منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 02 Apr 2018, 04:10 PM
أبو عاصم ياسين زروقي أبو عاصم ياسين زروقي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2018
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي علامة الزَّائغ ، وآية الرَّاسخ.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم ويارك على نبيينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فإن للرسوخ والثبات آيات ،كما أن على الغواية والزيغ علامات قد بينها القرءان الكريم وحذر منها المصطفى الأمين عليه الصلاة والسلام ومن ذلك الحديث المتفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ.....} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: "قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِذَا رأيتموهم فاحذروهم".
تخريج الحديث :
أخرجه أحمد (رقم 24929) ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ . و(رقم 26197 ) ثنا عبد الرحمن بن مَهْدي ثنا يزيد بن إبراهيم عن ابن أبي مليكة به . والدارِمِي (رقم 147)قال: نا ابو الوليد الطيالسي ثنا حماد بن سلمة ويزيد بن إبراهيم. و البُخَارِي (رقم 4547 ) وفي خلق افعال العباد (30) ومسلم (رقم 2665 ) وأبو داود( رقم 4598) قالوا ثنا القعنبي ثنا يزيد بن إبراهيم التستري. والتِّرمِذي (رقم 2993) قال: حدثنا محمد بن بشار. قال: حدثنا ابو داود الطيالسي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم. وفي (2994) قال:. حدثنا عَبد بن حُميد. قال: أخبرنا ابو الوليد الطيالسي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم.
وأخرجه أحمد (رقم 24210) ثنا إسماعيل نا أيوب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ . وابن ماجة (رقم 47) ثنا محمد بن خالد بن خداش ثنا إسماعيل بن علية ثنا أيوب ح وحدثنا أحمد بن ثابَت الجحدري ويحيى بن حكيم ثنا عبد الوهاب ثنا أيوب. والتِّرمِذي(رقم 2993) ثنا محمد بن بشار ثنا ابو داود الطيالسي ثنا ابو عامر؛ وهو الخزاز؛ وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ يَزِيدُ: عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، - وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو عَامِرٍ القَاسِمَ -.
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار(رقم2515) : حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ .. الحديث وفيه : ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ، وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ "
والطبري في تفسيره (رقم 6612 ) حدثنا علي قال، حدثنا الوليد، عن نافع بن عمر، عن [ابن أبي مليكة، حدثتني] عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتموهم فاحذروهم، ثم نزع:"فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه"، ولا يعملون بمحكمه . و(رقم 6614 ) حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا خالد بن نزار، عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة
الاختلاف في إسناده :
سئل الدارقطني عن حديث القاسم، عن عائشة، تلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذِهِ الآية: {هو الذي أنزل عليك الكتاب} ... الحديث
فقال: يرويه يزيد بن إبراهيم، وحماد بن سلمة، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة
وخالفهما أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمرو، وابن جريج، ونافع بن عمر الجمحي، وأبو عامر الخزاز، وحماد بن يحيى الأبح، وعبد الله بن هشام بن عمرو بن شعيب بن عمرو بن العاص السهمي، فرووه، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، لم يذكروا بينهما أحدا. ( علل الدارقطني 14/ 234) .
وقال الحافظ ابن حجر : أخرج لَهُ – أي يزيد بن إبراهيم التستري - فِي تَفْسِير آل عمرَان عَن بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة فِي قَوْله تَعَالَى فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
زيغ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ غير وَاحِد عَن بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة لَيْسَ فِيهِ الْقَاسِم وَإِنَّمَا ذكر الْقَاسِم يزِيد بن إِبْرَاهِيم وَحده قلت كَذَاك رَوَاهُ أَيُّوب وَأَبُو عَامر الخزاز عَن بن أبي مليكَة لَكِن رجح البُخَارِيّ رِوَايَة يزِيد بن إِبْرَاهِيم لما تضمنته من زِيَادَة الْقَاسِم وَتَبعهُ مُسلم على ذَلِك وَلم يخرجَا رِوَايَة أَيُّوب وَالله أعلم (فتح الباري 1/ 435)
قال العلامة أحمد شاكر : نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل، الجمحي القرشي المكي: ثقة، قال أحمد بن حنبل: "ثبت ثبت صحيح الحديث". وهو مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 86، وابن سعد 5: 363. ونسب قريش للمصعب: 400. وابن أبي حاتم 4 / 1 / 456، وتذكرة الحفاظ 1: 213.
