منتديات التصفية و التربية السلفية  
     

Left Nav الرئيسية التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة Right Nav

Left Container Right Container
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12 Dec 2010, 12:49 PM
حسن بوقليل
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي وصية الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ لمحمد بن رافع السَّلاَّمي ـ رحمه الله ـ (01)

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ مما ينبغي أن نعتني به نحن طلبةَ العلم قراءةَ تراجم السلف، وكيف كان يومهم يقضى، وما هو أسلوب الخطاب فيما بينهم، وما هي مراسلاتهم، ومكاتباتهم.
وقد نبهني أحد الكرام من غفلتي إلى وجود وصية من (إمام ناصح أمين)، إلى طالب أديب، إنها وصية الإمام الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ (ت: 748هـ) إلى محمد بن رافع السَّلاَّمي ـ رحمه الله ـ (ت: 774هـ) الذي وصفه الناصح في "المعجم المختص" بقوله: "المحدث العالم الحافظ المفيد الرحال المتقن" (ص 229 ـ نقلا عن مقدمة المحقق)، وقد كان عمره 19 سنة، والذهبي في الخمسين من عمره. [انظر مقدمة المحقق (ص 11)]
أنقلها إلى إخواني الطلبة، ثم نقف عند بعض المنازل المفيدة لنا في هذا العصر خاصة.
فإليكموها:

وصية الإمام الذهبي لمحمد بن رافع السَّلاَّميّ
قال الإمام العالم الحافظ البارع أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ:
"يا وُلَيد رافِع! اسمع أَقُل لك: أراكَ ـ والله ـ مِثلِي مُزجَى البِضاعَة، قليلَ العلمِ بالصِّناعة، فلا أقلَّ مِن الإقبال علَى الطَّاعة، ولُزومِ خَمسِك في جَماعة".
الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ يخاطب ابن رافع بأسلوب رفيع ينتبه به المخاطَب، ويكون أدعى لقبول النصيحة، وقد استعمل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثل هذا الأسلوب: "يا أبا عمير! ما فعل النغير"، وهذا يفيدنا في دعوة غيرنا، والتلطف بهم.
ثم نرى تواضع الإمام في قوله: "أراك ـ والله ـ مثلي"، هذه مرتبة العلماء؛ لا يبرئون أنفسهم من التقصير، وينسبونه للآخرين، وكونك تخاطب غيرك وتشعره بأنك تلتقي معه في التقصير يجعله يتشجع لاستدراك ما فاته، ولا ينبغي أن نكون مثل أولئك القوم الذين ينسبون التقصير وكل الآفات لغيرهم، وينسون أنفسهم.
ثم ينصحه الإمام بالإقبال على الطاعة، والحفاظ على صلاة الجماعة، وهنا يتبين سر الكلمة التي ألقاها الشيخ العلامة صالح اللحيدان ـ حفظه الله ـ من قبل لـ"منتديات التصفية والتربية"؛ فإنه يجب ربط العلم بالعمل، والعلم وسيلة لطاعة الله ـ عز وجل ـ.

ولذا يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ:
"وهل شيءٌ أقبحُ من شابٍّ يخدُمُ السُّنة ولا يعمَل بها؟! نعم؛ آخَرُ يبالِغ في الطَّلب، ويكتُب عمَّن درَجَ ودَبَّ، ثمَّ لا يصلِّي! فلا بارك الله في هذا النَّمط! فإنَّ هؤلاء ما غَوايتُهم بالحديث إلاَّ كغَواية المُصارِعِ والسَّاعي ولاعِب الحَمام، بل أولاء أعذَرُ بالجهل".
فمن الشَّين أن يحرص المرء على الطلب، ولا يعمل بما علمه، فليست العبرة بكثرة ما جمع، أو حرصه على ذلك، وإنما عمله وعبادته.
وما نراه اليوم، وما نسمعه من انتكاسة بعض من ذاق حلاوة العلم مرده إلى هذا والله أعلم.
فنسأل الله الثبات.

يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ:
"وهذا المُعَثَّرُ يسمَع الألوفَ مِن الحديث فيها الوعيدُ والتَّهديدُ والعذابُ الشَّديدُ، ولا ينزَجِر، بل ما أظنُّه يسمع شيئًا، ولا يفهَم حديثًا"
ثم يبين الإمام ـ رحمه الله ـ حال كثير ممن يقصدهم من الطلبة الذين لم يسلكوا السبيل الحسن في طلبهم للعلم؛ فيسمعون نصوص الوعيد، ولا ينزجرون، ويبين سبب ذلك؛ فيقول:

