من طُرف اللغويين: قصة الولد المتقعر مع والده المحتضر بصوت الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
التفريغ:
التقعر أدلك عليه؛ كان رجل من التجار له ولد يتقعر في كلامه وكان يستعمل الكلام الغريب الذي لا يستعمل في الحالات العادية فجفاه أبوه استثقالا له وتبرما به قال: هذا الولد لا يدخل علي لا في حياتي ولا بعد مماتي، مما كان يأتي به يعني من التقعر في الكلام واستخدام الغريب فاعتل أبوه علة شديدة أشرف منها على الموت فقال: اشتهي أن أرى وُلدي قبل أن يموت فاحضروهم بين يديه وأُخر هذا ثم أُخر:
أحضروهم جميعا من وراء حجاب يدخلون واحدا واحدا ويؤخرون هذا المتقعر حتى لم يبقى سواه فقالوا له قال إخوته إخوة هذا الأخ المتقعر قالوا لأبيهم: ندعو لك بأخينا فلان فقال: هو والله يقتلني بكلامه, فقالوا: قد ضمن ألا يتكلم بشيء تكرهه فأذن له وظنه عند الضمان فأذن له فلما دخل قال: السلام عليك يا أبت: قل أشهد ألا إله إلا الله وإن شئت قل: أشهد أن لا إله إلا الله فقد قال الفراء: كلاهما جائز والأولى أحب إلى سيبويه والله يا أبت ما أشغلني عنك إلا فلان فإنه دعاني بالأمس فأهرس وأعدس, وأرزز وأوزز, وسكبج وسبج, وزربج وطبهج، وأبصل وأمصل، ودجدج وافلوزج ولوزج.
فصاح أبوه العليل: السلاح السلاح، صيحوا لي بجارنا الشماس؛ هي رُدبة عند أهل الكتاب من النصارى لأوصيه أن يدفن الأبعد مع النصارى ليستريح من كلام هذا الأحمق، لا يريد أن يكون له في الآخرة به إجتماع، يريد أن تتخالف الطرق، هذا هو التقعر حقا!!!
بعض الولاة اعتلت أمة فتفتقت حيلته عن دعوة المصلين في المسجد لأمه بالشفاء والعافية، فكتب رقاعا ـ جمع رقعة ـ وطرحها في المسجد الجامع بمدينة السلام ببغداد - ردها الله على المسلمين ردا جميلا - في كل رقعة مكتوب صيغة واحدة هي: صين امرؤ ورُعيَ دعى لامرأة إنقحلة مقسئنة قد منيت بأكل الطرموق فأصابها من أجله الاستمصال أن يمن الله عليها بالإطرغشاش والإبرغشاش: فكان كل من قرأ رقعته دعى عليها ولعنه ولعن أمه.
صين امرؤ ورُعِيَ: دعاء بالصيانة والرعاية.
دعى لامرأة إنقحلة: يعني يبس جلدها على عظمها.
مقسئنة: كبيرة عاجزة.
مُنِيَّتْ بأكل الطرموق: هو الطين الأرميني.
فأصابها من أجل الاستمصال: هو الإسهال.
أن يمن الله عليها بالاطرغشاش: بالعافية.
و الابرغشاش: بالسلامة.
لو كتبناها بهذه الصورة فمالذي يضر؟، هذا هو التقعر حقا.