عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 12 Apr 2020, 09:06 AM
يوسف شعيبي يوسف شعيبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
المشاركات: 107
افتراضي

جزى الله المشايخ الفضلاء على نصحهم لإخوانهم وأبنائهم، وتوجيههم إلى ما يعود عليهم وعلى السلفيين بالخير والنفع، ويدرأ الشر ويحسم الفساد، ولا يزال العلماء ينصحون بالرفق والحلم وتوخي الحكمة والعدل، ويوصون بالحفاظ على نقاء الدعوة السلفية وصفائها، والبعد عن كل ما يشينها وينفر الناس عنها.
قال الشيخ ربيع - حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- : "فأوصيكم يا إخوة أن تسيروا في طريق السلف الصالح تعلُّمًا وأخلاقًا ودعوةً، لا تشدُّد، لا غلوَّ، دعوةٌ يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية، والله تنتشر الدعوة السلفية بهذه الأساليب الطيِّبة.
أقول: بعض الناس ينتمون ظلمًا إلى هذا المنهج، برزوا بأساليب وأخلاق رديئة، ومنها ضربُ السلفية باسم السلفية، فشوَّهوا الدعوة السلفية بهذه الطريقة، فأنا أنصح الشباب السلفيَّ أن يتَّقي الله - عز وجل- ، وأن يتعلَّم العلم النافع، وأن يعمل العمل الصالح، وأن يدعو الناس بالعلم والحكمة.
يا إخوة! مواقعُ الإنترنت زفَّت الآن تلك الأساليب القبيحة والمليئة بالظلم وباسم السلفية، فجعلت الناس من أهل الأهواء يسخرون بمن يُسمَّون بالسلفيين، يسخرون منهم ويُصفِّقون فرحًا بهذه الأعمال، فأنصح هؤلاء بالتوبة إلى الله -عز وجل-، واستخدام الطرق والأساليب الشريفة، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأقول لهم: الذي تعلَّم منكم وفهم التفسير يقدِّم للناس مقالات في التفسير، آيات تتعلَّق بالأحكام، آيات تتعلَّق بالأخلاق، آيات تتعلَّق بالعقائد، ويشغل الناس بشيء ينفعهم، فهذه دعوة.
والذي يتمكَّن في الحديث ينشر مقالات في معاني الحديث وما يتضمَّنه من أحكام، ومن حلال ومن حرام ومن أخلاق...املؤوا الدنيا علمًا، الناس بحاجة إلى العلم، هذه المهاترات تشوِّه المنهج السلفي، وتُنفِّر الناس منه، واتركوا المهاترات سواء على الانترنت أو في أيِّ مجال من المجالات، في أيِّ بلد من البلدان، قدِّموا للناس العلم النافع، والجدالُ لا تدخلوا فيه مع الناس ولا مع أنفسكم، وقد قرأتم في هذا الكتاب -يعني كتاب الشريعة للآجري- أن السلف كانوا ينفرون من المناظرات، لا تناظر إلا في حال الضرورة، ولا يناظر إلا عالم يستطيع أن يقمع أهل البدع، ولا تدخلوا في خصومات بعضكم البعض، وإذا حصل شيء من الخطأ فردُّوه إلى أهل العلم، لا تدخلوا في متاهات وصراعات؛ لأن هذا ضيَّع الدعوة السلفية وأضرَّ بها أضرارًا بالغة ما شهدت مثله في تأريخ أهل السنة، وساعدت هذه الوسائل الإجرامية الإنترنت الشيطاني، كلُّ من حكَّه رأسه وضع بلاءه في الإنترنت، اترُكوا هذه الأشياء، تكلَّموا بعلم يشرِّفكم ويشرِّف دعوتكم، والذي ما عنده علم لا يكتب للناس لا في ٱنترنت ولا في غيره، وابتعدوا عن الأحقاد والضغائن، وإلَّا ستُميتون هذه الدعوة، وأرجو أن لا يكون فيكم أحدٌ شارك في هذا البلاء، أسأل الله أن يثبِّتنا وإيَّاكم على السنة.
اسمعوا يا إخوة! من عنده علم وأحكمه فليكتب في الإنترنت ما ينفع الناس في التفسير، وهو واسع يتضمَّن عقائد وأخلاقًا وأحكامًا ووعدًا ووعيدًا وحلالًا وحرامًا، والتفسير كذلك بحرٌ واللهِ تغرفون من بحر، خُذوا الأحاديث واشرحوها، استعينوا عليها بشروح العلماء شرحًا متقنًا، وأنزلوها للناس، في العقيدة، في العبادة، في الأخلاق، بأسلوب حكيم هادئ ينفع الناس، والله ترون السلفية كيف تتطور، وكيف تنمو، وكيف تضيء الدنيا منها، أما الآن تُظلِم السلفية -بارك الله فيكم- بهذه الطرق.
