منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم مشاركات اليوم Right Nav

Left Container Right Container
 

العودة   منتديات التصفية و التربية السلفية » القــــــــسم العــــــــام » الــمــــنــــــــتـــــــدى الـــــــــعــــــــام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 Apr 2016, 07:02 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي حثُّ الأحبةِ على الاستغفارِ و التوبةِ [12] المقالة الأخيرة

حثُّ الأحبةِ على الاستغفارِ و التوبةِ [12]

وقفات مع قوله تعالى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة 118]
إنه من المعلوم أن كل ابن آدم خطاء، و خيرهم التوابون إلى الله تعالى كما قال صلى الله عليه و سلم : "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" رواه الحاكم و غير عن أنس بن مالك و صححه الإمام الألباني رحمه الله تعالى في صحيح (4515).
و هذه الخيرية متفاوتة، و معيار هذا التفاوت القيام بشروط التوبة على وجهها اللائق بها، و يبقى سر التفاوت في صدق التوبة، و هذا الذي أشار الله تعالى إليه في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة 19].
و إن هذه الآية نزلت في ثلاثة من الصحابة الأخيار، منهم كعب بن مالك رضي الله عنهم، تخلف عن غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه و سلم، و هي غزوة تبوك، حين كان الحر شديدا، و نضجت الثمار، و بعدت الشقة، و هذه أعذار المنافقين، أما كعب رضي الله عنه فكان من المؤمنين الخلص، و كان من المجاهدين في سبيل الله حيث لم يتخلف عن غزوة غزاها النبي صلى الله عليه و سلم، إلا بدرا، و لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
و كان هذا التخلف سببا ليضرب كعب مثلا في صدق التوبة، و كان جزاؤه أن أنزل الله في قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، و كان ذلك سببا لرفعة هذا الرجل الصادق رضي الله عنه قال الله تعالى فيهم {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة]، و إن الموفق لمن تأمل في قصة هؤلاء الصادقين؛ متأسيا مقتديا متعظا.
ترجمة مختصرة لكعب بن مالك رضي الله عنه [مختصرة من السير للذهبي] :
ابن أبي كعب، عمرو بن القَيْن بن كعب بن سَوَاد بن غَنْم بن كعب ابن سلمة الأنصاري الخزرجي.
شهد العقبة، و شهد أحدا، و قاتل يومها قتالا شديدا، و جرح جراحا شديدة، كان أول من بشر المؤمنين بحياة رسول الله صلى الله عليه و سلم لما انكشف المسلمون، كان من شعراء النبي صلى الله عليه و سلم، فكان يذكر الحرب و المعارك، و قد أسلمت دوس لسبب بيت قاله رضي الله عنه.
آخى النبي صلى الله عليه و سلم بينه و بين طلحة بن عبيد الله، و قيل بينه و بين الزبير بن العوام رضي الله عنهم.
روى عن النبي صلى الله عليه و سلم عدة أحاديث تبلغ ثلاثين حديثا، متفق على ثلاثة منها، روى عنه خلق.
ذهب بصره في خلافة معاوية رضي الله عنهما، ثم توفي رضي الله عنه سنة أربعين، و قيل خمسين، و قيل واحد و خمسين.
القصة كما رواها الشيخان :
روى الشيخان عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان، قائد كعب من بنيه، حين عمي، قال : سمعت كعب بن مالك، يحدث حين تخلف عن قصة، تبوك، قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر، أذكر في الناس منها، كان من خبري : أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه، في تلك الغزاة، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا، ومفازا وعدوا كثيرا، فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ، يريد الديوان، قال كعب : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي الله، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئا، فأقول في نفسي : أنا قادر عليه، فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئا، فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئا، ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل فأدركهم، وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم، أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال : وهو جالس في القوم بتبوك : "ما فعل كعب" فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله، حبسه برداه، ونظره في عطفه، فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كعب بن مالك : فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب، وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا، واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما، وكان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب، ثم قال : "تعال" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي : "ما خلفك، ألم تكن قد ابتعت ظهرك". فقلت : بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلا، ولكني والله، لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق، تجد علي فيه، إني لأرجو فيه عفو الله، لا والله، ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى، ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك". فقمت، و ثار رجال من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا : نعم، رجلان، قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك، فقلت : من هما؟ قالوا : مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين، قد شهدا بدرا، فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا، فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، فقلت : يا أبا قتادة، أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته، فقال : الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، قال : فبينا أنا أمشي بسوق المدينة، إذا نبطي من أنباط أهل الشأم، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول : من يدل على كعب بن مالك، فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان، فإذا فيه : أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك، فقلت لما قرأتها : وهذا أيضا من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت : أطلقها؟ أم ماذا أفعل؟ قال : لا، بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك، فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك، فتكوني عندهم، حتى يقضي الله في هذا الأمر، قال كعب : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت : يا رسول الله : إن هلال بن أمية شيخ ضائع، ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال : "لا، ولكن لا يقربك". قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره، ما كان إلى يومه هذا، فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه؟ فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب؟ فلبثت بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ، أوفى على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر، قال : فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض إلي رجل فرسا، وسعى ساع من أسلم، فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت له ثوبي، فكسوته إياهما، ببشراه والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتلقاني الناس فوجا فوجا، يهنوني بالتوبة، يقولون : لتهنك توبة الله عليك، قال كعب : حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة، قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبرق وجهه من السرور : "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك"، قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال : "لا، بل من عند الله". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك". قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، فقلت : يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا، ما بقيت. فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت، وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم : {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ} إلى قوله {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام، أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا -حين أنزل الوحي- شر ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى : {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ} إلى قوله {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}، قال كعب : وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله :{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}. وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، إنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا، عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.
شرح بعض غريب الحديث :
"ورّى بغيرها" قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (1/132) : "أظهر خلاف ما يريد".
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/147) : "التورية : أن يذكر لفظا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر، فيوهم إرادة القريب و هو يريد البعيد".
"تفارط الغزو" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/148) : "بالفاء و الطاء المهملة أي : فات و سبق، و الفرط السابق".
"فأنا إليها أصعر" قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/99) : "أي : أميل".
"حبسه بُرْدَاهُ و النظر في عِطْفِهِ" قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/148) : "بكسر العين المهملة و كنى بذلك عن حسنه و بهجته، و العرب تصف الرداء بصفة الحسن و تسميه عطفا لوقوعه على عطفي الرجل".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/99) : "أي : جانبيه، و هو إشارة إلى إعجابه بنفسه و لباسه".
"رجلا مُبَيِّضًا" قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/99) : "المبيض بكسر الياء و هو لابس البياض، و يقال : هم المبيضة و المسودة بالكسر فيهما، أي : لابسوا البياض و لابسوا السواد".
"بَثِّي" قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/100) : "أي : اشد الحزن".
"تبسم تبسم المُغْضَبِ" قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (1/138) : "أي : الذي غير راض".
"تَنَكَّرَتْ في نفسي الأرض" قال العلامة ان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/139) : "فما هي بالأرض التي كانوا يعرفونها".
"نَبَطِيٌّ" قال العلامة ان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/146) : "الذي ليس بعربي و لا بعجمي، و سموا بذلك لأنهم كانوا يخرجون في البراري سيتنبطون الماء".
"فتيممت بها التنور فسجرتها" قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/152) : "أي : قصدت، و التنور : ما يخبز فيه، و قوله سجرته : بسين مهلمة و جيم أي : أوقدته، و أنث الكتاب على معنى الصحيفة".
