عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20 Dec 2017, 10:54 PM
عبد السلام تواتي عبد السلام تواتي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 244
افتراضي شرح حديث: (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم )


الحمد لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه كلمات لمشايخ و علماء ربانيّين في بيان بعض حقوق كبار السن، نسأل الله الثبات و العافية .
(من وصايا السلف للشباب‎ )
حق كبار السن لشيخنا الفاضل
الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله تعالى والديه و ولده و الناس اجمعين
إنَّ الدين الإسلامي الحنيف أتى ليكمِّلَ الناس في آدابهم وأخلاقهم ومعاملاتهم . فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ)) [1].

وإنَّ من الأخلاق النبيلة والخصال الكريمة التي دعا إليها الإسلام : مراعاة قدر كبار السن ومعرفة حقهم وحفظ واجبهم . فالإسلام أمر بإكرام المسن وتوقيره واحترامه وتقديره ، ولاسيما عندما يصاحب كبر سنه ضعفه العام وحاجته إلى العناية البدنية والاجتماعية والنفسية ، ولقد تكاثرت النصوص وتضافرت الأدلة في بيان تفضيل الكبير وتوقيره ، والحث على القيام بحقه وتقديره .

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا)) [2]. وفي هذا وعيد لمن يهمل حق الكبير ويضيع الواجب نحوه بأنه ليس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وغيرُ ملازم لطريقته .

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ)) [3].

وعن أبي يحي الأنصاري رضي الله عنه قال : انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا ، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ : ((كَبِّرْ كَبِّرْ )) وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا فَقَالَ : (( تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ ؟ )) وذكر تمام الحديث[4]. وقوله ((كَبِّرْ كَبِّرْ )) معناه : يتكلم الأكبر .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أَرَانِي فِي الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ)) [5].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْتَنُّ ، فَأَعْطَى أَكْبَرَ الْقَوْمِ وَقَالَ : ((إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي أَنْ أُكَبِّرَ)) [6] .

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة والأدلة العديدة التي اشتملت عليها سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهذه النصوص وما جاء في معناها تدعو المسلمين إلى احترام كبار السن من المسلمين ، ومعرفة حق ذي الشيبة المسلم ولزوم الأدب معهم ، وذلك باحترامهم وتوقيرهم ومعرفة قدرهم وحقوقهم ، ومراعاة كبر سنهم وأعمارهم ، وملاحظة ضعفهم ووهن أبدانهم ، وتقدير مشاعرهم وأحاسيسهم ، وتقديمهم في الكلام والطعام والدخول ، ونحو ذلك من الآداب العظيمة والأخلاق الكريمة

ويتأكد الاحترام والتقدير عندما يكون كبير السن أباً أو جدًّا أو خالاً أو قريباً أو جاراً ، وذلك لحق القرابة والصلة والجوار ، وكما يدين المرء يدان ؛ فمن راعى حقوق هؤلاء وحافظ على واجباتهم في شبابه وصحته ونشاطه، هيأ الله له في كبره من يرعى حقوقه .

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ )) [7]. وفي معناه ما رواه يحي بن سعيد المدني قال : : بلغنا أنه من أهان ذا شيبة لم يمت حتى يبعث الله عليه من يهين شيبته إذا شاب .

إن كبار السن وذوي الأعمار المديدة يعيشون مرحلة إقبال على الآخرة وإحساس بدنو الأجل أكثر من غيرهم ، فالطاعة فيهم تزيد والخير فيهم يكثر والوقار عليهم يظهر .

روى ابن أبي الدنيا قال : دخل سليمان بن عبد الملك المسجد فرأى شيخاً كبيراً فدعا به ، قال : يا شيخ أتحب الموت ؟ قال : لا ، قال : لمَ ؟ قال : ذهب الشباب وشره وجاء الكبر وخيره ، فإذا قمت قلت بسم الله ، وإذا قعدت قلت الحمد لله ، فأنا أحب أن يبقى لي هذا .

وعن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه : أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ ؟ قَالَ : (( مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ )) [8].

