منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 09 Jun 2014, 12:06 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر ( حديث شيق )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده لا شريك له ، والصلاة والسلام على من لا متبوع سواه ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد :


هذا حديث من الأحاديث الطويلة الشيقة للإمام مسلم ، ذكره في كتاب الزهد والرقائق وعنونه بـ: - باب حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر. فأعجبني جدا الحديث وما فيه من فوائد وعبر ،فانتقيته لكم عسى أن ينفعنا وينفعكم.
ومع شرح بعض العبارات للشيخ عبد العزيز الراجحي ، وشرح صحيح مسلم للنووي تتضح الألفاظ و يفهم الحديث إن شاء الله.


بَاب حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ وَقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ

حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ وَالسِّيَاقُ لِهَارُونَ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ (1) صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ (2) مَعَهُ ضِمَامَةٌ (3) مِنْ صُحُفٍ وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ (4) وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيَّ فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا عَمِّ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً (5) مِنْ غَضَبٍ قَالَ أَجَلْ كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ (6) مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ (7) فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ (8) قَالُوا لَا فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ (9) فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قَالَ سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ (10) أُمِّي فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَيَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ اخْتَبَأْتَ مِنِّي قَالَ أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا قَالَ قُلْتُ آللَّهِ (11) قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قُلْتُ آللَّهِ قَالَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ (12) قَالَ (13) فَقُلْتُ لَهُ أَنَا يَا عَمِّ لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ (14) وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ يَا ابْنَ أَخِي بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ أَطْعِمُوهُمْ (15) مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ (16) وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ قَالَ فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الْأَحْمَقُ (17) مِثْلُكَ فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ (18) فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَخَشَعْنَا ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَخَشَعْنَا ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْنَا لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ فَلَا يَبْصُقَنَّ (19) قِبَلَ وَجْهِهِ (20) وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى (21) فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ أَرُونِي عَبِيرًا فَقَامَ فَتًى مِنْ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِخَلُوقٍ (22) فِي رَاحَتِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ.

فَقَالَ جَابِرٌ فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمْ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ (23) وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ وَكَانَ النَّاضِحُ (24) يَعْقُبُهُ (25) مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ (26) عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ شَأْ (27) لَعَنَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ قَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ انْزِلْ عَنْهُ فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ (28) لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا (29) مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ (30) وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ (31) الْحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا قَالَ جَابِرٌ فَقُمْتُ فَقُلْتُ هَذَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْرِ فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ سَجْلًا (32) أَوْ سَجْلَيْنِ ثُمَّ مَدَرْنَاهُ ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ (33) فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَأْذَنَانِ قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشْرَعَ (34) نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ شَنَقَ (35) لَهَا فَشَجَتْ (36) فَبَالَتْ ثُمَّ عَدَلَ بِهَا (37) فَأَنَاخَهَا ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ (38) ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّإِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ (39) فَنَكَّسْتُهَا ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا ثُمَّ تَوَاقَصْتُ (40) عَلَيْهَا ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ (41) ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ (42) فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي (43) وَأَنَا لَا أَشْعُرُ ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ فَقَالَ هَكَذَا (44) بِيَدِهِ يَعْنِي شُدَّ وَسَطَكَ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا جَابِرُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ (45) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً (46) فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ وَكُنَّا (47) نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا (48) وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ (49) أَشْدَاقُنَا فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْمًا فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا فَأُعْطِيَهَا فَقَامَ فَأَخَذَهَا سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ (50) فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ (51) الْوَادِي فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ (52) مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ (53) بَيْنَهُمَا يَعْنِي جَمَعَهُمَا فَقَالَ الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَالْتَأَمَتَا قَالَ جَابِرٌ فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ (54) مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ فَيَتَبَعَّدَ فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ (55) فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدْ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ (56) فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا.

وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا فَأَقْبِلْ بِهِمَا حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ قَالَ جَابِرٌ فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ فَانْذَلَقَ لِي فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَمَّ ذَاكَ قَالَ إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ (57) رَطْبَيْنِ قَالَ فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ فَقُلْتُ أَلَا وَضُوءَ أَلَا وَضُوءَ أَلَا وَضُوءَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ (58) لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ (59) مِنْ جَرِيدٍ قَالَ فَقَالَ لِيَ انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَ فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً (60) فِي عَزْلَاءِ (61) شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ (62) يَابِسُهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ قَالَ اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَيَغْمِزُهُ (63) بِيَدَيْهِ ثُمَّ أَعْطَانِيهِ فَقَالَ يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ فَقُلْتُ يَا جَفْنَةَ (64) الرَّكْبِ فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ وَقَالَ خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَيَّ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ بِاسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ فَارَتْ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ فَقَالَ يَا جَابِرُ نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ قَالَ فَأَتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا (65).