أنصحكم بترك الجدال والخصومة على الإنترنت وفي الساحات أيضا، أنصحكم بهذا.
والذي عنده علم يتكلَّم بعلم، يكتب بعلم، يدعو بعلم، يدعو بالحجة والبرهان، واجتنبوا الخلاف وأسباب الفرقة، لا تثيروها بينكم، وإذا حصل من الإنسان خطأ يُعرَض على العلماء ليعالجوه، بارك الله فيكم وسدَّد خطاكم وألَّف بين قلوبكم". (الذريعة: ٣/ ٢١٤-٢١٦).
وقال أيضًا:
"وفي الحديث: " فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" حثٌّ على رحمة البشر، وعلى رحمة الكفار المستحقِّين، وعلى رحمة المسلمين من باب أولى، وقد يكون في الكفَّار من لا يستحقُّ الرحمة، بل يستحقُّ الشدة ويستحقُّ القتل، ولكلِّ مقام مقالٌ، لكن الأصل عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي الإسلام هي الرحمة والأخلاق العالية واللطف والبرُّ، حتى البرّ بالكفار، بر الوالدين وإن كانوا كافرين، البر بالكفار الذين لم يحاربونا ولم يخرجونا من ديارنا وأموالنا نبَرُّ بهم لعلَّهم يسلمون.
وكان -أي النَّبي صلى الله عليه وسلم- يتألَّف الكفَّار، وكان يتألَّف المنافقين - عليه الصلاة والسلام- من كمال أخلاقه وحكمته -عليه الصلاة والسلام-، فنشر الله الخير الكثير ، ونشر الله الإسلام على يديه بهذه الأخلاق العظيمة التي واللهِ نعجز أن نتحلَّى بها، ولكن المسلم يجاهد نفسه، ويجعل من رسول الله أسوةً له -عليه الصلاة والسلام-". (الذريعة: ٤/ ٣٣-٣٤).
وفي هذا المعنى يقول الشيخ أيضًا في شرحه لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما- في صفة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في التوراة، عند قوله: (لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ)، قال حفظه الله:
قوله: "لَيْسَ بِفَظِّ وَلَا غَلِيظٍ": وهذا كما في القرآن: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، هذا طبعُه الذي خلقه الله عليه وميَّزه به - عليه الصلاة والسلام- ، وقد يأمره بالشدَّة والغلظة على المنافقين عند الحاجة وعند الضرورة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ)، فأمَّا طبعُه الشريف وصفتُه العظيمة التي جبله الله عليها هي هذا الخلق العظيم الذي شهد الله له به: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وقوله هنا: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، فالله عزَّ وجلَّ حثَّه على الشدَّة على الأعداء في ظروف ومناسبات، فحتَّى في مواجهة أعداء الله أمره الله -سبحانه وتعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة والصبر ومقابلة السَّيِّئة بالتي هي أحسن: (اُدْعُ إِلَى سَبِبلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، (وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ، اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فاللجوء إلى الشدَّة والغلظة يكون في مواجهة أقصى ما يكون من الاستكبار والعناد والتحدِّي.
أمَّا وصفُه الثابتُ فالأخلاق العالية من الصبر والحلم والحكمة والرفق، فرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لا يلحقه أحدٌ في هذه الأشياء، فهو أسوتُنا -عليه الصلاة والسلام-، فعلينا أن نسلك طريقه، وأن نتخلَّق بأخلاقه، ومَن عنده ضعفٌ في هذه الأخلاق فليُرَبِّ نفسه على هذه الأخلاق العالية، فيبتعد عن الفظاظة والغلظة وما شاكل ذلك، ويتحلَّى بمكارم الأخلاق التي حلَّى الله بها رسولَه -صلى الله عليه وسلم- ، وأمر هذه الأمَّة أن تقتدي به: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا).
والشدَّةُ مطلوبةٌ عند الضرورة والحاجة على الكفار والمنافقين وأهل البدع المعاندين". (الذريعة: ٣/ ٥٥٩-٥٦٠).
نسأل الله تعالى أن يسدد أقوالنا وأعمالنا، وأن يصلح لنا شأننا كلَّه؛ إنه هو السميع العليم.

رد مع اقتباس