عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 23 Jul 2014, 07:00 PM
هشام بن حسن هشام بن حسن غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 270
إرسال رسالة عبر MSN إلى هشام بن حسن إرسال رسالة عبر Skype إلى هشام بن حسن
افتراضي

بارك الله فيكم-أخي العزيز- على هذه الإفادات العلميّة المتعلّقة بقيام العشر الأواخر والاجتهاد فيها، واسمح لي بإيراد زيادات واستفسارات :
1/* أوافقكم على أنّ تعدد الجماعات في أول الليل وآخره لم يثبت في السنّة وعمل السلف الصالح، وإن كان الأمر فيه واسع لإقرار أنس بن مالك كما قد ذكرتم، ولكنّ قد يفهم من كلامكم –وفقكم الله- وجوب حصر الصلاة في إحدى عشرة ركعة، وهذا –إن كان الفهم صحيحا- فيه نظر من وجوه أختصرها في التالي :
-أنّه يخالف عمومات النصوص المبيحة للزيادة والتي فيه أنّ قيام الليل من النفل المطلق لا المقيّد، ففي تقييده حجر لواسع، فمنها (بالإضافة إلى عموم الآيات القرآنية) ما جاء في حديث ابن عمر أيضا أنّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال: " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح ركعة واحدة توتر له ما قد صلى "متفق عليه وفي رواية:فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن يسلم في كل ركعتين (صلاة التراويح للألباني ص 104)
فالعموم في الحديث ظاهر، وتفسير ابن عمر يؤيّده، فلو فهم الخصوص لنصّص عليه ههنا .
ومنها حديث عبد الله بن عمر بن العاص – رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:" أحبّ الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما ويفطر يوما"
ففيه تقييد القيام بالثلث لا بعدد الركعات، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا جاء في شرعنا ما يقرّه، كما لا يخفى .
-لا يسلّم لقول من قال بعدم ثبوت الزيادة مطلقا، فقد ثبت كما في البخاري من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين"
فقولها : يصلي بالليل، يخرج ما قد يتوهم من أنها راتبة العشاء .
ويؤيد أثر عائشة ما ثبت عن ابن عباس كما في الصحيحين وزيد بن خالد الجهني كما في صحيح مسلم .
-لم يؤثر عن أحد من السلف الحكم ببدعية الزيادة على إحدى عشرة ركعة، وإن ذهب بعض العلماء إلى الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة كابن العربي والصنعاني(وإن كان مذهبه لا يرتضى لحكمه على بدعية الصلاة جماعة ولمزه لقول عمر : نعمت البدعة هي) و الألباني رحمهم الله فهو اجتهاد لا ينقص من قدرهم وعلمهم ، بخلاف من يطعن فيهم وخصوصا الإمام الألباني لأجل مخالفة رأي الأكثرين، والشيخ- رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- من إنصافه أنه لا يدعو لتقليده والتعصب لرأيه واجتهاده ،وهو الذي ذكر كلاما ما معناه –كما في رحلة النور- أنّ من يخالفني بالدليل أفضل من الذي يقلّدني بلا دليل، وما يُنقل عن الإمام مالك -رحمه الله- إنكاره الزيادة فيحتاج إلى تحقيق لأنه خلاف المتعارف عليه في مذهبه، ولا يوجد هذا النقل في كتب المالكية من المتقدمين أو المتأخرين، وقد نقل الحافظ ابن عبد البر -وهو أكابر المالكية المحدّثين- في ( التمهيد 21/70 ) عدم الخلاف في ذلك ( أي الإجماع على جواز الزيادة).

-أنّ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم إطالة هذه الركعات في القراءة أو الركوع أو السجود، فالاقتداء به صلى الله عليه وسلم لا يكون في العدد فحسب، بل في الكيفية أيضا، وأما من لم يقدر -كحال أكثرنا- فله مندوحة من عمل السلف الصالح، وقد وردت عنهم آثار كثيرة يشدّ بعضها بعضا كما لا يخفى على من تأمّل فيها، ولست أنشط الآن لجمعها وتخريجها .
وأختم هذه النقطة الأولى بكلام مهم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال :" ...ويشبه ذلك من بعض الوجوه تنازع العلماء في مقدار القيام في رمضان فإنه قد ثبت أن أبي بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة في قيام رمضان ويوتر بثلاث. فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر. واستحب آخرون: تسعة وثلاثين ركعة؛ بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم. وقال طائفة: قد ثبت في الصحيح عن عائشة {أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة} واضطرب قوم في هذا الأصل لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين. والصواب أن ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد رضي الله عنه وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عددا وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام بالليل حتى إنه قد ثبت عنه في الصحيح من حديث حذيفة {أنه كان يقرأ في الركعة بالبقرة والنساء وآل عمران فكان طول القيام يغني عن تكثير الركعات} . وأبي بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ثم بعد ذلك كان الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام فكثروا الركعات حتى بلغت تسعا وثلاثين.(مجموع الفتاوى 113/23-114) .
وقال في موضع آخر:" كما أن نفس قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددا معينا؛ بل كان هو - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة لكن كان يطيل الركعات فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث وكان يخف القراءة بقدر ما زاد من الركعات لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن. والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين فإن كان فيهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك ولا يكره شيء من ذلك. وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره. ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ فإذا كانت هذهالسعة في نفس عدد القيام فكيف الظن بزيادة القيام لأجل دعاء القنوت أو تركه كل ذلك سائغ حسن." مجموع الفتاوى (272/22-273 .)

2/*الأمر الثاني من الزيادات على ما تفضلتم بذكره : يمكن أن يقال بأنّ المصلي يصلّي مع إمامه بما في ذلك ركعة الوتر ثم يزيد في بيته بما شاء والأفضل أن يكون ذلك بركعتين اثنتين، وقد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما بعد وتره كما حقّق ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في بعض كتبه كالصحيحة .
فإذا كان لديكم تعقيبا على ما ذكرت فنستفيد منكم – حفظكم الله ورعاكم- .


التعديل الأخير تم بواسطة هشام بن حسن ; 23 Jul 2014 الساعة 07:18 PM
رد مع اقتباس