عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 25 Dec 2020, 02:03 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي







السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا بإخواني وأخواتي، ومرحبا في هذه الصفحة التي أسعى فيها -إن شاء الله- إلى نشر فوائد سورة الكهف، والتي أسأل الله أن ينفعنا بفقهها والعمل بما نستخرج من درر الحكمة وصالح التجربة التي مرّ بها الإنسان في غابر الأزمان.
والعبد الكيّس لاينتفع بالموعظة حتّى يفقه معانيها والمغزى منها، فيحرّكها عملاً ينفع به نفسه متعديًا إلى غيره، بالقدوة المرفقة بالإخلاص وسؤال الله إتقان العمل.

وفي هذه المشاركة، أعرّج بكم إلى فائدة جليلة من درر فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، من محاضرة نافعة بعنوان: مقاصد ومعاني سورة الكهف، وسيتمّ إن شاء الله متابعتها بإعادة نشر المحاضرة كاملة، متى تيسّر ذلك. وأسأل الله العون والتوفيق.





والفائدة بعنوان:

قصة صاحب الجنّتين:

قال الله – جل وعلا-: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا}[الكهف:32، 33]، هذه القصة في الابتلاء بالمال .

المال والمزارع والحسابات والثروة هذه ابتلاء، بل فتنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في المال: (لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةٌ، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ)،(14) هذا الرجل كان له جنّتان، فجّر الله –جل وعلا- خلالهما نهر، معجب بنفسه، ظنّ أنّ الله أعطاه هذه الأشياء وهذه المزارع الكبيرة الملتف بعضها على بعض، لشيء فيه هو، إنّه يستاهل كما يقولون، يستحق ذلك، قال الله –جل وعلا- في شأنه:{وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} صاحب ضعيف لديه مزرعة ضعيفة،{أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}، أصحاب المال والثروة إذا اعتزوا بمالهم وثرواتهم، فقد خالفوا نهج الله ووقعوا في سوء عملهم، يعني: فشلوا في الابتلاء، ولم ينجحوا في ابتلاء الله لهم، ولكن: (نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ مَعَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ)،(15) ولكن أن يفتخر على الناس، مَن أعطاك المال؟ الله -جلّ وعلا-، لو يقيس أي واحد من أصحاب الثروات جهده بما أفيض عليه من المال لم يكن هناك وجه مقارنة، فبذل قليلا وجاءه كثير، فإذًا هو ابتلاء وعطاء من الله تعالى، وقد قال هنا: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} بِمَ ظلم نفسه؟ بالكبر ورؤية النفس وعدم الاعتراف بالنعمة أنّها لله، فابتلي ففشل في الابتلاء، {قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} [الكهف:35، 36]، فقد وصل به الحد إلى أنّه يظنّ أنّه ملك الدنيا، وملك القوّة ، حتى السّاعة أصبح في شك منها، وهنا جاء نداء الإيمان الذي يكون مع الغني الصالح، ويكون مع الفقير الصابر، ويكون مع مَن أعطاه الله ما أعطاه،{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا}[الكهف:37، 38]، دلّه على أنّ مقولته السابقة شِرّك بالله -جلّ وعلا-، ثم قال مرشدًا له: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}[الكهف:39]، فتكون قد تواضعت لله -جلّ وعلا-، ثم قال له: {إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}[الكهف:39، 40].. إلى آخر الآيات إلى قوله تعالى:{وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ} يعني: النُّصْرَة والمحبّة، {لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف:43، 44].

هذا رجل صاحب مال، لاشك الحياة كلّها فيها أصحاب أموال يُختبرون، وأيضًا أصحاب قلّة يُختبرون، أمّا أن يكون صاحب القلّة يرى في نفسه حقدًا على صاحب الثروة، فهذا ليس من سمة أهل الإيمان، ولكن من سمة الذين فشلوا في الابتلاء وأحبّوا الدنيا، لأنّ ما حقد عليه إلاّ لأنّه يحب الدنيا، وإلاّ فما عند الله خير وأبقى، وما أعطاك الله خير ممّا حرمك، هنا نجح الذي عنده مال قليل وضلّ مَن عنده مال كثير في الابتلاء، فما راعى الله حق رعايته، ولم ينسب الشيء إلى الله -جل وعلا-، كما قال قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}[القصص:78]، إذ يقول: "أنا فعلت وفعلت وفعلت، وتاريخي.. وعملت وقلت.." لابد أن تقيّد هذا كلّه بـتوفيق الله -جلّ وعلا-، وكلّما نسبت الشيء لنفسك فلتنسبه إلى الله –جلّ وعلا- أوّلاً، ثم إلى نفسك، حتى تنجح في هذا الابتلاء.

فسورة (الكهف) فيها كلّ هذه المعاني، والواجب أنّكم إذا جاء يوم الجمعة وقرأتموها أن تتوقّفوا عند هذه المعاني، فكلّ جمعة تظهر لكم أسرار القرآن وما فيه من الفوائد والعلوم التي تجعل القلب يتحرك في كل لحظة، ولكن لمَن علم، والعلم من أعظم أثره على عبد الله –جل وعلا- الذي علم إنه يكون حفيا بالقرآن العظيم.



للاستماع من هنا


الصور المرفقة
نوع الملف: png فهم القرآن والعمل به.png‏ (762.1 كيلوبايت, المشاهدات 1619)
نوع الملف: png وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا رَّجُلَيْنِ.png‏ (352.2 كيلوبايت, المشاهدات 2531)
نوع الملف: png قصة صاحب الجنتين.png‏ (895.8 كيلوبايت, المشاهدات 1910)
نوع الملف: png العمل بالقرآن.png‏ (264.9 كيلوبايت, المشاهدات 1472)
رد مع اقتباس