منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 14 May 2016, 04:25 PM
أبو عبد الرحمن محمد الجزائري أبو عبد الرحمن محمد الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 241
افتراضي مادة مفرغة : سلسلة شرح صحيح البخاري للشيخ أبي عبد الله أزهر سنيقرة حفظه الله تعالى


يسر إخوانكم المشرفين على قناة حلق مسجد القدس
أن يقدموا لكم هذه المادة الصوتية المفرغة

أَبْوَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ
بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ

هذا من باب ذكر العام ثم الخاص ، باب فضل صلاة الجماعة عموما ، بالنسبة لكل الصلوات ، هذه الصلاة التي ظهر لنا بأدلة الكتاب و السنة و الإجماع و النظر أنها واجبة على الأعيان ، ممن تجب عليهم حتى نخرج النساء و نخرج أصحاب الأعذار ، و من هؤلاء من لا يستطيع حضورها لأجل مرض أو لأجل سفر و هذا مما رخص له بتركها .
ثم ذكر فضلها و الرد على من جعل أحاديث فضلها دليل على عدم وجوبها ، ثم أتبع هذا بفضل الصلاة العظيمة المشهودة عند الله تبارك و تعالى ، وهي صلاة الفجر ، التي هي أثقل الصلاة على المنافقين بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى أله و سلم ، وبدأنا بالحديث الأول و هو حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .

قال الإمام البخاري :
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَفْضُلُ صَلاَةُ الجَمِيعِ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ، بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78]

