عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24 Dec 2015, 05:07 PM
أبو أيوب صهيب زين أبو أيوب صهيب زين غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
الدولة: بسكرة
المشاركات: 351
افتراضي نيل الرَّغائب من حديث "ليبلِّغ الشَّاهد الغائب"

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على اله و صحبه و من اتبع هداه أما بعد :
فهذه جملة فوائد انتقيتها من شرح الشيخ المحقق عبد المجيد جمعة -حفظه الله- لكتاب العلم من صحيح محمد بن اسماعيل -رحمه الله- ( في احدى الدورات ) رجاء أن ينفعنا الله بها لما فيها من اداب و أصول منوعة . و بالله التوفيق .

قال الصنف رحمه الله تعالى :

ﺑﺎﺏ : ﻟﻴﺒﻠّﻎ ﺍﻟﻌﻠﻢَ ﺍﻟﺸّﺎﻫﺪُ ﺍلغائب .

��
الحديث :
حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا بشر، ثَنَا ابْن عون، عَن ابْن سِيرِين، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه قَالَ: «ذكر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قعد على بعيره وَأمْسك إِنْسَان بخطامه- أَو يزمامه- قَالَ: أَي يَوْم هَذَا؟ فسكتنا حَتَّى ظننا أَنه سيسميه بِغَيْر اسْمه. قَالَ: أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟ فَقُلْنَا: بلَى. قَالَ: فَأَي شهر هَذَا؟ فسكتنا حَتَّى ظننا أَنه سيسميه بِغَيْر اسْمه. قَالَ: الْيَسْ ذِي الْحجَّة؟ قُلْنَا: بلَى. قَالَ: فَإِن دمائكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، فِي شهركم هَذَا، فِي بدلكم هَذَا، ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب، فَإِن الشَّاهِد عَسى أَن يبلغ من هُوَ أوعى لَهُ مِنْهُ». متفق عليه.

��
فوائد الحديث:

1 - فأمسك بخطامه او زمامه : في هذا بيان لحرص الراوي على سلامة اللفظ و صحته .واستفدنا من هذا أن الشك ممن دون أبي بكرة لا منه . وفائدة إمساك الخطام صون البعير عن الاضطراب حتى لا يشوش على راكبه .

2-1 وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي واقفة إذا احتيج إلى ذلك ، وحمل النهي الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة لو قال لغير حاجة لكان أصح .

2 - سميت الأشهر الحرم بذلك لأن العرب كانت تمنع فيها القتال فلما جاء الاسلام أقر ذلك .

3- رب : حرف جر يفيد التقليل و يفيد التكثير على حسب سياق الكلام ، و هنا في الحديث المراد به التقليل ، لأن السامعين كثر لكن من يفهم قليل .

4- في الحديث بيان الفائدة من تبليغ العلم ، لأنه قد يصل الفقيه أو العالم فيقف فيه على أسراره و فوائده و احكامه مما يكون قد فات الشاهد .

5- من فوائد نشر العلم حفظه لأن في الاعتماد عليه مكتوبا تعريضه للضياع .

6- جواز القعود على الدابة ولا يعتبر ذلك من التعذيب .قال تعالى {و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها } لكن للضرورة و الحاجة .

7- مشروعية الخطبة بمنى يوم النحر .

8- استحباب الخطبة على مكان عال ، لأنه عليه الصلاة و السلام ارتفع لما جلس على البعير حتى يرى و يسمع فيكون الكلام أبلغ و أوضح .

9- و فيه جواز استعمال الاشارة من باب الايضاح ، كما حلق عليه الصلاة و السلام بين أصابعه في تبيينه لفتنة يأجوج و مأجوج و كم فتح من الردم .

10- استحباب خدمة العالم لان أبا بكرة كان يمسك البعير حتى لا يشوش على النبي عليه الصلاة و السلام وهو يتكلم .

11- وفيه من أدب العلم سؤال العالم تلاميذه حتى يحضر أذهانهم و ينشط عقولهم ، لأن النبي عليه الصلاة و السلام قال للصحابة : («أتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ ».«أيُّ شَهْرٍ هَذَا». «أيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟» ) .

12- و فيه من أدب العلم ان العالم اذا سأل الطلاب فلم يجيبوا ينبغي ان يقرب اليهم الجواب .

13- وفيه من أدب العلم استحباب مراعاة هيبة العالم و وقاره ، لأن الصحابة رضي الله عنهم لما سألهم النبي عليه الصلاة و السلام قالوا : ( اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ) .

14- و فيه من أدب العلم أن من سئل عن مسألة لا يعلمها ان يقول "اللهُ أعْلَمُ" و هذا دليل على الورع و لا ينقص من قدره بل يرفعه،فهؤلاء الصحابة -رضوان الله عليهم- وقالوا : "اللهُ أعْلَمُ" .

15- تعظيم الدماء و الأموال و الأعراض ، كما قال عليه الصلاة و السلام : ( فَإِن دمائكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ بَيْنكُم حرَام) ، و أن الأصل في هذه المقاصد الثلاث الحرمة فلا تباح الا بنص أو اجماع .

