14 Apr 2010, 09:39 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
|
|
السَّبَبُ الّذِي لِأَجلِه يَكثُرُ الحَسَدُ بَينَ الأَمثَالِ و الأقرَانِ .
" السّبب الّذي لأجله يكثر الحسد بين الأمثال و الأقران "
الحسد يكثر بين قوم تكثر بينهم الأسباب الدّاعية إليه.
وهذه الأسباب إنّما تكثر بين أقوام تجمعهم روابط يجتمعون بسببها في مجالس المخاطبات و يتواردون على الأغراض ،
فإذا خالف واحد منهم صاحبه في غرض من الأغراض نفر طبعه منه و أبغضه و ثبت الحقد في قلبه ، فعند ذلك يريد أن
يستحقره و يتكبّر عليه و يكافئه - أي : يجازيه - على مخالفته لغرضه و يكره تمكّنه من النّعمة الّتي توصله إلى أغراضه
و تترادف جملة من هذه الأسباب ، إذ لا رابطة بين شخصين في بلدتين متنائيتين فلا يكون بينهما محاسدة .
نعم ، إذا تجاورا في مسكن أو سوق أو مدرسة أو مسجد ، تواردا على مقاصد تتناقض فيها أغراضهما ، فيثور من
التّناقض التّنافر و التّباغض ، ومنه تثور بقيّة أسباب الحسد ، و لذلك ترى العالم يحسد العالم دون العابد ، و العابد
يحسد العابد دون العالم ، والتّاجر يحسد التّاجر ، بل الإسكاف يحسد الإسكاف و لا يحسد البزّاز - بائع الثّياب - لا بسبب
آخر سوى الاجتماع في الحرفة ، و يحسد الرّجل أخاه وابن عمّه أكثر ممّا يحسد الأجانب ، و المرأة تحسد ضرّتها أكثر
ممّا تحسد أم الزّوج وابنته ، ومنشأ جميع ذلك حبّ الدّنيا ، فإنّ الدّنيا هي الّتي تَضِيقُ
على المتزاحمين ، و أمّا الآخرة فلا ضيق فيها.
فلذلك لا يكون بين علماء الدّين محاسدة ، لأنّ مقصدهم معرفة الله تعالى ، وهو بحر
واسع لا ضيق فيه ، و غرضهم المنزلة عند الله ، ولا ضيق أيضا فيما عند الله تعالى .
نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال و الجاه تحاسدوا ، لأن المال أعيان و أجسام إذا وقعت
في يد واحد خلت عنها يد الآخر . انتهى
انظر" تهذيب إحياء علوم الدين " ( 2 / 82 ) لعبد السلام هارون.
بواسطة " آفات العلم " ( ص 165 - 166 ) للشيخ الفاضل الدكتور محمد سعيد رسلان
حفظه الله.
|