عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05 Apr 2015, 04:37 PM
د.محمد الأمين زيان خوجة د.محمد الأمين زيان خوجة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 43
افتراضي

بارك الله فيكم إخوتي: ـ حسان و عبد الله و طارق ـ على مروركم الطيب، و جزاكم الله خيرا.
و أقول لأخي طارق جزاه الله خيرا : أنا لم أزد على نقل كلام الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ و قد أحلت على مصدر كلامه مع الصفحة، و الكتاب مطبوع ـ و لله الحمد ـ و من ليس لديه الكتاب، فهو موجود في المكتبة الشاملة أيضاً.
لكن أقول لأخي طارق: تنبيهك هذا عليه بعض الملاحظات، فأرجوا أن يتسع صدرك لقبولها.
الملاحظة الأولى: معلوم أخي أنّ الإسناد من الدين، و من أسند فقد أحالك، و أبرأ ذمته، و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فأين هي نقولاتك أخي و لمن هذا الكلام؟ الواقع أنّك لم تذكر و لو كلاما واحدا لعالم من العلماء لا من المتقدمين و لا من المتأخرين. خاصة أخي و أنت تنقل الإجماع. فمن نقل هذا الإجماع؟ و من حكى هذا الإجماع؟ أم تأتينا بنقل لا خطام له و لا زمام، أما تعلم أخي أنّ الإجماع من أعظم الأدلة. و قد رهّب العلماء من ادعاء الإجماع، حتى قال الإمام أحمد رحمه الله "من ادعى الإِجماع فقد كذب، لعل الناس قد اختلفوا، هذه دعوى بشر المَرِّيسي والأصم ، ولكن يقول: لا نعلم، لعل الناس اختلفوا ولم يبلغه".
و قال: "كيف يجوز للرجل أن يقول: أجمعوا إذا سمعتهم يقولون: أجمعوا فاتهمهم، لو قال: إني لم أعلم لهم مخالفاً جاز"
و قال: "هذا كذب، ما علمه أن الناس مجمعون، ولكن يقول: لا أعلم فيه اختلافاً، فهو أحسن من قوله: إجماع الناس".[ العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (4/ 1060)].
فأرجوا أخي أن تتثبت في نقل الإجماع.
الملاحظة الثانية: أنّ هذا الإجماع ـ إن صحّ نقله ـ فقد خالف فيه الشافعي ـ رحمه الله ـ كما نقل عنه الشيخ الألباني رحمه الله بعد كلامه السابق عنه: "وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول: أحدثه معاوية1 وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته".[ انظر الأجوبة النافعة (ص 24)]
الملاحظة الثالثة: أنّ القول بأنّه لم يفعلها من تلقاء نفسه بل بإشارة وإيماء من رسول الله عليه الصلاة والسلام، يحتاج إلى دليل و برهان و ما ذكره ابن عمر رضي الله عنهما كما نقله الشيخ الألباني على خلاف ذلك.
الملاحظة الرابعة: أنّ القول بأنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد تابعه على ذلك، هذا يحتاج إلى إثبات و إلاّ فما نقله الشيخ الألباني عن القرطبي على خلاف ذلك أيضا.
الملاحظة الخامسة: أين مصدر القول بأنّ أول من فعل ذلك هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هذا يحتاج أيضا إلى إثبات و نقل صحيح، و ما ذكره السائب بن يزيد فيه تصريح بأنّه لم يكن في خلافة عمر رضي الله عنه، عن السائب بن يزيد قال: «إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان خلافة عثمان رضي الله عنه -وكثروا- أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء » [أخرجه البخاري (916)، وأبو داود (1087)، والترمذي (516)، والنسائي (3/ 101)، وابن ماجه (1135)]
بل قد قيل بأنّ معاوية رضي الله عنه هو أول من فعله، و لكن هذا قد ردّه الشيخ الألباني فإنّه عند نقله لكلام الشافعي السابق و إنكار عطاء أن يكون عثمان أحدثه و يقول: أحدثه، قال: " لا وجه لهذا الإنكار فقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد كما قال الحافظ 2/328 ولو لم يكن فيه إلا حديث السائب لكفى وأما إحداث معاوية إياه فمما لا أعرف له إسنادا".[ الأجوبة النافعة ص 24].
الملاحظة السادسة: لاحظ أخي في كلامك هذا: "لكن المشكلة فيمن يخالفهم بعد الإطلاع على الإجماع المنعقد ويزيد انحرافا وضلالا لما يحمل كلام ابن عمر على الإحداث الشرعي لا اللغوي فيكون قد ضلل السلف والمهاجرين والأنصار أنهم أقروا البدعة المذمومة
فالله المستعان"
هل الشيخ الألباني ـ رحمه الله و غفر له ـ من هذا الصنف الذي ذكرتَه؟ لا شك أنّك لا تقصد هذا، و لكن كلامك يحتمل هذا و يُفهم منه، فأرجوا أن تبيّن مقصودك حتى لا تُوجّه إليك أصابع الاتهام.
و في الأخير معذرة أخي إن أزعجتك بهذه التعقبات، و إلاّ فبيان الحق و التثبت في نقل الأقوال من أصول المنهج السلفي الذي نجتمع حوله خاصة فيما يتعلق بالنقل عن الصحابة، أو نقل إجماع السلف.
و سبحنك اللهم و بحمدك أشهد ألاّ إله إلاّ أنت أستغفرك و أتوب إليك.

رد مع اقتباس