عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 24 Jan 2019, 11:14 PM
يوسف شعيبي يوسف شعيبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
المشاركات: 107
افتراضي

جزاك الله خيرًا أبا حاتم على هذا المقال المبيِّن لجراءة جمعة على الأحكام الغليظة، وتهويله الأمور من غير موجب، وتظاهره بأنَّه يسير على خُطا أئمَّة الإسلام!
فكيف يجعل توقُّف السلفيِّين عن الانحياز لأحد الفريقين من السلفيين المختلفين للالتباس الواقع، كتوقُّف الجهميَّة المستترين بعقيدتهم خوفًا من سطوة أهل السنَّة؟!
وإذا كان يرى أنه يجب على هؤلاء السلفيين المتوقفين نصرة المظلوم، فلِمَ يُنكر هو وحزبُه على من نصر مشايخ الإصلاح المظلومين -فيما يرون ويعتقدون- وإخوانَهم من طلبة العلم؟!
وإذا كان يعتقد أنَّه ومن معه مظلومون، فلم ينكُلون عن البيان والتوضيح حتَّى يتبيَّن هؤلاء المتوقِّفون السبيل الصحيح، ويقفوا الموقف الَّذي يوجبه عليهم دينُهم، أم يُريدونهم أن يُغمضوا أعينهم ويصدِّقوهم في دعاويهم الباطلة، وأن يُجاروهم على طريقتهم الفاسدة؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى الكبرى" (6/ 351-352): "يَسَعُ الْإِنْسَانَ فِي مَقَالَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يُقِرُّ فِيهَا بِأَحَدِ النَّقِيضَيْنِ لَا يَنْفِيهَا وَلَا يُثْبِتُهَا، إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ الرَّسُولَ نَفَاهَا أَوْ أَثْبَتَهَا، وَيَسَعُ الْإِنْسَانَ السُّكُوتُ عَنِ النَّقِيضَيْنِ فِي أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ بِوُجُوبِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا.
أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الرَّسُولُ دُونَ الْآخَرِ، فَهُنَا يَكُونُ السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ وَكِتْمَانُهُ مِنْ بَابِ كِتْمَانِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ، وَمِنْ بَابِ كِتْمَانِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ، وَفِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ النَّبَوِيِّ مِنَ الذَّمِّ وَاللَّعْنَةِ لِكَاتِمِهِ مَا يَضِيقُ عَنْهُ هَذَا الْمَوْضِعُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مُتَضَمِّنًا لِنَقِيضِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ لَا يَتَضَمَّنُ مُنَاقَضَةَ الرَّسُولِ، لَمْ يَجُزْ السُّكُوتُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، بَلْ يَجِبُ نَفْيُ الْقَوْلِ الْمُتَضَمِّنِ لِمُنَاقَضَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى الْوَاقِفَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ حِينَ تَنَازَعَ النَّاسُ، فَقَالَ قَوْمٌ بِمُوجَبِ السُّنَّةِ، وَقَالَ قَوْمٌ بِخِلَافِ السُّنَّةِ، وَتَوَقَّفَ قَوْمٌ فَأَنْكَرُوا عَلَى الْوَاقِفَةِ، كَالْوَاقِفَةِ الَّذِينَ قَالُوا لَا نَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، هَذَا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْوَاقِفَةِ يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ مُضْمِرًا لِلْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِلسُّنَّةِ، وَلَكِنْ يُظْهِرُ الْوَقْفَ نِفَاقًا وَمُصَانَعَةً، فَمِثْلُ هَذَا مَوْجُودٌ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا مَنْصُوصًا وَلَا مُسْتَنْبَطًا، بَلْ يُوجَدُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّا يُنَاقِضُهُ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ، فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً اعْتِقَادُهُ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ مِحْنَةً لَهُمْ؟!".
فانظر إلى الفرق بين كلام إمام السنَّة في زمانه وبين تقريرات جمعة الحزبية!
