عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 17 May 2008, 08:31 PM
أبو البراء إلياس الباتني أبو البراء إلياس الباتني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 106
افتراضي

أبو قتادة يُسقِط العلماء و يزكي نفسه


لقد أجهد المشبوه نفسه لصرف الناس عن علمائهم كما نقلته آنفا،و أجهد نفسه لربطهم بالثوار، و حذرهم من الإنصات إلى مخالفة المشايخ لهم، كقوله في خطبته تلك: ”و خلاف المشايخ هذه الأيام هو أكبر حجة و مطية يمتطيها ضعيف النفس؛ ليتحلل من انتمائه للمجاهدين!!“

هكذا يدعو المشبوه الأمة إلى الاستقلال عن العلماء، و يزعم أن رجوعهم إليهم هو أكبر حجة للضعفاء، و الحقيقة أن أكبر حجتنا هو حجة الكتاب و السنة ـ و الحمد لله ـ، و أم العلماء فمن توفيق الله أنهم أكدوا لنا صحة هذه الحجة؛ لأنهم أوتوا من العلم ما يجعلنا نتقاصر دونهم، لله درهم.

و قد قال الله ـ تعالى ـ: {و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} (الشورى: 10)، و قال: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون} (الأعراف: 3).

و أما تزكية أبي قتادة لنفسه ففي قوله في خطبته تلك: ”مَن هذا الرجل الشجاع الذي يستطيع الآن أن يقف أمام دولة تأويه أو تحميه أو تعطيه لجوء، أن يقف مجاهرا: أنا أؤيد الجاهدين، أو أنا أؤيد أولئك حملة السلاح؟! من هذا الرجل الشجاع الذي يستطيع أن يقف هذا الموقف؟! لا ! إلا من أقامه الله ـ عز و جل ـ برهانا و بلاغا على بقية البشر... و إنها طريق لا بد أن يُسال فيها الدماء...!“

النقد:
لم يبق من هذه الكلمات إلا أن يُسمّي نفسه، و هنا مربط الفرس، و الهدف المنشود من كلماته تلك: أي أن يتخلص من فتاوى أهل العلم؛ ليقلدوا رقابهم فتاوى هذا الشجاع، الذي رأى أنه آوى إلى (ركن شديد!): بريطانيا، يُبَرجِم من وراء ديار الكفر، فيا لها من شجاعة نادرة !!

إذاً فليست الشجاعة عنده في شيء إلا شجاعة متكفف أموال بريطانيا، مستكنٍّ بنظام إيوائها، و من صرحها فليناد (الشجعان!)، و في حرم ديمقراطيتها يعيش من يخالف قول رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" رواه الترمذي، و هو صحيح!

إنه أبو قتادة الذي قال عن نفسه: ”أقامه الله برهانا و بلاغا على بقية البشر“!!

فهل يجد العقلاء أقبح من هذه الصراحة في أن الرجل يدعو إلى نفسه؟!

قال الله ـ تعالى ـ: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} (النجم 32)، و عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ قال: "ثلاثٌ مهلكاتٌ، و ثلاث منجيات، ثلاث مهلكات: شح مطاع، و هوى متبع، و إعجاب المرء بنفسه، و ثلاث منجيات: خشية الله في السر و العلانية، و القصد في الفقر و الغنى، و العدل في الغضب و الرضا" أخرجه الطبراني في 'الأوسط' (5584) و غيره، و حسنه الألباني في 'الصحيحة' (1802).

إن بلادك تلك ـ لندن ـ يعجبها منك أن تتخذها قاعدة تنفث منها سمومك على بلاد الإسلام، و يرضيها أن تظل بلاد الإسلام تحت نار الفتن، و على هذا فشجاعتك هذه تقدّم لها خدمة جليلة، فلتعطينّ لك و لأمثالك ألف بطاقة إيواء و لجوء و ... !

و لتوفرنّ لك أظفارك التي قلّمها لك أهل السنة، و لتربينّ لك أنيابك التي هتَمها لك أهل السنة، و لتجبرنّ لك قرنيك اللذين هشمهما لك أهل السنة؛ ما دام الذي بينك و بينها شمّ و تقبيل، و الذي بينك و بين بلاد الإسلام عض و تقتيل!

