عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 10 Feb 2011, 11:17 AM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

فتاوى العلاَّمة عبد العزيز بن باز رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء
فقد سُئل بـمكة يوم (26) من ذي الحجة (1414هـ) ـ وهو مسجل في التوعية الإسلامية ـ عمّا يأتي :
السؤال الأول:
الجماعة الإسلامية المسلّحة بالجزائر قَوَّلَتْكم أنَّكم تؤيّدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السّلاح عمومًا، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم مع ذكر ما أمكن من الأدلّة جزاكم الله خيرا؟
الجواب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز:
(( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلّى الله وسلّم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد نصحنا إخواننا جميعًا في كل مكان ـ أعني الدّعاة ـ نصحناهم أن يكونوا على علم وعلى بصيرة وأن ينصحوا الناس بالعبارات الحسنة والأسلوب الحسن والموعظة الحسنة وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، عملا بقول الله سبحانه: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [النحل 125]، وقوله سبحانه: ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) [العنكبوت 46]، فالله جلّ وعلا أمر العباد بالدعوة إلى الله وأرشدهم إلى الطريقة الحكيمة، وهي الدعوة إلى الله بالحكمة يعني بالعلم: قال الله، قال رسوله، وبالموعظة الحسنة وجدالهم بالتي هي أحسن، عند الشّبهة يحصل الجدال بالتي هي أحسن والأسلوب الحسن حتى تزول الشّبهة.
وإن كان أحد من الدّعاة في الجزائر قال عنّي: قلت لهم: يغتالون الشّرطة أو يستعملون السّلاح في الدعوة إلى الله هذا غلط ليس بصحيح بل هو كذب .
إنَّما تكون الدعوة بالأسلوب الحسن: قال الله، قال رسوله، بالتّذكير والوعظ والتّرغيب والتّرهيب، هكذا الدعوة إلى الله [ص-33] كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكّة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان، ما كانوا يَدْعُون الناس بالسّلاح، يدعون الناس بالآيات القرآنية والكلام الطيّب والأسلوب الحسن؛ لأنَّ هذا أقرب إلى الصّلاح وأقرب إلى قبول الحق.
أمَّا الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنّة أصحابه، لكن لَمَّا ولاَّه الله المدينة وانتقل إليها مهاجرًا كان السّلطان له في المدينة وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك.
فالدّعاة إلى الله عليهم أن يَدْعُوا إلى الله بالأسلوب الحسن: بالآيات القرآنية والأحاديث النّبوية، وإذ لم تُجدِ الدعوة رفعوا الأمر للسّلطان ونصحوا للسّلطان حتى ينفّذ، السّلطان هو الذي ينفّذ، يرفعون الأمر إليه فينصحونه بأنّ الواجب كذا والواجب كذا حتى يحصل التّعاون بين العلماء وبين الرؤساء من الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريّات، الدّعاة يرفعون الأمر إليهم في الأشياء التي تحتاج إلى فعل: إلى سجن، إلى قتل، إلى إقامة حدّ، وينصحون ولاة الأمور ويوجّهونهم إلى الخير بالأسلوب الحسن والكلام الطيّب، ولهذا قال جلّ وعلا: ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [العنكبوت 46]، فلو ظلم أحد من أهل الكتاب أو غيرهم فعلى وليّ الأمر أن يعامله بما يستحق، أما الدّعاة إلى الله فعليهم بالرّفق والحكمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزَع من شيء إلا شانه ، ويقول عليه الصلاة والسلام: مَن يُحْرَم الرّفق يحرم الخير كله .
فعليهم أن يَعِظوا الناس ويذكّروهم بالعذاب والأحاديث ومن كان عنده شبهة يجادلونه بالتي هي أحسن: الآية معناها كذا، الحديث معناه كذا، قال الله كذا، قال رسوله كذا، حتى تزول الشّبهة وحتى يظهر الحق.
هذا هو الواجب على إخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر ، فالواجب عليهم أن يسلكوا مسلك الرسول عليه الصلاة [ص-34] والسلام حين كان في مكّة والصّحابة كذلك، بالكلام الطيّب والأسلوب الحسن؛ لأنّ السلطان ليس لهم الآن لغيرهم، وعليهم أن يناصحوا السلطان والمسؤولين بالحكمة والكلام الطيب والزّيارات بالنيّة الطيبة حتى يتعاونوا على إقامة أمر الله في أرض الله، وحتى يتعاون الجميع في ردع المجرم وإقامة الحق.
فالأمراء والرّؤساء عليهم التّنفيذ، والعلماء والدّعاة إلى الله عليهم النصيحة والبلاغ والبيان. نسأل الله للجميع الهداية )).