وتدبَّر هذا الكلام من شيخ الإسلام -رحمه الله- في بيان الطريقة الشرعية في التعامل مع الأساتذة والمعلِّمين عند الاختلاف، وقارنها بطريقة جمعة ومن معه، قال ابنُ تيمية -رحمه الله-: " وَعَلَى الْمُعَلِّمِينَ أَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ) . وَقَوْلِهِ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ). وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ). وَقَوْلِهِ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. -وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ-). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا). وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّحِيحِ. وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ)؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ؛ لَا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ). وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا؛ إلَّا رَجُلًا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ؛ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ؛ يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ). وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِن الْمُعَلِّمِينَ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى الْآخَرِ، وَلَا يُؤْذِيَهُ بِقَوْلِ وَلَا فِعْلٍ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا). وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَاقِبَ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا تَعَدِّي حَدٍّ وَلَا تَضْيِيعِ حَقٍّ؛ بَلْ لِأَجْلِ هَوَاهُ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيمَا رَوَى عَنْهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا). وَإِذَا جَنَى شَخْصٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقَبَ بِغَيْرِ الْعُقُوبَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُتَعَلِّمِينَ وَالْأُسْتَاذين أَنْ يُعَاقِبَهُ بِمَا يَشَاءُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَاوِنَهُ وَلَا يُوَافِقَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ مِثْلُ أَنْ يَأْمُرَ بِهَجْرِ شَخْصٍ فَيَهْجُرَهُ بِغَيْرِ ذَنْبٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ يَقُولَ: أَقْعَدْته أَوْ أَهْدَرْته أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا يَفْعَلُهُ القساقسة وَالرُّهْبَانُ مَعَ النَّصَارَى، والحزابون مَعَ الْيَهُودِ، وَمِنْ جِنْسِ مَا يَفْعَلُهُ أَئِمَّةُ الضَّلَالَةِ وَالْغَوَايَةِ مَعَ أَتْبَاعِهِمْ. وَقَدْ قَالَ الصِّدِّيقُ الَّذِي هُوَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ: (أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت اللَّهَ، فَإِنْ عَصَيْت اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ). وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ). وَقَالَ: (مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ). فَإِذَا كَانَ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْأُسْتَاذُ قَدْ أَمَرَ بِهَجْرِ شَخْصٍ، أَوْ بِإِهْدَارِهِ وَإِسْقَاطِهِ وَإِبْعَادِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ ذَنْبًا شَرْعِيًّا عُوقِبَ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ بِلَا زِيَادَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَاقَبَ بِشَيْءٍ؛ لِأَجْلِ غَرَضِ الْمُعَلِّمِ أَوْ غَيْرِهِ. وَلَيْسَ لِلْمُعَلِّمِينَ أَنْ يُحزِّبوا النَّاسَ، وَيَفْعَلُوا مَا يُلْقِي بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، بَلْ يَكُونُونَ مِثْلَ الْإِخْوَةِ الْمُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَحَدٍ عَهْدًا بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى كُلِّ مَا يُرِيدُهُ، وَمُوَالَاةِ مَنْ يُوَالِيهِ، وَمُعَادَاةِ مَنْ يُعَادِيهِ، بَلْ مَنْ فَعَلَ هَذَا كَانَ مَنْ جِنْسِ جنكيزخان وَأَمْثَالِهِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَنْ وَافَقَهُمْ صَدِيقًا مُوَالِيًا وَمَنْ خَالَفَهُمْ عَدُوًّا بَاغِيًا؛ بَلْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَتْبَاعِهِمْ عَهْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ وَيَفْعَلُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ؛ وَيُحَرِّمُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَيَرْعَوْا حُقُوقَ الْمُعَلِّمِينَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَإِنْ كَانَ أُسْتَاذُ أَحَدٍ مَظْلُومًا نَصَرَهُ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا لَمْ يُعَاوِنْهُ عَلَى الظُّلْمِ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ؛ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: (تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ؛ فَذَلِكَ نَصْرُك إيَّاهُ). وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمٍ أَوْ تِلْمِيذٍ وَتِلْمِيذٍ أَوْ مُعَلِّمٍ وَتِلْمِيذٍ خُصُومَةٌ وَمُشَاجَرَةٌ، لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا حَتَّى يَعْلَمَ الْحَقَّ، فَلَا يُعَاوِنُهُ بِجَهْلِ وَلَا بِهَوًى، بَلْ يَنْظُرُ فِي الْأَمْرِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ أَعَانَ الْمُحِقَّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُبْطِلِ؛ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحِقُّ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُبْطِلُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ؛ وَاتِّبَاعَ الْحَقِّ وَالْقِيَامَ بِالْقِسْطِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء: 135] يُقَالُ: لَوَى يَلْوِي لِسَانَهُ: فَيُخْبِرُ بِالْكَذِبِ. وَالْإِعْرَاضُ: أَنْ يَكْتُمَ الْحَقَّ؛ فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ. وَمَنْ مَالَ مَعَ صَاحِبِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ - فَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمُحِقِّ عَلَى الْمُبْطِلِ، فَيَكُونَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ عَظَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْمَحْبُوبُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْمُهَانُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ بِحَسَبِ مَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ، لَا بِحَسَبِ الْأَهْوَاءِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ. فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ اعْتِمَادُهُ. وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَفَرُّقِهِمْ وَتَشَيُّعِهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) [الأنعام: 159]. وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) [آل عمران: 105] ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/ 13-17).

رد مع اقتباس