عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03 May 2015, 12:50 PM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي نكتة لطيفة في كتاب الفتن من "صحيح البخاري"



بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه، أمَّا بعد:

فهذه نكتةٌ لطيفة متعلِّقة بكتاب الصَّحيح لأبي عبد الله البخاريِّ رحمه الله، بحثتُ فيما طالته يدي من شروح الكتاب فلم أجد من أشار إليها أو أفاد بها، فأحببت أن أشارك بها من يقف عليها.

افتتح البخاريُّ رحمه الله ـ وهو المعروف بتصرُّفاته العجيبة في ترتيب كتابه وتراجم أبوابه ـ كتابَ الفتن ببيان ما كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يحذِّر من الفتن عامَّة، ثمَّ شرع في سرد أنواع الفتن الَّتي حذَّر منها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الأخبار الصَّحيحة عنه، فكان أوَّل ذلك أن ذكر تحذيرَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من فتنة الخروج على ولاة الأمر ومفارقة الجماعة، فعقد لذلك بابين: باب قول النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «سترون بعدي أمورًا تنكروها»، وباب قول النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «هلاك أمَّتي على يدي أغيلمة سفهاء»، وأورد تحت البابين سبعة أحاديث، خمسة مسندة واثنان معلَّقان، تتضمَّن بجملتها التَّحذيرَ من الخروج على ولاة الأمر وبيان أنَّهم سيغيِّرون في أمور الدِّين ويستأثرون بالدُّنيا، والأمرَ بالصَّبر عند ذاك، وتركِ منازعتهم والسَّعيِ في حلِّ عقد البيعة لهم ما لم يأتوا بالكفر البواح.

ومع أنَّ الفتن كثيرة ومتنوِّعة، ومنها ما هو أعظم من فتنة الخروج على ولاة الأمر كفتنة الدَّجال الَّتي هي أعظم فتنة تعرض في الدنيا إلَّا أنَّ البخاريَّ آثر البدء بالفتن المتعلِّقة بالخروج على والولاة ومنابذتهم بالسَّيف إذا جاروا.

والَّذي يقتضي تقديم هذا النَّوع من الفتن والبدءَ به مع أنَّ فيها ما هو أكبر منه أمران اثنان:

الأوَّل: أنَّ هذا النَّوع هو أوَّل ما تُبتلى به الأمَّة من الفتن، وقد كان ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه، لمَّا قام عليه الطَّغمة الأحداث فسفكوا دمه رضي الله عنه، وقد أخبر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ السَّيف إذا وُضع في أمَّة الإسلام فإنَّه لا يرفع عنهم حتَّى تقوم السَّاعة.

والأمر الثَّاني: أنَّ فتنة الدَّجال أو يأجوج ومأجوج ونحوها خاصَّةٌ بمن يكون في آخر الزَّمان، ولا تصيب من تقدَّم قبل وقوعها، بخلاف فتنة الخروج على الولاة، فإنَّها عامَّة في قرون الأمَّة جميعها، لا يخلو زمنٌ من فئةٍ مخذولة تقوم على الأئمَّة بالسَّيف فتجلب الفساد والدَّمار على أمة الإسلام في ذلك الزَّمن.

وما كان من الفتن عامًّا في الأزمان كلِّها فهو في الشَّرِّ والضَّرر دون فتنة القيام على الولاة، فأشد الفتن خطرًا على الدِّين والدُّنيا ممَّا يعمُّ قرون الأمَّة كلِّها هي فتة الخروج.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 03 May 2015 الساعة 04:27 PM
رد مع اقتباس