- المجلس الثالث :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتّبع هداه، أمّا بعد:
ففي اللّيلتين الماضيتين كنّا قد فسّرنا
آيات كريمة من سورة الفرقان، وهي الآيات التي
وصف الله بها عباد الرحمن، وهذه الصفات
يجب علينا أن نتحلّى بها، حتّى
يرضى عنّا ربّنا سبحانه وتعالى؛ منها
الواجب، ومنها
المستحب، فلنحرص على هذه الواجبات وهذه المستحبّات ولنتجنّب ما ينافي هذه الصّفات :
{
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً. وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً. وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً. إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً. وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً. وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً. وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} (الفرقان: 63 – 71) .
شرحنا هذه الآيات إلى هنا، ونعيد قراءتها لنذكّركم بها .
{
يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} يقبل الله سبحانه وتعالى توبته، والله يقبل توبة التّائبين، و
يفرح بتوبة التّائبين سبحانه وتعالى؛ لأنّه
أرحم الرّاحمين، و
أرحم بعباده من الوالدة بولدها، ويفرح بالتّوبة أشدّ الفرح، فعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلّها قد أيس من راحلته. فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدّة الفرح: اللّهم أنت عبدي وأنا ربّك. أخطأ من شدّة الفرح)(27)، هذا فرح لا يلحقه فرح، وفرح الله بتوبة عباده أشدّ من هذا الفرح.
الله يفرح بتوبتك ويرحمك ويقبل توبتك ثم لا تتوب؟! يعني تعامل ربّك بأسوأ الأخلاق ؟!
فَتَعَاَمل معه تعامل العبد الكريم مع سيّده الكريم،
العبد الحرّ الشريف النّبيل؛ فإنّك تراعي مشاعر الناس وتتحاشى كثيراً من الإساءات إليهم،
فالله سبحانه وتعالى كيف لا تتحاشى معاصيه والإساءة إليه سبحانه وتعالى؟! وهذه رحمته بك وفرحه بتوبتك فإن استزلّك الشيطان فوقعت في خطأ، في معصية كبيرة أو صغيرة، فبادر بالتّوبة إلى الله تبارك وتعالى.
و
التّوبة إلى الله هي: أن تندم أشدّ النّدم على ما ارتكبت من الذّنب أو الذّنوب؛
تتحسّر، تندم،
تخاف عقوبة الله تبارك وتعالى،
تستشعر جلال الله وعظمته الذي تعصيه، فتدفعك هذه الأحاسيس إلى الإقلاع عن الذّنب.
والشرط الثاني؛
تُقلع عنه، والثالث:
تنوي ألاّ رجعة ولا عودة إلى هذا الذّنب أبدا، تعزم على ذلك أشدّ العزم؛ العزم الأكيد أنّك لا تعود إلى هذا الذّنب؛
فهذه
شروط التّوبة: النّدم، ثم الإقلاع عن الذّنب، ثم العزم على ألاّ تعود .
وإذا كان
الذّنب لمخلوق فـ
عليك بعد هذه الثلاثة أن
تستحله، إن كنت قد وقعت في عرضه تستحله، وإن كنت أخذت ماله فتعيد إليه ماله أو يعفو عنك.
قال تعالى : {
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}
هؤلاء والله هم الكرام؛
لا يشهدون الزور؛ فُسِّر
شهود الزّور بمعنى حضوره، وفُسِّر بـ
عبادة الأوثان والأصنام، فسِّر بـ
الكفر والبغي والمعاصي وغيرها، وفُسِّر بـ
عدم حضور الغناء، وفُسر بـ
عدم شهود مجالس السّوء؛ مثل شرب الخمر وغيره من المعاصي والقمار وما شاكل ذلك، ولعلّ الآية تتناول هذه الأشياء كلّها، فُسّـِر أيضاً بشهادة الزور وهي
الكذب على الغير، وبهته بما ليس فيه، فهم ليسوا من هذا النّمط، ولا من هذا النّوع،
الّذين يقذفون الناس بما ليس فيهم؛ يعني
شهادة الزّور أن تقول في غيرك الباطل، هذه شهادة الزّور.
