الموضوع
:
الحِكمَةُ: بِنَاءُ سُلُوكٍ وتَرْبِيَة.
عرض مشاركة واحدة
#
3
01 Oct 2019, 01:13 PM
أم وحيد
عضو
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
(269)
{ لمّا أمر تعالى
بهذه الأوامر العظيمة
المشتملة على
الأسرار والحكم
وكان ذلك
لا يحصل لكل أحد
، بل
لِمَن منَّ عليه وآتاه الله الحكمة
، وهي
العلم النافع
و
العمل الصالح
ومعرفة أسرار الشرائع وحكمها، وإنّ
مَن آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا
وأيّ خير أعظم من
خير فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما
! وفيه
التّخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء
، فـ
كمال العبد
متوقف على
الحكمة
، إذ
كماله
بتكميل
قوّتيه العلمية والعملية
. فـ
تكميل قوّته العلمية
بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به، و
تكميل قوّته العملية
بالعمل بالخير وترك الشرّ، وبذلك
يتمكّن
من
الإصابة بالقول والعمل
و
تنزيل الأمور منازلها
في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك، ولمّا كان
الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ومحبّة الخير والقصد للحق
، فبعث الله
الرّسل
مذكّرين لهم بما ركز في فطرهم وعقولهم، و
مفصلين لهم ما لم يعرفوه
، انقسم الناس قسمين:
-
قسم أجابوا دعوتهم
فتذكّروا
ما ينفعهم
ففعلوه، و
ما يضرّهم
فتركوه، وهؤلاء هم
أولو الألباب الكاملة
، و
العقول التامّة
،
-و
قسم لم يستجيبوا لدعوتهم
، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد، و
تركوا طاعة رب العباد
، فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: (
وما يذكر إلاّ أولو الألباب
) } انتهـ.
وقال الحافظ الإمام ابن كثير رحمه الله:
{ وقوله : (
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ
) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقدمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله .
وروى جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا :
الحكمة
: القرآن . يعني :
تفسيره
، قال ابن عباس : فإنه [
قد
]
قرأه البر والفاجر
. رواه ابن مردويه .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يعني بـ
الحكمة
: الإصابة في القول .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : (
يؤتي الحكمة من يشاء
) ليست بالنبوة ، ولكنه العلم والفقه والقرآن .
وقال أبو العالية :
الحكمة خشية الله
، فإنّ خشية الله رأس كلّ حكمة .
وقد روى ابن مردويه ، من طريق بقية ، عن عثمان بن زفر الجهني ، عن أبي عمار الأسدي ، عن ابن مسعود مرفوعا : "
رأس الحكمة مخافة الله
" .
وقال أبو العالية في رواية عنه :
الحكمة
: الكتاب والفهم . وقال إبراهيم النخعي :
الحكمة
: الفهم . وقال أبو مالك :
الحكمة
: السُّنَّة . وقال ابن وهب ، عن مالك ، قال زيد بن أسلم :
الحكمة
: العقل . قال مالك :
وإنّه ليقع في قلبي أنّ الحكمة هو الفقه في دين الله ، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله ، ومما يبين ذلك ، أنك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا ذا نظر فيها ، وتجد آخر ضعيفا في أمر دنياه ، عالما بأمر دينه ، بصيرا به ، يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا ، فالحكمة : الفقه في دين الله .
وقال السدي :
الحكمة
: النبوة .
والصحيح أنّ
الحكمة
كما قاله الجمهور لا تختصّ بالنبوّة ، بل هي أعمّ منها ، و
أعلاها النبوة
، و
الرسالة أخص
، ولكن
لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع
، كما جاء في بعض الأحاديث : "
مَن حفظ القرآن فقد أدرجت النبوّة بين كتفيه غير أنّه لا يوحى إليه
" . رواه وكيع بن الجراح في تفسيره ، عن إسماعيل بن رافع عن رجل لم يسمه ، عن عبد الله بن عمر وقوله .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ويزيد قالا : حدثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
لا حسد إلاّ في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً، فسلّطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلّمها
" .
وهكذا رواه البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه من طرق متعددة عن إسماعيل بن أبي خالد ، به .
وقوله : (
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
) أي : وما ينتفع بالموعظة والتذكار إلا من له لب وعقل يعي به الخطاب ومعنى الكلام.}. انتهـ.
الصور المرفقة
رأس الحكمة مخافة الله.jpg
(51.7 كيلوبايت, المشاهدات 2652)
ومن يؤت الحكمة.jpg
(29.3 كيلوبايت, المشاهدات 922)
ربنا وابعث فيهم رسولا.jpg
(45.8 كيلوبايت, المشاهدات 824)
أم وحيد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أم وحيد
البحث عن المشاركات التي كتبها أم وحيد