إن الواجب على الشباب أن يتقوا الله جل وعلا ويراقبوه بمراعاة حقوق هؤلاء الأمثال الأخيار والأفضال الأبرار ، أهل الإحسان والطاعة والخير والعبادة ، أهل الركوع والسجود والصيام والقيام ، والتسبيح والتهليل والحمد والطاعة.

وإن من المؤسف حقاً أن تهدر حقوق هؤلاء في ظل طيش الشباب وغمرتهم في السهو والغفلة ؛ فلا للآباء يحترمون ، ولا للكبار يقدِّرون ويوقرون ، ولا للقيام بحقوق هؤلاء يقومون ويرعون ، بل ولا للوقوف بين يدي الله يراقبون ، لاسيما وأن بعض سفهاء الشباب قد يرتكبون تجاه هؤلاء اعتداءات مشينة وتجاوزات عظيمة تسفِر عن قلة الحياء وذهاب الخلق والمروءة ومفارقة القيم والأخلاق ، فهم في غمرتهم ساهون ، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقَلب ينقلبون .
ألا فليتق الله هؤلاء بمعرفة حقوق آبائهم وأكابرهم وحفظ أقدارهم ومراعاة واجباتهم ، وإنا لنسأل الله أن يهديَ شباب المسلمين وأن يردَّهم إلى الحق رداً . ونسأله سبحانه أن يمتِّع كبار السن بالصحة والعافية ، وأن يرزقهم صلاح الذرية وحسن العاقبة ، وأن يختم لنا ولهم بالخير والإيمان .

********

________________

[1] رواه البخاري في ( الأدب المفرد ) (273) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح الأدب المفرد) (207) .

[2] رواه أبو داود (4943) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود) (4134).

[3] رواه أبو داود (4843) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن أبي داود ) (4053) .

[4] رواه البخاري (3173) ، ومسلم (1669) .

[5] رواه البخاري (246) معلقاً ، ومسلم (2271) موصولاً – واللفظ له - .

[6] رواه أحمد (2/13 ، وصححه الألباني رحمه الله في (الصحيحة) (1555).

[7] رواه الترمذي (2022) ، وضعَّفه الألباني رحمه الله في (ضعيف سنن الترمذي) (34.

[8] رواه الترمذي (2329) ، وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (189.
..........................................


و من اكرام الكبير كلام العلامة العثيمين رحمه الله تعالى

الكتاب : شرح رياض الصالحين
المؤلف : محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ)
مصدر الكتاب : موقع جامع الحديث النبوي

354 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط " حديث حسن رواه أبو داود