والرسول عليه الصلاة والسلام اعتبر
شهادة الزور من أكبر الكبائر، فـ
المعاصي فيها
كبائر، و
كبائر الكبائر ومنها
شهادة الزّور؛ قد ت
ؤدّي شهادة الزور إلى سفك الدماء، إلى
هتك الأعراض، لها مضار وعواقب وخيمة جداً، لهذا اعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أكبر الكبائر، {
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (الحج :30 ) سواء شهادة الزّور أو قول الزّور بالكفر والشرك أوالبغي والعدوان والغيبة والنّميمة وما شاكل ذلك.
قرن سبحانه وتعالى
الزّور بالنّهي عن
عبادة الأوثان لشدّة خطره، وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر؟! قلنا:
بلى يا رسول الله. قال: (
الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متّكئًا فجلس -فقال:
ألا وقول الزّور وشهادة الزّور ألا وقول الزّور وشهادة الزّور) (2)، لخطورتها.
وفُسّـِرت الآية بهذه الأمور، وفُسِّرت بما فسّرت به من الأقوال الّتي ذكرناها لكم،
فلا هذا، ولا هذا؛ لأنّهم
عباد الرحمن ولأنهم
شرفاء،
كرماء،
نبلاء. فلا يتعاطون شيئا من ألوان الزّور أبدا؛ لأنّهم
عباد الرّحمن وصفوا بهذه الصّفات النّبيلة التي أثنى الله تبارك وتعالى عليهم بها، فكونوا
عباد الرحمن وكونوا
إخواناً في الله تبارك وتعالى على عبادته وطاعته ومرضاته سبحانه وتعالى.
{
وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}
يسمعون السفه والطيش والسب والشتم واللغو الفارغ يمرون مرّ الكرام كأنهم لم يسمعوا: {
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً}كما في أوّل هذه الآيات؛ إذا مرّ على لعب ولهو أو كذا يمرّ مرّ الكرام، إن كان
يستطيع إنكاره غيَّره،
بيده إن كان مستطيعا ذلك، أو
بلسانه أو
بقلبه، فهذه من صفات عباد الرّحمن فتحلّوا بها؛ يعني إذا سمعت اللّغو والسّفه ورأيت اللّغو والكلام الفارغ فاربأ بنفسك عن التّنازل لمجارات السّفهاء؛ لا تلعب معهم، ولا تدخل معهم في سباب وشتائم؛ لأنّك قريب من عباد الرحمن وهذه إضافة عظيمة جداً حافظ عليها.
{
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً}
الكافر والمغرق في البدع والهوى يسمع آيات الله تتلى عليه فيصرّ مستكبراً كأن لم يسمعها !!
الكافر كافر إلاّ مَن أراد الله له الهداية، و
المبتدع قد يقع في هذا البلاء فتتلو عليه الآيات والأحاديث وكلام العلماء الرّاسخين فيعاند ويكابر،
أصمّ،
أبكم كأنّه لم يسمع وكأنّه لم يبصر سلبت منه هذه الحواس؛
حواس الإدراك، فلا يفقه، ولا يقبل النصيحة والموعظة! بخلاف
عباد الرحمن الّذين وصفهم الله في آيات كثيرة ومنها قوله تبارك وتعالى : {
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.}( الأنفال: 2- 4 )
فهذه أيضا
من صفات عباد الرحمن:
المؤمنون، الكاملو الإيمان؛
إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيماناً، لا يخرّون عليها صمًّا وعمياناً كما يفعله الكفار الأجلاف وأهل البدع الأجلاف أيضا؛ كثير من أهل البدع تُقرَأ عليهم الآيات في أبواب التّوحيد وأبواب الأحكام والحلال والحرام التي يقعون في مخالفتها، وآيات الوعيد فلا يرفعون بذلك رأساً ولا يستفيدون، ولو كان أهل البدع ممّن إذا ذُكِّر بآيات الله يتذَكَّر ويتَّعظ ويزداد إيمانا لمَا بقيَت هذه البدع ولما بقي عليها أهلها قروناً متطاولة.
فـ
المعتزلي مستمرّ على اعتزاله، و
الرافضي مستمرّ على رفضه، و
الخارجي مستمرّ على خارجيّته، و
الصّوفي الغالي مستمرّ في غلوّه، وقد يشتركون في كثير من الضّلالات، و
المرجيء على إرجائه و
كل قبوري على قبوريّته.
تُقرأ عليهم الآيات وتُتْلَى عليهم الأحاديث وتبيّن لهم أقوال العلماء فيستمرّون على بدعهم،
ما السرّ؟!