شرح الحديث :
- [ أبو اليمان ] شيخ الإمام البخاري و هو الحكم بن نافع ؛
- [ أخبرنا شعيب ] شعيب بن أبي حمزة رحمة الله عليه ؛
- [ عن الزهري ] الزهري الإمام محمد بن مسلم الزهري رحمة الله تبارك و تعالى عليه ، إمام من أئمة التابعين الكبار ؛
- [ أخبرني سعيد بن المسيب و أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال : سَمِعْت رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُول ] قول الراوي سمعت ، هذه عند علماء الحديث ، تعتبر أقوى ألفاظ التحمل المعروفة ( حدثنا و أخبرنا و قال و عن .. ) ، أقواها على الإطلاق قوله سمعت ، معناها سمع منه مباشرة ؛
- [ يقول : تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم ] المقصود بصلاة الجميع ، صلاة الجماعة لأن هذا الواجب فيها ، أن الجميع يصلونها صلاة واحدة وراء إمام واحد في مسجدهم ، وما بنيت المساجد و ما أمر الله تبارك و تعالى و أذن بإقامتها و بنائها إلا لأجل هذا الأمر العظيم ، و هذا دليل على عظمة هذه الصلاة و عظيم شأنها عند الله تبارك و تعالى ، الله عز و جل خصص لها مكانا من دون سائر بقاع الأرض ، هو خاص بها ، هذا المكان زاده الله عز وجل على تشريفه و تعظيما بأن نسبه إليه ، فيسمى بيت الله ، ونسبة الشيء إلى الله تبارك و تعالى إذا كان مما هو منفصل عنه ، و هذه النسبة نسبة تشريف و تعظيم عند العلماء ؛
- [تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده ] هذه الرواية فيها زيادة هذا اللفظ الذي فيه زيادة الفائدة ، و القاعدة المستمرة معنا مع صنيع هذا الإمام ، في هذا الكتاب العظيم أنه يتميز بتكرار إعادة ذكر الحديث أو إخراجه في مواطن عدة ، ومن أعز الفوائد في هذا التكرار ، أنه لا يكرر حديثا من أحاديثه من دون زيادة فائدة ، سواء كانت أو تعلقت بسند أو تعلقت متن ، و هذا الإستقراء و التتبع لمن نذر نفسه و تفرغ لهذا الصحيح ،و قضى سنوات من عمره في دراسته و شرحه حتى أخرج للأمة كتابا عظيما ، شرحا على هذا الكتاب العظيم ... الذي شهد له به الأئمة الأعلام و العلماء الأفذاذ بأنه لا فتح بعد الفتح ، فلا يوجد شرح أفضل منه .هذا معرفة لقدر و إعطاء الصدارة لهذا الكتاب " فتح الباري للحافظ ابن حجر " و لو كتب الله تبارك و تعالى طول عمر للحافظ ابن رجب الحمبلي - عليه رحمة الله – و أتم شرحه العظيم المبارك على صحيح البخاري ما كان ليدانيه لا الفتح لابن حجر و لا غيره من شروح الصحيح ، هذا الكتاب العظيم الذي ألفه هذا الإمام السلفي الذي جمع في طياته فوائد عظيمة عزيزة ، لا تكاد تجدها في غير هذا الكتاب ، فرحمة الله تبارك عليهم أجمعين ، على المصنف صاحب الصحيح ، و على شراح كتابه من الأئمة الأعلام من أمثال هاذين الإمامين ؛
- [صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً] الجزء و الدرجة بمعنى واحد ؛
- [وتجمتع ملائكة الليل و ملائكة النهار فِي صلاة الفجر] هذا فيه إثبات مسألة من المسائل الإيمانية العقدية ، مسألة تحت ركن من أركان الإيمان ... الإيمان بالملائكة ، ومما يجب علينا أن نؤمن به أن الملائكة موكّلة بوظائف عدها ، الله تبارك و تعالى وكّل كل طائفة من ملائكته بأعمال و أعمالهم عظيمة ، لا يعلم عظمها إلا العظيم المتعال تبارك و تعالى ، من ملائكة الرحمن تبارك و تعالى ملائكة موكلة بحفظ العباد ... ملائكة موكلة بكتابة أعمال العباد ، يكتبون أعمالهم و ما صدر عنهم ، هذه الملائكة الموكلة بهذا الأمر تتعاقب علينا ، بمعنى الأول يأتي منها في وقت من أوقات اليوم وهو وقت صلاة الفجر ليبقى ملازما لنا ، قائم بوظيفته التي كلفه الله جل و علا بها أتّم القيام إلى صلاة العصر ، ثم يأتي أخوه الثاني ( الأخوة هنا ليست أخوة في النسب و إنما قصد بها الشيخ أخوة الجنس كأن نقول مثلا هذا الكتاب أخ لهذا ، أجاب حفظه الله تعالى عن سؤال السائل فيما معناه بعد نهاية المجلس ) ، الملك الثاني الموكل بنا لكل واحد منا ويصعد الأول إلى ربه تبارك و تعالى ، و يبقى هذا الثاني في وظيفته و على عمله حتى صلاة الفجر ، و هكذا منذ أن يأمر الله تبارك و تعالى لهذه الملائكة بعبد من عباده ، و هذا هو عملهم حتى يلقى ربه تبارك و تعالى ، و هذه المسائل المتعلقة بالغيب واجب علينا أن نؤمن بها ، إيمانا يقينيا و لا نشك في ذلك قدر أنملة ، و الشك نوع من أنواع الكفر بما أوجب الله تبارك و تعالى الإيمان به ، و هذا مما أوجب .