ووقع في المخطوطة والمطبوعة هنا: "نافع عن عمر"! بدل"نافع بن عمر". وهو خطأ. تصويبه عن الفتح 8: 157، حيث ذكر فيمن روى هذا الحديث"عن ابن أبي مليكة دون ذكر القاسم" -".... ونافع بن عمر، وابن جريج، وغيرهما". وكذلك صححناه عن ابن كثير، كما سنذكر.
ثم وقع في الأصلين خطأ آخر أشد من ذاك وأشنع! ففيهما: "عن نافع، عن عمر، عن عائشة"!! فحذف"ابن أبي مليكة" من الإسناد. ثم حذف تصريحه بالسماع من عائشة.
فصححنا الإسناد، وأثبتنا ما سقط منه خطأ من الناسخين، وهو ما زدناه بعد كلمة"عن"، بين علامتي الزيادة: [ابن أبي مليكة، حدثتني] .
وهذه الزيادة أخذناها من ابن كثير 2: 98، حيث قال: "ورواه ابن جرير، من حديث روح بن القاسم، ونافع بن عمر الجمحي، كلاهما عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. وقال نافع في روايته: عن ابن أبي مليكة، حدثتني عائشة. فذكره".
فهذا هو الصواب، الذي أفادنا ما سقط هنا من الإسناد من الناسخين. والحمد لله.
(تفسير ابن جرير ج6/ص 193)
ما جاء في معنى الآية والحديث
قال العلامة عبد الرحمان بن يحي المعلمي رحمه الله :
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
اختلف النّاسُ في هذه الآية حتى كادت تصير هي نفسها من المتشابه، وقد يُسِّرَ لي في فهم معناها سبيلٌ واضحٌ إن شاء الله تعالى.
فأقول: قد ثبت أنَّ القرآن كلَّه محكمٌ، لقوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: 1]، وأنَّه كلَّه متشابهٌ؛ لقوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ...} [الزمر: 23].
وثبت بالآية المصدَّر بها أنَّ منه ما هو محكمٌ غير متشابهٍ، ومنه ما هو متشابهٌ غير محكمٍ.
واتُّفِقَ على أنَّ المراد بالإحكام في قوله تعالى: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} عدم الخَلَل في الحُسْن والصِّدق ومطابقة الحِكْمة، وبالتَّشابه في قوله: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} أنَّ بعضه يشبهُ بعضًا في الحُسْن والصِّدق ومطابقة الحِكْمة، فلا منافاة بين هذا الإحكام وهذا التَّشابه.
وأمَّا الإحكام والتَّشابه في الآية المصدَّر بها فهي صريحةٌ في تنافيهما، وبذلك يُعْلَم أنَّ لكلٍّ منهما معنًى غير المعنى المتقدِّم، فبَحَثْنَا عن ذلك فوَجَدْنَا المُحْكَم مُحْكَمًا لا يحتمل إلاَّ ذلك المعنى الواحد، وأنَّه لا خَلَل فيه، والقرآن كلُّه مُحْكَمٌ لا خلل فيه ألبتَّة.
ولكن يمكن أن يقال: الخَلَل المنتفي عن القرآن ألبتَّة هو الخَلَل الحقيقي.
فأمَّا ما يُتَوَهَّم خَلَلًا وليس في الحقيقة بخَلَلٍ فهو موجود في القرآن.