إنّهم يمرّون عليها
صُماً و
عُمْيَاناً، ليسوا من نوعية
عباد الرحمن الّذين إذا ذُكِّروا يتذكّرون، وإذا وُعِظوا يتَّعظون،
وإذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا وعلى ربّهم يتوكّلون، ويعملون سائر الأعمال الصّالحة التي ذكرت في هذه الآيات من سورة الأنفال، والتي ذكرت في كثير من آيات القرآن الكريم ومنها هذه الآيات التي نتحدث عنها الآن من سورة الفرقان.
فاحرصوا على أن تستسلموا وتنقادوا وتتّصفوا بـ
صفات المؤمنين، و
صفات عباد الرحمن فإذا كنت على خطأ فارجع، وإذا كنت على صواب فازدد إيمانا: {
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}. وإيّاك ثم إيّاك أن تتشبّه بالكافرين الجاحدين، أو بالمبتدعين الضالّين، المعاندين، تتصف بهذه الصفات.
والله إنّ ب
عض السّلفيّين أو المتسلفين ينحرف في جزئية أو كليّة ثم تتلى عليه الآيات والأحاديث وأقوال العلماء
فلا يرجع، فيصبح
أسوأ من أهل البدع، يصبح
أسوأ وأفجر وأخبث من أهل البدع؛ لأنّ فيه شبها بالمرتدّين،
المرتدّ عرف الإسلام وعرف الحقّ ثم انحرف عن الإسلام وارتدّ عنه، فهو
أقبح وأخبث من الكافر الأصلي، وهذا
الّذي كان سلفيا ثم انحرف يكون أقبح من المبتدع الأصيل، وأشدّ عنادا ويدخل في الكذب والبهتان في محاربة الحق وأهله!!
ونحن نعيش من سنوات مع أناس يلبسون
لباس السّلفية وهم أكذب وأفجر من أهل البدع والعياذ بالله! ويقعون في كذب يخجل منه اليهود والنصارى؛
هؤلاء فيهم شبه بالمرتدّين الّذين عرفوا الحق ونابذوه وحاربوا أهله، وأخشى أنّ بعضهم يقع في
الردّة والعياذ بالله، لأنّه عرف الحق وحاربه وأبغضه - والعياذ بالله- وأبغض أهله وحاربهم، فهذا الآن يجري في أناس يرفعون عقيرتهم بأنّهم من السّلف وهم أسوأ من الخلف، وأحطّ أخلاقاً، فاحذروا هذه الأصناف وحذِّروا منها .
تنصحه بالرّجوع إلى الحق وتأتي له بأقوال العلماء وأحكامهم المعضّدة بالأدلة والبراهين،
فيطعنون فيهم ويسقطونهم، يُسقِط الحق وأهله، و
يُسقِط الأدلة والبراهين ويتشبّث بأباطيله.
فاحذروا من هؤلاء أشدّ ممّا تحذرون من أهل البدع، وحذِّروا منهم فإنّهم قد سلكوا أنفسهم في شرّ أنواع أهل البدع - والعياذ بالله -.
ونحن نسأل ونطلب من المخدوعين بهذه الأصناف الرّديئة أن يتّقوا الله في أنفسهم ويتحلّوا بأخلاق المؤمنين وأخلاق عباد الرحمن؛ فلا يصيرون عن الحق صمّاً وعميانا : {
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (البقرة :171 ) .
فهؤلاء المخدوعون مقلِّدون؛
تقليدا أعمى، تقليداً مذموماً، قبيحاً جداً، لا يُعذَرون فيه؛ لأنّهم
يسمعون الحقّ وأدلّته وبراهينه، فيستمرّون في
هذا التّقليد الباطل الذي يشبه تقليد الكفار؛ هؤلاء يقولون يوم القيامة: {
رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} ( الأحزاب : 67- 68 ) وآيات كثيرة وأحاديث في ذمّ هذا التقليد الخبيث.
هناك
تقليد يُعذَر فيه الجاهل؛ يريد الحقّ فلا يعرفه
فيقلّد عالما، تقيًّا، صالحاً، مستقيماً؛ لا يقلِّد الفجّار، تقليد الفجّار لا عذر فيه، وإنّما تبحث عن العالم التّقيّ النـّزيه وأنت جاهل فتسأله امتثالا لقول الله تبارك وتعالى: {
فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل :43)، فهو حريص على الحقّ ويتحرّى المسؤولين؛
مَن يسأل؟! لا يسأل رافضياً، ولا خارجيا، ولا فاجرا، ولا، ولا ،يذهب إلى
العالم بالذّكر بكتاب الله وسُنَّة رسول الله فيسأله؛ لأنّه يريد الحقّ فيجيبه العالم آخذاً حجّته من كتاب الله ومن سُنَّة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو يجتهد في المسألة حسب طاقته هذا يُعذَر، أما الذي يتبع هواه ويقلِّد من يوافق هواه فهذا ليس بمعذور .