يتعجب ربما أحدنا بالنظر إلى عدد البشر ، منذ أن خلق الله آدم إلى أن يرث الأرض و من عليها ، يقول : هذه الملائكة كم هو عددها ، حتى تقوم بهذه الأعمال كلها !؟ .. مع العلم هذه طائفة من الملائكة و ليست كل الملائكة ، لا بد أن ترجع إلى نصوص الوحي في هذا الباب ، لتعلم علم اليقين أن هذا العدد الهائل الذي لا يعلمه إلا الله تبارك و تعالى ، يكفي أن تأخذ صورة عنه حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، في وصف بيت العزة الذي في السماء ، و الذي هو بالنسبة لأهل السماء كالبيت الحرام بالنسبة لمؤمني أهل الأرض في التعظيم له و العبادة عنده طاعة لله عزّ وجل ، أن هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يدخلون هذا البيت يوميا و من دخله لا يرجع إليه إلى يوم القيامة ، و العمل على هذا مستمر منذ أن خلق الله تبارك و تعالى بيت العزة و خلق الملائكة ، و خلق هؤلاء قبل خلق بني آدم بكثير .
هذه الأمور الغيبية يا إخوان دائما و أبدا لا ينبغي لك ، أن تفكر في إعمال عقلك فيها ، تعمل عقلك تدبرا : نعم .. تفكرا في عظيم خلق ربك : نعم ، أما من حيث الإيمان و التصديق ، الواجب أن تعمل قلبك فقط ، و تؤمن الإيمان الجازم أن هذا حق و إنه و الله { إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } [الذاريات: 23] ، كما قال ربنا تبارك و تعالى .فالحديث فيه إثبات لطائفة من ملائكته الموكلة بوظيفة من هذه الوظائف ؛
- [في صلاة الفجر] هذا الإختيار فيه زيادة فضيلة ، وفيه زيادة تشريف لهذه الصلاة بالذات ، ومحافظة المؤمن على هذه الصلاة في الجماعة ينال بها شهادة عظيمة عند الله تبارك و تعالى ، تصور يا عبد الله .. يا مؤمن .. يا موفق لمثل هاتين الصلاتين : أنك منذ أن أكرمك الله تبارك و تعالى بعبادته ، ملكين من ملائكة الرحمن يشهدان لك عند الله أنهم أتوك و أنت في صلاة وتركوك و أنت في صلاة ، تصور هذا العمر و كل واحد فينا على حسب عمره ، الملك يشهد عند الله .أتيناهم بنص حديث رسول الله :" فيقولون: تركناهم وهم يصلُّون، وأتيناهم وهم يُصلُّون " أيّ فضل هذا ، نسأله تبارك و تعالى أن لا يحرمنا و أن يوفقنا لمثل هذه الخيرات .
هذا فيه أول فائدة نستفيدها و من أجلها أخرج الإمام البخاري هذا الحديث عند هذه الترجمة ، فضل هذه الصلاة ... فضل الصلاة في تعاقب الملائكة علينا فيها ؛
- [ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}] فضل آخر ذكره بعد ذلك أبو هريرة رضي الله عنه ، وهذا يسمى في الحديث : إدراج ، يعني زيادة تكون في المتن ، ليست من قول النبي عليه الصلاة و السلام إنما من قول الصحابي الراوي ، هذا يسمى في علم الحديث : إدراج ، فقول أبي هريرة : فاقرؤوا إن شئتم : {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} من هذا القبيل في معناه دليل الحديث ، و قرآن الفجر المقصود به صلاة الفجر ، وما نسبت القراءة إلى هذه الصلاة إلا للقراءة فيها كما ذكر ذلك أهل العلم ، لكن في الحقيقة هذا ليس قويا .. أقوى منه ما ذكره بعضهم بأن السنة في قراءة الفجر ، أنها من الصلاة التي كان النبي صلى الله عليه و على آله و سلم يطيل فيها بالقراءة أكثر من غيرها ، جاء هذا مجملا و مفصلا .. مجملا ما جاء في الصحيح من حديث أبي برزة رضي الله عنه أنه : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ ، وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ " آية في صلاة الفجر ، وجاءت أحاديث أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرا بالطور ، و جاء بسورة ق و غيرها أحاديث كثيرة في هذا الباب ، هناك رسالة لبحث أحد الأساتذة سماه : الأحاديث النبوية في القراءة في صلاة الفجر .بحث خاص بهذه المسألة ، لأن ما روي فيه من الأحاديث خاصة في صلاة الفجر لم يروى في غيره من الصلوات الأخرى . فلما كان النبي عليه الصلاة و السلام يطيل في قراءة القرآن ، الله تبارك و تعالى وصف هذه الصلاة بأنها قرآن {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} .

