الحمد لله رب العالمين والعاقبة الحسنى للمتقين.
وبعد :
فهذا ملخص مختصر عن أقوال العلماء في سبب سقوط البسملة من أول سورة براءة – ولا أدعي استقصاء كل ما قيل في هذه المسألة - .
القول الأول : أن البسملة رحمة وأمان وبراءة نزلت بالسيف فليس فسها أمان.روي عن على رضي الله عنه وسفيان بن عيينة (1) .
القول الثاني: أن ذلك عادة العرب إذا كتبوا كتاب فيه نقض العهد أسقطوا منه البسملة. قال الشنقيطي :"ولا يخفى ضعفه" (2) .
القول الثالث : اختلف الصحابة ها الأنفال والتوبة سورة واحدة أم سورتان، فتركوا الفرجة لقول من قال أنه سورتان وأسقطوا البسملة لقول من قال انها سورة واحدة. ضعف هذا القول القرطبي، لأن الصحابة لا يمكن أن يختلفوا عن مثل هذا الأمر (3) .
القول الرابع : أن سورة براءة نسخ أولها فسقطت معها البسملة .وهو قول مالك وقاتل سعيد بن جبير كانت مثل سورة البقرة (4).
القول الخامس : أن عثمان رضي الله عنه قال: قصة سور براءة شبيه بقصة سورة الأنفال وقبض رسول الله ولم يبين أنها منها فقرن بينهما ولم يكتب بينهما بسم الله الرحمان الرحيم . وهذا ما رجحه ابن كثير وابن أبي زمينين والشنقيطي.
لكن الحديث لا يصح فقد ضعفه أحمد شاكر رحمه الله في كلامه في حاشية المسند (برقم:399): قال : كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه، وحاشاه من ذلك، فلا علينا إذا قلنا إنه "حديث لا أصل له" تطبيقاً للقواعد الصحيحة التى لا خلاف فيها بين أئمة الحديث".
وقال :"فلا عبرة بعد هذا كله في الموضع بتحسين الترمذي ولا بتصحيح الحاكم ولا بموافقة الذهبي، وإنما العبرة للحجة والدليل،".
وقال القرطبي أن الصحيح أن البسملة لم تكتب في أول السورة لأن جبريل لم ينزل بها.
وفيما يخص ما ذكرته من القولين الأولين فذلك أشبه ما يكون بالحكمة منه بالعلَّة، أي أنه المعنى الذي من أجله حذفت البسملة، وإن كان هذا من معاني العلَّة عند أهل الأصول، لكن سياق إيراد الأقوال يقتضي التفريق بينهما، والله أعلم.