عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 17 Feb 2010, 02:45 PM
محمد جميل حمامي محمد جميل حمامي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: القدس
المشاركات: 17
افتراضي

الثالثة : منهجهم في إفراد العبودية لله


التوحيد هو أول واجب دعا إليه الرسل ، و هو أصل دعوتهم كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: من الآية36)
و التوحيد هو أعظم حق لله تعالى على عبيده ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) [ الصحيحين ]
قال شيخ الإسلام : ( التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده ، بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله ،ولا يعبدوا إلا إياه ،ولا يتوكلوا إلا عليه ،ولا يوالوا إلا له ، ولا يعادوا إلا فيه ، ولا يعملوا إلا لأجله ، وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية) ا.هـ
وهذا النوع من التوحيد – إفراد الله بالعبادة – هو الذي وقع فيه النـزاع من قديم الدهر وحديثه و هو الذي أرسلت الرسل لتقريره ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات:56)
قال الإمام ابن جرير الطبري : ( .. لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخق عبادته إلا الله الذي هو خالق الخلق ومالك كل شيء ) [ جامع البيان 26/53]
و قال الإمام القرطبي : ( أصل الشرك المحرم اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية وهو الشرك الأعظم وهو شرك الجاهلية ) [ تفسير القرطبي 5/118]
و قال الإمام الألباني : ( الشرك في الألوهية أو العبودية وهو أن يعبد مع الله غيره من الأنبياء و الصالحين كالاستغاثة بهم وندائهم عند الشدائد ونحو ذلك ) [شرح الطحاوية 7 ]
قال العلامة صالح الفوزان : ( يجب صرف العبادة بجميع أنواعها لله وحده لا شريك له؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء حي أو ميت؛ كما يفعل اليوم عند الأضرحة المبنية على القبور؛ فإن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد؛ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ولا غيرهم‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ‏}[ النساء :116]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}[ الجن : 18 ] ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا‏}[ النساء :36 ]) [ الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد 32 ]

و أدلة هذا الأصل الأصيل كثيرة بحمد الله ، لا ينكر ذلك إلا رجل طمس على قلبه وبصره و العياذ بالله ، وقال {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (المؤمنون:117) وقال : { وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} (يونس:106)
و قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ) [ الترمذي ] و قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) [ البخاري ] و الدعاء هو العبادة كما صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز صرف شيء منه لغير الله .

ولا يغرنك قول الزائغين ! أنهم يتقربون إلى الله بنبي أو وليّ ولا يعبدوهم ! فهذا عين حجة كفار قريش قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (يونس:18) )و إذا أمر الله نبيه أن يقول : { قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} (الجـن:21) و أن يقول : {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (لأعراف:188) فهو في حق غيره أولى بالمنع .

فيجب الإهتمام بهذا الأمر والاجتهاد في تعليمه للناس فهم في جهل منه ، وهذا إبراهيم عليه السلام يخاف على نفسه الشرك فيدعو ربه {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (ابراهيم:35) وقد بوب الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم – وحريّ بكل مسلم أن يديم النظر في هذا السفر المبارك – باب الخوف من الشرك .
وقد أخبر النبي في غير ما حديث أن الشرك سيقع في أمته ومن هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد الأوثان ) [ صحيح الجامع7295 ] . قال الإمام الألباني في كتابه تحذير الساجد : ( ففي هذه الأحاديث دلالة قاطعة على أن الشرك واقع في هذه الأمة فإذ الأمر كذلك فيجب على المسلمين أن يبتعدوا عن كل الوسائل و الأسباب التي قد تؤدي بأحدهم إلى الشرك )

رد مع اقتباس