منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16 Sep 2016, 10:42 PM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي منحة الجليل في دفاع شيخ الاسلام ابن تيمية عن الامام أحمد فيما نسب اليه من القول بالتأويل.




منحة الجليل في دفاع شيخ الاسلام ابن تيمية عن الامام أحمد فيمن نسب اليه القول بالتأويل.




الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:


فإن من المعلوم بداهة أن " الأصل في الفطرة هو: السلامة، والانحراف طارئ عليها، وأن الأصل في البدن: الصحة، والمرض عارض له، فكذلك الأصل في العلوم: الصحة، وفي الكتب: الثبوت والسلامة من الغلط والوهم، والخطأ، والسهو، والسقط، وعبور النظر، وغيرها من الأمور العارضة لكنها في البشر فاشية، مع رفع الاثم والحرج، لعدم العمدية والقصد.

وهذه الأمور العارضة داخلت العلماء من علماء الشريعة والآلة، وأصحاب الحرف، والصنائع الأخرى،من الطب،والهندسة، والمساحة، وغيرها، بل الغلط عند غير علماء الشريعة من المتكلمين والمتفلسفة، أكثر مما هو عند الفقهاء، كما قرره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 21/9 و هو عند أرباب العلوم العددية، كالماساحة، والهندسة، والفرائض، أقل من غيرهم، كما نبه عليه ابن قتيبة في:" اختلاف الحديث".
وهذا فن طريف و مهم دقيق من فنون العلم، وقد تمنى ابن القيم رحمه الله تعالى أن يفرد فيه كتابا كما في مدارج السالكين: 431/2.
وقد يسرالله للعبد الفقير افراده في كتاب، شخصت فيه أسباب الغلط وأمثلته، في عدد من العلوم، وبخاصة في فقه الأئمة الأربعة، وبينت أسباب الوقاية منه، و جمعت ذلك في كتيب باسم: "كشف الجُلة عن الغلط على الأئمة"".] المدخل المفصل لمذهب الامام أحمد لبكر أبو زيد ص120-119 [


و من بين هذه الأغلاط التي قد تكون مدخلا لأصحاب العقول الكليلة و الجسوم العليلة ما نسب لامام أهل السنة والجماعة الامام أبي عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني رحمه الله فإنه ذكر في كتابه الممتع الرد على الزنادقة والجهمية- ومن الفوائد العزيزة أن هذه الرسالة ألفها الامام أحمد و هو في السجن، وتحت وطأة التعذيب كما ذكر الشيخ دغش العجمي حفظه الله في تحقيقه للرسالة- لما ادعى الجهمي في المناظرة أن القرآن مخلوق ]فقالوا جاء في الحديث: أن القرآن يجيء في صورة الشاب الشاحب، فيأتي صاحبه ... الحديث.

فادعوا أن القرآن مخلوق من قبل هذه الأحاديث.[ الرد على الزنادقة والجهمية ص 321.
فبين لهم الامام أحمد أن المقصود به ثواب القرآن.
واستدل عليهم رحمه الله بما يعتقدونه في مجيء الله سبحانه وتعالى واتيانه فقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في تلبيس الجهمية 177/6:

وأما كلامه في المناظرة فروى الخلال في كتاب السنة أخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم أن أبا عبد الله قال احتجوا علي يومئذ فقالوا تجيء البقرة يوم القيامة وتجيء تبارك وقلت لهم إن هذا الثواب قال الله تعالى وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) [الفجر ٢٢] إنما تأتي قدرته.
تلبيس الجهمية ٦/١٧٧

فنسب بعضهم غلطا وخطأ أن الامام أحمد رحمه الله يقول بالتأويل في صفات الله عز وجل، ولا شك أن نسبة مثل هذا للامام أحمد على علو كعبه ورفعة قدره ينجر وراءه ظلم كبير و شر مستطير، اذ أن من المعلوم أن ضرر نسبة الغلط تتفاوت بتفاوت رتب الأئمة، ومن كالامام أحمد جلالة و إمامة وهو الذي كشف الله به الغمة في المحنة حتى شبه بأبي بكر يوم الردة، ولأجل ذلك انبرى العلامة الفحل شيخ الاسلام أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية لرد غلط هؤلاء في مواضع من كتبه من ثلاثة أوجه أسوقها هنا مرتبة ليسفر للقارئ الكريم صبح الصواب وتنقشع عنه ظلمة الاختلاف والاضطراب.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي 405/16:

