
30 Jan 2014, 08:20 AM
|
|
لفتة منهجية
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه.
أما بعد:
فهذه لفتةٌ تتعلَّق بأمر هو من المسلَّمات من جهة النَّظر، لكن يقع الخلل عند كثير من إخواننا عند التَّطبيق والعمل، وهو أنَّ كون الرَّجل أو الطَّائفة على الحقِّ في الجملة لا يعني أنَّ كلَّ ما يصدر منه حقٌّ وصواب.
لكن إذا أخطأ لا يجوز أن يوافق على ما صدر منه من الخطأ.
والدَّاعي إلى هذا التَّنبيه هو أنَّه لمَّا قام ساق الرُّدود من جماعة «الكلِّ» على الشَّيخ الصَّالح محمَّد بن سعيد رسلان ـ حفظه الله ـ عيَّروه بكثرة ما يتردَّد على لسانه من ألفاظ لا يليق بالرَّجل الملحوظ في النَّاس أن يستمرَّ عليها في مجالسه مع خاصَّته فضلًا عن المجامع العامَّة، وأنا لا أدري هل هذه هي عادة الشَّيخ كما يقولون ويصوِّرون أو لا؟
وعلى هذا، فكان ينبغي على من أراد الانتصار له من إخواننا أن يثبتوا من واقع حاله ما يؤكد أنَّه على الطَّريقة المستقيمة في هذا الباب من استعمال هذه العبارات والألفاظ عند الحاجة إليها كما ورد نظيره في الآثار.
لا أن يحاولوا حشد الأخبار التي يأخذون منها خطأً الدَّلالة على أنَّ التَّكلم بمثل هذه الأمور مشروع بإطلاق، ولو على وجه الإكثار والمداومة.
وهذا بابٌ أُتي منه كثير ممَّن يرد الانتصار للسنَّة فينصرها بما لا نصر لها فيه، وقد نبَّه عليه أئمَّتنا في تصانيفهم، فالحقُّ ـ يا أهل الحق ـ قويٌّ لأنَّه الحقُّ، فهو دين الله تعالى الَّذي أنزله على رسله.
فإذا أردت أن تنصر الحقَّ فانصره بما تعلم أنَّه الحقُّ، ولو أردت أن تنصره بغير ذلك لـخُذل الحقُّ على يديك ـ وأعيذك بالله من ذلك ـ.
وتأمَّل ـ يرحمك الله ـ في مورد النِّزاع، فالقوم لم يأتوا إلى كلمة أو كلمتين من دروس الشَّيخ فأنكروها عليه، ولو فعلوا لكانت الحجَّة له عليهم في الآثار المذكورة ظاهرة.
ولو أنكروا كلمةً بعينها ـ وهي صوابٌ ـ كما في وصفه لمنتداهم بالوصف المطابق لحاله وحال أهله فيُنتصر له كذلك بما يبيِّن صحَّة الوصف ومطابقته.
أمَّا ما ينكرونه الإكثار والمداومة على استعمال الألفاظ القبيحة فهو منكر عند الجميع عقلًا وعرفًا قبل أن يكون منكرًا شرعًا، فلا ينبغي لإخواننا أن يتجلَّدوا في تسويغ ذلك أو مجاوزة تسويغه إلى جعله طريقة السَّلف ومنهج الأئمَّة، وما أكثر ما أدخلت المنازعات والمناظرات والإلزامات والالتزامات أقوالًا ومذاهب ما كان أصحابها ليقولوها ويلتزموا بها لولا المخاصمة والإلزام، وهذا شائع جدًّا في كتب المقالات، بل نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أنَّ كثيرًا من الأقوال المنكرة عند الطَّوائف المختلفة إنَّما التزمها أصحابها عند المناظرة ولم يقولوها ابتداءً.
لكن هاهنا في الانتصار للشَّيخ ـ حفظه الله ـ على منهاج النبوَّة طريقان:
إمَّا أن يثبت أنَّ الشَّيخ على ما ذكروا وصوَّروا، فنجتهد أن نبيِّن له وجه الخطأ فيما هو عليه، وهو مع ذلك أحبُّ إلينا منهم وأقرب إلى السَّداد وألزم للسنَّة.
وإمَّا أن يُثبت إخواننا القريبون منه العارفون بحاله أنَّ الشَّيخ على طريقة السَّلف في اللُّجوء إلى هذا الأسلوب عند الحاجة الدَّاعية فقط.
هذا ما أعلمه من طريقة أهل السنَّة والجماعة في هذا الباب، فإن كان خطأً فقوِّموني.
هذا وليس يفوتني ـ إن شاء الله ـ التَّنبيه على أنَّ طريقة السِّباب والشتم والتفنُّن في الإقذاع هي طريقة القوم الَّتي بها عرفوا وإيَّاها سلكوا، فلو سُلِّم لهم من ردِّها شيء فهو كلُّه مردودٌ عليهم، والله الموفِّق.
|