منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
  #1  
قديم 11 Jun 2017, 09:39 AM
عبد الباسط لهويمل عبد الباسط لهويمل غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 96
افتراضي تذكرة المنتهي وتبصرة المبتدي [ كلمة موجزة]

تذكرة المنتهي وتبصرة المبتدي في نصرة الله تبارك وتعالى لعباده الصالحين ، وفي كيده على أهل الأهواء وأعداء الدين


...فمن أطاع هوى النفس ، وبواعث الشيطان ومكائده ، في أمر محرّم جوزي بحرمانه ، ونال منه بأسوأ ما كان يخاف منه ويُحاذر ؛ فمثلا المرابي الذي يأكل الربا ، يريد بذلك سعة المال وتكثيـره ، وتحصيل الغنى والمطايب ؛ فيمحق أصل ماله وفضله ، ويضرب الفقر بجرانه عنده ، ولأجل ذلك قال تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)(1) وتلقاه يريد بأكل الربا التنعم والتفكه ، والصحة ،فيقع له به الشقاء والغمّ والسقم، وقد جاء في تفسير أبي جغفر محمد بن جرير الطبري في تأويل قوله (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) أي يخرجون من الأجداث مختنقين ، وبهم جنون ، وذلك زيادة في العذاب ، وسوء المنقلب ، روى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وقتادة ، والضحاك .(2)
وكذلك يحدث لمن يوالي الكافرين والمنافقين وأهل الأهواء والبدع يبتغي بتلكم الموالاة العزّة ،والنُّصرة ، فيجني المذّلة ، ويحصد الخذلان ، ولا ينتفع بموالاة من والى منهم ، بل تكون المضرّة متقلبه ومثواه ،وحتى إن حصّل من النفع شيئا فهو شىء مغمور ، لا قيمة له ، في بحر الآثام والمفاسد الواقعة عليه ، ويكون مثله كمثل قوله تعالى في الخمر والميسر ( وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(2) ، ومن عواقب ذلك أن أهل الأهواء من علاماتهم الجليّة إنتكاسة الفطرة ، وغفلة القلب وذهوله عن المقاصد الصحيحة للأشياء ، فلا يسعى لشـىء يبتغي الإنتفاع به إلا كان فيه مضرته ، ولا يكيد كيدا على خصومه إلا حاق به كيده ، بل وتحقق في كيده من الكرامة والعزة لخصومه ما لو أثمنوه بأموال الدنيا جزاء على تلك الخدمة ما أوفوه الجزاء الأوفى، فانظر لأهل النفاق إذ يبتغون العزّة عند أهل المذّلة ، ويوالونهم ، فيما يعادون ربّ العزة والعظموت ، وذلك من سوء ظنهم فعوقبوا بمقتضاه ، وبخلاف ما سعوا إليه ، وكانوا كالتي حفرت عن حتفها بظلفها ، يقول الله تبارك وتعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)(3)
وهذه السُّنة جارية فتيقنها وليتسلى القلب بها إذا ما وقعت المحن ؛واعلم أن كيد أهل الأهواء على خيار المسلمين هو ردٌّ عليهم ، فكلما أرادوا أذيتهم تحصل لهم العافية والقوة ، وإذا سعوا لإذلالهم فينالون العزة والنّصرة ، وإذا أرادوا تحقّيرهم فيكتب لهم المجد والذكر ، ورحم من قال :
سبحان من سخر لي حاسدي
يحدث لي في غيبتي الذكر ا
إني لا أكره الغيبة من حاسد
يفيدني الشهرة والذكرا