قَالَ فَقُلْتُ هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنْ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ فَقَالَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ فَأَتَيْنَا سِيفَ (66) الْبَحْرِ فَزَخَرَ (67) الْبَحْرُ زَخْرَةً فَأَلْقَى دَابَّةً فَأَوْرَيْنَا (68) عَلَى شِقِّهَا النَّارَ فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا قَالَ جَابِرٌ فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِي حِجَاجِ (69) عَيْنِهَا مَا يَرَانَا أَحَدٌ حَتَّى خَرَجْنَا فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ كِفْلٍ (70) فِي الرَّكْبِ فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ (71).


-------------------------------------------------------------------------
1- أبا اليسر بفتح الثناة وفتح السين المهملة.
2- أي: عبد له مملوك.
3- رزمة من صحف.
4- معافري -بفتح الميم-: نسبة إلى بلدة باليمن تأتي منها الثياب المعافرية.
5- أي: علامة وتغير.
6- الحرامي نسبة إلى بني حرام بطن من الأنصار.
7- فيه مشروعية السلام عند الاستئذان على أهل شخص.
8- ثَمَّ هو: على حذف حرف الاستفهام والتقدير أثم هو.
9- الجفر هو الذي قارب البلوغ.
10- السرير الذي في الحجلة.
11- آلله الأولى بهمزة ممدودة على الاستفهام وأصلها أألله، والثانية: (الله) -بلا مد-: جواب استفهامه، والهاء منها مكسورة على المشهور والأكثر من أهل العربية، وقيل: بفتحها معا، ولا يجيزه أكثر أهل العربية.
12- هذا فيه فضل عظيم لمن أنظر معسرا، أو وضع عنه.
13- والضمير في (ظله) يعود إلى الله، وعليه فالظل وصف الله فهو من صفاته.
14- هكذا في جميع النسخ بالواو، ووجه الكلام وصوابه أن يقول: أو أخذت "بأو"؛ لأن المقصود أن يكون على أحدهما بردتان وعلى الآخر معافريان.
15- أي: الأرقاء.
16- هذا هو الأفضل في كسوة الرقيق وطعامه: أن يطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس، ومثله ما ثبت عن أبي ذر -رضي الله عنه-: أن عليه حلة وعلى غلامه مثلها فهذا هو الأفضل، ولكنه ليس بواجب، ويكسى مثل أمثاله، لما ثبت في الصحيح: للمملوك طعامه وكسوته وفي الحديث الآخر: ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم .
17- أي: الجاهل.
18- ابن طاب: نوع من تمر المدينة
19- فيه تحريم بصق المصلي من أمامه، أو عن يمينه، وجواز عن يساره تحت رجله اليسرى في غير المسجد، فإن كان في المسجد، ففي ثوبه أو منديل.
20- فيه أن الله أمام المصلي؛ لأنه بناحية وهو فوقه وفوق العرش.
21- فيه تحريم بصق المصلي من أمامه، أو عن يمينه، وجواز عن يساره تحت رجله اليسرى في غير المسجد، فإن كان في المسجد، ففي ثوبه أو منديل.
22- الخلوق: طيب من أنواع مختلفة.
23- بواط: جبل من جبال جهينة
24- الناضح: البعير الذي يستقى عليه.
25- العقبة -بضم العين-: هي ركوب هذا نوبة وهذا نوبة.
26- تلدّن أي: تلكّأ وتوقّف.
27- شأ -بشين مفتوحة بعدها همزة ساكنة-: كلمة زجر للبعير.
28- ولم تزل ملكية صاحبة له، بل هو في ملكه، لكنه نهاه عن صحبتهم في تلك الساعة.
قوله: انزل عنه، لا تصحبنا بملعون أمره بالنزول عنه وعدم مصاحبته تعزيرا له وزجرا له ولغيره، ولكن ملكه لم يزل عنه، بل هو في ملكه، وكذا بقية التصرفات، من بيعه وذبحه وركوبه، وإنما النهي عن مصاحبته للنبي، وقد سبق قصة الجارية التي لعنت ناقتها فقال النبي: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة .
في كتاب (البر والصلة)، باب "النهي عن لعن الدواب" جـ16 صـ147.
29- فيه النهي عن الدعاء على الأنفس والأولاد والأموال، وعلل النهي بأن الدعاء قد يوافق ساعة إجابة.
30- أصلها عُشَيَّة، تصغير عَشية، فأبدلت إحدى الياءين شينا.
31- يطينه ويصلحه.
32- السجل: الدلو المملوء.
33- ملأناه.
34- أرسل رأسها في الماء لتشرب.
35- كفها بزمامها.
36- رفعت رجليها للبول.
37- مال بها.
38- جواز الوضوء من الماء الذي شربت منه الإبل وغيرها من الحيوانات الطاهرة، وأنه لا كراهة فيه ولو كان دون القلتين.
39- أي: أهداب وأطراف.
40- أي: أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط.
41- فيه أن المأموم الواحد يقف عن يمين الإمام، وفيه أنه إذا قف عن يساره أداره الإمام عن يمينه من خلفه، وفيه أنه يبنى على صلاته بعد إدارة الإمام له عن يمينه، وفيه جواز العمل اليسير في الصلاة، وفيه أن العمل في الصلاة إذا كان لحاجة فلا يكره.
42- فيه أن الاثنين يكونان صفا وراء الإمام، وفيه أنها إذا وقفا عن يمينه أو يساره، يأخذ الإمام بينهما ويقيمها خلفه، خلافا للصحابي عبد الله بن مسعود وصاحبته الذين يرون أن الإمام يقف بينهما.
43- فيه جواز الرمق والنظر المتتابع في الصلاة، وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة.
44- فيه جواز الإشارة في الصلاة، وأنه كراهة فيها للحاجة.
45- حقوك -بفتح الحاء-: مقعد الإزار، وفيه جواز الصلاة في الثوب الواحد إذا كان ساترا للعورة، وأنه إذا كان ضيقا اتزر به، وإن كان واسعا خالف بين طرفيه على عاتقيه.
46- تمرة واحدة تنفع يمصها، ثم يشرب عليها الماء، وفيه بيان ما أصاب الصحابة من الشدة، لكنهم صبروا وجاهدوا في سبيل الله ونشروا دين الله فأفلحوا.
47- نضرب الشجر ليتحاتّ ورقه فنأكلة.
48- قسينا جمع قوس.
49- أي: تجرحت من خشونة الورق وحرارته.
50- أي: واسعا.
51- أي: جانبيه.
52- نصف المسافة.
53- أي: جمع.
54- أي: أعدو وأسعى سعيا شديدا، وهو بضم الهمزة وإسكان الحاء وكسر الضاد.
55- أي: نظرة إلى جانب. وقوله: حانت، أي: وقعت. ورواه بعضهم: حالت، وهي بمعنى حانت.
56- وهذا فيه معجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ودليل من دلائل نبوته.
57- وهذه قصة ثانية للنبي -صلى الله عليه وسلم- في وضع غصنين على القبرين، والقصة الأخرى فيه أنه جعل جريدتين غرز في كل قبر واحدة، وقال: لعله يخفف عنهما ما لم يلبسا كما في حديث ابن عباس.
58- جمع شجب، وهو السقاء اليابس.
59- أي: أعواد تعلق عليها أسقية الماء.
60- أي: يسيرا.
61- فم القربة.
62- أي: لأشتفه اليابس منه.
63- أي: يعصره.
64- أي: يا صاحب جفنة الركب، فحذف المضاف للعلم به.
65- وهذه معجزة أخرى للنبي -صلى الله عليه وسلم- في تكثير الماء، وحصل هذا للنبي -صلى الله عليه وسلم- مرات، حصل في الحديبية وفي غيرها.
66- سيف البحر -بكسر السين- أي: ساحلة.
67- زخر أي: علا موجه.
68- أورينا أي: أوقدنا.
69- هو عظمها المستدير بها.
70- الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط.
71- وهذه القصة غير القصة التي حصلت لأبي عبيدة فإن هذه القصة فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتلك سرية ليس فيها رسول الله، وأكل منها الصحابة شهرا، أو ثمانية عشر يوما حتى سمنوا، ودخل في نقب عينها اثنا عشر رجلا، وهذه القصة دخل في حجاج عينها.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09 Jun 2014, 12:08 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