فهذا
من صفات عباد الرحمن أنّهم إذا ذُكِّروا بآيات ربّهم
لم يخرّوا عليها صماً وعمياناً بل يتقبّلونها ويبكون عندها وتقشعِّر جلودهم عند ذكرها، وتطمئنّ قلوبهم بذكرها: {
ألاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ( الرعد : 28 )؛ تنشرح الصّدور، وتطمئن القلوب وتقشعر الجلود {
ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ( الزمر : 23 ).
فكونوا من هذه الأنماط الكريمة الرفيعة؛ لأنّ
الله أكرمك بالإسلام، فكن كريماً وفي أخلاقك مع الناس كريماً، وفي أخلاقك مع ربّ العالمين أكرم وأكرم، وأطوع لله سبحانه وتعالى، وأكثر انقيادا له سبحانه وتعالى.
فمن صفات الكافرين وأهل البدع المعاندين الذين يسمعون الآيات والأحاديث والمواعظ والزواجر فيخرّون عليها صمًّا وعمياناً -والعياذ بالله-.
ثم يقول تعالى: {
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}
هم على هذه
الصفات الكاملة الجميلة وعلى هذه
الأخلاق العالية ويطلبون هذا
لغيرهم، يريدون
الخير أن يعمّ، وأن يبدأ هذا الخير
بأسرتهم، فهو لا يرضيه ولا تقرّ عينه أن يرى أسرته واقعة في الانحراف وفي المعاصي، بل
يطلب من الله تبارك وتعالى أن يهب: {
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}. لا تقرّ أعين هؤلاء المؤمنين؛
عباد الرحمن إلاّ بمن يطيع الله تبارك وتعالى، ويستقيم على دينه
عقيدة ومنهجا، ولا تقرّ عينه أبدا ولا تكتحل براحة إن رأى من أهله مَن يعصي الله تبارك وتعالى، أو ينحرف في عقيدته ومنهجه؛
لا يستريح لذلك، قرّة عينه فيما يرضي الله تبارك وتعالى، فيطلب من الله سبحانه وتعالى أن يقرّ عينه
بإيمان واستقامة أقاربه وأسرته، ومع ذلك يدعو إلى الله تبارك وتعالى، ونحن نأخذ صفاتهم لا من هذه الآيات فقط؛ نأخذها من القرآن الكريم ومن سُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام، فلهم صفات عظيمة جداً: {
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ( فصلت : 33- 34 )؛ فهو يدعو إلى الله تبارك وتعالى ولا أحسن من الدّاعي إلى الله، ولا يدعو إلى الله إلاّ عباد الرحمن الصّادقين المخلصين، ويقول تعالى فيهم: {
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ( آل عمران: 110 )؛ هذه من صفاتهم،
هذه من صفات عباد الرحمن، من
صفات المؤمنين الكاملين، لا يقرّون
المنكرات، ويحاولون
إزالتها بقدر ما يستطيعون؛ لأنّ الّذي يقرّ على المنكرات هم اليهود ومَن شابههم فاستحقّوا من الله اللّعنات: {
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ.} ( المائدة : 78- 79 )؛ استحقّوا من الله اللّعنات على ألسنة النّبيّين الكريمين، وسائر الأنبياء لا يخالفونهم؛ لا يخالفونهم أبدا،
فإذا رأيت منكرا: (
مَن رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)(29). وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (
ما من نبيّ بعثه الله في أمّة قبلي إلاّ كان له من أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره، ثم إنّها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)(30) .