فيجوز أن يُقَال: أُحْكِمَت آياته في الحقيقة، ومنه آياتٌ محكماتٌ ليس فيها خَلَلٌ ولا ما يُتَوَهَّم خَلَلاً، وأُخرُ فيها ما يُتَوَهَّم خَلَلًا؛ فهي المتشابهات.
وقبل أنْ نبُتَّ الحُكْمَ في هذا ننظر في معنى {مُتَشَابِهَاتٌ} فنجد المعنى المتبادر:
أنَّ كلَّ آيةٍ منها تشبه الأخرى، وهذا عامٌّ في آيات القرآن كُلِّها، كما قال تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا}.
فإنْ قيل: إنَّ هناك وجهًا تتشابه فيه الآيات التي يكون فيها ما يُتَوَهَّم خَلَلًا مختصَّة به، وهو تَوَهُّم الخَلَل في كُلِّ آيةٍ منها.
قلتُ: ولكنَّ هذا لا يكفي لتخصيصها بلفظ: {مُتَشَابِهَاتٌ}؛ فإنَّ المحكمات أيضًا فيها وجهٌ تتشابه فيه، وهو خاصٌّ بها، وهو أنَّه ليس في كُلٍّ منها خَلَلٌ، ولا ما يُتَوَهَّم خَلَلًا.
ويمكن أنْ يُقَال: كلُّ آيةٍ من المتشابهات متشابهةٌ في نفسها، على أن يكون المعنى: متشابهات معانيها، أي: يتشابه فيها معنيان، أو معاني، كما يُقَال: اشتبه عليَّ الأمر، أي: اشتبه صوابُه بخطائه، ويُقَال: اشتبه عليَّ الأمران، أي: لم تُميِّز بينهما.
فإنْ قلتَ: ولكنَّه لا يُقَال: تشابه عليَّ الأمر!
قلتُ: لا أستحضر شاهدًا لذلك، ولكن "اشتبه" و"تشابه" بمعنًى، قال تعالى: {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 141].
وقد قال المولَّد (في الحاشية : هو الصاحب بن عبَّاد، في ديوانه ص 176) :
رَقَّ الزُّجَاجُ ورَاقَت الخَمْرُ ... فتشَابَهَا وتَشَاكَلَ الأَمْرُ
الشاهد في قوله: "وتشاكل الأمر".
فلنترك هذا ههنا، ولننظر في بقية الآية، لعلَّنا نجد فيها ما يبيِّن المقصود، قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}.
دلَّت الآية أنَّ المتشابه من شأنه أن يتَّبعه الزَّائغون؛ ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله.
ومن المعقول أنَّ الآية التي تتشابه معانيها يتَّبعها الزَّائغ ابتغاء الفتنة؛ ليحملها على المعنى الذي يوافق هواه، ولكنّ قوله تعالى: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} يدلُّ أنَّ ابتغاء تأويل المتشابه زيغٌ.
فإن قيل: إنَّما يكون زيغًا في حقِّ الزَّائغين؛ لأنهَّم يبتغون الفتنة.
قلتُ: لا أرى هذا شيئًا؛ إذ لو كان كذلك لكان المدار على ابتغاء الفتنة، ولَمَا ظهر معنًى لزيادة {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}، بل ولا تخصيص المتشابه؛ لأنَّ مبتغي الفتنة يبتغيها في كل آية من القرآن، وإن كان ابتغاؤه إيَّاها فيما تشابهت معانيه أكثر.
فإن قيل: فإنَّما يكون ابتغاء تأويله زيغًا في حقِّ هؤلاء؛ لأنَّهم غير راسخين في العلم.
قلتُ: لا أراه كذلك؛ لأنَّ مَن ليس براسخٍ في العلم قد يخطئُ في فهم المحكم أيضًا.
وأوضح من هذا كلِّه قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، فقصر علم تأويل المتشابه على الله عزَّ وجلَّ.