شرح الحديث : شرح النووي لصحيح مسلم.

قوله : ( عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة ) هو بحاء مهملة مفتوحة ثم زاي ثم راء ثم هاء . وأبو اليسر بفتح الياء المثناة تحت والسين المهملة ، واسمه كعب بن عمرو ، شهد العقبة وبدرا وهو ابن عشرين سنة ، وهو آخر من توفي من أهل بدر رضي الله عنهم ، توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين .

قوله : ( ضمامة من صحف ) هي بكسر الضاد المعجمة أي رزمة يضم بعضها إلى بعض ، هكذا وقع في جميع نسخ مسلم : ضمامة ، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ . قال القاضي : وقال بعض شيوخنا : صوابه ( إضمامة ) بكسر الهمزة قبل الضاد . قال القاضي : ولا يبعد عندي صحة ما جاءت به الرواية هنا ، كما قالوا : صنارة وإصنارة لجماعة الكتب ، ولفافة لما يلف فيه الشيء . هذا كلام القاضي .

وذكر صاحب نهاية الغريب أن الضمامة لغة في الإضمامة ، والمشهور في اللغة إضمامة بالألف .

قوله : ( وعلى أبي اليسر بردة ومعافري ) البردة شملة مخططة ، وقيل : كساء مربع فيه صغر يلبسه الأعراب ، وجمعه البرد والمعافري بفتح الميم نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر ، وقيل : هي [ ص: 423 ] نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية ، والميم فيه زائدة .

