فقه عالم / مع تعليق الحافظ ابن ابن كثير رحمه الله

[عبد القادر بن يوسف]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده :
فهذه قصة من كتاب البداية والنهاية ،أحببت أن أشارك بها إخواني ،لما فيها من العظة والعبرة وبيان منزلة العلماء ،كما يبين الشر الذي ينجر من اتباع العالم لهواه ،وتقديم الدنيا على الآخرة.
ودونكم القصة .


قال وهب: أتى رجل من أفضل أهل زمانه إلى ملك من الملوك كان يفتن الناس على أكل لحم الخنزير ،فأعظم الناس مكانه .وهالهم أمره ،فقال له صاحب شرطة الملك -سرا بينه وبينه-: أيها العالم ،اذبح جديا مما يحل لك أكله ثم ادفعه إلي حتى أصنعه لك على حدته ،إذا دعا الملك بلحم الخنزير أمرت به فوضع بين يديك ،فتأكل منه حلالا ويرى الملك والناس أنك إنما تأكل لحم الخنزير ، فذبح ذلك العالم جديا ،ثم دفعه إلى صاحب الشرطة فصنعه له ،وأمر الطباخين إذا أمر الملك بأن يقدم إى هذا العالم لحم الخنزير ،أن يضعوا بين يديه لحم هذا الجدي واجتمع الناس ،لينظروا أمر هذا العالم فيه أيأكل أم لا، وقالوا إن أكل أكلنا وإن امتنع امتنعنا ،فجاء الملك فدعا لهم بلحوم الخنازير فوضعت بين أيديهم ،ووضع بين يدي العالم لحم ذلك الجدي الحلال المذكى ،فألهم الله ذلك العالم فألقى في روعه وفكره ،فقال : وهب أني أكلت لحم الجدي لذي أعلم حله أنا،فماذا أصنع بمن لا يعلم ؟والناس إنما ينتظرون أكلي ليقتدوا بي،وهم لا يعلمون إلا أني إنما أكلت لحم الخنزير فيأكلون اقتداء بي ،فأكون ممن يحمل أوزارهم يوم القيامة ،لا أفعل والله وإن قتلت وحرقت بالنار ،وأبى أن يأكل ،فجعل صاحب الشرطة يغمز إليه ويومي إليه ويأمره بأكله ،أي إنما هو لحم الجدي ،فأبى أن يأكل ،ثم أمره أن يأكل فأبى ،فألحوا عليه فأبى ،أمر الملك صاحب الشرطة بقتله ،فلما ذهبوا به ليقتلوه .قال له صاحب الشرطة: ما منعك أن تأكل من اللحم الذي ذكيته أنت ودفعته إلي ؟وظننت أني أتيتك بغيره وخنتك فيما ائتمنتني عليه؟ ما كنت لأفعل والله .فقال له العالم قد علمت أنه هو ،ولكن خفت أن يتأسى الناس بي ،وهم إنما ينتظرون أكلي ،ولا يعلمون إلا أني إنما أكلت لحم الخنزير ،وكذلك كل من أريد على أكله فيما يأتي من الزمان يقول :قد أكله فلان ،فأكون فتنة لهم .فقتل رحمه الله ."

علق الحافظ ابن كثير بعدها فقال "فينبغي للعالم أن يحذر المعايب،ويجتنب المحذورات ،فإن زلته وناقصته منظورة يقتدي بها الجاهل.

وقال معاذ بن جبل :اتقوا زلة الحكيم ،وقال غيره اتقوا زلة العالم ،فإنه إذا زل زل بزلته عالم كبير .ولا ينبغي له أن يستهين بالزلة وإن صغرت ،ولا يفعل الرخص التي اختلف فيها العلماء .فإن العالم هو عصاة كل أعمى من العوام ،بها يصول ليدحضه،ويقول رأيت فلانا العالم ،وفلانا وفلانا يفعلون ويفعلون. وليجتنب العوائد النفسية ،فإنه قد يفعل أشياء على حكم العادة فيظنها الجاهل جائزة أو سنة أو واجبة ،كما قيل : سل العالم يصدقك ولا تقتد بفعله الغريب ،ولكن سله عنه يصدقك إن كان ذا دين ،وكم أفسد النظر إلى غالب علماء زمانك هذا من خلق ،فما الظن بمخالطتهم ومجالستهم ولكن (من يهد الله فهو المهتد ،ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا )"

البداية والنهاية /م9/ص 244-245.

[أبو محمد سفيان]

أحسن الله إليك

[عبد القادر بن يوسف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفيان السلفي

أحسن الله إليك

وأحسن إليك أخي الفاضل

[نورالدين قاسم]

جزاك الله خيرا

[معبدندير]

جزاكم الله خيرا

[أبو عاصم مصطفى السُّلمي]

العالِم حقّا من يمتطي صهوات المنايا ليحيا العالَم ، و لكنّنا اليوم ابتُلينا بمن يُفتي بإبادة العالَم ليحيا هو .
فالله المستعان ، كتاب البداية و النّهاية يحتوي دررا لمن يحسن الغوص و يملك آلته
جزاك الله خيرا و بارك فيك أيها الفاضل

[عبد القادر بن يوسف]

وإياكم أخويَّ الفاضلين نور الدين ومعبد

[عبد القادر بن يوسف]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عاصم مصطفى السُّلمي

العالِم حقّا من يمتطي صهوات المنايا ليحيا العالَم ، و لكنّنا اليوم ابتُلينا بمن يُفتي بإبادة العالَم ليحيا هو .
فالله المستعان ، كتاب البداية و النّهاية يحتوي دررا لمن يحسن الغوص و يملك آلته

جزاك الله خيرا أخي أبا عاصم على المرور الطيب والإضافة النافعة .