الشَّرْحُ

هذه الأحاديث فيها الإشارة إلى ما سبق عن المؤلف رحمه الله بإكرام أهل العلم وأهل الفضل الكبير فمن ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم قال ذلك ثلاثا وإياكم وهيشات الأسواق وفي قوله ليلني منكم اللام لام الأمر والمعنى أنه في الصلاة ينبغي أن يتقدم أولوا الأحلام والنهى وأولوا الأحلام يعني الذين بلغوا الحلم وهم البالغون والنهى جمع نهية وهي العقل يعني العقلاء فالذي يجب أن يتقدم في الصلاة العاقلون البالغون لأن ذلك أقرب إلى فهم ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يفعله من الصغار ونحوهم فلهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقدم هؤلاء حتى يلوا الإمام وليس معنى الحديث لا يلني إلا أولوا الأحلام والنهى بحيث نطرد الصبيان عن الصف الأول فإن هذا لا يجوز فلا يجوز طرد الصبيان عن الصف الأول إلا أن يحدث منهم أذية فإن لم يحدث منهم أذية فإن من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد أحق به وهناك فرق بين أن تكون العبارة النبوية لا يلني إلا أولوا الأحلام وبين قوله ليلني أولوا الأحلام فالثانية تحث الكبار العقلاء على التقدم والأولى لو قدر أنها نص الحديث لكان ينهى أن يلي الإمام من ليس بالغا أو ليس عاقلا ولهذا نقول إن أولئك الذين يطردون الصبيان عن الصف الأول أخطأوا من جهة أنهم منعوا ذوي الحقوق حقوقهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له ومن جهة أخرى أنهم يكرهون الصبيان المساجد وهذا يؤدي إلى أن ينفر الصبي عن المسجد إذا كان يطرد عنه ومنها أن هذه لا تزال في نفسه عقدة من الذي طرده فتجده يكرهه ويكره ذكره فمن أجل هذه المفاسد نقول لا تطردوا الصبيان من أوائل الصفوف ثم إننا لو طردناهم من أوائل الصفوف حصل منهم لعب لو كانوا كلهم في صف واحد كما يقوله من يقوله من أهل العلم لحصل منهم من اللعب ما يوجب اضطراب المسجد واضطراب أهل المسجد ولكن إذا كانوا مع الناس في الصف الأول ومتفرقين فإن ذلك أسلم من الفوضى التي تحصل بكونهم يجتمعون في صف واحد وقوله صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى يستفاد منه أن الدنو من الإمام له شأن مطلوب ولهذا قال ليلني أي يكون هو الذي يليني وعلى هذا نقول إذا كان يمين الصف بعيدا وأيسر الصف أقرب منه بشكل واضح فإن الصف الأيسر أفضل من الأيمن من أجل دنوه من الإمام ولأنه لما كان الناس في أول الأمر إذا كان إمامهم واثنان معه فإنهما يكونان عن يمينه واحد وعن شماله واحد ولا يكون كلاهما عن اليمين فدل هذا على مراعاة الدنو من الإمام وتوسط الإمام من المأمومين ولكن هذا الأمر أي كون الإمام واثنان معه يكونان في صف واحد هذا نسخ وصار الإمام إذا كان معه اثنان يصفان خلفه ولكن كونه حين كان مشروعا يجعل أحدهما عن اليمين والثاني عن اليسار يدل على أنه ليس الأيمن أفضل مطلقا بل أفضل من الأيسر إذا كان مقاربا أو مثله أما إذا تميز بميزة بينة فاليسار مع الدنو من الإمام أفضل وفي حديث الرؤيا التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى الله عليه وسلم يتسوك بسواك فجاءه رجلان فأراد أن يعطيه الأصغر فقيل له كبر كبر فيه دليل أيضا على اعتبار الكبر وأنه يقدم الأكبر في إعطاء الشيء ومن ذلك إذا قدمت الطعام مثلا أو القهوة أو الشاي فلا تبدأ باليمين بل ابدأ بالأكبر الذي أمامك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعطيه الأصغر قيل له كبر ومعلوم أنه لو كان الأصغر هو الأيسر ما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيه إياه فالظاهر أنه أعطي الأيمن من أجل التيامن لكن قيل له كبر يعني أعطه الأكبر فهذا إذا كان الناس أمامك تبدأ بالكبير لا تبدأ اليمين أما إذا كانوا جالسين عن اليمين وعن الشمال فابدأ باليمين وبهذا يجمع بين الأدلة الدالة على اعتبار التكبير أي مراعاة الكبير وعلى اعتبار الأيمن أي مراعاة الأيمن فنقول إذا كانت القصة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان معه إناء يشرب منه وعلى يساره الأشياخ وعلى يمينه غلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان هكذا فأعطه من على يمينك أما الذين أمامك فابدأ بالكبير كما تدل عليه السنة وهذا هو وجه الجمع بينهما ثم إن الإنسان إذا أعطى الشراب الكبير فمن يعطي بعده هل يعطي الذي على يمين الكبير ويكون عن يسار الصاب أم الذي عن يمين الصاب نقول يبدأ بالذي عن يمين الصاب وإن كان على يسار الكبير لأننا إذا اعتبرنا التيامن بعد مراعاة الكبر فالذي عن يمينك هو الذي عن يسار مقابلك فتبدأ به ما لم يسمح بعضهم لبعض ويقول أعطه فلانا ..
إقتباس متعدد لهذه المشاركة

...............................................



تعليق الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله على حديث (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم..) من شرحه على كتاب رياض الصالحين .

7/354- وعن أَبي موسى ïپ´ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ï·؛: إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ حديثٌ حسنٌ، رواه أَبُو داود
.
8/355- وعن عَمْرو بنِ شُعَيْبٍ، عن أَبيهِ، عن جَدِّه ïپ¹ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ï·؛: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود، والترمذي، وَقالَ الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيح.
وفي رواية أبي داود: حَقَّ كَبِيرِنَا.