"استلبث الوحي" قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/104) : "أي : أبطأ".
"أوفى" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/152) : "بالفاء مقصورة أي : أشرف و طلع".
"سلْع" قال العلامة ان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/150) : "جبل معروف في المدينة".
"أتأمم" قال العلامة بان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/151) : "يعني : أقصده".
فوائد من قصة توبة كعب رضي الله عنه :
اعتنى العلماء و الأئمة رضي الله عنهم بأمر هذه القصة اهتماما كبيرا، فاستنبطوا منها الفوائد الغزيرة، و المواعظ البليغة، و لكن أحببت أن أصب اهتمامي على ما يتعلق بموضوع التوبة من هذه الفوائد، فحاولت جمعها مما يسره الله من كتب العلماء رحمهم الله تعالى.
1 _ الاستعجال إلى فعل الخيرات و ترك التسويف :
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (1/136) : "أن الإنسان لا ينبغي له أن يتأخر عن فعل الخير، بل لابد أن يتقدم و لا يتهاون و لا يتكاسل".
2 _ عصمة الله لعباده الصالحين من الوقوع في المعاصي :
قال العلامة بان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/139) : "أن الله سبحانه و تعالى قد يمن على العبد فيعصمه من المعصية إذا علم من قلبه حسن النية".
فإن كعبا رضي الله عنه لما هم أن يزور على رسول الله عليه الصلاة و السلام جلى الله ذلك عن قلبه و أزاحه عن قلبه، و عزم أن يصدق النبي صلى الله عليه و سلم".
3 _ التقوى و مراقبة الله تعصم العبد من المعصية :
قال العلامة ان عثيمين رحمه الله في شرح الرياض (1/140) : "أن كعب بن مالك رضي الله عنه رجل قوي الحجة فصيح، و لكن لتقواه و خوفه من الله امتنع أن يكذب، و أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بالحق".
4 _ عظم أثر المعصية على العبد الصالح :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/155) : "فيها : عظم أمر المعصية، و قد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم عنه قال : ما أكل هؤلاء الثلاثة مالا حراما و لا سفكوا دما حراما و لا أفسدوا في الأرض، أصابهم ما سمعتم و ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فيكف بمن يواقع الفواحش و الكبائر؟".
5 _ البكاء على المعصية :
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/156) : "استحباب بكاء العاصي أسفا على ما فاته من الخير".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/110) : "استحباب بكائه على نفسه إذا وقع منه معصية".
6 _ فضل الصدق :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/156) : "و فيها فائدة الصدق و شوم الكذب".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/156) : "و فيها عظم مقدار الصدق في القول و الفعل، و تعليق سعادة الدنيا و الآخرة و النجاة من شرهما به".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/110) : "فضيلة الصدق و ملازمته، و إن كان فيه مشقة، فإن عاقبته خير".
7 _ تسلية المصاب نفسه بغيره من مثله :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/156) : "و فيها تبريد حر المصيبة بالتأسي بالنظير".
8 _ الصدقة عند التوبة :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (8/156) : "استحباب الصدقة عند التوبة".
9 _ الثبات على سبب التوبة :
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/112) : "أنه يستحب لمن تاب بسبب من الخير أن يحافظ على ذلك السبب فهو أبلغ في تعظيم حرمات الله كما فعل كعب في الصدق".
10 _ إخبار العبد بتقصير ليتعظ غيره :
قال في العيني عمدة القاري شرح صحيح البخاري (18/71) : "و فيه جواز إخبار المرء عن تقصيره و تفريطه".
و هذا آخر السلسلة التي أسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه، في ميزان حسنات عبده، نافعة لإخوانه.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد، و على آله و صحبه أجمعين.
و الحمد لله رب العالمين.
يوسف صفصاف
19 رجب 1437
28 أفريل 2016


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 15 Jan 2018 الساعة 02:09 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 Apr 2016, 10:42 AM
أبو معاذ محمد مرابط
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

بارك الله فيك أخي يوسف
سلسلة رائعة ومشوقة سلمت يمينك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 Apr 2016, 02:48 PM
أبو ميمونة منور عشيش أبو ميمونة منور عشيش غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: أم البواقي / الجزائر
المشاركات: 582
افتراضي

جعلها الله في ميزان حسناتك أخي يوسف، أسأل الله تعالى أن يزيدك علمًا وعملًا، وأن ينفع بك أيّها الفاضل..
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 Apr 2016, 10:04 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك أخي يوسف .
وأن تسرنا وتسرك يوم القيامة .
عن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار))
قال الألباني ( حسن ) صحيح الترغيب والترهيب [ جزء 2 - صفحة 125 ]
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01 May 2016, 06:07 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

بارك الله فيكم إخوتي الأفاضل، وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تزكية, رقائق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013