قوله : ( سفعة من غضب ) هي بفتح السين المهملة وضمها ، لغتان ، وبإسكان الفاء ، أي علامة وتغير .

قوله : ( كان لي على فلان بن فلان الحرامي ) قال القاضي : رواه الأكثرون ( الحرامي ) بفتح الحاء وبالراء نسبة إلى بني حرام ، ورواه الطبري وغيره بالزاي المعجمة مع كسر الحاء ، ورواه ابن ماهان ( الجذامي ) بجيم مضمومة وذال معجمة .

قوله : ( ابن له جفر ) الجفر هو الذي قارب البلوغ ، وقيل : هو الذي قوي على الأكل ، وقيل : ابن خمس سنين .

قوله : ( دخل أريكة أمي ) قال ثعلب : هي السرير الذي في الحجلة ، ولا يكون السرير المفرد .

وقال الأزهري : كل ما اتكأت عليه فهو أريكة .

قوله : ( قلت : آلله قال : الله ) الأول بهمزة ممدودة على الاستفهام ، والثاني بلا مد ، والهاء فيهما مكسورة ، هذا هو المشهور . قال القاضي : رويناه بكسرها وفتحها معا . وأكثر أهل العربية لا يجيزون غير كسرها .

[ ص: 424 ] قوله : ( بصر عيني هاتين وسمع أذني هاتين ) هو بفتح الصاد ورفع الراء ، وبإسكان ميم ( سمع ) ، ورفع العين . هذه رواية الأكثرين . ورواه جماعة بضم الصاد وفتح الراء عيناي هاتان ، وسمع بكسر الميم أذناي هاتان ، وكلاهما صحيح ، لكن الأول أولى .

قوله : ( وأشار إلى مناط قلبه ) هو بفتح الميم ، وفي بعض النسخ المعتمدة : ( نياط ) بكسر النون ، ومعناهما واحد ، وهو عرق معلق بالقلب .

قوله ( فقلت له : يا عم لو أنك أخذت بردة غلامك ، وأعطيته معافريك ، وأخذت معافريه ، وأعطيته بردتك ، فكانت عليك حلة ، وعليه حلة ) هكذا هو في جميع النسخ : وأخذت بالواو ، وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ والروايات ، ووجه الكلام وصوابه أن يقول : أو أخذت ( بأو ) ; لأن المقصود أن يكون على أحدهما بردتان ، وعلى الآخر معافريان . وأما الحلة فهي ثوبان إزار ورداء . قال أهل اللغة : لا تكون إلا ثوبين ، سميت بذلك لأن أحدهما يحل على الآخر ، وقيل : لا تكون إلا الثوب الجديد الذي يحل من طيه .

قوله : ( وهو يصلي في ثوب واحد مشتملا به ) أي ملتحفا اشتمالا ليس باشتمال الصماء المنهي عنه .

وفيه دليل لجواز الصلاة في ثوب واحد مع وجود الثياب ، لكن الأفضل أن يزيد على ثوب عند الإمكان ، وإنما فعل جابر هذا للتعليم كما قال .

قوله : ( أردت أن يدخل علي الأحمق مثلك ) المراد بالأحمق هنا الجاهل ، وحقيقة الأحمق من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه . وفي هذا جواز مثل هذا اللفظ للتعزير والتأديب ، وزجر المتعلم وتنبيهه ، ولأن لفظة الأحمق والظالم قل من ينفك من الاتصاف بهما ، وهذه الألفاظ هي التي يؤدب بها المتقون والورعون من استحق التأديب والتوبيخ والإغلاظ في القول ; لأن ما يقوله غيرهم من ألفاظ السفه .

قوله ( عرجون ابن طاب ) سبق شرحه قريبا ، وسبق أيضا مرات ، وهو نوع من التمر ، والعرجون الغصن .

قوله : ( فخشعنا ) هو بالخاء المعجمة ، كذا رواية الجمهور ، ورواه جماعة بالجيم ، وكلاهما صحيح ، والأول من الخشوع ، وهو الخضوع والتذلل والسكون ، وأيضا غض البصر ، وأيضا الخوف . وأما الثاني فمعناه الفزع .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله قبل وجهه ) قال العلماء : تأويل أي الجهة التي عظمها ، أو الكعبة التي عظمها قبل وجهه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن عجلت به بادرة ) أي غلبته بصقة أو نخامة بدرت منه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( أروني عبيرا فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله ، فجاء بخلوق ) قال أبو عبيد : [ ص: 425 ] العبير بفتح العين وكسر الموحدة عند العرب هو الزعفران وحده . وقال الأصمعي : هو أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران . قال ابن قتيبة : ولا أرى القول إلا ما قاله الأصمعي . والخلوق بفتح الخاء هو طيب من أنواع مختلفة يجمع بالزعفران ، وهو العبير على تفسير الأصمعي ، وهو ظاهر الحديث ، فإنه أمر بإحضار عبير ، فأحضر خلوقا ، فلو لم يكن هو لم يكن ممتثلا .