فوائد الحديث :
1 – فيه دليل على فضل صلاة الجماعة ، وقد مر معنا هذا على اختلاف الروايات التي أكثرها بذكر الخمس و العشرين و حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في ذكر السبع و العشرين درجة ، هناك من أئمة شراح الحديث ابن بطال عليه رحمة الله يذكر أن فارق الروايتين ، في الدرجتين الزائدتين هما في اجتماع الملائكة في هاتين الصلاتين الفجر و العصر ، فلأجلهما زيدت هاتين الدرجتين . هذا قوله و اجتهاده رحمه الله و هو من جهة له وجه لا شك في ذلك و لا ريب .
2- فيه دليل على أن الملائكة الحفظة يجتمعون في صلاة الفجر و في صلاة العصر ؛
3- فيه دليل على ما ترجم له الإمام البخاري عليه رحمة الله من الفضل العظيم لصلاة الفجر ؛
4- فيه دليل على أن المقصود بقرآن الفجر هي صلاة الفجر ، و هذا الحديث أخرجه كذلك البخاري في كتاب التفسير لأجل هذه الفائدة .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد الجزائري ; 15 May 2016 الساعة 12:35 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 May 2016, 04:27 PM
أبو عبد الرحمن محمد الجزائري أبو عبد الرحمن محمد الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 241
افتراضي