فإن قلتَ: فقد قال: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}؟
قلتُ: ليس هذا عطفًا ألبتَّة، وإنَّما هو معادل قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}، فكأنه قال: (وأما الراسخون في العلم ...).
فالآية كقولك: أمّا زيدٌ ففي المسجد وعمرو ذهب إلى السوق، اختار هذا المعنى ابن هشام في "المغني" (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" (ص 81 - 82).)، وهو المختار؛ لأنَّ "أمَّا" للتَّفصيل، وذِكْرُ القسمين أو الأقسام بعدها هو الأصل، والحذف خلاف الأصل. فلمّا كان قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} يحتمل أنَّه القسم الثاني، ويحتمل خلافه، فحمله على أنَّه القسم الثاني هو الظَّاهر حتمًا.
ويؤيِّد ذلك أنَّ القائلين بالعطف قالوا: إنَّ قوله: {يَقُولُونَ} خبرُ مبتدأ محذوف، أي: هم يقولون، ولا يخفى أنَّ الأمر إذا دار بين الإضمار وعدمه فالأصل عدمُهُ.
ومنهم مَن جَوَّز أن يكون حالاً، وهو باطل؛ لأنَّ الحال قيدٌ في عاملها، فيصير المعنى: "وما يعلم تأويله في حال قول الراسخين كذا وكذا إلاَّ الله والراسخون"، فيُفْهَم منه أنَّ غير الله والراسخين قد يعلم تأويله في غير تلك الحال! ولا وجه لهذا.
وإن قُدِّرَ أنَّه حالٌ من ضميرٍ محذوفٍ، والتَّقدير: "هم يعلمونه حال كونهم يقولون" [فـ]ـتعسُّفٌ بتكثير الإضمار، ولزوم أنَّ الله والرَّاسخين لا يعلمون تأويله إلاَّ في تلك الحال! وهذا محالٌ.
فإن حُمِلَ قولنا: "هم يعلمونه" على الرّاسخين وحدهم، فكذلك يلزم منه أنَّهم لا يعلمونه إلاَّ في تلك الحال!
وهناك مصارعات ومقارعات، انظرها في: "روح المعاني" (للآلوسي (3/ 83 - 87).) إنْ أحببت.
وأوضح من هذا كلِّه: أنَّه صحَّ - كما في "المستدرك" وغيره - عن ابن عباس - وهو المَدْعوُّ له بتعلُّم التأويل - كان يقرأ: (وما يعلم تأويله إلاَّ الله ويقول الراسخون ..). "المستدرك" (2/ 289)، وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/ 116) ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف" (1/ 348)، والطبري في "تفسيره" (5/ 218)، وأخرجه ابن الأنباري في "الأضداد" (ص 426) وغيرهم، من طريق معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه به.
وحُكيَ مثله عن أُبيِّ بن كعب ( أخرجه الطبري (5/ 219) وابن أبي حاتم (2/ 599) من طريق ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أُبَيًّ رضي الله عنه بنحوه). وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "أقرؤكم أُبيّ". وجاء عن ابن مسعود - وهو هو - أنه كان يقرأ: (وإن تأويله إلاَّ عند الله والراسخون في العلم) . ( "كتاب المصاحف" لابن أبي داود (1/ 309) ولفظه فيه: "قراءة عبد الله: (وإنْ حقيقة تأويله إلاَّ عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ...).
وذكره الطبري في "تفسيره" (5/ 221) باللفظ المنقول هنا ).
فلو كان المعنى على العطف لقال: "والراسخين"، كما لا يخفى.
وقد رُوِيَت عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه آثارٌ كثيرة تصرِّح بأنَّ المتشابه لا يعلمه إلاَّ الله تعالى وحده. انظرها في "الدُّر المنثور" (3/ 459 - 461).