9/356- وعن مَيْمُون بنِ أَبي شَبِيبٍ رحمه اللَّهُ: أَنَّ عَائشَةَ رَضي اللَّه عنها مَرَّ بِها سَائِلٌ، فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً، وَمرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وهَيْئَةٌ، فَأَقْعَدَتْهُ، فَأَكَلَ، فَقِيلَ لَهَا في ذَلِكَ! فقَالتْ: قَالَ رسولُ اللَّه ï·؛: أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ رواه أبو داود، لكِنْ قال: مَيْمُونُ لَمْ يُدْرِك عائِشَةَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ في أَوَّلِ "صَحِيحهِ" تَعْلِيقًا فقال: وَذُكِرَ عَنْ عائِشَةَ رضي اللَّه عنها قالت: أَمرنا رسولُ اللَّه ï·؛ أَنْ نُنْزِل النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ.
وَذَكَرَهُ الحاكِمُ أَبُو عبدِاللَّهِ في كِتابِهِ "مَعْرفَة عُلُومِ الحَديث"، وقال: هو حديثٌ صحيحٌ.

التعليق : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث كالتي قبلها في أنه ينبغي إكرام ذي الشَّيبة المسلم وحامل القرآن وأهل العلم، وهكذا رحمة الصغير، وتوقير الكبير، وإكرام السلطان المقسط، كلّ هذا مما جاءت به الشريعةُ، ولهذا قال ï·؛: إنَّ من إجلال الله: إكرامَ ذي الشَّيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامَ السلطان المُقْسِط يعني: العادل، وفي اللفظ الآخر: ليس منا مَن لم يرحم صغيرَنا، ويعرف حقَّ كبيرنا.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها -وفي إسناده انقطاع- أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: أنزلوا الناسَ منازلهم، والأدلة الشرعية تدل على هذا المعنى، فإنَّ الناس يُنزَلون منازلهم، فالعالم له حقّه، وشيخ القبيلة ورئيس القوم له حقه، والصغير له حقه، وحامل القرآن وطالب العلم له حقّه، وكبير السن بالنسبة للصغير، وهكذا إنزال الناس منازلهم.
فالمؤمن يعرف لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه، ولا يجفو مَن يستحق عدم الجفاء، بل ينظر في منازل الناس حتى يُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، من باب إنزال الناس منازلهم، فإذا كان الفقير الذي ترده اللُّقْمة واللُّقْمتان أعطاه، وإذا كان من ذوي الشَّرف وذوي الهيبة فيُنزل منزلته: يُدْعَا ويُكرم في البيت أو في المحل المناسب، حتى يُقدَّم له ما يحتاجه من غداءٍ أو عشاءٍ أو نحو ذلك.
فالمقصود من هذا كله أنَّ المؤمن يُنزل الناسَ منازلهم، ولا يجعلهم على حدٍّ سواء في إكرامهم وتقديرهم، بل على حسب مراتبهم في الدِّين، ومراتبهم في كبر السن، ومراتبهم في وظائفهم الشَّرعية: فالقاضي له حقّه، والعالم له حقّه، والسلطان له حقّه، والأمير له حقّه، والشيخ كبير السن له حقّه، والوالد له حقّه، والأخ الكبير له حقّه، والجار له حقّه، وهكذا، فكلّ إنسانٍ يُعْطَى حقَّه المناسب له بحسب ما جاءت به الشريعة.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بالنسبة للغالي في القرآن والجافي فيه: كيف يغلو المسلمُ في القرآن؟
ج: الغالي فيه: الذي يحمله على غير محامله، ويزيد فيه، مثل: غلو الخوارج وأشباههم، حتى يُحمِّله ما لا يحتمل، والجافي فيه: الذي لا يعمل به، يقرأه ولا يعمل به -نسأل الله العافية.
فالغلو هو أن يحمله على محامل ضد محامله زيادةً غاليةً، فيحمل الآيات التي في المعاصي على كفر مَن فعلها، ويحمل الآيات التي في الرَّجاء على أنَّ العملَ ليس من الإيمان، وأنَّه يكفي مجرد القول، وما أشبه ذلك.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 22 Jan 2018 الساعة 09:33 AM
رد مع اقتباس