قال الإمام البخاري :
قَالَ شُعَيْبٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: " تَفْضُلُهَا بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً "
زاد الزيادة التي جاء فيها ذكر الفضلين.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 May 2016, 04:31 PM
أبو عبد الرحمن محمد الجزائري أبو عبد الرحمن محمد الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 241
افتراضي

قال الإمام البخاري :
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ: مَا أَغْضَبَكَ؟ فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا "

شرح الحديث :
- [ حدثنا أبي ] أبوه هو حفص بن غياث عليه رحمة الله تبارك و تعالى ؛
- [ حدثنا الأعمش ] سليمان بن مهران رحمه الله تعالى ؛
- [ سمعت سالما ] سالم بن أبي الجعد الأشجعي ؛
- [ سمعت أم الدرداء ] هي أم الدرداء الصغرى التابعية ، لأنها لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، واسمها جهينة رحمة الله تبارك و تعالى عليها و تعرف بأم الدرداء الصغرى التي أخذت كنيتها من أبي الدرداء تبعا لزوجها ، و المعرفة بحسب الراوي عنها ، لأن سالما لم يدرك الكبرى التي هي خيرة بنت أبي حدود الأسلمية رضي الله تعالى عنها ، هذه التي الغالب ما تكون مقصودة في تلك الأثار التي تروى عن أم الدرداء ... قصة أبو الدرداء مع أخيه سلمان الفارسي لما جاء بيته ، هذه الكبرى خيرة ، و اسم خيرة معروف عند الصحابة و هو من الأسماء الموجودة عندنا ـ إلا أنه من الأسماء القديمة التي استبدلت بليندا و من مثل هذه الأسماء ؛
- [ تقول دخل عليّ أبو الدرداء مغضب ، فقلت ما أغضبك ؟] أبو الدرداء هو عويمر بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه ؛
- [ فقال : و الله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه و سلم شيئا إلا أنهم يصلون جميعا ] هذا الحديث عظيم في بابه .. و هذا الإنتقاء العجيب من الإمام البخاري هذا الإمام الهمام !! .. فانتقاؤه و إيراده له في هذا الموضع بالذات له مناسبة ، الكثير ممن وقف على شرح الصحيح ، قال : أن هذا الحديث لا مناسبة له مع الترجمة ، إلا أن الأحاديث الثلاث لها مناسبة قوية بالترجمة ، ونوع فيها الإمام البخاري كأنه قصد ذلك ، هذا التنويع و هذه الفائدة التي ذكرها شيخنا الشيخ العثيمين عليه رحمة الله تعالى بقوله : أن البخاري بين في هذا الباب فضل صلاة الفجر بأنواع ثلاث من الإستنباط :
1) بين فضل صلاة الفجر بالنص الخاص : و هذا المتعلق بحديث أبي هريرة ؛
2) و بالنص العام : و هذا المتعلق بحديث أبي الدرداء ؛
3) و بالإستنباط : وهو المتعلق بحديث موسى و هو آخر الأحاديث الثلاث في هذا الباب .
أولا موقف أبي الدرداء ، هذا الغضب من الأنواع المحمودة ، لأن الأصل فيه أنه مذموم ، ولهذا لما جاء الرجل للنبي عليه الصلاة و السلام يسأله أن يوصيه ، ما زاد النبي عليه الصلاة و السلام أن قال له : " لا تغضب " ، فأعاد الرجل عليه السؤال ، فأعاد النبي عليه الصلاة و السلام نفس الجواب " لا تغضب " ، حتى للثالثة . و جاءت الأحاديث النبوية كثيرة موجهة للمؤمن في هذا الباب .
كيف ، لا يوجد أحد على وجه الأرض لا يغضب !؟ ، ولكن الواجب في حق المؤمن أن يملك نفسه عند الغضب ، لا أن يطيش عقله .. لا أن يجهل في تصرفه .. في قوله ..أو في فعله .
هناك من يعتذر لبعض الناس ، يقول لك : يكفر بالله رب العالمين ، و ينطق هذا بلسانه ، يكفر ..يسب الله جل و علا ، أو يسب دين الله تبارك و تعالى ، و يعتذر له من يعتذر له بأن الرجل غضب قليلا ، فوقع في هذا الأمر العظيم !!! نعوذ بالله ، هناك من يغضب فيطلق زوجته ، و الأخر يغضب فيخرب سيارته .. و آخر يغضب فيتعدى على إخوانه ، يصل به الأمر إلى سفك دماءهم أو يتعدى على أموالهم وهذا واقع ، تذهب للسجون – نسأل الله أن يعافينا و يعافيكم – أغلبهم أدخلهم الغضب ، لأنهم ما كانوا على هدي نبيهم عليه الصلاة و السلام في هذا الباب ، وما تمالكوا أنفسهم حين جاءتهم ثورة الغضب ، فقالوا ما قالوا و فعلوا ما فعلوا ، نعوذ بالله ... وانظر إلى هدي نبينا عليه الصلاة و السلام في كيفية توجيهه لنا في مثل هذه الحال ، رأى رجلا قد اشتد غضبه إلى درجة أن انتفخت أوداجه و احمرت عياناه ، فقال عليه الصلاة و السلام : " إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أعُوذ باللهِ منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " ، ترجع إلى الله جل و علا ، ذكر الله تبارك و تعالى في مثل هذه المواطن ، المؤمن ينبغي أن يكون له ذاكرا لله على كل حال ... ذكرك لله تبارك و تعالى في حال الفرح و السرور ... ذكرك لله تبارك و تعالى في حال الحزن .. ذكرك لله تبارك و تعالى في حال استحواذ الشيطان عليك ، بأن سبب لك هذا الغضب ، و بأن أجج هذه النار في نفسك ، فثارت هذه النفس لأجل هذا الغضب الشديد ، حتى في الصلاة يأتيك الشيطان ترجع إلى ذكر الله ، تتعوذ منه و أنت في الصلاة ، وكذلك في هذا الحال أمر النبي عليه الصلاة و السلام الغاضب إذا جاءته هذه الثورة أن يقوم و يتوضأ ، لأن الماء دواء للنار هو الذي يطفئها ، فالوضوء عبادة من العبادات ليس كمن يقال له : إذهب أبرد نفسك بالماء ، فالإبراد بهذه الطريقة ليست عبادة بل هو حاجة داخل في عموم المباحات ، أما الوضوء فهو عبادة من العبادات ، و الذي يتوضأ يستحضر هذا الأمر و يبدأ بذكر الله عملا بسنة النبي عليه الصلاة و السلام ... تبدأ ببسم الله ثم تشرع في وضوئك يذهب عنك هذا ، ليس هذا فحسب ، النبي عليه الصلاة و السلام أرشدنا و ارشد الغاضب منا إذا كام قائما أن يقعد ، و إذا طان قاعدا أن يستلقي .. تهدأ جوارحك و مَفاصِلك و لعل الشيطان يخرج من عروقك بسبب هذا الإسترخاء و ترجع إلى نفسك ، وخير الناس من جمع بين هذه كلها . لكن مع الأسف الشديد هناك من يجمع بين كل هذه الأمور و هناك أمور أخرى ، إلا أنه لا يطفئ تلك الثورة التي في نفسه . هذا لابد أن يكون علاجه بالمداومة ، العلماء في هذا الباب يضربون مثالا بترويض الحيوانات .. بل بترويض الحيوانات المفترسة ، أخطر الحيوانات يروضها إنسان فتصبح له مطيعة و أمامه ساكنة ... فتكون بذلك أليفة – سبحان الله العظيم - ، خرجت عن طبيعتها لأن الأصل فيها الإفتراس ، فقالوا : مادام هذه الوحوش تروض و تتغير ، أفلا يتغير ابن آدم ! ، الذي الأصل فيه أن الله عز وجل أنه خلقه عاقلا ، أعطاه عقلا و كلّفه ... أعطاه أعظم الوظائف و أشرفها .. لا يكون كذلك ! ، هذا من الخطأ أن يعتذر بعض الناس لإخوانه في سوء أخلاقه ، أو في قبيح طباعه فيقول لك : طبيعته هكذا !. سبحان الله العظيم ، مع الأسف الشديد قد تلقى هذا الأمر مع بعض من ينتسب للدعوة ، و بعض من يشيخون ، فلان الشيخ الفلاني يقول الكلام القبيح ، بل يقول الكلام الفاحش ! ، عوض هؤلاء الأتباع الصم البكم العمي أن ينصحونه أو أن ينفضوا من حوله حتى لا يغتر بقبيح فعله .. لا ! ، يعتذرون له بقولهم : الشيخ طبيعته هكذا . طبيعته هكذا ! ، طبيعته سيئ الخلق ! ، طبيعته فاحش اللسان ! ، و ما زال إماما عندكم ! ، و متبوع فيكم !.. نسأل الله عز وجل العفو و العافية ، هذا يقال فيه عذر أقبح من ذنب ، فلا يعتذر لأمثال هؤلاء . لأن الناس جميعهم مأمورون بأن يغيروا ما بأنفسهم ، مأمورون بأن يزكوا أنفسهم و يطهروها . فما فائدة هذا الدين ، وما فائدة هذه الأحكام ، وما فائدة أننا أتباع للنبي الكريم -عليه الصلاة و السلام- الذي خلقه القرآن ، الذي قال عن نفسه و دعوته : " إِنـــَّما بُعـِثـــْتُ لأُتـــَمّمَ مَكارِمَ الأَخلاق " ، بمعنى أننا ما اخذنا بسنته و ما اتبعنا هديه ، مالم نتخلق بخلقه و بكريم صفاته ، نسأل الله العفو و العافية .
فهذا الصحابي الجليل غضب الغضب المحمود ، و الغضب المحمود هو الغضب الذي يكون لله ؛