فكيف لا ترضى عنك، و أنت خير من توطن مواطنها، و إن لم تكن مواطنها؟!

و الله أعلم بحقيقة الحال، إلا أنه وعد فقال: {إن الله مخرجٌ ما تحذرون} (التوبة 64) !

أما وضع الجزائر، فحقيقته أن الخارجين على الأمة بالسيف ليس فيهم علماء، و رب السماء!

و إنما هي شهوة غضبية غازلها جهل بالنفس و تجهيل لأهل العلم، مما مكّن للرويبضة أن يولد ادلهمت الفتن و تتابعت الخطوب، و إنا لله!

إن الذي لم يسمُ به مستواه العلمي إلى أن يهتدي إلى الحق في مثل هذه المسألة، يكفيه أن يطّلع على أماراته؛ فإن من أمارات الخسران: عزل العلماء عن وظيفتهم و هم مرابطون على ثغورها و لكن لا تبصرون، و اغتصابها منهم بزعم تقصيرهم فيها، كما هو وصف الرويبضة الذي قال فيه رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصدق فيها الكاذب، و يُكذّب فيها الصادق، و يُؤتمن فيها الخائن، و يُخوّن فيها الأمين، و ينطق فيها الرويبضة! قيل: و ما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" رواه ابن ماجه، و هو صحيح.

و قد كان السلف يرون رجوع الناس إليهم من الفتنة المعجَّلة، و من ذلك ما حصل لسفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـ أنه لمّا توفي جمع من أهل العلم رجع الناس إليه، فلم يفرح بذلك و لا دعا الناس إليه كما هو شأن المشبوه هنا، بل عدّه من الشقاء، فقد روى ابن أبي حاتم في 'الجرح و التعديل' (1 / 51) بسند صحيح عن أبي قدامة السرخسي أنه قال: سمعت ابن عيينة كثيرا ما يرثي نفسه يقول:
ذهب الزمان فصرت غير مسود [][][] و من الشقاء تفرّدي بالسؤدد

و في 'تاريخ نيسابور' لعبد الغافر الفارسي كما في 'المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور' (189) و 'تاريخ بغداد' للخطيب (9 / 177-187) عن محمد بن عمرو الباهلي يقول: [سمعت ابن عيينة يقول: كنت أخرج إلى المسجد فأتصفح الخلق، فإذا رأيت مشيخة أو كهولا جلست إليهم، و أنا اليوم قد اكتنفني هؤلاء الصبيان، ثم ينشد:
خلت الديار فسُدْتُ غير مسوّد [][][] و من الشقاء تفردي بالسؤدد
و إسناده صحيح؛ فإن إسماعيل بن نجيد الذي في إسناد 'تاريخ نيسابور' قد وثقه ابن الجوزي في 'المنتظم' (14 / 249).

قال الشيخ عبد الرحمن المُعَلّمي ـ رحمه الله ـ في تعليقه على كتاب ابن أبي حاتم: [أي صِرت سيدا و هو الصواب، أني لخلوّ الديار عن مستحق السيادة صرت سيدا!!]، و بوّب له ابن أبي حاتم بقوله: 'باب تواضع ابن عيينة و ذمه نفسه'.

هذا سفيان الذي كان جلّة العلماء يقصدون مجلسه لا يتكلمون بين يديه، كم روى ابن أبي حاتم في المصدر السابق (1 / 50) عن محمود بن آدم (الصدوق) قال: [ما رأيت وكيعا عند ابن عيينة قط إلا جاثيا بين يديه على ركبتيه ساكتا لا يتكلم].