وقوله : ( يشتد ) أي يسعى ويعدو عدوا شديدا .

في هذا الحديث تعظيم المساجد وتنزيهها من الأوساخ ونحوها .

وفيه استحباب تطييبها .

وفيه إزالة المنكر باليد لمن قدر ، وتقبيح ذلك الفعل باللسان .

قوله : ( في غزوة بطن بواط ) هو بضم الباء الموحدة وفتحها ، والواو مخففة ، والطاء مهملة . قال القاضي رحمه الله تعالى : قال أهل اللغة هو بالضم ، وهي رواية أكثر المحدثين ، وكذا قيده البكري ، وهو جبل من جبال جهينة . قال : ورواه العذري رحمه الله تعالى بفتح الباء ، وصححه ابن سراج .

قوله : ( وهو يطلب المجدي بن عمرو ) هو بالميم المفتوحة وإسكان الجيم ، هكذا في جميع النسخ عندنا ، وكذا نقله القاضي عن عامة الرواة والنسخ . قال : وفي بعضها ( النجدي ) بالنون بدل الميم . قال : والمعروف الأول ، وهو الذي ذكره الخطابي وغيره .

قوله : ( الناضح ) هو البعير الذي يستقى عليه . وأما العقبة بضم العين فهي ركوب هذا نوبة ، وهذا نوبة . قال صاحب العين : هي ركوب مقدار فرسخين .

وقوله : ( وكان الناضح يعقبه منا الخمسة ) هكذا هو في رواية أكثرهم : ( يعقبه ) بفتح الياء وضم القاف ، وفي بعضها : ( يعتقبه ) بزيادة تاء وكسر القاف ، وكلاهما صحيح . يقال : عقبه واعتقبه ، واعتقبنا وتعاقبنا ، كله من هذا .

قوله : ( فتلدن عليه بعض التلدن ) أي تلكأ وتوقف .

قوله : ( شأ لعنك الله ) هو بشين معجمة بعدها همزة ، هكذا هو في نسخ بلادنا ، وذكر القاضي رحمه الله تعالى أن الرواة اختلفوا فيه ، فرواه بعضهم بالشين المعجمة كما ذكرناه . وبعضهم بالمهملة . قالوا : وكلاهما كلمة زجر للبعير ، يقال منهما شأشأت بالبعير ، بالمعجمة والمهملة إذا [ ص: 426 ] زجرته وقلت له شأ . قال الجوهري وسأسأت بالحمار بالهمز أي دعوته وقلت له تشؤ بضم التاء والشين المعجمة وبعدها همزة . وفي هذا الحديث النهي عن لعن الدواب ، وقد سبق بيان هذا مع الأمر بمفارقة البعير الذي لعنه صاحبه .

قوله : ( حتى إذا كان عشيشية ) هكذا الرواية فيها على التصغير مخففة الياء الأخيرة ساكنة الأولى . قال سيبويه : صغروها على غير تكبيرها ، وكان أصلها عشية ، فأبدلوا من إحدى الياءين شينا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( فيمدر الحوض ) أي يطينه ويصلحه .

قوله : ( فنزعنا في الحوض سجلا ) أي أخذنا وجبذنا . والسجل بفتح السين وإسكان الجيم الدلو المملوءة ، وسبق بيانها مرات .

قوله : ( حتى أفهقناه ) هكذا هو في جميع نسخنا ، وكذا ذكره القاضي عن الجمهور . قال : وفي رواية السمرقندي : أصفقناه بالصاد ، وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن رواية مسلم ، ومعناهما ملأناه .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( أتأذنان ؟ قلنا : نعم ) هذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم لأمته الآداب الشرعية والورع والاحتياط والاستئذان في مثل هذا ، وإن كان يعلم أنهما راضيان ، وقد أرصدا ذلك له صلى الله عليه وسلم ، ثم لمن بعده .

قوله : ( فأشرع ناقته فشربت ، فشنق لها فشجت فبالت ) معنى ( أشرعها ) أرسل رأسها في الماء لتشرب ، ويقال : شنقها وأشنقها أي كففتها بزمامها وأنت راكبها . وقال ابن دريد : هو أن تجذب زمامها حتى تقارب رأسها قادمة الرحل .

وقوله : ( فشجت ) بفاء وشين معجمة وجيم مفتوحات الجيم مخففة والفاء هنا أصلية يقال : فشج البعير إذا فرج بين رجليه للبول ، وفشج بتشديد الشين أشد من فشج بالتخفيف . قاله الأزهري وغيره : هذا الذي ذكرناه من ضبطه هو الصحيح الموجود في عامة النسخ ، وهو الذي ذكره الخطابي والهروي وغيرهما من أهل الغريب ، وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين : فشجت بتشديد الجيم ، وتكون الفاء زائدة للعطف . وفسره الحميدي في غريب الجمع بين الصحيحين له قال : معناه قطعت الشرب من قولهم : شججت المفازة إذا قطعتها بالسير . وقال القاضي : وقع في رواية العذري : ( فثجت ) بالثاء المثلثة والجيم . قال : ولا معنى لهذه الرواية ، ولا [ ص: 427 ] لرواية الحميدي .