وَهُوَ فِي لَفْظِ " الْإِتْيَانِ " قَدْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: قَوْلُهُ {أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ} كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ يُمْسِكُونَ عَنْ مِثْلِ هَذَا. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ قُدْرَتُهُ وَأَمْرُهُ. قَالَ: وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي قَوْلِهِ {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} . قُلْت: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَهُ عَنْ أَحْمَد فِي كِتَابِ " الْمِحْنَةِ " أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمُنَاظَرَةِ لَهُمْ يَوْمَ الْمِحْنَةِ لَمَّا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " تَجِيءُ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ " قَالُوا: وَالْمَجِيءُ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَخْلُوقِ. فَعَارَضَهُمْ أَحْمَد بِقَوْلِهِ {وَجَاءَ رَبُّكَ} {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} وَقَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " تَجِيءُ الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ ": ثَوَابُهُمَا كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَجَاءَ رَبُّكَ} أَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَحْمَد فِيمَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. فَإِنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّهُ خِلَافُ النُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْ أَحْمَد فِي مَنْعِهِ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا وَتَأْوِيلِ النُّزُولِ وَالِاسْتِوَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ. وَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. اهـ.

القول الأول:

أن الرواية التي رواها حنبل في المناظرة غلط منه تفرد بها عن غيره.


قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 405/16:

قِيلَ: إنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ حَنْبَلٍ انْفَرَدَ بِهِ دُونَ الَّذِينَ ذَكَرُوا عَنْهُ الْمُنَاظَرَةَ مِثْلَ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ والمروذي وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا وَحَنْبَلٌ يَنْفَرِدُ بِرِوَايَاتِ يُغَلِّطُهُ فِيهَا طَائِفَةٌ كَالْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ.
قَالَ أَبُو إسْحَاقَ ابْنُ شاقلا: هَذَا غَلَطٌ مِنْ حَنْبَلٍ لَا شَكَّ فِيهِ. وَكَذَلِكَ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ تَأَوَّلَ " يَنْزِلُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا " أَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ. لَكِنَّ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ حَبِيبٍ كَاتِبِهِ وَهُوَ كَذَّابٌ بِاتِّفَاقِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَكِنَّ الْإِسْنَادَ مَجْهُولٌ.

وقال أيضا في شرح حديث النزول ص 56:
ثم إن الإمام أحمد في المحنة عارضهم بقوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] . قال: قيل: إنما يأتي أمره هكذا نقل حنبل , ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته في [المحنة] كعبد الله بن أحمد , وصالح بن أحمد، والمروزي وغيره، فاختلف أصحاب أحمد في ذلك.
فمنهم من قال: غلط حنبل، لم يقل أحمد هذا. وقالوا: حنبل له غلطات معروفة وهذا منها , وهذه طريقة أبي إسحاق بن شاقلا.

القول الثاني:
أن الامام أحمد قال هذا ألزاما للخصم.


قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول ص 56:

ومنهم من قال: بل أحمد قال ذلك على سبيل الإلزام لهم. يقول: إذا كان أخبر عن نفسه بالمجيء والإتيان ولم يكن ذلك دليلًا على أنه مخلوق، بل تأولتم ذلك على أنه جاء أمره , فكذلك قولوا: جاء ثواب القرآن , لا أنه نفسه هو الجائي , فإن التأويل هنا ألزم , فإن المراد هنا الإخبار بثواب قارئ القرآن، وثوابه عمل له لم يقصد به الإخبار عن نفس القرآن.
فإذا كان الرب قد أخبر بمجيء نفسه ثم تأولتم ذلك بأمره فإذا أخبر بمجيء قراءة القرآن فلأن تتأولوا ذلك بمجيء ثوابه بطريق الأولى والأحرى.
وإذا قاله لهم على سبيل الإلزام لم يلزم أن يكون موافقًا لهم عليه، وهو لا يحتاج إلى أن يلتزم هذا. فإن هذا الحديث له نظائر كثيرة فيمجيء أعمال العباد، والمراد مجيء قراءة القارئ التي هي عمله، وأعمال العباد مخلوقة، وثوابها مخلوق.
ولهذا قال أحمد , وغيره من السلف: إنه يجيء ثواب القرآن , والثواب إنما يقع على أعمال العباد لا على صفات الرب وأفعاله.