أبو قتادة يطعن على كبار العلماء بالسعودية
قال المشبوه في مجلة ’الأنصار‘، العدد (128)، في (ص 7)، بتاريخ: (29 رجب 1416 هـ): ”لقد لستطاعت الحكومة الطاغوتية السعودية أن تجنِّد الكثير من المشايخ السلفيين في العالم عملاء لها يكتبون لها التقارير الأمنية عن نشاط الحركات الإسلامية، و هذه كذلك نتيجة سننيَّة؛ فإن السلفي الذي يعتقد بإمامة عبد العزيز بن باز و محمد بن صالح العثيمين و اللحيدان و الفوزان و ربيع المدخلي، كائنا من كان هذا السلفي، و من أي بلد كان، فإنه سيعتقد في النهاية بإمامة آل سعود؛ لأن مشايخه هؤلاء يدينون بالولاء و الطاعة لآل سعود، فإمام شيخي إمامي، و إمام ابن باز إمام السلفيين، و لذلك ففهد بن عبد العزيز هو إمام السلفيين في العالم أجمع...!!“.

قلت: تأمل هذا الأسلوب الخبيث الذي توصل به إلى الطعن على أهل السنة، إنه الآن يسميهم و يقرضهم بالمقاريض، بعد أن طال صبره بالتقية و المعاريض.

و تأمل أيضا هذا الأسلوب الخبيث الذي أراد به التوصل إلى الطعن على السلفيين جميعا؛ لأنه قال: ”كائنا من كان هذا السلفي! !“.

و قال أيضا في مقاله السابق: ”و قد أصبح هؤلاء السلفيون عملاء مرزقة... فهذا النوع من السلفيين علينا أن نضعهم في صف العملاء المرتزقة، لهم ما لهم، و عليهم ما عليهم من غير جمجمة و لا تقية! !“

و في (ص 5) جعل العلماء ”عيونا على المسلمين في مصلحة الطاغوت السعودي الخبيث! ! “، كذا قال تحت عنوان: ’من صميم المنهج! ! ‘

كل هذا ليخلص إلى القول في (ص 7): ”الحذر الحذر من هذه السلفية الخبيثة“!!

لا سبيل إلى الطعن على العلماء الذين يعترفون بإمامة ولي الأمر، ما لم يروا كفرا بواحا؛ لأن رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أوجب على كل مسلم أن تكون له بيعة لولي أمره، فقال: "من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، و من مات و ليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم (1851)، و إن وجود الذنوب لدى السلطان لا يعدّ مسوغا شرعيا لخلع بيعته، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية" رواه مسلم (1849).

و إنما تُنقَض بيعة السلطان إذا كفر كفرا بيّنا صريحا ليس فيه لبس، فعن جنادة بني أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت و هو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدّْث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ، قال: دعانا النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا "أن بياعنا على السمع و الطاعة في منشطنا و مكرهنا، و عسرنا و يسرنا، و أثرة علينا، و أن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" متفق عليه.

و العلماء هم أهل لأَن يروا ذلك الكفر البواح لو وُجِد؛ لأن العالم هو الذي يميّز الحق من الباطل، لذلك أنكر الله التسوية بين العالم و غير العالم، فقال: {قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} (الزمر 9)، فلا يجوز اتهام أهل العلم بالعمالة أو الضلالة بمجرد أن فتاواهم تخالف أهواء الثائرين على ولاة أمورهم، قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا، و يرحم صغيرنا، و يعرف لعالمنا حقه" رواه أحمد و الحاكم، و حسنه الألباني في 'صحيح الجامع' (4553).

صورة المقال السابق

[ ]

صورة المقال الذي بعده

[ ]

فتوى أبي قتادة في قتل الخطباء و العلماء

الحقيقة أن هذا الفكر كداء الكلَب، لا يجد صاحبه راحة في نفسه و لو أخذتْ نهمتها على رغبتها؛ لأنه بمثابة من يطفئ النار بالهشيم، و لذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: "إنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عِرْق و لا مِفْصل إلا دخله" رواه أحمد (4 / 102) و أبو داود (4597)، و هو صحيح.

و كما رأيت ـ أخي القارئ! ـ أن المشبوه قد كفّر الحكام، ثم لم يكتف بذلك حتى كفّر جندهم؛ بدعوى أنهم سياج للحكام، ثم لم يكتف بذلك حتى دعا إلى تكفير العلماء و الدعاة الذين ليسوا معه و لا مع جماعته، و ما دام المشبوه لا يجرؤ في البداية على التصريح بحِلّ دمائهم، فإنه يفتري عليهم ليمهد لذلك، كأن يصفهم زورا بأنهم ينصرون المبدلين للشريعة، فقد قال تحت عنوان: ’فتاوى جهادية: فتوى عظيمة الشأن في حكم الخطباء الذين دخلوا في نصرة و تأييد المبدلين لشريعة الرحمن‘!!

