منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20 Jul 2014, 04:54 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي صفة إحياء الليل بالعبادة في ليالي العشر على ما يوافق الهدي الأكمل

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه أمَّا بعد:


فإنَّ العبادة في ليلة القدر من أعظم منن الله تعالى على أمَّة الإسلام، وذلك أنَّ الأجر فيها مضاعفٌ مضاعفةً كبيرةً جدًّا، فهي خيرٌ من ألف شهر، لكن كثيرًا من النَّاس لا يحسن زيادةً على التَّراويح أن يتعبد فيها في ليالي العشر طلبا لإصابتها ، فلذلك اعتاض النَّاس بالهدي الصَّالح ولزوم السنَّة بصلاةٍ غير مشروعة على الصَّحيح من قوليْ أهل العلم، وهي الَّتي يسمُّونها التَّهجُّد، وكان من مضى يسمُّونها التَّعقيب، يرجع النَّاس إلى المسجد بعد أن يصلُّوا التَّراويح والوتر، فيصلُّون، وقد سئل عنها أنس بن مالك رضي الله عنه عن هذه الصَّلاة فلم ير بها بأسًا وقال: «إنَّما يرجعون إلى خير»، فلذلك لم يكرهها الإمام أحمد رحمه الله في إحدى الرِّوايتين عنه، وكرهها في رواية أخرى، واختلف أصحابه في أيِّ الرِّوايتين أولى بالتَّقديم، ولا يُعرف لغير الإمام أحمد رحمه الله الأئمَّة المتبوعين كلامٌ فيها.
وقد قدَّمت أنَّ الصَّحيح من القولين أنَّ التَّعبُّد على ذلك الوجه غير مشروع لأمور:


منها أنَّ عمر رضي الله عنه قال لمَّا جمع النَّاس على صلاة التراويح: «نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل»، قصد بالتي ينامون عنها صلاة آخر الليل، ومع علمهم بفضلها إلَّا أنَّهم قاموا أوَّل اللَّيل لأنَّه أرفق بالنَّاس وأيسر عليهم وأدعى لاجتماعهم ونشاطهم. فالسَّلف أعلم بمواقع الخير وأحرص عليه، ومع ذلك لم يكونوا يتهجَّدون على هذا النَّحو، وقد حكى ابن ابي شيبة في «المصنَّف» ومحمَّد بن نصر في «قيام اللَّيل» كراهتَها عن الحسن وقتادة وسعيد بن جبير.



ومنها أنَّهم يوترون وهو يعلمون أنَّهم سيرجعون إلى الصَّلاة بعد الوتر، وهذا خلافُ الهدي النَّبوي، فقد أمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُجعل الوتر آخر الصَّلاة باللَّيل، مع الصَّلاة بعد الوتر على خلاف هذه الهيئة الَّتي يفعل النَّاس جائزة في بعض الأحوال، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «الشَّرح الممتع» بعد أن ذكر هذا المحذور ـ أعني التَّنفُّل بعد الوترـ: «ولهذا كان القولُ الرَّاجحُ أنَّ التَّعقيب المذكور مكروه، وهذا القولُ إحدى الرِّوايتين عن الإمام أحمد رحمه الله» اهـ.


أمَّا ما يفعله بعضهم من أنَّه يترك الوتر مع الإمام فينصرف قبله فإنَّه يضيِّع سنَّة أخرى هي أن يثبت مع إمامه حتَّى ينصرف ليكتب له قيام ليلةٍ كما صحَّ بذلك الخبر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.


فلهذا فالهدي الأكمل لمن أراد أن يحيي ليالي العشر كلَّها أحدُ وجهين:
الوجه الأوَّل: أن يصلِّي العشاء في جماعة في المسجد، ثمَّ ينصرف إلى بيته ليصلِّي باللَّيل ليستغرق اللَّيل كلَّه في الصَّلاة إذا وثق من نفسه وقدرته على ذلك، ويستحبُّ له حينذاك أن يصلِّي إحدى عشرة ركعة يطوِّل فيها القراءة والرُّكوع والسُّجود، وإذا قرأ آية رحمةٍ دعا وسأل الله من فضله، أو آية عذابٍ تعوَّذ.
ويستمرُّ على ذلك الحال إلى أن يوتر وقتَ السَّحور فيتسحَّر، ثمَّ يخرج إلى المسجد فيصلِّيَ الصُّبح في جماعة فيكتب له قيام ليلةٍ بصلاته العشاء والصُّبح في جماعة تلك اللَّيلة، فيكون قد حصَّل أجرَ قيام تلك اللَّيلة مرَّتين.



الوجه الثَّاني: أن يصلِّيَ مع الإمام العشاء ثمَّ التَّراويح حتَّى ينصرف إمامه فيكتب له بذلك قيام ليلة، ثمَّ يجتهد فيما بقي من ليلته في قراءة القرآن بتدبُّرٍ، ويجتهد في الدُّعاء في مواضعه على حسب ما تقدَّم إلى وقت السحور، فيتسحَّر ثمَّ يصلِّي الصُّبح في جماعة، فتكتب له قيام ليلة أخرى كونَه صلَّى الصُّبح والعشاء في جماعة، ويبقى قراءته ودعاؤه فضلًا زائدًا على الوجه الأوَّل.


لكن مَن كان لا يحسن قراءة القرآن ولا يحفظ منه ما يقرأ بظهر الغيب أو عرف من نفسه ضعفًا على إحياء اللَّيل في بيته، وأراد أن يصلِّيَ بصلاة النَّاس آخر اللَّيل (التهجُّد) فالأحسن له أن يصلِّيَ مع الإمام حتَّى ينصرف، ولا يسلِّم بتسليمه من الوتر، بل يشفع وترَه بركعة أخرى ثمَّ يصلِّي التَّهجُّد مع من يصلِّي إن شاء، ولا يُمنع من ذلك، لأنَّه خير لا يمكنه أن يحصِّله بما هو أفضل منه، فصلاته مع النَّاس خيرٌ من إخلاده إلى النَّوم، أو السَّمرِ في اللَّغو، ويظهر لي أنَّ هذا الصِّنف من النَّاس هم من رخَّص أنس رضي الله عنه في فعلهم وكره نهيهم عنه، لئلا ينزلوا إلى غيره ممَّا هو دونه من الأحوال المفضولة، وفي الأثر إشارةٌ إلى هذا.


آخـرُه، وقد كتبتُ هذا على عجلٍ لئلَّا يتأخَّر عن أوانه، فلهذا يظهر عليه نقصٌ في التَّحرير، فمن وقف على زيادةٍ أو إفادةٍ أو تصويبٍ فليكرمنا به، والله تعالى أعلم، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه.

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالات, خالد حمودة, خالدحمودة, رمضان, قيام الليل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013