معرفة الله – شيخ الإسلام ابن تيمية-
فَإِنَّ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَخَشْيَتِهِ،
وَإِخْلَاصِ الدِّينِ لَهُ، وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ، وَالتَّصْدِيقِ بِأَخْبَارِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ،
مِمَّا يَتَبَايَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَيَتَفَاضَلُونَ تَفَاضُلًا عَظِيمًا،
وَيُقَوِّي ذَلِكَ كُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ تَدَبُّرًا لِلْقُرْآنِ.
وَفَهْمًا، وَمَعْرِفَةً بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَعَظَمَتِهِ،
وَتَفَقُّرِهِ إلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ،
بِحَيْثُ يَجِدُ اضْطِرَارَهُ إلَى أَنْ يَكُونَ تَعَالَى مَعْبُودَهُ وَمُسْتَغَاثَهُ
أَعْظَمَ مِنْ اضْطِرَارِهِ إلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ،
فَإِنَّهُ لَا صَلَاحَ لَهُ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ هُوَ مَعْبُودُهُ الَّذِي يَطْمَئِنُّ إلَيْهِ،
وَيَأْنَسُ بِهِ، وَيَلْتَذُّ بِذِكْرِهِ، وَيَسْتَرِيحُ بِهِ،
وَلَا حُصُولَ لِهَذَا إلَّا بِإِعَانَةِ اللَّهِ،
وَمَتَى كَانَ لِلْقَلْبِ إلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ فَسَدَ وَهَلَكَ هَلَاكًا لَا صَلَاحَ مَعَهُ،
وَمَتَى لَمْ يُعِنْهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُصْلِحْهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِهِ،
وَلَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ.
الفتوى الكبرى -مج 2- ص222-
|