قال : وأنكر بعضهم اجتماع الشين والجيم ، وادعى أن صوابه ( فشحت ) بالحاء المهملة من قولهم : شحا فاه إذا فتحه ، فيكون بمعنى تفاجت ، هذا كلام القاضي والصحيح ما قدمناه عن عامة النسخ . والذي ذكره الحميدي أيضا صحيح . والله أعلم .

قوله : ( ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحوض فتوضأ منه ) فيه دليل لجواز الوضوء من الماء الذي شربت منه الإبل ونحوها من الحيوان الطاهر ، وأنه لا كراهة فيه ، وإن كان الماء دون قلتين ، وهكذا مذهبنا .

قوله : ( لها ذباذب ) أي أهداب وأطراف ، واحدها ذبذب بكسر الذالين ، سميت بذلك لأنها تتذبذب على صاحبها إذا مشى ، أي تتحرك وتضطرب .

قوله : ( فنكستها ) بتخفيف الكاف وتشديدها .

قوله : ( تواقصت عليها ) أي أمسكت عليها بعنقي وخبنته عليها لئلا تسقط .

قوله : ( قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ بيدي ، فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، ثم جاء جبار بن صخر . . . إلى آخره ) هذا فيه فوائد منها جواز العمل اليسير في الصلاة ، وأنه لا يكره إذا كان لحاجة ، فإن لم يكن لحاجة كره . ومنها أن المأموم الواحد يقف على يمين الإمام ، وإن وقف على يساره حوله الإمام . ومنها أن المأمومين يكونان صفا وراء الإمام كما لو كانوا ثلاثة أو أكثر ، هذا مذهب العلماء كافة إلا ابن مسعود وصاحبيه ، فإنهم قالوا : يقف الاثنان عن جانبيه .

قوله : ( يرمقني ) أي ينظر إلي نظرا متتابعا .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك ) هو بفتح الحاء وكسرها ، وهو معقد الإزار ، والمراد هنا أن يبلغ السرة .

وفيه جواز الصلاة في ثوب واحد ، وأنه إذا شد المئزر ، وصلى فيه وهو ساتر ما بين سرته وركبته صحت صلاته ، وإن كانت عورته ترى من أسفله لو كان على سطح ونحوه ، فإن هذا لا يضره .

[ ص: 428 ] قوله : ( وكان قوت كل رجل منا كل يوم تمرة فكان يمصها ) هو بفتح الميم على اللغة المشهورة ، وحكي ضمها ، وسبق بيانه .

وفيه ما كانوا عليه من ضيق العيش والصبر عليه في سبيل الله وطاعته .

قوله : ( وكنا نختبط بقسينا ) القسي جمع قوس ، ومعنى نختبط نضرب الشجر ليتحات ورقه فنأكله .

( وقرحت أشداقنا ) أي تجرحت من خشونة الورق وحرارته .

قوله : ( فأقسم أخطئها رجل منا يوما فانطلقنا به ننعشه فشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها ) معنى أقسم أحلف . وقوله : ( أخطئها ) أي فاتته ، ومعناه أنه كان للتمر قاسم يقسمه بينهم فيعطي كل إنسان تمرة كل يوم ، فقسم في بعض الأيام ونسي إنسانا فلم يعطه تمرته ، وظن أنه أعطاه ، فتنازعا في ذلك ، وشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها بعد الشهادة . ومعنى ( ننعشه ) نرفعه ونقيمه من شدة الضعف والجهد . وقال القاضي : الأشبه عندي أن معناه نشد جانبه في دعواه ، ونشهد له .

وفيه دليل لما كانوا عليه من الصبر .

وفيه جواز الشهادة على النفي في المحصور الذي يحاط به .

[ ص: 429 ] قوله : ( نزلنا واديا أفيح ) هو بالفاء أي واسعا ، وشاطئ الوادي جانبه .

قوله ( فانقادت معه كالبعير المخشوش ) هو بالخاء والشين المعجمتين ، وهو الذي يجعل في أنفه خشاش بكسر الخاء ، وهو عود يجعل في أنف البعير إذا كان صعبا ، ويشد فيه حبل ليذل وينقاد ، وقد يتمانع لصعوبته ، فإذا اشتد عليه وآلمه انقاد شيئا ولهذا قال الذي يصانع قائده . وفي هذا هذه المعجزات الظاهرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

قوله : ( حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما ) أما ( المنصف ) فبفتح الميم والصاد ، وهو نصف المسافة ، وممن صرح بفتحه الجوهري وآخرون .