وسياق الآيات يدلُّ على ذلك؛ فإنّ قول الراسخين: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ظاهرٌ في عدم علمهم بتأويله، وإنَّما علموا أنَّه حقٌّ لأنَّه من عند ربهم، فكأنَّهم قالوا: أمَّا ما عَلِمْنَا تأويله فقد عَلِمْنَا أنَّه حقٌّ بعِلْمِنَا بتأويله، وأمَّا المتشابه فإنَّنا نؤمن به؛ لأنَّه أيضًا من عند ربِّنا، فهو حقٌّ وإن لم نعلم تأويله. وقولهم بعد ذلك: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] ظاهرٌ في أنَّ المُتَشابه مَظِنَّة لأنْ يكون سبب الزَّيغ.
ولو كانوا قد علموا تأويلَه لكان بالنَّظر إليهم كالمُحْكم.
وتعليل اتِّباع الزَّائغين للمتشابه بقوله: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ظاهرٌ في أنّ ابتغاء تأويله زيغٌ؛ إذ لو كان الزَّيغ إنَّما هو في اتِّباعه ابتغاء الفتنة لَمَا كان لقوله: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} معنى!
فإن قيل: سَلَّمنا أنَّ ابتغاء تأويله زَيغٌ، ولكن لغير الراسخين.
قلتُ: الرُّسوخ في العِلْم أمرٌ خفيٌّ، ليس هو كثرة العِلْم، فكم مِن رجلٍ كثير العِلْم ليس براسخٍ، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 175، 176]، وقال عزَّ وجلَّ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23].
وفي الحديث: "إنَّ أخوف ما أخاف على أمّتي كلُّ منافقٍ عليم اللِّسان" ("الصحيحة" (1013) عن عمر مرفوعا). وقال الحسن البصري: "العِلْم عِلْمان: فعِلْمٌ في القلب، فذلك العِلم النَّافع، وعلمٌ على اللِّسان، فذلك حُجَّة الله على ابن آدم". "سنن الدارمي" (ج 1 ص 102) (قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "درء التعارض" (7/ 453): "رُوِيَ ذلك عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وقد قيل إنَّه من كلام الحسن، وهو أقرب".).
والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.
وقد كان عبد الملك بن مروان وأبو جعفر المنصور العباسي من كبار العلماء، وهما طاغيتان. وكذلك الواقدي، والشَّاذكوني، ومحمَّد بن حميد الرازي، وهؤلاء رماهم أئمَّة الحديث بأنَّهم كانوا يكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمثالهم كثير. ومن العلماء مَن هو دون هؤلاء في العلم ولكنَّه معدودٌ من الراسخين. فالرسوخ إذن حالٌ قلبية؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغِنَى: "ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النَّفس" (البخاري (6446) ومسلم (1051))؛ فكذلك نقول: ليس الرُّسوخ عن كثرة العِلْم، ولكنَّ الرُّسوخَ رسوخُ الإيمان في القلب، ويوشك أن يكون هو اللُّب في قوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
وإنَّه ليشمُّ روائح الرسوخ من قولهم: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 7 - 9].
فالرّاسخ دائم الخوف والخشية من ربه عزَّ وجلَّ، مسيءٌ للظَّنِّ بنفسه، فكم من راسخٍ لا يرى أنَّه من أرسخ الرَّاسخين؟
فالخائف الخاشي المسيءُ الظَّنَّ بنفسه جديرٌ بأن لا يستخفَّه ما عنده من العِلْم على الخوض فيما ليس له به علم، وعلى البحث فيما لم يُكلَّف البحث فيه، وهو من موارد الخَطَر، ومزالق النَّظَر.