وكلما عملوا لإطفاء أنوارهم ظهرت منارتهم في الآفاق راسية ، وإذا سعوا لإهلاك تراثهم وطمس معالمهم أبقى الله كلماتهم وآثارهم ما شاء الله لها أن تبقـى . وفي هذا المعنى قال أبو بكر بن عياش لما قيل له : إن بالمسجد قوما يجلسون ويجلس الناس إليهم . قال : ( من جلس للناس جلس إليه ، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم ؛ لأنهم أحيوا بعض ماجاء به الرسول فكان لهم نصيب من قوله تعالى ورفعنا لك ذكرك
وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم ؛ لأنهم شانوا بعض ماجاء به الرسول ، فبترهم الله ، فكان لهم نصيب من قوله تعالى إن شانئك هو الأبتر . )(4)
ولك قدوة في سلف هذه الأمة من الصحابة ، والتابعين ، وأتباعهم ، ومن تبعهم بإحسان من بعدهم ، ومن الأئمة الأعلام والمقتدين بهداهم ، فإن آثارهم مشهودة ، وسيـرتهم محمودة ، ودعوتهم مباركة مجيدة، ولا تحسبن أن هذه الدعوة السلفية قد مرت فيما مضى من القـرون مرورا سالما من العقبات ، والمكائد ، هيهات هيهات ، فقد تصدّى لها جيوش من أهل الأهواء من أعداء هذه الأمة ، وتظاهر عليها شياطين الإنس والجن ، ومكروا مكرا كبارا ،فكان مكرهم وتدبيرهم دمارا عليهم :(وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51))(5)
وهذا خليل الله إبراهيم عليه الصلاة و السلام لما عزموا على تحريقه بالنّار جعلها الله برداً وسلاما ، بل جعلهم هم الأخسرين ، هالكين ـ وقد روي أنهم ألقوا شيخا لأن يصيبوا نجاته ، كما نجى إبراهيم صلى الله عليه وسلم فاحتـرق. بل جعل الله حجتهم مقهورة ، وما ناظرهم إبراهيم في أمر إلا غلبهم وعلا عليهم بالحجج والبيّنات العقلية قال تعالى (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72))(5) وفي آية أخرى قال تعالى (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98))(6)
وهؤلاء إخوة يوسف الكريم عليه الصلاة و السلام أرادوا إبعاده فقالوا في بادىء أمرهم (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَة الْجُبّ يَلْتَقِطْهُ بَعْض السَّيَّارَة إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) (7) ثم أرادوا تعبيده (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)(8) فجعله الله عزيز مصر والقائم بأعلى أمورها ، والحافظ لكنوزها والمستأمن على أمنها ، غذائها ، وهي يومئذ من أعظم الحواضر ، فكانت نهاية كيدهم ، ومكرهم ، أن قالوا بعد ذلك جاؤوه قال تعالى ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (9) يسألونه الميرة والمعونة فلما عرفوه شهدوا له بالفضل والكرامة ، واعتـرفوا بجرمهم الأوليِّ ، وخروا له سجدا .
وهذا موسى كليم الله عليه الصلاة السلام أراد فرعون قتله ، فجعل الله تبارك وتعالى كيد فرعون في نحـره ، وتدبيره تدميره ـ فكان راعيا لموسـى عليه السلام ، وخادما عليه ، يسعى لرعايته ، وتقوم امرأته بتـربيته ، ثم كان له عدوا ، وكان هلاك فرعون وملكه على يد موسى عليه السلام .
وهذا خليل الله وسيد ولد آدم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كلما دبرت له قريش مكيدة لتهلكه بها إلا وأنجاه الله منها ، و جعل له فيها من الخير الكثير ، والتدبير الحسن، ما لا يحصيه ديوان ، ولا يستطيع وصفه إنسان ، فقد أخرجوه من مكة فأبدله الله بطيبة ، وجعل حرمتها من حرمة البيت العتيق ، وأبعدوه عن أهل حياطته وحمايته من ذويه وقرابته ، فأبدله الله الأوس والخزرج من الأنصار ، وأرادوا في بدر أن يبيدوا بيضة الإسلام فَغُلبوا وكادت تستأصل شأفتهم ، وأرادوا يوم صلح الحديبية أن يذلّوا المسلمين ويحرّجوا عليهم فجعله الله تبارك وتعالى فتحا مبينا ،ونصرا عظيما ، وأرادوا بطره والإزراء من جنابه الكريم صلى الله عليه وسلم بقولهم مذممٌ ، فكان صاحب المقام المحمود ، وصرف الله عنه قبح المسبّةِ ، وقالوا أبتـر فأعطاه الله الكوثر ، وجعل شانئه هو الأبتـر ، وقذفوا زوجه الحصان الرزان فنزلت براءتها من فوق سبع سموات قرآنا يتلى إلى أن يرفع ، بل كان فضلها عن سائر النساء كفضل الثـريد على سائر الطعام ، والأمثال كثيرة في سيرته صلى الله عليه وسلم مما يجعلها تذكرة وتبصرة لأهل التقوى ، ومن أكبر أسباب الثبات التأسي به وإتباعه، والإعتبار بآثاره وأيامه وغزواته ، فهو خير من يقتدى به ، وخير مثال يحتذى مثاله ، فإن سيرته من أعظم السيّر ، وقصته من أحسن القصص ، فداه أبي وأمي ونفسي .
ومما نختم به هذه الكلمة الموجزة وهو مثال أبي العباس أحمد بن تيمية الحراني ، فقد حورب هذا الرجل حربا شعواء من أهل الأهواء ، من متعصبة المذاهب ،و المتصوفة والمتكلمة والمتفلسفة وغيرهم ، ورموه عن قوس واحدة ليعدموه ، فأحيا الله ذكره ، وحفظ آثاره ، مع ما اشتهر به الشيخ من سرعة الخط و تداخل الحروف فيما بينها أحيانا مما يصعب فهم المراد من الكلمة حتى أعلى أهل الإختصاص من المحققين ،كما يضاف إلى ذلك تقلبه بين السجن والمنفى ، والمشاركة في بعض الحروب ، وغير ذلك ، بل إن كثيرا من مؤلفاته تفرقت في البلدان ، ومنها من استملكها خصومه بعد موته في سجن القلعة ، ورغم كل ذلك حفظ الله فنونه وعلومه ، فكتبه مسطورة ، وفتاواه محفوظة ، وعلومه مبثوثة في المكاتب والمعاهد والمساجد ، وإن اسمه يجري مجرى الشمس ، فانظر إلى تدبير الله تبارك وتعالى وتقديره فسبحان من جعل خصومه سدنة لعلومه وفنونه . وأمثال شيخ الإسلام متوافرون في هذه الأمة لايسع ذكرهم كتاب ، وليس القصد من هذا المقال الإطناب والترجيع ولكن الإشارة إلى النكتة المرادة بأوجز مثال يذكر ليحفظ المعنى إن أمكن ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

------------
الهوامش :
(1) [ البقرة :274]
(2) [ انظر تفسير ابن الطبري ( دار المعارف )جـ6/صـ7 ]
(3)[ البقرة :219]
(4)[ النساء :139 ]
(5)مجموع الفتاوى (ت :عبد الرحمن بن القاسم) [جـ16/526]
(6)[النمل :49]
(7)[الأنبياء :69]
(8)[ الصافات:98]


التعديل الأخير تم بواسطة عبد الباسط لهويمل ; 26 Jun 2017 الساعة 07:09 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متميز

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013