و
الجهاد ليس شرطا أن يكون بالسّيف؛ الجهاد يكون باللّسان، بالقلم، بالبيان، بإقامة الحجّة، وهذا جهاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد يستطيع أن يجاهد فيغيِّر بيده، وقد يكون من هؤلاء الخلوف مرتدِّين وعنده قوّة وعنده دولة وعنده شوكة فيجاهدهم كما جاهد شيخ الإسلام التتار، وجاهد الإسماعيلية الباطنية، وجاهد غيرها بالسيف، فقد يكون هؤلاء الخلوف مرتدّين: (
مَن بدّل دينه فاقتلوه)(31) فمَن عنده سلطة وقوّة وشوكة يجاهدهم، يقاتلهم، ويقتلهم؛ إذا امتنعوا عن الزّكاة، امتنعوا عن الصّوم، امتنعوا عن الصّلاة يجاهدهم؛ لأنّ بالإجماع
إذا امتنع قوم من شعيرة من شعائر الإسلام فعلى مَن يمتلك القدرة من السلطان أن يجاهدهم، هذا يدخل في
تغيير المنكر وهو من
صفات المؤمنين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
فكثير من الناس قد يمرّ بالمنكر فلا يحرّك فيه ساكناً، وقد يحبّ أهل هذا المنكر ويشاركهم فهذا يقال فيه: ليس وراء ذلك مثقال ذرّة من إيمان -والعياذ بالله- فإيّاك، إيّاك أن تكون من هذه الأصناف .
ثم يقول تعالى: {
أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً}
الغرفة هنا مفرد ولكن يراد به الجنس يعني الغرف، وفي ما قبلها: {
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} يعني داعية؛ يعني
إماما للمتّقين، فسّرها البخاري قال:
اجعلنا أئمّة نقتدي بغيرنا ويقتدي بنا غيرنا- أو كما قال البخاري رحمه الله تعالى - ؛ يقتدي بمن سلف من الأئمّة فيدعو الله أن يجعله قدوة وإماما؛ إمامًا يعني أئمّة؛ لأنّهم هم جماعة {
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}يعني أئمّة،
فالمؤمن يدعو، يتمنّى أن يرزقه الله
العلم النافع و
العمل الصالح وأن يكون من
عباد الله الصّادقين المخلصين الّذين وصفهم الله بهذه الصّفات، ويتمنّى أن يكون
إماما في الخير لا في الشّرّ، أن يكون
قدوة حسنة للنّاس ينشر فيهم
العقائد الصحيحة و
المناهج الصّحيحة ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويتحمّل الأذى في سبيل الله تبارك وتعالى؛ لأنّ
الأنبياء أئمّة النّاس وهداتهم وقادتهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويدعون إلى الله ويجاهدون في سبيل الله والى آخره، ويلقون من الأذى ما لا يعلمه إلاّ الله تبارك وتعالى، فإماما حتى في الصبر، على الأذى، إماما في التزام الحق، إماما في مواجهة الباطل، فـ
إماما في الصبر على مواجهة الباطل والمنكرات؛ و
المنكرات فيها
الشّرك، فيها
الضلال فيها
الخلاعة و
الانحراف، فيكون إماما للناس في كل ميدان من ميادين الخير :
{
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً. أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً} الغرفة الجنة؛ غرف الجنة والغرفة هنا بمعنى الغرف.
ولأهل الجنّة غرف فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
إنّ أهل الجنّة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قالوا:
يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال :
بلى والّذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين )(32) .
المهمّ أنّ الله تبارك وتعالى وصف عباده بهذه الصّفات الكريمة، وتحدّث عن جزائهم؛ تحدّث عن جزائهم الّذي ادّخره الله تبارك وتعالى لهم بما كانوا يعملون :
{
ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل: 32)، {
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ.} ( الزمر : 73- 74 ) تبارك وتعالى.
آيات كثيرة تحدث الله فيها عن جزاء عباده المؤمنين، آيات كثيرة وكثيرة ومنها أنّهم يلقون فيها تحيّة وسلاما، كما في الآية التي تلوناها من سورة الزّمر هنا قال: {
وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً}، وقال في آيات أخرى: {
وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ. سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ( الرعد : 23- 24) فيحيون بعضهم بعضاً وتحيّيهم الملائكة ويسكنهم الله الغرف العالية؛ يستحقّونها؛ لأنّهم عباده سبحانه وتعالى.
فاحرصوا أشدّ الحرص أن تكونوا
من عباد الرحمن الذين وصفهم الله بهذه الصفات الكريمة، النبيلة، وكافأهم في الدار الأخرى بهذا الجزاء العظيم، بالإضافة إلى الغرف، نعيم لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى: {
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (السجدة: 17)، قال – أظنّ - سهل رحمه الله : شهدت من رسول الله عليه الصلاة والسلام مجلساً وصف فيه الجنّة حتّى انتهى ثم قال صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه قال: (
فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ثم اقترأ هذه الآية: {
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(33) (السجدة: 16- 17).
