منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 21 Jul 2016, 07:08 PM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي فوز أم خسارة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:


قبل أيام قليلة أعلن عن نتائج شهادة الثانوية {امتحان شهادة البكالوريا}, والمتأمل في أثرها – النتائج - يجد الناس فيها على صنفين : صنف وُفِّفوا للنجاح ففرحوا بنجاحهم وتفوقهم على زملائهم واستبشروا خيرا بعد عام الجد والمثابرة كما أن مقربيهم وذويهم سَعِدوا بهم وبنجاحهم وصنف آخر ذرفت عيونهم ووجلت قلوبهم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت بسبب فشلهم ورسوبهم بعد عام مليء بالهموم والغموم وهؤلاء على قسمين كذلك:
قسم فقد أمل النجاح وبدأ يفكر في مسيرة أخرى غير التي كان فيها وقسم استسلم لقضاء الله وآمن بقدره وعلم أن الأمر بيد الله والله يرزق من يشاء بغير حساب وكان من أثر هذه العقيدة على هذا الصنف أنه لم يفشل ولم يقعد ولم يفقد الأمل ولم ييأس من روح الله بل عزم من يوم علمه بنتيجته على الجد والمثابرة في العام الذي بعد عام الحزن والخسارة .
فهل حقا كان هذا خسارة وكان ذاك فوزا؟ وقد قيل في الامتحان يكرم المرء أو يهان , فأي إكرام وكرم من هذا الفوز وأي إهانة ومهانة من هذه الخسارة ؟
ككل عام وفي شهر سبتمبر يستّعد الطلاب لآخر عام دراسي في المرحلة ما قبل الأخيرة من مسيرتهم, ملابس جديدة ووجوه سعيدة, قلوبهم مليئة بالفرح والسرور وصدورهم كذلك عامرة بالغبطة والحبور, لقاء بعد فراق عناق بعد اشتياق وهكذا هي الصداقة وهكذا هم الأصدقاء, وبعد اللقاء يستعينون برب الأرض والسماء ويعزمون على البقاء زملاء .جد واجتهاد, عزيمة وحزم, همّة عالية ورغبة أكيدة في الفوز والنجاح لكن سرعان ما تضعف همتهم وتنكسر عزيمتهم فيبدأ القلق والهلع وينتشر الخوف والذعر سيما إذا كانت هناك عقبات تعيقهم على إتمام برنامجهم الدراسي في أحسن الظروف , وهكذا تمر الأيام والليالي إلى أن يحين شهر الحزم أعني آخر شهر قبل الامتحان النهائي .
سهر وتعب, أمراض وأوجاع, استغفار ودعاء, برّ وإحسان, صيام وقيام, كله رجاء النجاح وخوفا من الخسارة والفشل.
وهكذا دواليك إلى أن يأتي يوم الفوز للخاسر ويوم الخسارة للفائز .
قد تتعجب أيها القارئ الكريم من هذا الكلام, إذ كيف يعقل أن يفوز الخاسر ويخسر الفائز في يوم الامتحان .
نعم إخواني في الله كم من موقف رأيناه وعايشناه وكم من شخص عرفناه وعاشرناه - قبل نجاحه في امتحان البكالوريا – محافظا على صلاته, مسابقا في الخيرات مسارعا في الأعمال الصالحات, بارا بالوالدين صحبتة صالحة, لسانه ذاكر وقلبه شاكر – والله أعلم بما تخفي الصدور -, قلبه معلق بخير البقاع أعني المساجد بيوت الله, يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار .
أخلاقه أخلاق الصالحين, حياؤه حياء عباد الله المؤمنين, ومع هذا كله فهو يكف الأذى ويبذل الندى يَألف ويُؤْلف.
طباعه محمودة , لا يبحث عن الشر ولا يتفطن له وليس ذلك منه جهلا ولكن كرم وحسن خلق .
يحب لغيره ما يحب لنفسه, يهتم ويألم لأحوال إخوانه .
ليس بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء .
وهذه الخلال والخصال تجعل صاحبها يستبشر خيرا وإن خسر الامتحان عشرات المرات .
لكن للأسف الشديد بعد النجاح في الامتحان سرعان ما ينقلب على وجهه كأنه خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله, تجده مضيّعا للصلوات متّبعا للشهوات ومفرّطا في الأعمال الصالحات, خمول وكسل قلة حياء وسوء خلق, عقوق للوالدين وقطع للرحم .
معاصي ومهلكات كبائر وموبقات , مجون وفسوق , فجور وشرور .
أخلاق سيئة وطباع ممقوتة وصفات قبيحة وخلال مذمومة .
كل ذلك من الخسارة والتي سببها الفوز . ومن هنا نعلم إخوتي في الله أن الخسارة الحقيقة هي الإعراض عن الله، وعن دينه، وعن طاعته، فعن المعرضين عن دين الله يقول سبحانه: ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [آل عمران : 188] .
إي نعم خسارة النفس والأهل هي الخسارة التي ما بعدها خسارة قال سبحانه: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [الزمر:15-16] .
وفي مقابل ذلك نجد كم من شخص خسر في الامتحان فكان الخير فيما اختاره الله, ندم وتوبة, رجوع وإنابة, استقامة بعد انتكاسة, صلاح بعد فساد, خير بعد شر , حياة بعد موت , ألا يحق لنا نقول لهذا : هنيئا هنيئا لك الفوز بعد الخسارة؟ بلى إي والله هو فوز بعد خسارة .
أيها الإخوة في الله ليس الفوز في مُتع زائلة، وأمور فانية، إنما الفوز الحقيقي هو الفوز برضا الله و جنته والنجاة من سخط الله وعقابه .
تأمل معي أخي في الله في هذه الوقفة متذكرًا ومتفكرًا في الفوز العظيم وحقيقته، يقول الله - عز وجل -: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران : 185].
طاعة الله وتقواه وخشيته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام سبب للفوز في الدنيا والآخرة, قال عز وجل: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور : 52]., وهؤلاء الفائزين أعد الله لهم من الخير العظيم والنعيم المقيم ما هو به عليم , يقول الله – تعالى -: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ : 31 - 36]. فما أعظمها من حال! وما أطيبه من مآل ! .
هذا آخر المراد وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 Jul 2016, 12:20 AM
أبوعبدالرحمن عبدالله بادي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

هنيئا هنيئا لك الفوز بعد الخسارة؟

جزاك الله خيرا اخي امين على هاته الخاطرة الرائعة.

▪️قال ابن القيم:

وقال الحسن : لا تكرهوا النقمات الواقعة والبلايا الحادثة فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك ولرب أمر تؤثره فيه عطبك .

[شفاء العليل (350/1)]
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 Jul 2016, 11:18 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أمين البجائي - مقال نافع في وقته -
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 Jul 2016, 01:48 AM
أمين البجائي أمين البجائي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 77
افتراضي

أخواي جابر وعبد الله بارك الله فيكما على مروركما الطيب .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013