"لأنَّه إن كان قارِئًا بنفسه فبجَهْدِه أن يتَهَجَّى الأسماء والمتون، ويُبَدِّلَ ما يُشِير إليه، وعينُه إلى تنبِيه الشَّيخِ تارةً، وإلى أَمْرَدَ حاضرٍ تارةً، وإلى إقامة الإِعراب تارةً؛ لئلاَّ يُخزَى بين الحاضِرين".
وهذا وصف مجرب لمجالس العلم، فهؤلاء الصنف الذين يتحدث عنهم ـ ممن يتكثر بالعلم ولا يهتم بتزكية نفسه ـ له حالتان:
ـ الأولى: إذا قرأ بنفسه؛ وشغله آنذاك هجاء الحروف وتقطيعها، وذلك لأنه لا يحسن القراءة، فيجتهد في ألا يظهر عيبه أمام الطلبة؛ لأنه طالب علم متمكن!! وهو في هذه الحال عينه تتنقل بين تنبيه الشيخ له على خطئه في القراءة، ونظره إلى المردان الحسان في المجلس.
والنظر إلى الحسان من آفات الطلب، وقد ذكروا في ترجمة الإمام النووي ـ رحمه الله ـ أنه كان في مسجد دمشق يدرس الناس مطئطئا رأسه والعرق يعلوه، ثم لما نظروا في سبب ذلك وجدوا شابا حسن الوجه في قبالة الشيخ، ولما غيروا مكانه رفع رأسه ـ رحمه الله ـ.
وهذا في العلماء الكبار، ومن نحا نحوهم، ولا ينبغي أن يظن أن الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ لما نبه ابن رافع على هذا أنه حاصل منه، وإنما "أخوك من عرفك العيوب، وحذرك الذنوب".

يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ:
"وإن كان غيرَه القارئُ استَراح؛ فأنا كفِيلٌ لك بأنَّه ما يسمَع غير: "ثنا قال: ثنا"، وصلَّى الله عليه وسلَّم؛ لكثرة دَورِ ذلك".
ـ وهذه الحال الثانية: أن يكون غيره القارئ؛ فيستريح من عناء التصحيح، ولا يفهم من المجلس إلا: (حدثنا) و(أخبرنا)، وأخواتها، و(صلى الله عليه وسلم)، ولهذا لكثرتها في مجلس أهل الحديث، ولذا فإنهم أكثر الناس صلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ:
"فتراه إمَّا يكتُب الأسماءَ حال السَّماع؛ فَيَبطُلُ ويُبطِل، أو ينسَخ في جزءٍ، أو يكتُب طِباقًا، أو يُطالِع في شيءٍ، وهذا أجودُ أحواله ـ ولا جَودةَ فيها ـ، أو بمكانٍ ـ وهذا الأغلبُ ـ يحدِّث جليسَه، ويمزَحُ مع الصِّبيان المِلاح.
فمتى يسمع هذا، أو يعقِل، أو يُبصِر، أو يُغني عنه الحدِيثُ شيئًا؟
"
وهذه من صور تشاغل بعض الطلبة في مجالس العلم، ومما يلحق بها:
ـ النظر في الساعة؛ لأنه مشغول بشيء آخر، فالعلم عنده آخر شيء.
ـ النظر في الجوال، والمكالمات الفائتة، بل منهم من يتكلم بالجوال، وأورع أحواله!! أن يستأذن الشيخ في المكالمة.
ـ النظر في صفحات الكتاب؛ لأنه متشوق لإكماله، والافتخار بذلك.
فمتى يتعلم مثل هؤلاء؟ أين نحن من وصف السلف الصالح في مجالس العلم:
"كأنَّ على رؤوسهم الطَّير".

يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ:
"وأمَّا قول وكيع: "إنَّ هذا الحديث يصُدُّكم عن ذِكر الله وعن الصَّلاة فهل أنتم منتَهون؟"؛ فهذا قاله في الصَّلاة المقارِنة للذِّكر وهي النَّوافل؛ أي: يُقلِّلُ تشاغُلَكم بالنَّوافل؛ فانتَهُوا عن ذلك.
أمَّا أن يصُدَّهم عن الفرائض الخمس؛ فحاشا لله، هذا ما كان في سِيَرِهم قطُّ؛ إلاَّ أيَّام الجِهاد وقبلَها بمدَّةٍ
".
فالاشتغال بالعلم قد يفوت على الطالب النوافل، وهذا في وقتهم، أما في وقتنا؛ فإنه يفوت الفرائض ـ والعياذ بالله ـ إلا من رحم ربك وقليل ما هم.
ولذا قال أحد الأئمة لطالب بات عنده ولم يصل من الليل: "طالب علم وليس له ورد من الليل". فـ"يَا حَسرَةً عَلَى العِبَادِ".

اللهم أعنا على أنفسنا. آمين.
نقله أبو عبد الله حسن بن داود بوقليل ـ عفا الله عنه ـ.

(يتبع)

التعديل الأخير تم بواسطة حسن بوقليل ; 12 Dec 2010 الساعة 05:08 PM
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


Powered by vBulletin, Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd
Salafi Tasfia & Tarbia Forums 2007-2013