وقال في مجموع الفتاوى 405/16:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: هَذَا قَالَهُ إلْزَامًا لِلْخَصْمِ عَلَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُمْ فِي يَوْمِ الْمِحْنَةِ لَمَّا احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " تَأْتِي الْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ " أَجَابَهُمْ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: يَأْتِي ثَوَابُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ كَقَوْلِهِ {أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} أَيْ أَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ عَلَى تَأْوِيلِهِمْ لَا أَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ مَذْهَبَهُ تَرْكُ التَّأْوِيلِ.ا ه.

و إلزام الخصم في المناظرة والتنزل معه مسلك عقلي معروف فقد قال العلامة ابن السعدي رحمه الله في تفسير اللطيف المنان ص 116:

والمناظرة تخالف غيرها في أمور كثيرة، منها: أن المناظر يقول الشيء الذي لا يعتقده ليبني عليه حجته، وليقيم الحجة على غيره.

وقال ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل ١/٢٣٠ تحت فصل :

إما أن نمتنع عن التكلم بالألفاظ المبتدعة وإما نقبل ما وافق معناه الكتاب والسنة:

ولما ناظره أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث، وكان من أحذقهم بالكلام: ألزمه التجسيم، وأنه إذا أثبت لله كلاماً غير مخلوق لزم أن يكون جسماً.

فأجابه الإمام أحمد بأن هذا اللفظ لا يدري مقصود المتكلم به، وليس له أصل في الكتاب والسنة والإجماع، فليس لأحد أن يلزم الناس أن ينطقوا به، ولا بمدلوله، وأخبره أني أقول: هو أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فبين أني لا أقول: هو جسم وليس بجسم، لأن كلا الأمرين بدعة محدثة في الإسلام، فليست هذه من الحجج الشرعية التي يجب علي الناس إجابة من دعا إلي موجبها، فإن الناس إنما عليهم إجابة الرسول فيما دعاهم إليه، وإجابة من دعاهم إلي ما دعاهم إليه الرسول صلي الله عليه وسلم، لا إجابة من دعاهم إلي قول مبتدع، ومقصود المتكلم بها مجمل لا يعرف إلا بعد الاستفصال والاستفسار، فلا هي معروفة في الشرع، ولا معروفة بالعقل إن لم يستفسر المتكلم بها.

فهذه المناظرة ونحوها هي التي تصلح إذا كان المناظر داعياً.

وأما إذا كان المناظر معارضاً للشرع بما يذكره، أو ممن لا يمكن أن يرد إلي الشريعة، مثل من لا يلتزم الإسلام ويدعو الناس إلي ما يزعمه من العقليات، أو ممن يدعي أن الشرع خاطب الجمهور، وأن المعقول الصريح يدل علي باطن يخالف الشرع، ونحو ذلك، أو كان الرجل ممن عرضت له شبهة من كلام هؤلاء ـ فهؤلاء لا بد في مخاطبتهم من الكلام علي المعاني التي يدعونها: إما بألفاظهم، وإما بألفاظ يوافقون علي أنها تقوم مقام ألفاظهم.

وحينئذ فيقال لهم: الكلام إما أن يكون في الألفاظ، وإما أن يكون في المعاني، وإما أن يكون فيهما، فإن كان الكلام في المعاني المجردة من غير تقييد بلفظ، كما تسلكه المتفلسفة ونحوهم ممن لا يتقيد في أسماء الله وصفاته بالشرائع، بل يسميه علة وعاشقاً ومعشوقاً ونحو ذلك، فهؤلاء إن أمكن نقل معانيهم إلي العبارة الشرعية كان حسناً، وإن لم يمكن مخاطبتهم إلا بلغتهم، فبيان ضلالهم ودفع صيالهم عن الإسلام بلغتهم أولي من الإمساك عن ذلك لأجل مجرد اللفظ، كما لو جاء جيش كفار ولا يمكن دفع شرهم عن المسلمين إلا بلبس ثيابهم، فدفعهم بلبس ثيابهم خير من ترك الكفار يجولون في خلال الديار خوفاً من التشبه بهم في الثياب.

القول الثالث:
أنهم جعلوا هذا رواية عن أحمد رحمه الله.


قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول ص 56:

وذهب طائفة ثالثة من أصحاب أحمد إلى أن أحمد قال هذا: ذلك الوقت، وجعلوا هذا رواية عنه، ثم من يذهب منهم إلى التأويل ـ كابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما ـ يجعلون هذه عمدتهم؛ حتى يذكرها أبو الفرج بن الجوزي في تفسيره، ولا يذكر من كلام أحمد والسلف ما يناقضها.
ولا ريب أن المنقول المتواتر عن أحمد يناقض هذه الرواية، ويبين ألا يقول: إن الرب يجيء ويأتي وينزل أمره، بل هو ينكر على من يقول ذلك.
والذين ذكروا عن أحمد في تأويل النزول ونحوه من [الأفعال] لهم قولان:
منهم من يتأول ذلك بالقصد، كما تأول بعضهم قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} [فصلت: 11] بالقصد، وهذا هو الذي ذكره ابن الزاغوني.
ومنهم من يتأول ذلك بمجيء أمره ونزول أمره، وهو المذكور في رواية حنبل.

وقال في مجموع الفتاوى405/16:

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِي مَسَائِلَ مِثْلِ هَذِهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ عَنْهُ رِدُّ التَّأْوِيلِ. وَقَدْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ ابْنُ الزَّاغُونِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أَنَّ تَرْكَ التَّأْوِيلِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْمُولُ عَلَيْهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ مِنْ أَصْحَابِنَا.

وقد يكون من جعل هذا رواية عنه ممن خاض في علم الكلام فجعلها رواية عنه ولم يشر الى الرواية المتواترة المشهورة وفيهم قال شيخ الاسلام في درء تعارض العقل والنقل ٤/٨:

وكثير من نزاع الناس في هذا الموضع من هذا الباب، وكثير منه نزاع في المعنى، والنزاع المعنوي: إما أن يكون في ثبوت شيء وانتفائه، وإما أن يكون في وجوب شيء وسقوطه.
فالنزاع في صحة دليل الأعراض ونحوه نزاع معنوي، وكذلك النزاع في وجوب الاستدلال بهذا الدليل على الإيمان، أو توقف صحة الإيمان عليه، ونحو ذلك.
ولما كان الكلام في هذه الأبواب المبتدعة، مأخوذ في الأصل عن المعتزلة والجهمية ونحوهم، وقد تكلم هؤلاء في أول الواجبات: هل هو النظر، أو القصد، أو الشك، أو المعرفة؟ صار كثير من المنتسبين إلى
السنة، المخالفين للمعتزلة في جمل أصولهم، يوافقونهم على ذلك.
ثم الواحد من هؤلاء إذا انتسب إلى إمام من أئمة العلم، كـ مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وصنف كتاباً في هذا الباب يقول فيه: (قال أصحابنا) و (اختلف أصحابنا) فإنما يعني بذلك أصحابه الخائضين في هذا الكلام، وليسوا من هذا الوجه من أصحاب ذلك الإمام فإن أصحابه الذين شاركوه في مذهب ذلك الإمام، إنما بينهم وبين أصحابه المشاركين له في ذلك الكلام عموم وخصوص، فقد يكون الرجل من هؤلاء دون هؤلاء وبالعكس، وقد يجتمع فيه الوصفان.
وهذا موجود كثيراً في أتباع جميع الأئمة، فتجد الواحد، من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد يقول: اختلف أصحابنا في أول الواجبات، ونحو ذلك، ولا يصح كلامه إلا على هذا الوجه.
ثم ساق كلاما لابن الجوزي وعلق عليه قائلا:
قلت: فهذا الكلام وأمثاله يقوله كثير من أصحاب الأئمة الأربعة ومعلوم أن الأئمة الأربعة ما قالوا لا هذا القول، ولا هذا القول، وإنما قال ذلك من أتباعهم من سلك السبل المتقدمة.ا هـ.

هذا ما يسر الله جمعه من كلام شيخ الاسلام في بيان غلط من نسب للامام أحمد القول بالتأويل في المناظرة وللفائدة - من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ماء البحر فقال: هو الطهورمائه الحل ميتته- أذكر كلام عزيزا للامام الدارمي رحمه الله في كتابه الفذ نقض الدارمي على بشر المريسي- و هذا الكتاب للدارمي اضافة الى الرد على الجهمية له أيضا كان ينصح بهما شيخ الاسلام ابن تيمية كثيرا لأنه يوجد فيهما ما لا يوجد في غيرهما كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله- في رد ما ادعاه الجهمي بأن القرآن يأتي يوم القيامة وأن كل ما يأتي ويذهب فهو مخلوق.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية في تلبيس الجهمية 194/6:

