عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11 Mar 2010, 11:40 AM
أبو إبراهيم خليل الجزائري أبو إبراهيم خليل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 379
افتراضي من صور الغلوّ متابعة المتبوع في كلّ ما يدعو إليه.



السلام عليكم و رحمة الله وبركاته


" من صور الغلوّ متابعة المتبوع في كلّ ما يدعو إليه "



وهذا مثل غلو الروافض في أئمتهم ، و غلاة الصوفية في مشايخ الطرق ، و مثل غلاة المتعصبة من أصحاب المذاهب الفقهية ، ومثل المتحزبين للجماعات و مشاهير الدعاة ، و هؤلاء من لم يصرح منهم باعتقاده عصمة متبوعه فلسان حاله يشهد عليه بمقتضاه.

و مذهب أهل السنة و الجماعة أن كل من عدا الرسول صلى الله عليه و سلم فلا يلزم اتباع شيء من قوله ، إلا ما وافق فيه الحق الكتاب و السنة ، ومتى خالفهما أو واحدا منهما رددنا قوله ، ثم إن كان ممن لا يتعمد مخالفة النصوص اعتذرنا له بأحسن اعتذار ، وإن كان المخالف لهما ممن لا يبالي بنصوص الشرع فهذا لا وزن له .

و قد برأ الله أئمة الإسلام من هذه الدركة ، و الحمد لله.

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا }( النساء : 59 ).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " ليس أحد إلا يؤخذ من قوله و يدع ، غير النبي صلى الله عليه و سلم ".
رواه الطبراني ، و قال الهيثمي : رجاله موثقون (1).

و قال أيضا : " أراهم سيهلكون ، أقول : قال النبي صلى الله عليه و سلم ، و يقول : نهى أبو بكر و عمر ".
رواه أحمد في مسنده ، وفيه شريك و هو ضعيف .(2).

وعن مجاهد قال :" ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه و سلم إلا يؤخذ من قوله و يترك ، إلا النبي صلى الله عليه و سلم ".(3).

وقال أحمد : " عجبت لقوم عرفوا الإسناد و صحته يذهبون إلى رأي سفيان ! و الله تعالى يقول : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } ، أتدري ما الفتنة ؟ الفتنة الشرك ، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك " (4).

و كلام السلف في تقرير هذا الأصل العظيم كثير مشهور متداول بين أهل العلم .

و تقرير هذا الأصل العظيم لا يلزم منه بغض الأئمة الأربعة و أمثالهم من أئمة الإسلام ، ولا تنقصهم ، و لا يلزم منه الطعن في دواوين الفقه و موسوعاته التي ألفها جهابذة الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة ، وإنما يبين هذا الأصل أنه لابد من اتباع الدليل إذا كان قول العالم بخلافه ، لأن الله عز وجل إنما أمرنا بإجابة المرسلين ولم يكلفنا بإجابة أحد سواهم.

فهذه الكتب تدرس و ينتفع بها ، لكن دون غلو يؤدي بصاحبه إلى اطراح نصوص الكتاب و السنة تعصبا لإمامه المتبوع.

وأما أتباع الجماعات المعروفة بالإسلامية اليوم فالواجب عليهم أيضا أن يستمسكوا بالسنة و يوالوا عليها ، وأن يحذروا البدع وأن يجتنبوا أهلها ، و أن يتجردوا للحق ، و أن يجعلوا طلب الحق هو ديدنهم ، لا أن يجعلوا تعاليم الجماعة و قادتها هو الحق الذي ليس بعده إلا الضلال ، فهذا هو التعصب المقيت ، و الغلو الذي نهانا الله عنه و رسوله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا أيضا يجب على أهل السنة المنتمين للسلف الصالح أن يلتزموا بهذا الهدي ، فإذا صدرت زلة من عالم سني كبير فضلا عمن هو دونه أن يتحروا الحق و ينتصروا له ، و ليحذروا أن تحملهم المحبة أن ينتصروا لزلته و يحشدوا من الشبهات ما يقوون بها زلته فهذا هو عمل أهل الأهواء ، و إذا كان العالم وقع في زلة خطأ أو اجتهادا أو تأويلا أو نحو ذلك مما يعذر به فليس حال المنتصرين له بالهوى كذلك ، فالمنتصرون له على زلته على خطر عظيم ، قال صلى الله عليه وسلم في حق المجتهد : " و إذا اجتهد فأخطأ فله أجر " ، فالعالم مأجور في اجتهاده ، معذور في خطئه ، و أما المنتصر له هوى و محبة ، فقد قال تعالى : { فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب } ( ص : 26 ).

الحواشي :

(1) المعجم الكبير : (11/269 رقم:11941) ،مجمع الزوائد : (1/179).
(2) مسند أحمد : (1/337 ،ح 3121)
(3) قرة العينين : (1/73).
(4) قال في فتح المجيد (2/647) : هذا الكلام من الإمام أحمد رواه عنه الفضل بن زياد و أبو طالب.



مستل من كتاب " الغلو و مظاهره في الحياة المعاصرة " للشيخ علي بن يحيى الحدادي حفظه الله بتقديم الشيخين الفاضلين أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله ، و الشيخ وصي الله عباس حفظه الله.

رد مع اقتباس