[ ص: 430 ] وقوله : ( لأم ) بهمزة مقصورة وممدودة ، وكلاهما صحيح ، أي جمع بينهما . ووقع في بعض النسخ ( ألام ) بالألف من غير همزة . قال القاضي وغيره : هو تصحيف .

قوله : ( فخرجت أحضر ) هو بضم الهمزة وإسكان الحاء وكسر الضاد المعجمة أي أعدو وأسعى سعيا شديدا .

قوله : ( فحانت مني لفتة ) اللفتة النظرة إلى جانب ، وهي بفتح اللام ، ووقع لبعض الرواة : ( فحالت ) باللام ، والمشهور بالنون ، وهما بمعنى ، فالحين والحال الوقت ، أي وقعت واتفقت وكانت .

قوله : ( وأشار أبو إسماعيل ) وفي بعض النسخ ( ابن إسماعيل ) ، وكلاهما صحيح ، هو حاتم بن إسماعيل ، وكنيته أبو إسماعيل .

قوله : ( فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فانذلق ، فأتيت الشجرتين ، فقطعت من كل واحدة منهما غصنا ) فقوله : ( فحسرته ) بحاء وسين مهملتين والسين مخففة أي أحددته ونحيت عنه ما يمنع حدته بحيث صار مما يمكن قطعي الأغصان به ، وهو معنى قوله : ( فانذلق ) بالذال المعجمة أي صار حادا . وقال الهروي ومن تابعه : الضمير في ( حسرته ) عائد على الغصن أي حسرت غصنا من أغصان الشجرة ، أي قشرته بالحجر . وأنكر القاضي عياض هذا على الهروي ومتابعيه ، وقال : سياق الكلام يأبى هذا ; لأنه حسره ، ثم أتى الشجرة ، فقطع الغصنين ، وهذا صريح في لفظه ، ولأنه قال : فحسرته فانذلق ، والذي يوصف بالانذلاق الحجر لا الغصن ، والصواب أنه إنما حسر الحجر ، وبه قال الخطابي . واعلم أن قوله : ( فحسرته ) بالسين المهملة هكذا هو في جميع النسخ ، وكذا هو في الجمع بين الصحيحين ، وفي كتاب الخطابي والهروي وجميع كتب الغريب ، وادعى القاضي روايته عن جميع شيوخهم لهذا الحرف بالشين المعجمة ، وادعى أنه أصح ، وليس كما قال . والله أعلم .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( يرفه عنهما ) أي يخفف .

[ ص: 431 ] قوله : ( وكان رجل من الأنصار يبرد الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشجاب له على حمارة من جريد ) أما ( الأشجاب ) هنا فجمع ( شجب ) بإسكان الجيم ، وهو السقاء الذي قد أخلق وبلي وصار شنا . يقال : شاجب أي يابس ، وهو من الشجب الذي هو الهلاك ، ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( قام إلى شجب فصب منه الماء ، وتوضأ ) . ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : ( فانظر هل في أشجابه من شيء ) وأما قول المازري وغيره أن المراد بالأشجاب هنا الأعواد التي تعلق عليها القربة فغلط ; لقوله : ( يبرد فيها على حمارة من جريد ) . وأما ( الحمارة ) فبكسر الحاء وتخفيف الميم والراء وهي أعواد تعلق عليها أسقية الماء . قال القاضي : ووقع لبعض الرواة ( حمار ) بحذف الهاء ، ورواية الجمهور ( حماره ) بالهاء ، وكلاهما صحيح ، ومعناهما ما ذكرنا .

قوله : ( فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها لو أني أفرغه شربه يابسه ) قوله : ( قطرة ) أي يسيرا . و ( العزلاء ) بفتح العين المهملة وبإسكان الزاي وبالمد وهي فم القربة . وقوله : ( شربه يابسه ) معناه أنه قليل جدا ، فلقلته مع شدة يبس باقي الشجب ، وهو السقاء ، لو أفرغته لاشتفه اليابس منه ، ولم ينزل منه شيء .

قوله : ( ويغمزه بيديه ) وفي بعض النسخ : ( بيده ) ، أي يعصره .

قوله صلى الله عليه وسلم : ( ناد بجفنة فقلت : يا جفنة الركب ، فأتيت بها ) أي يا صاحب جفنة الركب ، فحذف المضاف للعلم . بأنه المراد ، وأن الجفنة لا تنادى ، ومعناه يا صاحب جفنة الركب التي تشبعهم أحضرها ، أي من كان عنده جفنة بهذه الصفة فليحضرها ، والجفنة بفتح الجيم .

[ ص: 432 ] قوله : ( فأتينا سيف البحر ، فزخر البحر زخرة ، فألقى دابة ، فأورينا على شقها النار ) سيف البحر بكسر السين وإسكان المثناة تحت هو ساحله ، وزخر بالخاء المعجمة أي علا موجه ، وأورينا أوقدنا .