فليكن
هدفك مرضاة الله تبارك وتعالى، وليكن أهمّ ما عندك أن تكون
من عباد الرحمن المتحلِّين بهذه الفضائل وهذه المزايا يكرمك الله تبارك وتعالى بما وعد به المؤمنين، ومنها ما وعدهم به في الآيات التي تلوناها عليكم .
أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإيّاكم من عباد الرحمن المتواضعين لله، المطيعين له المتحلّين بالأخلاق والأعمال التي يحبّها الله ويرضاها، إنّ ربّنا لسميع الدّعاء.
وفّقنا الله وإيّاكم لما يحبّه ويرضاه .
قام بتفريغ هذه المادة وعرضها على الشيخ ربيع -حفظه الله تعالى-
أخوكم فواز الجزائري -غفر الله له ولوالديه-
في : 19/2/1428هـ .
- مكة حرسها الله وسائر بلاد المسلمين -
---------------------------------------------
- الهوامش :
(1) : أخرجه البخاري برقم (4776) ومسلم (1401) واللفظ له من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
(2) : أخرجه البخاري برقم (3237) واللفظ له، ومسلم (1159) .
(3) : أخرجه البخاري برقم (323 ومسلم (1159) .
(4) : أخرجه البخاري برقم (1099) ومسلم (784) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
(5) : أخرجه البخاري برقم (209) ومسلم (786) من حديث عائشة رضي الله عنها .
(6) : روى ذلك عنها الإمام أحمد في مسنده (6/73) والبخاري في صحيحه (1909) ولفظه : (ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا) .
(7) : أخرجه مسلم برقم (58 وأحمد (2/237) .
( : ذكرهما البخاري تعليقا في صحيحه ( كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ) الأول منهما أورده بصيغة الجزم والثاني بصيغة التمريض .
(9) : أخرجه البخاري برقم (5349) ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(10) : البخاري في صحيحه (3489) .
(11) : البخاري (3702) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما .
(12) : أخرجه البخاري برقم (3092) ومسلم (2843) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(13) : أخرجه البخاري برقم (512) ومسلم (615 ، 617) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(14) : أخرجه البخاري برقم (6667) ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه واللفظ للبخاري وليس عند مسلم (وأبشاركم) .
(15) : أخرجه البخاري برقم (6484) ومسلم (1676) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
(16) : أخرجه البخاري برقم (4207) ومسلم (86) .
(17) : أخرجه البخاري برقم (5670) من حديث أبي شريح رضي الله عنه .
(1 : يشير الشيخ إلى حديث أبي هريرة مرفوعا : (ما من صَاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ ... ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أو فر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافا وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .. ) الحديث . أخرجه مسلم برقم (987) .
(19) : أخرجه مسلم برقم (212) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
(20) : أخرج البخاري (594 من حديث أبي هريرة مرفوعا ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) .
(21) : أخرج مسلم ( 2702) من حديث الأغر المزني مرفوعا ( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) .
(22) : أخرجه أبو داود برقم (1516) والترمذي (3434) وصححه العلامة الألباني رحمه الله .
(23) : رواه مسلم (190) من حديث أبي ذرّ رضي الله عنه و أحمد في المسند بنحوه (5/170 ) .
(24) : حديث الشفاعة أخرجه البخاري برقم ( 4435) ومسلم برقم ( 194) من حديث أبي هريرة .
(25) : أخرجه البخاري برقم (605 ) .
(26) : أخرجه البخاري برقم (4776 ) من حديث أنس .
(27) : أخرجه مسلم برقم (2747) .
(2 : رواه البخاري برقم ( 5631) ومسلم برقم (87 ) .
(29) : رواه مسلم برقم (49) وأحمد في مسنده (3/20 ) .
(30) : رواه مسلم برقم (4379 ) وأحمد في مسنده (1/458 ) .
(31) : رواه البخاري برقم (6524) .
(32) : رواه البخاري (3083 ) ومسلم (2831 ) .
(33) : رواه البخاري (3072) ومسلم (2824 ) .
لتحميل المادّة:
http://www.rabee.net/ar/artdownload.php?id=265
http://www.rabee.net/ar/articles.php?cat=11&id=265