عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 06 Jan 2018, 04:46 PM
أبو عبد الأكرم مجيد بوعلي قدور أبو عبد الأكرم مجيد بوعلي قدور غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 26
افتراضي التعليق المختصر والتّخريج الشّرعي المنتظر للشّيخ سليمان الرّحيلي حفظه الله تعالى على البيتين.

[b]قال الشيخ سليمان الرّحيلي حفظه الله تعالى:
(بهذا نأتي إلى أمر مهمّ جدّأ لابدّ أن نتطرّق إليه، وإن كان الشّرح مختصرا، وهي مسألة البيتين المشهورين على ألسنة الناس والوعّاظ والدّعاة، وهي التي يقال فيها،
تعصي الإله وأنت تزعم حبّه هذا لعمرك في القياس شنيع
لو كان حبّك صادقا لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
ويروى البيت الأوّل على وجه آخر، وهو -يقال-
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
هذان البيتان ينسبان للإمام الشّافعي في كتب الأدب وينسبان لأبي العتاهية الشّاعر الزّاهد المعروف كما في شعب الإيمان للبيهقي وينسب لمحمّد بن الحسن بن الحنفيّة أنّه كان يتمثّل بهما كما في شعب الإيمان عند البيهقي، وتنسبان لمحمود الورّاق. ويستشهد بهما بعض أهل العلم، كالشّيخ ابن عثيمين رحمه الله، كان يستشهد بهما، والشّيخ الألباني رحمه الله كان يستشهد بهما، وكذا بعض شرّاح الحديث.
فما الموقف من هذين البيتين؟
نقول يا إخوة، إن كان المقصود بالمعصية هنا كلّ المعاصي، بها فيها الشّرك بالله، بحيث لا يعبد الله إلاّ قليلا، المنافقين الذين يشركون بالله ويفعلون المعاصي، ولا يذكرون الله إلاّ قليلا، وعبّاد عيسى عليه السّلام، وعبّاد العزير عليه السّلام، وعبّاد الملائكة، فالبيتان صحيحان على ظاهرهما. تعصي الإله وأنت تزعم حبّه، وأنت تظهر حبّه، هذا لعمرك في القياس شنيع، أو بديع : يعني مخترع لا يجري على سَنَن القياس، لو كان حبّك صادقا لأطعته، إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع. وعلى هذا المعنى البيتان مأخوذين من قول الله عزّ وجلّ : (( قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعون، يحببكم الله)) هذا الوجه واضح.
الوجه الثّاني: إذا كان المراد بالمعصية: المعاصي التي تقع من المسلمين، وكان المراد بالمحبّة محبّةَ المسلمين التي تقتضي القرب من الله، فالبيتان صحيحان. تعصي الإله : أيّها المسلم، وأنت تظهر حبّه: تزعم أنّ قلبك مليء بالحبّ لله، هذا لعمرك في القياس شنيع، لو كان حبّك صادقا لأطعته: لأنّ هذا هو مقتضى المحبّة، ولا يعني أنّ المحبّة تنفى عن العاصي، لكن المقصود هنا أنّ محبّة المسلم لله التي تقتضي البعد عن المعاصي والقرب من الله، هذه ليست موجودة أو ضعيفة، فالمعنى صحيح. وعلى هذا نقول إنّ العلماء الذين يستشهدون بهذين البيتين من علماء أهل السنّة يريدون هذا.
و الوجه الثّالث –وانتبهوا له-: أن يراد أنّ العاصي لايحبّ الله أصلا، وهذا لا يقوله أهل السنّة والجماعة، لأنّ أهل السنّة والجماعة يقولون [ إنّ العاصي المسلم وإن ارتكب الكبيرة، لا يخرج من الإسلام، فعنده محبّة لله أصبح بها مسلما]، وإنّما يقول هذا -أعني-: أنّه لا يحبّ أصلا الخوارجُ، الذين يرون أنّ مرتكب الكبيرة بارتكابه الكبيرة يخرج من الإسلام، فهو لايحبّ الله أصلا، وأهل السنّة يأْبَون هذا، يقولون [إنّ مرتكب الكبيرة وإن كان على خطر، وإن كان على ذنب عظيم، وإن كان معرّضا للعقوبة، إلاّ أنّه مسلمٌ، فهذا يدلّ على ضعف المحبّة-محبّة المسلم-، أو عدمها، لا عدم محبّةٍ، المحبّةُ التي يصبح بها مسلما]. وعلى هذا قال بعض المشايخ من المعاصرين من أهل العلم الفضلاء الذين نعرفهم بالعلم :(إنّ هذين البيتين فيهما نفس خارجيّ) فهذا المعنى الأخير.
وإذا عرفنا التّفصيل عظُم عندنا التّحصيل. وعرفنا ضبط المسألة عند أهل العلم.
فعندا تأتي عند سلسلة الأحاديث الصّحيحة، وتجد أنّ الشّيخ الألباني رحمه الله استشهد بهذين البيتين، فاعلم أنّه يريد الوجه الأوّل والثّاني ليس الثّالث، كذلك الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله، لمّا ذكر هذين البيتين مستشهدا بهما إنّما يعني الوجه الأول والثّاني، أمّا الوجه الثّالث فلا يريده أحد من أهل السّنّة والجماعة.
وهذه فائدة عضّوا عليها بالنّواجذ.)

رد مع اقتباس