السؤال الثاني:
قامت الجماعة الإسلامية المسلّحة بتهديد أئمّة وزارة الشّئون الدينيّة بالجزائر، الذين لا يصرّحون بسبّ الحكّام على المنابر؛ إمّا توقيف صلاة الجماعة والجمعة وإمّا القتل بحجّة أنّه موظّف لدى الطّواغيت، وقد نفّذوا القتل في مجموعة من الأئمّة الذين لم يستجيبوا لهم كما تعطّلت صلاة الجماعة في بعض المدن فما حكم هذا الفعل؟
الجواب: (( ما يصلح هذا! هذا أيضا غلط، هذا ما يصلح! الواجب على الدّعاة أن ينصحوا الناس بالكلام الطيب ينصحوا الخطباء وينصحوا الأئمّة حتى يستعملوا ما شرع الله.
أمَّا سبّ الأمراء على المنابر فليس من العلاج، فالعلاج الدّعاء لهم بالهداية والتّوفيق وصلاح النّيّة والعمل وصلاح البطانة، هذا هو العلاج،لأنّ سبّهم لا يزيدهم إلا شرّا، لا يزيدهم خيرًا، سبّهم ليس من المصلحة، ولكن يُدعَى لهم بالهداية والتّوفيق والصّلاح حتى يقيموا أمر الله في أرض الله وأنّ الله يصلح لهم البطانة أو يبدلهم بخير منهم إذا أبوا، أن يصلحهم أو يبدلهم بخير منهم، أما سبّهم ولعنهم أو سب الشّرطة أو لعنهم أو ضربهم أو ضرب الخطباء كل هذا ليس من الإسلام .
الواجب النصيحة والبلاغ والبيان قال الله جلّ وعلا:( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ ) [إبراهيم 52]، فالقرآن بلاغ والسنة بلاغ، قال جلّ وعلا: ( وأُوحِيَ إليّ هذا القرءانُ لأُنْذِرَكم به ومَن بَلَغ ) [الأنعام 19]، قال جلّ [ص-35] وعلا: ( وَأَنْذِرِ النَّاسَ) [إبراهيم 44]،( إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [هود 12].
فالعلماء هم خلفاء الرّسل، ينذرون الناس ويحذّرونهم من عقاب الله، ويرشدونهم إلى طاعة الله، ويأمرونهم بتقوى الله، ويحذّرونهم من معاصي الله، وينصحون ولاة الأمور من الأمراء وغيرهم، ينصحونهم، يوجّهونهم إلى الخير ويَدْعُون لهم بالهداية؛ لأنّ هذا أقرب إلى النّجاح وأقرب إلى الخير حتى تنتشر الدعوة، وحتى يتفقّه الناس في الدين، وحتى يعلموا أحكام الله.
أما إذا عُوملوا بالضّرب أو بالوعيد للخطباء وغيرهم كان هذا من أسباب ظهور الشّرّ وكثرة الشّرِّ وقلَّة الخير. لا حول ولا قوّة إلا بالله. نعم؟ )).



السؤال الثّالث:
كما قامت هذه الجماعة بقتل بعض النساء اللاّئي أبين ارتداء الحجاب، فهل يسوغ لهم هذا؟
الجواب: (( هذا أيضا غلط، لا يسوغ لهم هذا، الواجب النصيحة، النصيحة للنّساء حتى يحتجبن، والنصيحة لمن ترك الصلاة حتى يصلّي، والنصيحة لمن يأكل الرّبا حتى يدع الرّبا، والنصيحة لِمَن يتعاطى الزّنى حتى يَدَع الزّنى، والنصيحة لمن يتعاطى شرب الخمر حتى يدع شرب الخمر، كلٌّ يُنصح، ينصحون: قال الله وقال رسوله: بالآيات القرآنيّة والأحاديث النبوية، ويحذّرونهم من غضب الله ومن عذاب يوم القيامة.
أما الضّرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدّعاة، هذا ينفّر من الدعوة، ولكن على الدّعاة أن يتحلّوا بالحلم والصبر والتّحمّل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها حتى يكثر أهل الخير ويقلّ أهل الشّرّ، حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا )).



السؤال الأخير:
يا شيخ! سؤال أخير ـ بارك الله فيكم ـ: لعلّ بعض الإخوة مِمَّن يَميل إلى السلفية ويحبّ العلماء يصغي إلى كلام العلماء، فماذا تنصحون من تورّط في هذه الاغتيالات أو شيء من هذا يا شيخ؟
الجواب: (( أنصحهم بالتوبة إلى الله وأن يلتزموا الطريقة التي سار عليها السّلف الصّالِح بالدعوة إلى الله [ص-36] بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، الله يقول: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ) [فصلت 33]، فلا يوَرّطون أنفسهم في أعمال تسبّب التّضييق على الدعوة وإيذاء الدّعاة وقلّة العلم، لكن إذا كانت الدعوة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن كثر الدّعاة وانتفع الناس بهم، وسمعوا كلامهم واستفادوا منهم وحصل في المساجد وفي غير المساجد الحلقات العلميّة والمواعظ الكثيرة حتى ينتفع النّاس.
الله يهدي الجميع، نسأل الله للجميع الهداية والتّوفيق )) اهـ.


من كتاب : فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر
للشيخ : عبد المالك رمضاني الجزائري