قوله : ( حجاج عينها ) هو بكسر الحاء وفتحها ، وهو عظمها المستدير بها .

قوله : ( ثم دعونا بأعظم رجل في الركب ، وأعظم جمل في الركب ، وأعظم كفل في الركب ، فدخل تحته ما يطأطئ رأسه ) ( الكفل ) هنا بكسر الكاف وإسكان الفاء قال الجمهور : والمراد بالكفل هنا الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط ، فيحفظ الكفل الراكب ، قال الهروي : قال الأزهري : ومنه اشتقاق قوله تعالى : يؤتكم كفلين من رحمته أي نصيبين يحفظانكم من الهلكة ، كما يحفظ الكفل الراكب . يقال منه : تكفلت البعير ، وأكفلته ، إذا أدرت ذلك الكساء حول سنامه ثم ركبته . وهذا الكساء كفل بكسر الكاف وسكون الفاء . وقال القاضي عياض : وضبطه بعض الرواة بفتح الكاف والفاء ، والصحيح الأول . وأما قوله : ( بأعظم رجل ) فهو بالجيم في رواية الأكثرين ، وهو الأصح ، ورواه بعضهم بالحاء ، وكذا وقع لرواة البخاري بالوجهين . وفي هذا الحديث معجزات ظاهرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 Jun 2014, 02:11 AM
طارق بن يوسف الجزائري طارق بن يوسف الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 28
افتراضي

"والضمير في (ظله) يعود إلى الله، وعليه فالظل وصف الله فهو من صفاته."

اختلف العلماء في المراد بالظل على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه ظل العرش.
والقول الثاني: ظل خلقه الله.
والقول الثالث: ظل الله أي أنه صفته.

و أما قول النووي رحمه الله:"قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله قبل وجهه ) قال العلماء : تأويل أي الجهة التي عظمها ، أو الكعبة التي عظمها قبل وجهه . " فهو من التأويل كما هي طريقته.
وهذا كلام الشيخ ابن عثمين من موقعه:


وقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه، ولا عن يمينه ،فإن الله قبل وجهه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه" (1) متفق عليه............

(1) هذا الحديث [178]في إثبات كون الله قبل وجه المصلى:

*" قبل وجهه" يعني : أمامه.

قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) (البقرة:115).

*" يمينه": ورد فيه حديث:" فإن عن يمينه ملكاً"[179] ، ولأن اليمين أفضل من الشمال، فيكون اليسار أولى بالبصاق ونحوه، ولهذا قال" ولكن عن يساره أو تحت قدمه".

فإن كان في المسجد؛ قال العلماء : فإنه يجعل البصاق في خرقه أو منديل أو ثوبه ، ويحك بعضه ببعض، حتى تزول صورة البصاق، وإذا كان الإنسان في المسجد عند الجدار، والجدار قصير عن يساره؛ فإنه يمكن أن يبصق عن يساره إذا لم يؤذ أحداً من المارة.

*يستفاد من هذا الحديث: أن الله تبارك وتعالى أمام وجه المصلي، ولكن يجب أن نعلم أن الذي قال: إنه أمام وجه المصلى؛ هو الذي قال إنه في السماء، ولا تناقض في كلامه هذا وهذا؛ إذ يمكن الجمع من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الشرع جمع بينهما ، ولا يجمع بين متناقضين.

الوجه الثاني: أنه يمكن أن يكون الشيء عالياً، وهو قبل وجهك؛ فها هو الرجل يستقبل الشمس أول النهار، فتكون أمامه وهي في السماء؛ فإذا كان هذا ممكناً في المخلوق؛ ففي الخالق من باب أولى بلا شك.

الوجه الثالث: هب أن هذا ممتنع في المخلوق؛ فإنه لا يمتنع في الخالق؛ لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته.

يستفاد من هذا الحديث من الناحية المسلكية وجوب الأدب مع الله عز وجل ويستفاد أنه متى آمن المصلي بذلك فإنه يحدث له خشوعاً وهيبة من الله عز وجل.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 Jun 2014, 12:06 PM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

بارك الله فيك أخي طارق على ما زدته في الموضوع

مع التنبيه أني بدأت بشرح الشيخ عبد العزيز الراجحي فتنبه له في العدد 19 - 20 قوله :

19- فيه تحريم بصق المصلي من أمامه، أو عن يمينه، وجواز عن يساره تحت رجله اليسرى في غير المسجد، فإن كان في المسجد، ففي ثوبه أو منديل.
20- فيه أن الله أمام المصلي؛ لأنه بناحية وهو فوقه وفوق العرش.

و الإمام النووي نعلم منه تأويل بعض الصفات .

فنرجوا من الشيخ أزهر سنيقرة أو مشرفوا المنتدى تبيين هل نستطيع أن نقول للإمام النووي أنه أشعري أو أنه من أهل السنة عنده بعض الأشعرية. جزاكم الله خيرا.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مسلم, اليسرجابر, حديث

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013