- المُوافقةُ في الجِنْسِ : شخصان أحدهما ضحّى بغزال ، و الآخر ضحّى بشاة ، أيّهُما المقبول ؟ الشاة ، و الغزال قد يكون أغلى ، سبحان الله ! ألا يكون الغزال أغلى في بعض الأحيان ؟! قد يكون أغلى ، لأنّ صاحب الشاة وَافَقَ الشّرع في الجِنْس ، و صاحب الغزال خَالفَ الشّرع في الجِنس ، فَرُدَّتْ عليْه أُضْحِيَتُه .
- المُوافقةُ في السَّبَبِ : أحد المسلمين صام يوم الإثنين ، لأنّه يومٌ تُعرَضُ فيه الأعمال على الله ، فأحبَّ أن يُعرَضَ عملُه و هو صائم ، و الآخر صامه لأنّه السابع و العشرين من رجب ، كلّهم صام الإثنين ، و لعلّ الثاني تسحَّر قبل الأوّل بثلاث ساعات !! أيُّهما الذي صيامُه مقبول ؟ الأوّل ، لأنّه وافقَ الشّرع في السّبب ، و الثّاني خالف الشّرع في السّبب .
الثّاني يعتقدُ أنّ رحلة الإسراء و المعراج في السّابع و العشرين من رجب فصامه ، هل هذا مشروع ؟ أليس كلاهما صام الإثنين ؟ كلاهما صام الإثنين من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس ، لكنّ الأوّل قُبِلَ عَمَلُُهُ ، و الثّاني رُدَّ عملُه ، لأنّه خالَف الشّرع في السّبب .
- المُوافقةُ في الصِّفة : أحد الناس سيُصلِّي الظّهر أربع ركعات ، و يقرأ مائة آية مع الفاتحة ، و يسبح مائةَ تسبيحة في كل من الرّكوع و السّجود ، سجد ثم قام من السّجود ، ثم ركع ، ثم سجد ، و هكذا حتى انتهت الأربع الرّكعات ، فهذا صلاتّه غير مقبولة ، لأنّه خالف الشّرع في الصِّفة .
- المُوافقةُ في المِقْدَاِر أو العَدَدِ : قال : إنّه سيُصلِّي الظّهر ستّ ركعات ، ليس أربعًا و ركعتان سنّة ، و إنّما يُصلّي الفرض ستّ ركعات ، و يقرأ سورة طويلة ، و يركع ركوعًا طويلاً ، و يقوم قيامًا طويلاً أكثر من غيره الذي يُصلّي أربع في ثمان ِدقائق ، أو عشر ركعات إذا أطال ، و أخونا صلّى ستّ ركعات ، فيها زيادةُ عملٍ أَمْ لاَ ؟
فيها زيادة عمل ، فيها أوّلاً أنّه أطال في الرّكوع و السّجود و القيام و التّسبيح ، و ثانيا فيها ثلاث تشهُّدات : صلّى ركعتين ، ثم قام ، ثم صلّى ركعتيْن فجلس ، ثم قام فصلّى و هكذا ... عمل زيادة : فما حكمُ صلاتِه و لماذا ؟
صلاته باطلة ، لأنّه خالف الشّرع في المِقْدَاِر الذي حدّدهُ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، عَبَدَ الله بما لم يشرعه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم .
- المُوافقةُ في الزَّمَانِ : موافقة الشّرع في زمان العبادة ، مثاله : رجلٌ أَحْرَمَ بالحجّ في رمضان ، و بقي على إحرامه ، و غيرُه أحرم بالحجّ يوم ثمانية من ذي الحجّة ، فالأوّل حجّه باطل لمخالفته الشّرع في الزّمان ، و الثّاني حجّه صحيح لمُوَافَقَتِهِ الشّرعَ في الزّمان .
- المُوافقةُ في المكان : أين يقف الحاج يوم التّاسع ؟ في عرفة ، الوقوف يبدأ من الزّوال حتّى غروب الشّمس ، هذا مجتهد يريد الخير ، و قال حتى يتلذّذ بالعبادة ، و يخلو و يبتعد عن الرّياء يترك النّاس يذهبون على عرفة ، و هو يقف في مُزْدَلِفَةَ الثّامن و التّاسع ، و يوم العاشر بعد العصر ينصرف على منى ، و غيرُه و هُم الذين وقفوا بعرفة من بعد الزّوال يوم التّاسع من ذي الحجّة إلى غروب الشّمس .
هذا ثلاثة أيّام وَقَفَ في مُزدلفة ، و يذكر الله و يُصلّي ما تيسّر له من التّطوُّعات المطلقة و قيام اللّيل ، و مع هذا فحجّه باطل ، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال : " الحَجُّ عَرَفَةُ " .
فهو خالف الشّرع في مكان العبادة .
راجع كتاب : " إتحاف العقول بشرح الثلاثة الأصول "
تأليف : الشيخ عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري حفظه الله .