هذا عنوان مقاله في العدد (92)، من مجلة الأنصار، في (ص 11)، بتاريخ (الخميس 13 من ذي القعدة 1415 هـ).

صورة المقال السابق (ص 11) منه

[ ]

صورة (ص 12) منه

[ ]

صورة (ص 13) منه

[ ]
و لا ريب أن كلمة ’نصرة‘ في هذا العنوان وضعها عمدا للتمويه؛ حتى يفهمها كل إنسان بحسبه:
- فمنهم من يرى سكوت خطيب المسجد عن مثالب الولاة نصرة لهم!
- و منهم من يرى كلام الخطيب عن حقوق الولاة نصرة لهم!
- و منهم من يرى أن عدم تكفير الخطيب للولاة نصرة لهم!
- و منهم من يرى أن تحذير الخطيب من التكفير نصرة لهم!
- و منهم من يرى أن بقاء الخطيب في وظيفته نصرة لهم!
- و منهم أشكال لا تُحصى...

فكل يطبّق حكم تكفيره للخطباء بحسب فهمه لهذا الوصف، أو بحسب حقده على من يحرص على تكفيره منهم، فتأمل!

و اعلم أنك إذا قرأت مقال المشبوه هنا تبين لك أنه يعني بالخطباء أولئك الذين لا يوافقونه و جماعته على تكفير الحكام الذين وصفهم جميعا بتبديل الشريعة، لا سيما و هو يكفرهم عينا، فقال: ”و صار أمر ردة هؤلاء الحكّام و طوائفهم من المعلوم ضرورة، و لا يجهله إلا من طمس الله بصيرته، و جهل حقيقة التوحيد الذي بُعث الأنبياء من آدم إلى إلى محمد ـ عليهم الصلاة و السلام ـ، و لمّا كان الشيطان و أتباعه و جنده و رجله يُنشئ في كل زمان من الشبه ما يصرف بها الناس عن حقيقة التوحيد و يلبّس عليهم حقيقة الشرك حتى يوقعهم فيه، فقد تكلم بعضهم و زعم أن تكفير المبدلين للشريعة أمر لم يعرفه الأوائل، و ليس هو من باب الردة الصريحة التي أبان السلف أمرها، و زعم من كان سكوته خيرا من كلامه أن هؤلاء الموحدين الذين كفّروا العصرية هم محدثون لهذا، و ليس لهم سلف من الأئمة الهداة، فإنا نسوق في هذه الورقات فتوى أطلقها الأئمة الذين عاصروا الدولة العبيدية عندما كانت في المغرب في حق حكامها و من دخل معهم من المشايخ و الخطباء الذين خطبوا على المنابر، و دعوا لهم بالتوفيق...“.

قلت: تلاحظ هنا أنه شبّه الحكام الذين سبق أن ذكرت بعضهم ممن يكفرهم هو بالعبيديين، و من العبث أن أحاول نفي هذا التشبيه؛ لأن شر البلية ما يضحك؛ و إلا فأين العبيديون الذين يجعلون الحاكم بأمر الله في رتبة الإله، و يلعنون أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أولهم و آخرهم، هذا بعض ما لديهم، أين هؤلاء من هؤلاء الحكام اليوم الذين لا يحب هو أن يجرى عليهم التفصيل الذي عند أهل السنة و الجماعة في المسألة أولا، و في أعيانهم ثانيا؟!

بل و أين الباطنية من هؤلاء الذين يصرحون بأنهم من أهل السن و الجماعة كحكام البلاد الجزائرية و السعودية و الأردن و اليمن و غيرها...؟ !

قال الذهبي ـ رحمه الله ـ في 'السير' (15 / 154): [و قد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد؛ لما شهّروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه].

رد مع اقتباس