عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02 Jan 2018, 09:04 AM
أبو حذيفة الجمعي قريشي أبو حذيفة الجمعي قريشي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: برج بوعريريج الجزائر حرسها الله بالتوحيد والسنة
المشاركات: 102
افتراضي خطبة جمعة(مفرغة)للشيخ علي بن يحي الحدادي[ إن الله هو المسعر ]

[[ إن الله هو المسعر]]
خطبة جمعة لفضيلة الشيخ د. علي بن يحيى الحدادي حفظه الله
👇👇
أما بعد:

فقد ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله قد غلا السعر فسعِّر لنا فقال: (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، إني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال) رواه أحمد وغيره.

وعن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا جاء فقال يا رسول الله سَعِّر فقال بل أدعو ثم جاءه رجل فقال يا رسول الله سعر فقال بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة) رواه أبو داود.

أيه الإخوة في الله

في هذين الحديثين فوائد عظيمة ومنها:

أولاً: أن ارتفاع الأسعار ورخصها بيد الله تعالى فمن صفاته جل وعلا أنه يبسط ويقبض و يرفع ويخفض ومن ذلك أنه يبسط الأرزاق ويكثرها فترخص أسعارها ويقبض الأرزاق ويقللها فترتفع أسعارها، وفي ذلك دليل على كما قدرته سبحانه يقلب الليل والنهار وما فيهما كما يشاء سبحانه وتعالى.

وإذا كانت هذه الأمور بيد الله سبحانه هو المتصرف فيها كما يشاء فعلى العباد أن يعلقوا قلوبهم بالله ويسألوه ما ينفعهم من رخص الأسعار ووفرة الأرزاق ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له سعر قال بل أدعو أي بل أدعو الله تعالى أن يرخص الأسعار ويبسط الأرزاق.

وعلى العباد أيضاً: أن يرضوا ربهم بطاعته والقيام بشكر نعمته واجتناب معصيته فإنهم إن فعلوا ذلك فتح الله عليهم بركات من السماء والأرض كما قال جل جلاله (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون). وفي الأثر أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. فمحاسبة الناس أنفسهم ومراجعتهم أحوالهم وإصلاحهم سرائرهم وعلانيتهم من أسباب رفع العقوبات ونزول البركات.

ثانياً: أن غلاء الأسعار لم يسلم منه أفضل العهود وأزكاها عصرُ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، ففيه تسلية وعزاء لكل مجتمع قد يصاب في دنياه بشيء من المصائب ولو كان على دين وتقوى وصلاح فإن الابتلاءات كما تكون عقوبات فإنها قد تكون أيضاً لتكفير السيئات ورفع الدرجات.

ثالثاً: في قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق) تنبيه أن الله هو الذي يرزق عباده كما قال تعالى (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فهو الذي قد تكفل برزق عباده إنسهم وجنهم ودوابهم وبهائمهم كم قال تعالى (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وقال تعالى (وكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) فالذي يرزق الناس في حال الرخص هو الذي يرزقهم في حال الغلاء فلا ينبغي للمؤمن أن يأخذه الهلع والجزع بل يكون مطئمن القلب واثقاً من وعد الله تعالى عالماً بأن ما كتبه الله له فلا بد أن يصل إليه وما لم يكتبه له فلن يصل إليه. قد كتبه له رزقه بالتفصيل وهو في بطن أمه ابنَ مائة وعشرين يوماً.

اللهم إنا نسألك رخص الأسعار وبركة الأرزاق ودوام نعمة الأمن واجتماع الكلمة وتحكيم الشريعة إنك سميع الدعاء .

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فإنه إذا عرفنا أن المسعر هو الله تعالى وأنه هو الذي يُغْلِي الأسعار وهو الذي يُرْخِصُها عرفنا أن الذين يشنون الحملات المسعورة على ولاة أمورنا وفقهم الله إذا حصل شيء من ارتفاع الأسعار في بعض السلع حسب ما تقتضيه ظروف الوقت قد خالفوا السبيل القويم والمنهج المستقيم لما يلي:

أولاً: أن الأسعار بيد الله تعالى ، وكلنا يعلم أن الأسواق تقوم على مبدأ العرض والطلب فإذا كثرت السلع رخصت وإذا قلت ارتفعت. وقلتها وكثرتها أمره إلى الله تعالى.

ثانياً: أنهم حين يحرضون الرعية على الراعي والشعب على الحاكم من أجل هللات أو ريالات فهم في حقيقة الأمر لا يحلون مشكلة ولا يصلحون فساداً وإنما يطلبون دماراً عارماً وخراباً واسعاً فإن اختلاف الكلمة بين الراعية والرعية تفضي إلى مصائبَ وخيمة وأهوالٍ عظيمة كما لا يخفى عليكم جميعاً وقد تبين ذلك جلياً بعد أحداث الربيع العربي المزعوم.

ثالثاً: أن المسلم المؤمن الخاضع لأمر الله تعالى المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يربط بين بيعته لولاة أمره وبين ما يصله من دنياهم بل يبايعهم لله إن أعطوه حقه حمد الله وسمع وأطاع وإن منعوه حقه صبر واحتسب وسمع وأطاع أيضاً وحقه إن لم يصل إليه في الدنيا وصل إليه يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها» قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» رواه البخاري.

أما أن يرضى ويسمع ويطيع إذا أعطوه ويسخط أو يحرض أو يثير الفتنة إذا منعوه فهذا ليس من سلوك أهل الإيمان ففي صحيح البخاري أيضاً ( ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم .. ثم قال : ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط..) الحديث.

أيها الإخوة لنحمدِ الله ولنشكره على نعمه ومننه وآلائه فنحن نعيش في رغد من العيش ولو لم يكن لنا من الدنيا إلا أننا نعيش في أمن لكفى بها نعمة فكيف ونحن نتقلب في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى نعم الدين والدنيا فاشكروا الله فبالشكر تدوم النعم.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين..
|موقع الشيخ|.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو حذيفة الجمعي قريشي ; 02 Jan 2018 الساعة 09:10 AM
رد مع اقتباس