هذا لو كان يمكن العِلْم به؛ فكيف إذا كان ممَّا لا سبيل إلى العِلْم به؟! وإنَّما الزَّائغ الجريء على ربه، المُتَّكِل على عقله، الفَرِح بما عنده من العِلْم هو الجدير بأن يَتَعَاطى الخوض في كُلِّ شيءٍ، ويحمِلُه ثقتُهُ بنفسه، وأَمْنُهُ مكرَ ربَّه، ودعواه أنَّه لا يَتَعَالي عن فهمه شيءٌ، وحرصه على أن يطير ذكرُهُ في النَّاس، وكبره عن أن يعترف بالجهل ؛ تحمِلُهُ هذه الأشياء على الجهل بحقيقة حاله، وبأنّ العقل له حدٌّ ينتهي إليه، كما أنَّ للبَصَر حدًّا ينتهي إليه، ورُبَّما حَمَلَتْه على الخوض والكلام، والنَّقض والإبرام فيما يعلم أنَّه لا سبيل له إليه، وكم من راسخ يرميه النّاس بالكفر والضَّلال، وكم من زائغٍ يتَّخذونه إمامًا في الدِّين!
فالحقُّ أنَّ هذه الآيات أفادت علامة الزَّائغ، وآية الرَّاسخ.
فعلامة الزَّائغ اتَّباع المتشابه ابتغاء الفِتْنة وابتغاء تأويله، وإذا خَفِيَ علينا ابتغاء الفتنة لم يَخْفَ ابتغاء التأويل. وآية الرَّاسخ الكفُّ عن ذلك، والاكتفاء بقوله: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ...}.
وفي "الصَّحيحين" وغيرهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآيات، ثم قال: "إذا رأيتم الذين يتَّبِعُون ما تَشَابَه منه فأولئك الذين سمَّاهم الله فاحذروهم".
فأطْلَق الحديث ولم يقيَّد؛ لكنَّه قد عُلِم إخراجُ الاتِّباع على معنى التِّلاوة والإيمان, وبقي الاتَّباع ابتغاءَ التَّأويل، ولم يُقيَّده بابتغاء الفِتْنة ولا غيرها، فعُلِم صحَّة ما قلناه، وهو: أنَّ ابتغاء التأويل زيغٌ، كما أنَّ ابتغاء الفِتْنة زيغٌ، ولم يقيَّده - صلى الله عليه وسلم - بعدم الرسوخ، فعُلِم أنَّ كلَّ من ابتغى تأويله فهو زائغٌ وليس براسخٍ، وأكَّد هذا ما يُفْهَم من الحديث: أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان واثقًا بأصحابه الذين خاطبهم أنهم لا يتبِّعون المتشابه، وإنَّما حذَّرهم ممَّن نَشَأَ بعدهم، وهم رضي الله عنهم أولى بالرسوخ من غيرهم؛ فعُلِمَ أنَّ الرَّاسخ لا يتَّبع المتشابه أصلاً إلاَّ على معنى تلاوته والإيمان به . من (رسالة في حقيقة التأويل ) ضمن آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني ج6/ص51 .
وهذه المعاني التي رجحها العلامة المعلمي قد سبقه إليها الإمام ابن قدامة المقدسي رحمهما الله تعالى
قال ابن قدامة :
فذم مبتغي تَأْوِيل الْمُتَشَابه وقرنه بمبتغي الْفِتْنَة فِي الذَّم ثمَّ أخبر أَنه لَا يعلم تَأْوِيله غير الله تَعَالَى فَإِن الْوَقْف الصَّحِيح عِنْد أَكثر أهل الْعلم على قَوْله {إِلَّا الله} وَلَا يَصح قَول من زعم أَن الراسخين يعلمُونَ تَأْوِيله لوُجُوه :
أَحدهَا - أَن الله ذمّ مبتغي التَّأْوِيل وَلَو كَانَ مَعْلُوما للراسخين لَكَانَ مبتغيه ممدوحا غير مَذْمُوم
الثَّانِي - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فهم الَّذين عَنى الله فاحذروهم يَعْنِي كل من اتبع الْمُتَشَابه فَهُوَ من الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ فَلَو علمه الراسخون لكانوا باتباعه مذمومين زائغين وَالْآيَة تدل على مدحهم والتفريق بَينهم وَبَين الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ وَهَذَا تنَاقض