16- وفيه أن الشريعة جاءت للمحافظة على خمسة أمور : الدين ، النفس ، العرض ، المال و العقل و تسمى هذه الخمسة مقاصد الشريعة الاسلامية ، و قد اتفقت الشرائع كلها على المحافظة عليها و صيانتها .

17- و فيه انه ينبغي رد الأمور كلها للشارع ، لأن الصحابة كانوا يعلمون الأجابة ، لكن ظنوا أنه سيسميها بغير اسمائها عليه الصلاة و السلام ، و لأنهم علموا أنه صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب ، فسلوا للشرع و قالوا : "الله اعلم" .

18- و فيه ايضا اشارة الى اثبات ما يسمى بالحقيقة الشرعية ،فالحقائق ثلاثة أقسام ،و الحقيقة الشرعية : هي الألفاظ التي تصرف فيها الشارع و نقلها من مدلولها اللغوي الى معناها الشرعي ، و مثالها : الصلاة فأصل الصلاة الدعاء فتصرف الشارع و نقلها عن هذا المعنى الى المعنى الشرعي فصارت عبادة مخصوصة بهيئة مخصوصة في اوقات مخصوصة و كذلك الزكاة و نحو ذلك .

19- استحباب ضرب الأمثال و الأشباه و الحاق النظير بنظيره لقوله عليه الصلاة و السلام : ( كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ) و فائدتها تنزيل المعقول منزلة المحسوس و تقريب الفهم .

20- و فيه من أدب العلم و التعليم انه يجب تبليغ هذا للعلم و تبيينه و نشره لقوله عليه الصلاة و السلام : ( فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ) .

21- و فيه جواز تحمل العلم قبل الأهلية .

22- و فيه ايضا أنه لا يشترط في التحمل ان يكون المتحمل فقيها .

23- وفيه فضل حفظ العلم لقوله عليه الصلاة و السلام : ( فَإِن الشَّاهِد عَسى أَن يبلغ من هُوَ أوعى لَهُ مِنْهُ ) .

24- فضل الفهم في العلم لان النبي عليه للصلاة و السلام أثنى على المبلغ -بفتح اللام- .و في المقابل قد يحرم العلم من لا يحضر ذهنه و لا يفهم .

25- من أدب العلم أنه ينبغي على المعلم انه اذا تكلم على مسألة عظيمة أن يبين عظمتها بتكرار اللفظ و تشبيهه بشيء عظيم و نحو ذلك لأنه أبلع في الزجر أو النصح...

26- استحباب التوطئة أمام المسائل العظيمة لبيان مدى أهميتها و عظمتها .

27- و فيه أنه قد يوجد من المتأخرين من هو أفقه من المتقدمين لكنه قليل و قد وجد هذا . قال عليه الصلاة و السلام : ( فَإِن الشَّاهِد عَسى أَن يبلغ من هُوَ أوعى لَهُ مِنْهُ).

28- و فيه أن تفسير الراوي أولى من تفسير غيره و هذا ما قرره علماء الأصول بقاعدة «الراوي أدرى بمرويه من غيره» .قال عليه الصلاة و السلام : (فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ، وَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه)

29- وفيه ايضا دلالة على أن حضور مجالس العلم فرض كفاية و لو كان فرض عين لما أمر النبي عليه الصلاة و السلام بتبليغ العلم .

30- وفيه فضل حضور مجالس العلم و بيان فضل تبليغه و نشره . لأن النبي عليه الصلاة و السلام أمر به ، حتى وان لم يكن الحاضر فقيها يكفيه شرف الحضور ، و هذا يدخل في عموم قوله عليه الصلاة و السلام : ( ان العلماء ورثة الانبياء ).

31- وفيه أنه اذا تعارض دليلان أحدهما يوافق الأصل و الثاني ناقل للأصل فاننا نقدم الناقل للأصل على الموافق للأصل ، قوله ( «أتَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ ».«أيُّ شَهْرٍ هَذَا». «أيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟») تحريمه لهذه الاشياء موافق للاصل فقد جاء تحريمها قبل التشريع ثم ذكرهم النبي صلى الله عليه و سلم بشيء زائد على هذا الأصل و كان مباجا عنده و قال ( فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ) فتحريم الدماء و الأموال و الأعراض هذا ناقل عن الأصل و تحريم البلد و اليوم و الشهر يوافق الأصل ، فنقدم الناقل على الموافق اذا اجتمعا .

32- وفيه أيضا دليل على أن المفاسد تتفاوت بحسب تفوات جرمها و عظمها لقوله عليه الصلاة و السلام : ( فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ) فحرمتها أعظم من حرمة اليوم و البلد و الشهر ، و فائدة هذا عند اجتماع المفاسد فاننا ندفع المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى ان كان لابد .

حفظ الله الشيخ الشارح ووفقه و سائر مشايخنا .

وبالله التوفيق و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين .



انتقاها أخوكم : أبو أيوب صهيب زين .


التعديل الأخير تم بواسطة أبو أيوب صهيب زين ; 26 Dec 2015 الساعة 09:00 AM
رد مع اقتباس