لا تثق بِمبتدع،ولا تُحسن الظنَّ به

[أبو معاذ السلفي العراقي]

بسم الله الرحمن الرحيم

يم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ،نَحْمَدُهُ،وَنَسْتَعِينُهُ،ونستغفرُهُ،وَنَ عُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا،وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أما بعد ..

لا تثق بِمبتدع،ولا تُحسن الظنَّ به(1) :

روى أحْمد،والترمذي،وغيرهُما - وصحّحـه الألبانِي فِـي "صحيـح
السنن" - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -:((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ؛فَقَالَ:قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَقَامِي فِيكُمْ؛فَقَالَ:اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا،ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ...)) .
قال الإمام الشوكانِي فِي "نيل الأوطار" بشيءٍ من التصرّف والإختصار: ((رتّب - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فشوَّ الكذب على انقراض الثالث؛فالقرن الذي بعده،ثُم مَن بعده إلَى القيامة قد فشا فيهم الكذب بِهذا النص؛فعلى الْمتيقِّظ أن يبالغ فِي معرفةِ أحوال الشهادة والْمخبِرين،وأن لا يَجعلَ الأصل فِي ذلك الصدق)) .
وقال الإمام مقبل الوادعي:((أركان الْحزبية ثلاثة:التلبيس،والْخداع، والكذب))(2) .

وقال الإمام البَربَهاري فِي "شرح السنة" (ص54):((إذا ظهرَ لك من إنسانٍ شيءٌ من البدع؛فاحذره؛فإن الذي أخفى عنك أكثر مِما أظهر)). وقال - رحِمه الله - فِي "طبقات الْحنابلة"(2/44):((مثَلُ أصحاب البدع مَثل العقارب،يدفنون رؤوسَهم وأبدانَهم فِي التراب،ويُخرجون أذنابَهم،فإذا تَمكنوا لدغوا،وكذلك أهل البدع هم مُختفون بين الناس؛ فإذا تَمكنوا بلغوا ما يريدون)) .
وفِي "ذمّ الكلام وأهلِه" للمقريء (5/126-127) عن عنبسة بن سعيدٍ الكلاعي قال:((ما ابتدعَ رجلٌ بدعةً إلاَّ غَلَّ صدرُه على الْمسلمين،واختُلِجَت منه الأمانة(3)..قال نُعيم:فسمعه منّي الأوزاعي؛ فقال:أنتَ سَمعتَه من عنبسة؟،قلت:نعم،قال:صدقَ..لقد كنّا نتحدّث أنه ما ابتدعَ رجلٌ بدعةً إلاّ سُلِب ورعُه)) .
وفِي "الشريعة"(1/64) للآجُري عن أبِي قلابة قال:((ما ابتدعَ الرجلُ بدعةً إلاَّ استحل السيف))
وفِي "اعتقاد أهل السنة"(1/138) للآلكائي عن الفضيل بن عياض قال:((صاحبُ البدعةِ لا تأمنْه على دينِك،ولا تشاورْه فِي أمرِك،ولا تَجلس إليه؛فمن جلس إلَى صاحبِ بدعةٍ ورَّثه اللهُ العَمى)) .
وقال - رحِمه الله - كما فِي "طبقات الْحنابلة"(2/41):((إذا رأيتُ رجلاً من أهل السنة؛فكأنّما رأيتُ رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وإذا رأيتُ رجلاً من أهل البدعة؛فكأنّما رأيتُ رجلاً من الْمنافقين)) .

وصلّ اللهم على عبدِك ورسولِك محمد وعلى آلِه وصحبِه وسلِّم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

(1) منقول من كتاب شيخنا" يحيى الجبوري " سلسلة الرد على
إبن مهاوش وربعه التميعيّة " القسم الأول "
(2) "رحلات دعوية للشيخ مقبل بن هادي الوادعي ومقتطفات من أقواله وفتاويه" (ص 115)
(3) في "لسان العرب":إختُلِجت:إِذا جَُذِبَت،وانْتُزِعَت .