يحصل - في مخالفتهم - ما هو أشد من المنكر الذي يصدر منهم، ما دام هذا المنكر دون الكفر، ودونالشرك . ولا نقول : إنه يسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء، لا، بلتُعالَج، ولكن تُعالَج بالطريقة السليمة، بالمناصحة لهم سرًا، والكتابة لهمسرًا .
وليست بالكتابة التي تُكتب، ويوقع عليها جمع كثير، وتُوزّع على الناس، هذالا يجوز، بل تُكتب كتابة سرية فيها نصيحة ، تُسَلّم لولي الأمر، أو يُكَلّمشفويًا، أما الكتابة التي تُكتب وتُصَوَّر وتُوَزَّع على الناس؛ فهذا عمللا يجوز، لأنه تشهير، وهو مثل الكلام على المنابر، بل هو أشد، بل الكلاميمكن أن يُنسى، ولكن الكتابة تبقى وتتداولها الأيدي؛ فليس هذا من الحق(الأجوبة المفيدة ص27)
وقال الشيخ الفوزان حفظه الله :
السؤال:ما هو المنهج الصحيح في المناصحة وخاصة مناصحةالحاكم أهو التشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة؟ أم مناصحتهم بالسر؟ أرجوتوضيح المنهج السلفي في هذه المسألة؟
الجواب:العصمة ليست لأحد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - فالحكام بشر يخطئون ولا شك أن عندهم أخطاء و ليسوا معصومين، ولكن لا نتخذأخطاءهم مجالا للتشهير بهم ونزع اليد من طاعتهم حتى وإن جاروا وإن ظلمواحتى وإن عصوا ما لم يرتكبوا كفرا بواحا، كما أمر بذلك النبي - صلى اللهعليه وسلم - و ان كان عندهم معاص وعندهم جور وظلم فإن الصبر على طاعتهم جمعللكلمة ووحدة المسلمين وحماية لبلاد المسلمين وفي مخالفتهم و منابذتهممفاسد عظيمة أعظم من المنكر الذي هم عليه لأنه يحصل ما هو أشد من المنكرالذي يصدر منهم ما دام هذا المنكر دون الكفر و دون الشرك.و لا نقول إنهيسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء لا... بل تعالج ولكنتعالج بالطريقةالسليمة بالمناصحة لهم سرا والكتابة لهم سرا و ليستبالكتابة التي تكتببالإنترنت أو غيره و يوقّع عليها جمع كثير وتوزع علىالناس فهذا لا يجوزلانه تشهير ، هذا مثل الكلام على المنابر بل أشد فانالكلام ممكن ان ينسىولكن الكتابة تبقى و تتداولها الأيدي فليس هذا منالحق. قال صلى الله عليهوسلم: (الدين النصيحة،الدين النصيحة ،الدين النصيحة. قلنا : لمن؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمةالمسلمينوعامتهم ). رواه مسلم وفي الحديث ( أنالله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكمثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا بهشيئا و أن تعتصموا بحبل اللهجميعا وان تناصحوا من ولاه الله أمركم ) رواهابن حبان في الصحيح و أولىمن يقوم بالنصيحة لولاة الأمر هم: العلماءوأصحاب الرأي والمشورة أهل الحلوالعقد، قال تعالى : ( وإذا جاءهم أمر منالأمن أو الخوف أذاعوا به ولوردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمرمنهم لعلمهالذين يستنبطونه منهمالنساء.
فليس كل أحد من الناس يصلح لهذا الأمروليس الترويج للأخطاء والتشهير بهامن النصيحة في شيء ولا هو من منهج السلف الصالح وان كان قصد صاحبها حسناوطيباوهو إنكار المنكر بزعمه لكن ما فعله أشد منكرا وقد يكون إنكار المنكرمنكرا إذا كان على غير الطريقة التي شرعها الله و رسوله فهو منكر لأنه لميتبع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعية التي رسمها حيث قال عليهالصلاة والسلام (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فانلم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم وأحمد وأبو عوانه . فجعلالرسول الناس على ثلاثة أقسام :
منهم من يستطيع أن يزيل المنكر بيده وهو صاحب السلطة ولي الآمرأو من وكل إليه الأمر من الهيئات والأمراء والقادة .وقسم ينكر المنكر بلسانه وهو من ليس له سلطه وعنده قدره على البيان .و قسم ينكر المنكر بقلبه وهو من ليس له سلطه و ليس عنده قدره على البيان(فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة)