تقول دخل عليّ أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه و هو مغضب ، فقلت : ما أغضبك ؟ ، هذا فيه فائدة أخرى في حسن المعاشرة الزوجية ، خبيرة بزوجها ، ما إن رأته علمت هذا و سألته مباشرة ، ما أغضبك ، فقال رضي الله عنه و أرضاه : و الله ما أعرف من أمر محمد صلى لله عليه و سلم و هذا إطلاق قيده أهل العلم بالنظر إلى السياق فقالوا المقصود بقوله ما أعرف من أمر محمد ما كان متعلقا بالصلاة ، ليس في كل الأمور الأخرى ، السياق يدل على ذلك لأنه رجع من الصلاة و ذكر أمرا متعلقا بالصلاة ، قال : ما أعرف من أمر محمد شيئا إلا أنهم يصلون جميعا . أنكر عليهم أمر صلاتهم ، عدم الخشوع في الصلاة ، أنكر عليهم عدم تحقيق السنة في الصلاة ... لا يصلون صلاة رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم ، قال هذا أبو الدرداء لمن حوله من التابعين في الزمن الأول ، و التابعون هم الذين أخذوا عن الصحابة و جاءوا بعدهم ، و تغير الحال إلى هذا الحد ، فماذا نقول نحن !؟ .. فماذا نقول نحن في زماننا هذا !؟ ، إلا أنه ينبغي أن نعلم أن أمر هذا الدين يمر على فترات قوة و فترات ضعف في كل شيء .. في الجانب العلمي ، في جانب اتباع السنة و الرجوع إلى السنة ، نحن فقط قبل القرن الأخير هذا قبل عشرين سنة لا تكاد تجد أثار هدي النبي عليه الصلاة و السلام و لا السنة ، لا في بيوتنا و لا في مساجدنا و لا في طرقاتنا و لا في أسواقنا ... لا على أنفسنا و لا على أبنائنا ... لا في رجالنا و لا في نسائنا ، لا تكاد تجد هذا . ثم الله تبارك و تعالى لما أراد بنا خيرا قيض لنا من العلماء الربانيين الذين من خصائصهم و وظيفتهم أنهم يحيون سنة نبيهم عليه الصلاة و السلام .
العلماء الذين يطلق عليهم لفظ المجدد ، المجدد هو أنه يعيد هذه الأمور للأمة ، كادت تمحى عن الأمة و تطمس معالمها فتحيا من جديد و ترجع في الأمة من جديد .. تعرفون قبل سنوات لما بدأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله دعوته كان الشرك حول بيت الله الحرام ، من الاضرحة و الأوثان و المزارات الشركية البدعية التي يذبح عندها و يطاف حولها ، و الله جل و علا فتح عليه ، و نصره بالإمام محمد بن سعود ثم الإمام عبد العزيز ، و أعادوا معالم التوحيد في هذه الأمة ، رغم أنوف المناوئين الحاقدين على هذه الدعوة المباركة .. رغم أنوف المبتدعة من المتصوفة و الشيعة الروافض الذين يكفرونهم ، رغم أنوف الحزبيين الحاقدين اليوم الذين يصفونهم بآل سلول ، قاتلهم الله آل سلول نسبة إلى رأس النفاق عبد الله بن سلول المنافق ، نسأل الله جل و علا العفو و العافية ، هذا دائما يقع في الأمة ، و لهذا بشر النبي صلى الله عليه و على آله و سلم بهذا الأمر أنه على راس كل مائة سنة ، الله تبارك و تعالى يبعث في هذه الأمة ... ليس المقصود بالبعث أنه يوحي إلى أحد من هذه الأمة لأنه لا وحي بعد رسول الله ، يبعث في هذه الأمة من علمائها من ربانييها و الأمر كله في مثل هذه القضايا يرجع إلى الأئمة و العلماء ، من يجدد لها أمر دينها .

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد الجزائري ; 14 May 2016 الساعة 10:56 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 May 2016, 04:32 PM
أبو عبد الرحمن محمد الجزائري أبو عبد الرحمن محمد الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: May 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 241
افتراضي

نسال الله تبارك و تعالى أن يجعلنا من أتباع هؤلاء و أن يوفقنا للإلتفاف حولهم و الأخذ عنهم و الرجوع إليهم إنه سميع مجيب ....

من هنا التحميل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط القناة : https://telegram.me/alquds_metinge
الملفات المرفقة
نوع الملف: mp3 بَاب فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِـي جَمَاعَةٍ.mp3‏ (14.42 ميجابايت, المشاهدات 3790)

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد الجزائري ; 14 May 2016 الساعة 06:31 PM
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 May 2016, 11:17 PM
خالد أبو أنس خالد أبو أنس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
الدولة: الجزائر/بومرداس/أولادموسى
المشاركات: 468
افتراضي

بارك الله فيك أبا عبد الرحمن .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
حديث, شرح

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013