منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20 Dec 2017, 04:15 PM
أبو عاصم مصطفى السُّلمي أبو عاصم مصطفى السُّلمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2016
المشاركات: 607
افتراضي أيّها الإنسان: تحوّل إلى الظّل فإنّ الضِّحَّ وبئ.

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين، وآله وصحبه والتابعين. وبعد:
فعن قيس بن أبي حازم، عن أبيه، رضي الله عنه قال: رآني النبي وأنا قاعد في الشمس فقال: «تحول إلى الظل» وزاد: «فإنه مبارك». أخرجه الحاكم وغيره وصححه الألباني [الصحيحة 2 / 508 برقم 833] غير أنه أعلّ الزيادة بالشذوذ.
ولست بصدد التعرض لفقه الحديث، ولا لحكم المسألة وذكر أقوال الفقهاء عليها. وإنّما لعَرْض إشارة - ذات عبرة – تناهت إلى الخَلَد، في هذا الظرف الحادث، والخطب الجلل، عند ذكري لهذا الحديث النبوي. وذلك عند تطاول بعض من كان بالأمس القريب متجلببا بالستر، ومستترا بالظّل. على شامات الجزائر، وقامات العلم. ممن لولاهم لما عرفناه ولا سمعنا باسمه. رفعوه وأثنوا عليه وعلى ما خطت أنامله، ونصروه حين احتوشته أقلام الباغين. إحسانا للظنّ به، وبناء على الظاهر منهجه لهم. بل قد لا أُبعد النّجعة إن قلت إنّهم كما عرّفونا به، فقد عرّفوه بالأكابر والسّادات من أهل العلم. لذا فقد اكتنفته أفضالهم – بعد الله تعالى – من أوجه عدّة. ولذا فتوقيرهم واحترامهم وعدم تنقصهم آكد في حقه وأولى من غيره – وإن كان حقا على الجميع -.
هذا، وعندما ظُنَّ به أن يقف في صفّ الحقّ، وينصر أهله، وما أهلُه إلا مشايخه وأساتذته، لم يرعهم إلا وقد قلب لهم ظهر المجنّ، وناصبهم العداوة، وتواقف وإياهم في ميدان الأضداد. وما ننكر دفاعه عنهم بالأمس بالقريب، من أشكاله – بل ممن دونهم بمراحل -. ولكنها ثالثة الأثافي، إذ أصبح يصحّ أن يُقال فيه اليوم، ما صَحّ له أن يقوله بالأمس فيمن تنقّص مشايخنا وعلماءنا. وأوّل ردّ عليه، هو ما سوّدته يُمناه دفاعا عنهم، وذبا عن حياضهم. وحكمه، هو ما حكم به – بنفسه – على من قصدهم بمقالاته. ولو أراد المرء أن يرقم ردّا وافيا مستوفيا عليه، لاستطاع أن يجمعه من مقالاته وتسويداته، دون أن يزيد عليها حرفا واحدا.
بل وزعم وأصحابه أنّ فلانا وفلانا خصومه من المشايخ. والحقُّ أن يُقال: ما هم لك بخصوم. فلستَ لهم بالكفء ولا بالنّديد. ولكن احذر أن يكونوا خصماءك يوم القيامة. فتدارك نفسك أيها الإنسان ولا تغتر بكثرة التابع. فإنه لا أضرّ على المتبوع من التابع و ...:
قد هيأوك لأمر لو فطنتَ له ...... فاربأ بنفسك أن تُرعى مع الهمل
ولذا فقد عنّ لي أن أقول لك: يا أُخيّ تحوّل إلى الظّل، فإن الضّحّ وبئ.
وإن كان النبي صلى الله عليه وسلّم، أرشد هذا الصّحابي الجليل رضي الله عنه، إلى هذا الأدب الإسلامي الخالص (وهو من الآداب المهجورة اليوم) لاتّقاء ضرر المكوث الطويل أو النوم في الضِّح (وهو شعاع الشّمس أو ما أصابه) على البدن، قال العلامة ابن القيم رحمه الله:" والنوم في الشمس يثير الداء الدفين، ونوم الإنسان بعضه في الشمس وبعضه في الظل رديء " [زاد المعاد" 4\242] . أو لأمر تعبدي كما قال العلامة الألباني رحمه الله عند ذكره لمسألة الجلوس بين الضّحّ والظّل:" وللحديث شاهدان: أحدهما من حديث بريدة - تقدما تحت قوله صلى الله عليه وسلم: (تحول إلى الظل) رقم 833، وإنما خرجت هذا هنا لهذه الزيادة: وقال: (مجلس الشيطان) فإنها تدل على أن النهي تعبدي، وليس كما قال البيهقي بعد أن ذكر حديث بريدة: يحتمل أن يكون أراد كيلا يتأذى بحرارة الشمس !