قال العلامة أحمد النجمي رحمه الله الحقيقة أن الإنكار العلني على الولاة أمر محدث ، ولم يكن من أصول السنة ، فالنبي ص يقول : (( ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي ولا ينزعن يدا من طاعة ))، وهكذا يقول نبي الهدى ص إذا فلا يجوز الإنكار العلني على المنابر ؛ لأن الإضرار التي تترتب عليه أكثر من فائدته، والنبي ص قد أمر بالنصيحة لعامة المسلمين ولخاصتهم ، فقال كما في حديث تميم الداري رضي الله عنه : (( الدين النصيحة ؛ الدين النصيحة؛ الدين النصيحة )) قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) لكن النصيحة لأئمة المسلمين بأي صورة تكون، ينبغي أن تكون بصفة سرية ؛ وقد قال أسامة بن زيد رضي الله عنه لما قيل له ألا تكلم عثمان رضي الله عنه ، فقال:( أتضنون أني لا أكلمه إلا أن أسمعكم) يعني أني أكلمه سرا . إذا الأصل هكذا في السنة ، ومن يقف على المنبر ويقول : رسالة إلى الملك الفلاني ، أو إلى الوزير الفلاني أو ما أشبه ذلك ، فهو مخطئ بل يجب عليه إن كان يرى شيئا من المنكر؛ يجب عليه أن يرسل نصيحة سرية، فإن قبلت فليحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك ، وإن لم تقبل فليعلم أن ذمته قد برئت ، وليس عليه شيء بعد هذا.
(أسئلة في المنهج للعلامة النجمي السؤال 5) .
وقال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله
المسألة الثانية:كيف ينصح المسلم ولاة الأمور
نقدم بين يدي هذه المسألة أمرين:
أولهما:تعريف النصيحة، فالنصيحة في اللغة مأخوذة من نصحالثوب أي أصلحهوخاطه فيشبه فعل الناصح مع المنصوح له بفعل من يصلح ثوبهويسد خلله فالناصح يسد خللا في المنصوح وقيل مأخوذة من نصح العسل أو نصحالعسل إذا صفاه من العوالق كالشمع وهنا وجه الشبه أن الناصح يحاول تصفيةحال المنصوح برفق
وفي الاصطلاح :إرادة الخير للمنصوح بما يصلح حاله هذا هو الأمر الأول
الأمر الثاني :الذي يجب على كل مسلم معرفته وقبوله وعلىطلاب العلم خاصة الوقوف على السنة سواء كانت عبادة او معاملة فما وردت فيهسنةلا يسوغ للمسلم أن يستعمل فيه العقل بل يجب الوقوف عند السنةحتىالمعاملات مادامت السنة واردة فيها فلا يسوغ للمسلم أن يجانب السنة ويطلبالعقل
إذا الأمر الثاني هو وقوف عند السنة سوء أكانت في عبادة أو في معاملة لأنبعض الناس قد يقول هذه معاملات فالأصل في العبادة المنع إلا بنص والأصل فيالمعاملة الإباحة إلا بنص
ولكن نقول: إذا ورد في المعاملة فهل يجوز تجاوزه ؟ .. يعني هذا تكذيبالرسول صلى الله عليه وسلم ومنها ضل من ضل ووقع شطط في معاملة ولاة الأمورمن المسلمين لأن القوم غلبوا العقل على النقل هذا من قديم من عهد الخوارجبقي الأن محور المسألة وهو كيف ينصح ولاة المسلمين ؟
أقول هذا الجانب أعني نصيحة ولاة الأمور هل الأمر فيه متروك لأجتهادتنا وعقولنا أم تولى بيانه الشارع ؟
وإذا كان الشارع الحكيم قد تولى ذلك فما بيانه؟ وكيف ينصح المسلم ولاة الأمور وفق الشرع؟
نقولك روى ابن أبي عاصم في السنة والإمام أحمد في مسنده وغيرهما أن رسولالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من كانت عنده نصيحة فلا يبدهاعلانية وليأخذ بيده وليخلو به فإن كان قد أدى الذي عليه"
فالحديث دلي على ثلاثة أمور:
أولا:السرية التامة في المناصحة للحاكم حتى عن أقرب الناس إليه إن أمكن.
ثانيا:براءة الذمة بمجرد النصيحة على هذا الوجه الذي تضمنه الحديث.
ثالثا:أنه لاتبعة على من لايقدر على النصيحة للحاكم سرالأنه لاتكلف نفس إلا وسعها، ولأن هذا الطريق هو ماجاء عن الله على لسانرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلو رضي الله للعباد والبلاد غيره لجاءبيانه في الكتاب أو في صحيح السنة فكان لزاما على كل طالب للحق والهدىالوقوف على هذا النص.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله "ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعضالمسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد فيالحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله، وقدقدمنا في أول كتاب السير هذا أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن بلغوا فيالظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر منهم الكفر البواح، والأحاديثالواردة في هذا المعنى متواترة ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعةالله ويعصيه في معصية الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" اهـ