الثَّالِث - أَن الْآيَة تدل على أَن النَّاس قِسْمَانِ لِأَنَّهُ قَالَ {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} وَأما لتفصيل الْجمل فَهِيَ دَالَّة على تَفْصِيل فصلين أَحدهمَا الزائغون المتبعون للمتشابه وَالثَّانِي الراسخون فِي الْعلم وَيجب أَن يكون كل قسم مُخَالفا للْآخر فِيمَا وصف بِهِ فَيلْزم حِينَئِذٍ أَن يكون الراسخون مخالفين للزائغين فِي ترك اتِّبَاع الْمُتَشَابه مفوضين إِلَى الله تَعَالَى بقَوْلهمْ {آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} تاركين لابتغاء تَأْوِيله وعَلى قَوْلنَا يَسْتَقِيم هَذَا الْمَعْنى وَمن عطف الراسخين فِي الْعلم أخل بِهَذَا الْمَعْنى وَلم يَجْعَل الراسخين قسما آخر وَلَا مخالفين للقسم المذموم فِيمَا وصفوا بِهِ فَلَا يَصح
الرَّابِع - أَنه لَو أَرَادَ الْعَطف لقَالَ وَيَقُولُونَ بِالْوَاو لِأَن التَّقْدِير والراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ
الْخَامِس - أَن قَوْلهم {آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} كَلَام يشْعر بالتفويض وَالتَّسْلِيم لما لم يعلموه لعلمهم بِأَنَّهُ من عِنْد رَبهم كَمَا أَن الْمُحكم الْمَعْلُوم مَعْنَاهُ من عِنْده
السَّادِس - أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم كَانُوا إِذا رَأَوْا من يتبع الْمُتَشَابه وَيسْأل عَنهُ استدلوا على أَنه من أهل الزيغ وَلذَلِك عد عمر صبيغا من الزائغين حَتَّى اسْتحلَّ ضربه وحبسه وَأمر النَّاس بمجانبته ثمَّ أَقرَ صبيغ بعد بِصدق عمر فِي فراسته فَتَابَ وأقلع وانتفع وعصم بذلك من الْخُرُوج مَعَ الْخَوَارِج وَلَو كَانَ مَعْلُوما للراسخين لم يجز ذَلِك
السَّابِع - أَنه لَو كَانَ مَعْلُوما للراسخين لوَجَبَ أَن لَا يُعلمهُ غَيرهم لِأَن الله تَعَالَى نفى علمه عَن غَيرهم فَلَا يجوز حِينَئِذٍ أَن يتَنَاوَل إِلَّا من ثَبت أَنه من الراسخين وَيحرم التَّأْوِيل على الْعَامَّة كلهم والمتعلمين الَّذين لم ينْتَهوا إِلَى دَرَجَة الرسوخ والخصم فِي هَذَا يجوز التَّأْوِيل لكل أحد فقد خَالف النَّص على كل تَقْدِير
فَثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ من الْوُجُوه أَن تَأْوِيل الْمُتَشَابه لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى وَأَن متبعه من أهل الزيغ وَأَنه محرم على كل أحد ؛
وَيلْزم من هَذَا أَن يكون الْمُتَشَابه هُوَ مَا يتَعَلَّق بِصِفَات الله تَعَالَى وَمَا أشبهه دون مَا قيل فِيهِ أَنه الْمُجْمل أَو الَّذِي يغمض علمه على غير الْعلمَاء الْمُحَقِّقين أَو الْحُرُوف الْمُقطعَة لِأَن بعض ذَلِك مَعْلُوم لبَعض الْعلمَاء وَبَعضه قد تكلم ابْن عَبَّاس وَغَيره فِي تَأْوِيله فَلم يجز أَن يحمل عَلَيْهِ وَالله أعلم .انتهى ( ذم التأويل ص37 )
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيينا محمد .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو عاصم ياسين زروقي ; 02 Apr 2018 الساعة 05:08 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, مميز, مسائل, علامةالراسخ

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013