فإن هذا التعليل لا علاقة له ظاهرة بمجلس الشيطان، والله أعلم. " [السلسلة الصحيحة تحت الحديث رقم 3110]
فإن كان ذلك هنالك كذلك. فإن الأمر بالتحول إلى الظلّ هاهنا، أمر لازم، مخافة الضرّر الديني والمنهجي، ولا شكّ أن الضّرر الواقع على الدين، أشدّ وأعظم منه لو وقع على البدن. وهذا من المسلّم به عند العقلاء.
وقد كنتم في ستر من إياك الشمس وضررها، وظلّ ظليل تستجنّون به تحت أجنحة العلماء والسادات. لكنّكم ظنتم أن عَمْرَكُم شبّ عن الطوق، وأن ريشكم قد اشتدّ، حتى استغنيتم به عن الإباءة في أعشاش العلماء، والتربية في أكنافهم، واحتقرتم ما يُلقى إليكم من حواصل الكبار. فخرجتم إلى الضّحّ شيئا فشيئا، وجلستم مجلس الشيطان، وكان عليكم التّحول من يومئذ، ولكن أبيتم إلا المكوث في الموطن الوبئ، والمحلّ الردئ. فثار الداء الدفين. ووقع الضرر وحصل ما لا تحمد عقباه. والله المستعان.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم في الفيء ، فقلص عنه الظل و صار بعضه في الشمس و بعضه في الظل فليقم» رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني [الصحيحة رقم 837] . وذلك لأنه صار في مجلس الشيطان. لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى أن يجلس بين الضح و الظل ، و قال : مجلس الشيطان» أخرجه أحمد وصححه الألباني [الصحيحة رقم 838]
كنتم في الظلّ مستترين، فقصر عنكم، فدعاكم النّاصحون إلى التّحول، فأبيتم النّقلة والقطون في محالّ المشايخ، ثمّ صرتم في الضّحّ، وأصابكم مثل ما أصاب كثيرا ممن قبلكم، ممن جلسوا مجالس الشيطان، وركنوا إلى أنفسهم، وظنوا أنّهم مانعتهم حصونهم، فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم. والله المستعان.
ولأننا لم نكن على علم بكثير مما أُخذ على إخواننا هؤلاء – هداهم الله – ولم نعرف عنهم إلا ما ظهر، وتأوّلنا ما قد يحتمل، إحسانا للظن بهم. فلم يفجأنا إلا قذائف الناصحين، وفرسان الديار وحماة الدين، تحل بساحتهم أو تنزل قريبا منها. وهم بهم أخبر، وبمعايبهم أبصر، وعلى حربهم أقدر وأصبر. فما كان علينا إلا التحيز إلى عصائب أهل الحق، واتباع أكابرنا والبركة معهم، لا سيما وهم في جانب الحق. لا تقليدا عن عماية، ولا اتباعا عن غواية. ولكنّه سبيل الحق، تُنير مناراته دجى الليل، وتبدد سُرج أهله حوالك الظلمات، وإن على الحق نورا. وهذي كانت وصيتكم بالأمس: الالتزام بغرز العلماء. فمهيم اليوم؟!!
ولكن لا يزال في الأمر فسحة لمتدارك، فأدرك نفسك أيها الإنسان، وتحوّل إلى الظّل فإنّ الضّح وبئ. ولا تركنن إلى نفسك والشيطان، فإن الأمر يفوت، ويومئذ لا ينفع الندم. وتمسّك بالأسباب التي دلّاها لك النّاصحون، خوفا عليك من العطب في غيابات الجب. أشطانُ شفقةٍ، وأرشيةُ محبةٍ، يمدّها إليك مُربّوك ومعلموك. ولكن اليد التي تقبض بها طرف الرشاء ملكك، فخذ أو دع فالأمر إليك. والأخذ خير لك من الودع.
حفظ الله علماءنا وساداتنا، ورحم الله من مضى منهم، ونسأل الله تعالى أن يبصرنا بعيوبنا، وأن يجعلنا ممن يعرفون لأنفسهم أقدراها

أبو عاصم مصطفى بن محمد
السُّلـــمي
تبلبالة عصر يوم الأربعاء 01 ربيع الثاني 1439 هـ

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي ; 08 Apr 2018 الساعة 12:25 AM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, وبئ

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013