المسألة الثالثة:في في الشبهات التي يعرضها أهل الشطط، وهيكثيرة جدا، لكن نقول: هكذا غلب الهوى والاجتهاد الخاطيء يرد الناس إلا منرحم الله سنة صحيحة صريحة ويركبون البدع ويكون الضلال.
فمن االشبهات إنكار أبي سعيد الخدري رضي الله عنه على أمير المدينة مروانبن الحكم حين قدم خطبة العيد على الصلاة قالوا فجذبه، وهذا إنكار علني،نقول: هذه القصة في صحيح مسلم وغيره، ولفظ الحديث: عن أبي سعيد الخدري.
:
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأبالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإنكان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها وكانيقولتصدقوا تصدقوا تصدقوا وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف فلم يزلكذلكحتى كان مروان بن الحكم فخرجت مخاصرا مروان
حتى أتينا المصلى فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن فإذا مروانينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلكمنه قلت أين الابتداء بالصلاة ؟ فقال لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم قلتكلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ( ثلاث مرار ثم انصرف )
قلت: لاشك في صحة الحديث كما ترى، كما أنه لاشك في ظهور إنكار أبي سعيد علىأميرالمدينة مروان صنيعه في تقديم الخطبة على صلاة العيد، ولكن غفل القومعن أمور في الحديث لو عقلوها لأراحتهم من تلك الشبهة، وهي:
أولا: مامعنى المخاصرة في قول أبي سعيد فخرجت مخاصرا مروان؟.
فالجواب:ماقاله ابن الأثير في النهاية (فخرجمخاصرا مروان) المخاصرة: أن يأخذ الرجل بيد رجل آخر يتماشيان ويد كل واحدمنهما عند خصر صاحبه" اهـ.
ثانيا: أن عياض بن عبدالله بن سعد راوية أبي سعيد، قال:كما في إسناد مسلمعن أبي سعيد وهذا حكاية عن عياض لصنيع أبي سعيد مع مروان من قوله، أعني أنأبا سعيد حدثه تلك القصة.
ثالثا: اكتفى أبو سعيد بتنبيهه مروان إلى السنة وإنكاره عليه مخالفتها فقط،بل وصلى معه، ولم يتخذ من مخالفة مروان مجالا للتشهير والتهييج لعلمه أنذلك مخالفة لسنة رسول الله عليه وعلى آله وسلم، أعني التشهير بنصح الولاة،ولأنه فهم من قول مروان كما جاء في بعض طرق الحديث( أن الناس لايجلسونلنا) أنه- أي: مروان- فعل ذلك اجتهادا منه، ولعل ماسقنا يظهر لك أمرين:
أحدهما: اتفاق صنيع أبي سعيد في هذا الحديث مع حديث ابن أبي عاصم المتقدم.
وثانيهما:أنه ليس من منهج السلف الانكار على الولاة على المنابر ولا في المحافل العامة، بل مشافهة وفي سرية تامة.
الشبهة الثانية: أن المنكرات قد تجاوزت حدها وصارت علانية، وهذه الشبهة جوابها من وجهين:
أولهما:أن يقال هل عندكم سنة تقول: إذا ظهرت المنكراتيجبإظهار النصيحة والتشهير؟ فالجواب: أنه لاتوجد سنة بذلك، بل السنة عامةبسرية النصيحة، وسوا كانت المنكرات ظاهرة أو خفية، كما في حديث ابن أبيعاصم المتقدم.
ثانيا:أليس الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبلغ عنربه؟ بلى، إذن فلا تتجاوزوا السنة إن كنتم منصفين، يجب أن تسعكم السنة،وإلا كنتم ضالين مضلين عن الهدى مجانبين للصواب بركوبكم القياس العقليووقعتم في نهج الخوارج." اهـ
(تنبيه ذوي العقول السليمة إلى فوائد مستنبطة من الستة الأصول العظيمة)

فاعلم أخي المسلم أن هذه هي الطريق الشرعي والطريقة الأثرية من هدي سلفنا الصالح في الإنكار على ولاة الأمر, فأسأل الله أن يوفق ولاةأمر المسلمين لما فيه نصرة الإسلام وعز المسلمين, وأسأله أن يحفظ جميع بلادالمسلمين أمنها وإيمانها ويكفيها شر
أعدائها الغالين في الدين والجافين عنه من أهل الأهواء والبدع أجمعين
أعدها

رائد علي أبو الكاس


التعديل الأخير تم بواسطة رائد علي أبو الكاس ; 21 Jan 2012 الساعة 06:47 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 Jan 2012, 11:23 PM
سفيان بن عثمان سفيان بن عثمان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: دلس حرسها الله.
المشاركات: 362
افتراضي

بارك الله فيك أخي.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 Jan 2012, 12:15 PM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي

وفيكم بارك
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, نصيحةولاةالأمور, دعوة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013