ثم إني وجدت هذا التمثيل الذي ذكرته من تمثيل مجيء القرآن في صورة مجيء عمله الصالح في صورة قد ذكروه أئمة السنة كما ذكر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي ومتبعيه قال في كلامه عليه في النزول فكان من أعظم حجج المعارض لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول حكاية حكاها عن أبي معاوية لعلها مكذوبة عليه أنه قال نزوله أمره وسلطانه وملائكته ورحمته وما أشبهها فتكلم على إبطال ذلك بما ليس هذا موضعه إلى أن قال ثم قلت ويحتمل ما قال أبو معاوية أن نزوله أمره وسلطانه كما يرون أن القرآن يجيء يوم القيامة شافعًا مشفعًا وماحلاً مصدقًا فقالوا معنى ذلك أنه ثوابه فإن جاز لهم هذا التأويل في القرآن جاز لنا أن نقول إنا نزوله أمره ورحمته قال فيقال لهذا المعارض لقد قست بغير أصل ولا مثال لأن العلماء قد علموا أن القرآن كلام والكلام لا يقوم بنفسه شيئًا قائماً حتى تقيمه الألسن ويستبين عليها وأنه بنفسه لا يقدر على المجيء والتحرك والنزول بغير منزل ولا محرك إلا أن يؤتى به وينزل والله تعالى حي قيوم ملك عظيم قائم بنفسه في عزه وبهائه يفعل ما يشاء كما يشاء وينزل بلا منزل ويرتفع بلا رافع ويفعل ما يشاء بغير استعانة بأحد ولا حاجة فيما يفعل إلى أحد فلا يقاس الحي القيوم الفعال لما يشاء بالكلام الذي ليس له عين قائم حتى تقيمه الألسن ولا له أمر ولا قدرة ولا يستبين إلا بقراءة أرأيت إن كان نزوله أمره ورحمته لا تنزل إلا في ثلث الليل ثم إلى السماء الدنيا وما بال أمره ورحمته في دعواك لا ينزل إلى الأرض حيث مستقر العباد ممن يريد الله أن يرحم ويحب ويعطي فما بالها تنزل إلى السماء الدنيا لا تجوزها وما بال رحمته تبقى على عباده من ثلث الليل إلى انفجار الفجر ثم ترجع من حيث جاءت بزعمك وما باله إذ الله بزعمك في الأرض فإذا استرحمه عباده واستغفروه وتضرعوا إليه بَعَّدَ عنهم رحمته على السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ولا يغشيهم إياها وهو معهم في الأرض بزعمك إذ زعمت أن نزوله تقريب رحمته إياهم كقوله الآخر من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا فقلت هذا تقرب بالرحمة ففي دعواك في تفسير النزول من تقرب إليه شبرًا تباعد هو عنه مسيرة ما بين الأرض إلى السماء أو كلما ازداد العباد إلى الله اقترابًا تباعد هو برحمته عنهم بعد ما بين السماء والأرض بزعمك لقد علمت أيها الجاهل أن هذا تفسير محال يدعو إلى ضلال والحديث نفسه يبطل هذا التفسير ويكذبه غير أنه أغيظ حديث للجهمية وأنقض شيء لدعواهم لأنهم لا يقرون أن الله فوق عرشه فوق سمواته ولكنه في الأرض كما هو في السماء فكيف ينزل إلى سماء الدنيا من هو تحتها في الأرض وجميع الأماكن منها ولفظ الحديث ناقض لدعواهم وقاطع لحججهم قال وأخرى أنه قد عقل كل ذي عقل ورأي أن القول لا يتحول صورة له لسان وفم ينطق ويشفع فحين اتفقت المعرفة من المسلمين أن ذلك كذلك علموا أن ذلك ثواب يصوره الله تعالى بقدرته صورة رجل يبشر به المؤمنين لأنه لو كان للقرآن صورة كصورة الإنسان لم يتشعب أكثر من ألف ألف صورة فيأتي أكثر من ألف ألف شافعًا وماحلاً لأن الصورة الواحدة إذ هي أتت واحدًا زالت عن غيره فهذا معقول لا يجهله إلا كل جهول. ا هـ.

الى هنا ينتهي المقصود من المقال والحمدلله الكبير المتعال و صلى الله و سلم على النبي الكريم المفضال وعلى آله وصحبه وسلم.

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي ; 18 Sep 2016 الساعة 10:53 AM
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, محمد, مسائل, دفاع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013