من أوسع أودية الباطل الغلو في الأفاضل!

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام العلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن بن يحيى بن علي ( المعلمي ) رحمه الله تعالى:

(( من أوسع أودية الباطل الغُلُوُّ فِي الأَفَاضِل، ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق بِبُغْضِ أُولَئِكَ الأَفَاضِلِ وَمُعَادَاتِهِم، يرى بعض أهل العلم أن النصارى أول ما غلوا في عيسى -عليه السلام- كان الغلاة يرمون كل من أنكر عليهم بأنه يبغض عيسى ويحقره ونحو ذلك، فكان هذا من أعظم ما ساعد على انتشار الغلو، لأن بقايا أهل الحق كانوا يرون أنهم إذا أنكروا على الغلاة نُسِبُوا إلى ما هم أشد الناس كراهية له من بغض عيسى وتحقيره، ومَقَتَهُم الجمهور وأوذوا، فثبطهم هذا عن الإنكار، وخلا الجو للشيطان.
وقريب من هذا حال الغلاة الروافض وحال القبوريين، وَحَالُ غُلاَةِ المُقَلِّدِين. )) [ التنكيل: 184 ]

بل إنك اليوم ترى عجباً!

فلسان حال الغر السالك -عكس الإمام مالك- يقول:
ما من أحد إلا رادّ ومردود عليه، إِلاّ أَنَا وَمَنْ أَحْبَبْتُ أَنَا!

نعم ( ضَرَّهُمْ مَنْ غَرَّهُمْ ).

في أيام خلت كنت أنصح أحد من نصب نفسه مرجعاً في بلدنا، فأبين له أخطاءه -على الخاص أحيانا وأحيانا على العام- فاحتج علي مرة بقوله:
لقد قرأ المشايخ والطلبة كلهم كلامي ولم يجدوا فيه ما وجدته أنت، فأيكم أولى بأخذ قوله؟
فاتصلت بالشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله، وعرضت عليه كلامه، فانتقده وبين وجه الخطأ، فنقلت كلامه على العام في موضوع هذا الدّعي، فما كان منه إلا أن انخنس ولم يعد إلى موضوعه لا بالرفع ولا بالتراجع عن الخطأ.
فنبهته على الخاص، فقال أنا أستغني عن تصحيحاتك، وقال لا تراسلني على الخاص بالمرة.
فأخذت بنصيحته وصرت إذا رأيت ما يستوجب التنبيه نبهت على العام، فصارت تأتيني الرسائل -بشتى الوسائل- تستنكر صنيعي وتلومني.
ثم في الأخير صدر بيان من المشايخ أراحنا من شر هذا الدّعي.

وقديماً قيل: ( عَاشَ مَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِه، وَمَا مَاتَ مَنْ عَرَفَ قَدْرَ غَيْرِه )
ففي مجلس -مع شيخنا بشير حفظه الله- تنورت به العقول وامتلأت منه القلوب واتضحت فيه المسالك، قال شيخنا -حفظه الله- كلمة لا تزال محفورة في القلب، قال:
( يَا إِخْوَتِي: أَرْجُوكُمْ لاَ تَفْتِنُونِي، بِقُرْبِكُمْ خِيرَةُ المَشَايِخِ وَالعُلَمَاءِ فَاسْأَلُوهُم ).

وكما قال شيخنا المعتز أبو عبد المعز: نفس أخطاء الدعوة السابقة تتكرر اليوم.

نعم، صدق شيخنا حفظه الله.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.